الشارع المغاربي – تمليك المساكن للأجانب، باب كبير لغسل وتبييض الأموال في تونس

تمليك المساكن للأجانب، باب كبير لغسل وتبييض الأموال في تونس

18 مايو، 2018

الشارع المغاربي – منير السويسي:  تتّجه الحكومة، وتحت ضغط لوبيات البعث العقاري، إلى إصدارمذكّرةللترخيص في تمليكِ آلاف أو ربما عشرات آلاف المنازلَ والشققَ المعدّة للسكن، لمواطنين أجانب، وذلك بعد استحالة بيعها للتونسيين الذين أصبح الهمّ الرئيسي لغالبيتهم هو الحصول على غذاء بأسعار رخيصة من أجل البقاء على قيد الحياة.

يوم 10 ماي 2018، قال وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية مبروك كورشيد في افتتاح «اليوم الوطني للبعث العقاري» إن «رخصة الوالي التي تعد شرطا لتملك الأجانب أراضي في تونس، هي قاب قوسين أو أدنى من إلغاء العمل بها» وإن الحكومة ستصدر «مذكرة» في هذا الشأن حتى يتمكن الأجانب من شراء عقارات سكنية في تونس مذكرا بالقرار الحكومي «الجريء» المتمثل في السماح لليبيين بتملّك عقارات في تونس.

ولا ندري إن كانت الحكومة على وعي بالمخاطر التي يطرحها مثل هذا الإجراء،خصوصا في مجال تبييض وغسل الأموال، واحتمال تصنيف تونس مرّة أخرى،على قائمة «الملاذات» الضريبيّة والماليّة

وكانت «اللجنة التونسية للتحاليل المالية» التّابعة للبنك المركزي التونسي حذّرت في تقرير بعنوان «التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب» من أن «تهديدات القطاع العقاري في مجال غسل الأموال (في تونس) في مستوى درجة مرتفع».

ونبهت اللجنة من أن«قطاع العقارات يُعتبَر أحد أهم الملاذات التقليدية لغسل الأموال، فهو من الخيارات المتميّزة لدمج وإخفاء مبالغ هامة متحصل عليها بطرق غير شرعية، وفي آن واحد يعتُبر استثمارا ناجحا حيث أنَّهُ مدرّ لأرباح هامة وقارّة في نفس الوقت».

وأضافت أن «من أبرز التّهديدات المرتبطة بهذا القطاع، استغلاله في غسل الأموال، حيث تمت معاينة اقتناء عقارات (في تونس) في إطار دمج لأموال مشبوهة، حسب دراسة مجموعة من التصاريح بالشبهة في إطار عمل التحليل الاستراتيجي للجنة التونسية للتحاليل المالية».

وأوردت اللجنة في التقرير نفسه «من أبرز التهديدات المرتبطة بهذا القطاع، استغلاله في غسل أموال حيث تمت معاينة اقتناء عقارات  في إطار دمج لأموال مشبوهة حسب دراسة مجموعة من التصاريح بالشبهة في إطار عمل التحليل الاستراتيجي للجنة التونسية للتحاليل المالية».

وأشارتإلى«أهميّة استعمال النقد (cash) في المعاملات (عمليات بيع العقارات السكنية في تونس) بين الوكلاء العقاريين وحرفائهم، لا سيما الأجانب والليبيين على وجه الخصوص».

الليبيون اشتروا 200 ألف مسكن في تونس

وبحسب تقرير اللجنة فإن «عدد أملاك الليبيين في تونس يُقَدَّرُ بحوالي 200 ألف مسكن في 2015 أي ما يقارب 6 بالمائة من عدد المساكن الجملي» في الجمهورية التونسية.

ويُعْتقد على نطاق واسع أن أعدادا كبيرة من هذه المساكن بيعت لموالين للعقيد الليبيا لراحل معمر القذافي،هربوا إلى تونس إثر سقوط نظامه سنة2011 ومعهم أموال «طائلة» بالعملات الأجنبية (أساسا الدولار والأورو).

وخلافا لما يقدّمه الباعثون العقاريون من تفسيرات موضوعية وغير موضوعية لتبرير«حريق» أسعار العقارات في تونس منذ 2011، فإن السبب الرئيسيفي تقديرنالاشتعال هذا «الحريق» هو بيع هذا العدد الهائل من المساكن للأشقاء الليبيين.

وشهدت أسعار«العقارات» عموما (المساكن الجديدة والقائمة، والأراضي الصالحة للبناء) ارتفاعا بمعدّل 6 بالمائة سنويا خلال الفترة ما بين 2011 و2015، وفق «لجنة التحاليل الماليّة».

وخلال سنوات 2011 و2012 و2013، ارتفعت أسعار الشقق السكنية الجديدة بشكل غير مسبوق (منذ الاستقلال) بمعدّل 13 فاصل 5 بالمائة كل عام، مقابل زيادة سنوية بنسبة 5 فاصل 7 % خلال الفترة ما بين 1995 و2010، بحسب المعهد الوطني للإحصاء.

ومن أسباب هذا الارتفاع غير المسبوق، «ظهور فئة جديدة من الحرفاء الأجانب أساسا من ذوي الجنسية الليبية ذات الموارد الوفيرة» كما أكّدت لجنة التحاليل المالية التي قالت إن «المسار التصاعدي للأسعار غير مبرّر لا سيما إذا تم الأخذ بعين الاعتبار  القدرة الشرائية للحرفاء التونسيين» وإنه «لا يمكن تفسير ارتفاع مؤشر الأسعار بقانون العرض والطلب».

القانون التونسي وبيع العقارات للأجانب

وللتذكير فإن القانون التونسي يسمح للأجانب باقتناء العقارات شرط أن لا تكون ذات صبغة فلاحية أو صناعية أو سياحية. ويجيز القانون التونسي بيع عقارات سكنية للأجانب شرط الحصول على ترخيص مسبق من الوالي.

ويقول المرسوم عدد 4 لسنة 1977 المؤرخ في 28 سبتمبر 1977 المتعلق بالعمليات العقارية والذي يتضمن فصلا واحدا: «كل عملية عقارية فيها أطراف أجنبية، لا بدّ أن تتمّ بموجب ترخيص مسبق من الوالي».

وبتاريخ 11 ماي 2005 أصدرت السلطات، في إطار مساع لرفع حجم الاستثمارات الصناعية والسياحية الأجنبية في تونس، القانون عدد 40 الذي نص بفصله السابع على «إعفاء جميع الأجانب من رخصة الوالي بالنسبة إلى اقتناء أو تسويغ الأراضي والمحلات المبنيّة بالمناطق الصناعية والأراضي بالمناطق السياحية».

وخصّت تونس مواطني 3 دول مغاربية هي دول ليبيا، والجزائر، والمغرب بامتيازات قانونية إذ أجازت لهم شراء عقارات سكنيّة دون الحصول على رخصة الوالي، وذلك بموجب اتفاقيات ثنائية تم توقيعها مع ليبيا في 14 جوان 1961 ومع الجزائر في 26 جويلية 1963 ومع المغرب في 9 ديسمبر 1964.

الرصيد العقاري في تونس

  واليوم، يوجد في تونس «100 ألف مسكن شاغر، غير معدّ لا للكراء ولا للبيع، كما أنها غير معدّة لتكون سكنا ثانيا» لمالكيها، وفق اللجنة.

ويزداد عدد المساكن الجديدة التي تُبنى كلّ عام في تونس، بنسق أعلى من عدد العائلات الجديدة (حوالي 58 ألف عائلة جديدة في السنة) أي بمعدل 1 فاصل 53 مسكن لكل عائلة إضافية.

وخلال أربعين عاما، تضاعف عدد ما يُبنى سنويا من مساكن جديدة في تونس بأكثر من 5 مرّات، إذ مرّ من 15 ألف مسكن سنة 1975، إلى 80 ألفا عام 2014، وفق وزارة التجهيز.

ويساهم الباعثون العقاريون الخواص في بناء22 % من الوحدات السّكنية الجديدة المُحْدَثَة سنويا في تونس، في حين لا تتعدى مساهمة قطاع البعث العقاري العمومي نسبة 2 فاصل 5 %، بينما تُبْنَى النسبة المتبقية (75 فاصل 5 %) من قِبَل العائلات التونسية.

ويبلُغ عدد المساكن في كامل تراب الجمهورية التونسية نحو 3 ملايين و290 ألف مسكن، أي أكثر من عدد العائلات البالغ مليونيْن و713 ألف عائلة، في حين تبلغ نسبة العائلات المالكة للمساكن التي تقطُنها، نحو 78 بالمائة، وذلك وفق نتائج آخر تعداد عام للسكّان والسكنى في تونس (أُجْرِيَ سنة 2014).


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING