الشارع المغاربي – تنظمها‭ ‬قوانين‭ ‬غامضة‭ ‬وبيروقراطية‭ ‬مقيتة‭ ‬وحوكمة‭ ‬شبه‭ ‬غائبة: 100‬ منطقة‭ ‬صناعية‭ ‬كبّلت‭ ‬الاقتصاد ‬ولـم‭ ‬تجلب‭ ‬المستثمرين/ تحقيق محمد الجلالي

تنظمها‭ ‬قوانين‭ ‬غامضة‭ ‬وبيروقراطية‭ ‬مقيتة‭ ‬وحوكمة‭ ‬شبه‭ ‬غائبة: 100‬ منطقة‭ ‬صناعية‭ ‬كبّلت‭ ‬الاقتصاد ‬ولـم‭ ‬تجلب‭ ‬المستثمرين/ تحقيق محمد الجلالي

قسم الأخبار

24 مارس، 2022

الشارع المغاربي: بين مناطق صناعية تحت إشراف الوكالة العقارية الصناعية التابعة لوزارة الصناعة وأخرى تحت تصرف البلديات ومناطق تنمية داخلية تشرف عليها المجالس الجهوية، تعددت التسميات واختلف المتدخلون وظلت النتيجة واحدة: أكثر من 100 منطقة صناعية موزعة على مختلف الولايات باتت سببا في تعطيل الاستثمار وفي تكبيل الاقتصاد عوض مساهمتها في دفع التنمية وخلق مواطن شغل والنهوض بالمناطق الداخلية.

المناطق الصناعية تحولت إلى بؤر فساد ومحسوبية وحادت عن الأهداف التي بعثت من أجلها وأصبحت سببا آخر لنفور المستثمرين وكبح عجلة الاقتصاد عبر قوانين غامضة وبيروقراطية إدارية مقيتة وحوكمة رشيدة شبه غائبة..

مُعطّل في الحُفرة

بعد ان طالت بطالته قرّر احد الشباب التوجه في فيفري 2020 إلى المنطقة الصناعية بالقيروان بحثا عن فرصة عمل.. سلك الطريق المؤدية الى الوحدات الصناعية المبثوثة يمينا وشمالا. حث خطاه ممنيا النفس بعرض يمكنه من استقرار مادي في ظل وضع اقتصادي صعب. قطع مسافة قصيرة قبل أن يشعر بهزات خفيفة تحت قدميه.. لم يعر الأمر أي اهتمام مادام الرصيف حديث التشييد إلى أن انزلقت الأرضية فاتحة تحت قدميه حفرة عميقة ردمته تحت التربة والمقاطع الإسمنتية بما تسبب له في كسر بيده ورضوض في أماكن مختلفة من جسمه. التفت حوله فاكتشف انه في حفرة عميقة مخصصة لقنوات المياه يفترض أن المقاول المشرف على انجازها اتخذ كل الاحتياطات لتكون مطابقة للمعايير والشروط المنصوص عليها بكراس الشروط.

لم يبارح الشاب مكانه إلا بعد وصول فرق الحماية المدنية التي مكّنته من سُلم استغله للخروج زاحفا على بطنه قبل أن يتم نقله إلى مصحة خاصة.

في الأثناء استنفرت بعض الإدارات الجهوية أعوانها باحثة عن مخرج من مأزق البنية التحتية المخالفة للشروط وكان الحل أن يتدخل المقاول المشرف على مد قنوات المياه للتكفل بخلاص تكاليف اقامة الشاب في المصحة ثم نقله إلى مدينة سوسة أين تم انتدابه حارسا بشركة خاصة.

ويؤكد مصدر بوزارة الصناعة أن الوكالة العقارية الصناعية تكفلت بخلاص نفقات عملية ردم الحفرة وإعادة الرصيف إلى ما كان عليه عوض الديوان الوطني للتطهير، مشددا على عدم اتخاذها أي إجراء لمحاسبة المقاول أو انجاز اختبار جدي لأشغاله.

تنصل من المسؤولية

سقوط الشاب في حفرة بالمنطقة الصناعية بالقيروان لم يكن سابقة في مجال سوء حوكمة المناطق الصناعية، فقد انزلقت نهاية سنة 2020 فتاة تدعى مريم في مجرى للمياه بالمنطقة الصناعية بالنفيضة مما أدى الى وفاتها. وكانت الفاجعة فرصة لتبادل الاتهامات بين عدد من المؤسسات العمومية المتدخلة في مجال المناطق الصناعية. وتنصل عبد اللطيف حمودة رئيس بلدية النفيضة في تصريحات اعلامية من مسؤولية ادارته عن الحادث مشيرا الى انه سبق للبلدية ان راسلت وزارة التجهيز لحثها على اصلاح الطريق.

وحمّل حمودة وزارة التجهيز ومجامع الصيانة والتصرف في المناطق الصناعية مسؤولية وفاة مريم بينما نفى منذر السباعي المدير الجهوي للتجهيز بسوسة مسؤولية وزارته عن الحادث لافتا الى ان الفتاة سقطت في مجرى مائي على مستوى الطريق الوطنية رقم 1.

يذكر ان النيابة العمومية بسوسة فتحت تحقيقا ضد كل من رئيس بلدية النفيضة ووكيل الاقليم الصناعي بالجهة والمدير الجهوي للتجهيز وكل من سيكشف عنه البحث بتهمة القتل غير العمد الناجم عن قصور واهمال ومخالفة القوانين والاخلال في طريقة تصريف مياه الامطار.

كشَف الفساد فعزلته الادارة

في 11 جانفي 2022 قررت الادارة العامة للوكالة العقارية الصناعية تسليط عقوبة من الدرجة الثانية على الاطار الفني حافظ السالمي تتمثل في عزله من العمل.

ويشير القرار الممضى من سهيل شعور الرئيس المدير العام الى ان الموظف المعزول “ارتكب اخطاء جسيمة تتمثل في الإخلال بواجباته المهنية والمنافية لمدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي”.

يذكر انه سبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ان اصدرت في افريل 2019 قرار حماية لفائدة الإطار المعزول حديثا.

وينص القرار في فصله الثاني على ان يتكفل الرئيس المدير العام للوكالة العقارية الصناعية باتخاذ كل الاجراءات الادارية اللازمة لارجاع حافظ السالمي لمركز عمله قبل تبليغه عن شبهات الفساد وعلى ان يرفع حالة التجميد الاداري المفروضة عليه مع تمكينه من مستحقاته المادية) أجور ومنح غير مستخلصة( والالتزام بعدم هرسلته او تخاذ تدابير انتقامية ضده.

ورغم القرار أمضى الرئيس المدير العام للوكالة على قرار العزل في مخالفة لقرار الحماية، مما يعتبر  فسادا حسب الفصل الثاني من القانون الاساسي عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالابلاغ عن الفساد وحماية المبلغين والذي يعرّف الفساد بأنه “كل تصرف مخالف للقانون والتراتيب الجاري بها العمل يضر أو من شأنه الاضرار بالمصلحة العامة وسوء استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة..”

وكان حافظ السالمي قد تصدى لتجاوزات في انجاز صفقات عمومية بأكثر من منطقة صناعية، مقدما ما لديه من معطيات ووثائق الى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تأكدت من صحة المعطيات قبل ان تحيل في 2018 ملف تهيئة مفترق المنطقة الصناعية بالسبيخة من ولاية القيرون الى القضاء.

يقول حافظ السالمي: “عمدت الادارة العامة للوكالة الى ايقاف تنفيذ قرار الحماية المسند من هيئة وطنية انتصارا لمجموعات فاسدة احكمت قبضتها على المؤسسة العمومية وتلاعبت بأموال عمومية”.

ويتابع: “اكتشفت تجاوزات خطيرة في أشغال انجاز المدخل الرئيسي للمنطقة الصناعية في السبيخة بالترفيع في كميات الأشغال المنجزة وعدم اتخاذ اية اجراءات ادارية ضد المقاولة المكلفة بالانجاز والمهندس المراقب واستعمال مواد غير مطابقة للمواصفات وعدم اجراء تجارب على المنشآت المائية وخلاص المقاولة رغم ثبوت اقترافها عدة اخلالات”.

في نفس السياق اكد سامي حلوس رئيس مجمع الصيانة والتصرف بالمنطقة الصناعية للسبيخة انه رفض الامضاء على محضر تسلم مدخل المنطقة الصناعية بعد ان عاين عدة اخلالات من بينها ظهور تشققات وبروز قنوات المياه رغم الوعود التي قطعها المقاول المشرف على الانجاز بالقيام بالاصلاحات الضرورية.

ولفت الى ان طول الطريق لا يتجاوز 1500 متر والى ان كلفته فاقت مليون دينار.

يذكر ان القانون يقضي بان يمضي رؤساء مجامع التصرف والصيانة على محاضر التسليم النهائي لمشاريع تهيئة المناطق الصناعية لتصبح مسألة التصرف فيها من مشمولاتها.

وأشار حلوس الى انه استعان بخبير عدلي مختص في الطرقات والى ان أعماله الفنية كشفت ان سمك طبقات الطريق تنقص 12 سنتمترا عن الحجم المطلوب وان الطريق كلها في حاجة الى اعادة التهيئة مؤكدا ان تقديرات الخبير ابرزت ان كلفة الطريق طبقا للحالة التي تم تسلمها لم تتجاوز 600 الف دينار عوض مليون دينار مثلما أعلنت عن ذلك الوكالة العقارية الصناعية.

وواصل: “بعد مراسلة الوكالة قررت التعويل على اختبارات مركز التجارب وتقنيات البناء التابع لوزارة التجهيز فكانت نتيجة المعاينات انه تنقص سمك الطريق 15 سنتمترا اي اكثر مما توصل اليه الخبير العدلي.

بعد مرور اكثر من سنة على تعهّد الوكالة الصناعية العقارية باصلاح جزء من الطريق اكتفى المقاول بتكسير طرفيها لمنع استغلالها من قاصدي المنطقة الصناعية ثم غادر بلا رجعة بما حولها الى منطقة معزولة ودفع بشاحنات المستثمرين الى استعمال الرصيف للمرور، حسب تأكيد سامي حلوس.

من جهته استغرب حافظ السالمي صمت الوكالة وتفويتها فرصة فتح تحقيق معمق لكشف التجاوزات وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين قبل التوجه الى القضاء.

سامي حلوس عرج على أشغال توسعة المنطقة الصناعية بالسبيخة لافتا الى انه علم بان المواد المستعملة في التعبيد غير مطابقة للمواصفات والى انه استنجد مرة اخرى بخبير مختص وخلص الى وجود اخلالات في المكونات أكدتها اختبارات مركز التجارب وتقنيات البناء.

ويشير اختبار مركز وتقنيات البناء تم اجراؤه على مشروع تهيئة مدخل المنطقة الصناعية السبيخة 2 الى ان المواد المستعملة في الردم غير مطابقة للمواصفات المطلوبة.

من جانبه شدد الاطار المعزول حافظ السالمي على ان تعامل ادارة الوكالة مع ملف مدخل السبيخة 2 يشير الى وجود توجه رسمي نحو التغافل عن تجاوزات الشركة المنجزة للصفقة وتقصير المكتب المكلف بمراقبة اشغالها.

وذكر سامي حلوس انه علم من الوكالة بانها فرضت على الشركة المنجزة للصفقة خطية بمليار مستغربا من عدم تشريك الهيئة العليا للصفقات العمومية في اتخاذ هذا الاجراء.

حلوس تطرّق ايضا الى اشكالات اخرى بالمنطقة الصناعية للسبيخة مبينا انها تفتقر الى عديد المرافق على غرار محطة لتصريف المياه المستعملة.

في هذا السياق اكد ان عدم انجاز المحطة تسبب في تحول المنطقة المحاذية الى مستنقع كبير وان ذلك تسبب في تلوث الهواء والتربة معا.

واضاف ساخرا: “تلقينا وعودا كثيرة من مختلف المسؤولين باقتراب الشروع في تركيز محطة التطهير مع رجائي ان يتم ذلك قبل خروجي على التقاعد”.

من جهته تحدث مستثمر فضل عدم كشف هويته عن مواجهة الشركات المنتصبة بمدينة القيروان صعوبات ومشاكل متفاقمة مؤكدا ان صاحب معمل مختص في صناعة الورق شرع في تشغيل وحدته الصناعية بعد ان تلقى وعودا حكومية بتهيئة المنطقة الصناعية السبيخة 2 قبل انتهاء سنة 2020 وانه يواصل تسيير مشروعه دون ربطه بشبكة التيار الكهرباء او بالماء ولا بقنوات التطهير او حتى تمكينه من خطوط الهاتف.

من جهة اخرى أشار مستثمر بالمنطقة الصناعية “طينة” التابعة لولاية صفاقس الى ان العشرات من اصحاب الوحدات الصناعية يعانون الامرين جراء عدم حصولهم على شهائد وعد بالبيع في المقاسم التي وفرتها لهم الوكالة منذ اكثر من عشرين سنة وان هذا الاشكال تسبب لهم في تعقيدات وصعوبات مع البنوك.

المتحدث بين ان هناك إشكالا عقاريا في ملكية المقاسم بين كل من الوكالة العقارية الصناعية والشركة الوطنية العقارية المعروفة بـ “سنيت” وان هذا الاشكال ادى الى تفاقم ديون الوكالة لدى “سنيت” متسائلا: “ما ذنب عشرات الصناعيين في خلاف بين مؤسستين عموميتين على ملكية المنطقة الصناعية؟ ومن يتحمل الخسائر المالية التي نتكبدها والتعطيلات التي نواجهها منذ عقود؟

وطالب المستثمر بتدخل رئاسة الحكومة لفض النزاع المستمر بين الادارتين العموميتين لاطلاق يد الصناعيين مؤكدا ان في ذلك دفعا لعجلة التنمية وتوفيرا لمواطن شغل اضافية.

من يشرف على المناطق الصناعية؟

أكد عبد الوهاب زراد رئيس الجمعية التونسية لمجامع الصيانة والتصرف ان حوكمة المناطق الصناعية تعود لاكثر من طرف مميزا بين مناطق صناعية تحت إشراف الوكالة العقارية الصناعية ومناطق تنمية داخلية تحت تصرف المجالس الجهوية وأخرى تحت تصرف البلديات.

زراد لخص أهم مشاكل المناطق الصناعية في العلاقة بين المجامع والبلديات مشيرا الى ان حادثة وفاة الفتاة فرح في المنطقة الصناعية بالنفيضة عام 2018 تكشف جانبا من الضبابية القانونية في توزيع المسؤوليات بين مختلف المتدخلين.

وابرز ان مجامع التصرف والصيانة تتحمل مسؤولية الاشراف على المناطق الصناعية بعد تسلمها من الوكالة او البلديات او المجالس الجهوية وانها في نفس الوقت لا تتدخل في صيانة شبكات الكهرباء او الهاتف او تصريف المياه المستعملة لانها من مشمولات المؤسسات ذات العلاقة مؤكدا انها تتدخل احيانا للصيانة اذا كانت الاشغال غير معقدة.

في نفس الإطار قال زراد ان استقالة بعض البلديات من تحمل مسوؤلياتها صلب المناطق الصناعية ادى الى جسامة المسؤولية التي باتت ملقاة على مجامع التصرف رغم تواضع امكاناتها المالية الى حدود سنة 2008 تاريخ تفعيل أمر حكومي سابق قاض بتمكين المجامع من استرداد نفقات الصيانة والتصرف متهما الشركة التونسية للكهرباء والغاز “الستاغ” بعدم تمكين مجامع الصيانة من كل الاموال المسجلة كمساهمات في الصيانة والتصرف.

وبين ان مماطلة “الستاغ” في تنزيل كل مستحقات المجامع اثّرت على جودة الخدمات التي تقدمها في المناطق الصناعية وتسببت في تشويه صورتها لدى وزارة الصناعة التي يتم موافاتها دوريا بمساهمات المجامع مقدرا اياها بالمليارات..

وأضاف زراد ان الجمعية التونسية لمجامع الصيانة والتصرف طلبت عقد لقاء مع نايلة نويرة القنجي وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم لتفسير النقطة المتعلقة بالمساهمات المالية المرتبطة بفواتير “ّالستاغ” حتى تكون على بينة من أوضاعها المالية.

في هذا الصدد أكد ان هناك مساعي لدى الوكالة العقارية الصناعية ووزارة الصناعة للتخلي عن منظومة مجامع التصرف وتعويضها بادارة عامة لتكليفها بحوكمة المناطق الصناعية بعد سنوات طويلة من اللامبالاة من قبل الوكالة.

وبين ان الوكالة كانت عادة ما تسعى الى التخلص من الاشراف على المناطق الصناعية عبر التفويت في ثلث مقاسمها حتى يخول لها القانون احداث مجامع للتصرف والصيانة توكل اليها مهمة حوكمتها.

في هذا الصدد كشف موظف بالوكالة عدم جديتها في استعادة عديد المقاسم من مستثمرين لم ينجزوا مشاريعهم في ظرف ثلاث سنوات.

أمر أكده مراجع حسابات المؤسسة العمومية في تقريري 2018  و2019 حول انظمة الرقابة الداخلية مسجلا ان “التثبت في اجراءات اسقاط حق الباعثين الصناعيين الذين لم ينجزوا مشاريعهم في الاجال المحددة بثلاث سنوات ابتداء من تاريخ اقتناء المقاسم خَلص الى وجود اخلالات ادارية”.

ولاحظ مراجع الحسابات وجود نقص هام في عدد من قرارات اسقاط الحق في شأن المخلّين رغم ان عددا هاما منهم لم يتمكنوا من انجاز مشاريعهم مشددا على ان ملفات اسقاط الحق لا تحتوي على وثائق ضرورية على غرار تقارير المعاينة التي تنجرزها ادارة متابعة استغلال المناطق الصناعية او وثيقة المهلة او محضر لجنة السماع.

وبين التقرير الرقابي ان الفترة الممتدة بين تاريخ ابرام العقد وتاريخ قرار اسقاط الحق تصل الى حدود 9 سنوات على ما حدث في المناطق الصناعية بشطرانة من ولاية اريانة او المهدية او صفاقس.

وخلص تدقيق أجراه مراجع الحسابات في الاجراءات المعمول بها على مستوى ادارة الشؤون القانونية الى انه لا يتم مد هذه المصلحة بكل العقود والاتفاقيات التي تبرمها الوكالة مع الغير والى ان هذه الوضعية لا تمكن من الحصول على قاعدة معلومات محيّنة حول الوضعية القانونية بالنسبة لكل القضايا والنزاعات الجارية ولا تسمح باتخاذ القرارات التصحيحية في الوقت المناسب او التثبت من السلامة القانونية للبنود التعاقدية بما لا يضمن حقوق الوكالة في حالة  نشوب نزاع قانوني”.

ولفت مراجع الحسابات الى صدور أحكام قضائية ضد الوكالة مفسرا ذلك بعدة أسباب من بينها وجود خلل شكلي في الاجراءات او خلل في تفويض امضاء الرئيس المدير العام او خلل في تفويض امضاء الوالي او سقوط الحق بمرور الزمن او نقص في وثائق ومؤيدات في تقرير المراقبة.

ودعا الخبير الوكالة الى الحرص على تفادي مثل هذه الاخلالات للمحافظة على مستحقات الوكالة قصد استخلاص اكثر ما يمكن من الديون المتنازع عليها.

وكان مدير بوزارة الصناعة والطاقة والمناجم قد أكد لـ “الشارع المغاربي” ان الوزارة احالت سنة 2021  اكثر من 10 ملفات على القضاء تتعلق بشبهات فساد في الوكالة.

وأشار الى ان اللجوء الى القضاء جاء بعد وقوف الوزارة على تجاوزات في صلب الوكالة على غرار حوكمة المناطق الصناعية والتفويت في المقاسم واسقاط حق المؤسسة العمومية لفائدة صناعيين.

مجال آخر اعتبره عبد الوهاب زراد مبعثا للخلاف بين البلديات والمجامع هو التصرف في المعلقات الاشهارية داخل المناطق الصناعية مؤكدا ان التجربة اثبتت ان “من يصل أولا يبرم العقود ويتمتع بعائدات الإشهار”.

وأرجع النزاع المتواصل بين البلديات والمجامع على المناطق الصناعية الى الغموض الذي يكتنف النصوص القانونية.

وختم زراد حديثه مؤكدا ان سبب عدم جدوى الكم الهائل من المناطق الصناعية الموجودة على امتداد تونس لاقتصاد البلاد هوغياب سياسة رسمية لتوفير يد عاملة نشيطة وكُفأة وذات تكوين عال مشيرا الى ان عدم بعث مراكز لتكوين الاطارات والأعوان في عدد من الاختصاصات كقطاع النسيج تسبب في غلق عديد الوحدات الصناعية في مدن مثل القصرين او جندوبة.

هكذا إذن يكون تراخي الوكالة العقارية الصناعية عن مراقبة تهيئة بعض المناطق الصناعية او عدم استرجاع مقاسم لم تتحول الى مشاريع تنموية او تداخل أطراف عدة في حوكمة هذه الفضاءات الصناعية مبعثا على تحولها الى مجرد حاضنة مشاريع غير مثمرة تنمويا او تشغيليا رغم مختلف المنح والامتيازات والاعفاءات التي تخصصها الدولة تحت يافطة عناوين كبرى كالتشجيع على الاستثمار والنهوض بالتنمية الداخلية..

في الاثناء تؤكد ارقام المعهد الوطني للاحصاء ان معدل البطالة قفز خلال الثلاثية الثالثة من سنة 2021 الى 18،4 بالمائة بعد ان كان في حدود 17،9 بالمائة في الثلاثية الثانية من نفس السنة وان معدل بطالة من هم بين 14 و24 سنة تجاوز 42 بالمائة في نفس الفترة.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 24 مارس 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING