الشارع المغاربي – تونس تُحرم من موارد مالية حيوية

تونس تُحرم من موارد مالية حيوية

قسم الأخبار

1 أغسطس، 2020

الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: بغض النظر عن “قصة” سحب الثقة ومن هو أهل لها والتي شهدها يوم اول أمس الخميس قصر باردو بعيدا جدا عن شواغل التونسيين وهمومهم، فقد صار مؤكدا انه لا يمكن لأية جهة اقتصادية ومالية دولية سواء كانت مستثمرة او دائنة ان تكون لها تعاملات مع تونس ، دولة تعتبرها هذه الدوائر وفقا لما بين سطور تقاريرها بلدا يرتع فيه العبثيون  وشذاذ الافاق في سياق شعاره الهدم وتحطيم مكاسب تفانى الكثير من الوطنيين على مر عقود لتحقيقها.
وهكذا يجر وطن جريج نحو هوة سحيقة من التخلف والفقر والتهميش وهو يعاني فصول مأساة صامتة. وتشير العديد من المعطيات في ظل هذا الواقع المرير والذي تأكدت عبثيته من خلال ما عرف مجلس باردو منذ يومين أن تونس تعيش في الظرف الراهن إحدى أعمق أزماتها التي تتجه بنسق حثيث إلى هلاك محقق في سياق إنهاء كل التوازنات الاقتصادية والاجتماعية ولكن كيدهم سيكون بالنهاية في نحورهم.
وفي هذا السياق ودون الخوض في المزيد من التفاصيل، فان العديد من المعطيات الرسمية تبين أن الهيئات المقرضة بصدد رفع يدها عن تونس بعد أن ضخت لمنظومة 2011 عشرات الالاف من المليارات ومكنتها من التنفس بشكل اصطناعي لسنوات طوال كنموذج انتقال “ديمقراطي” يجب ان لا يفشل ذلك أن سليم العزابي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي كان قد أعلن يوم 13 جويلية الجاري أن التفاوض يجري على قدم وساق مع أربع دول لتأجيل سداد أقساط ديون لفائدتها. ورغم أن الوزير لم يعط أية تفاصيل في خصوص قيمة الأقساط المطلوب إرجاء سدادها فإن وثيقة ميزانية الدولة لسنة 2020 تشير إلى أن تونس ستسدد هذا العام 6617 مليون دينار كأقساط ديون خارجية، أصلا وفوائد.
ويحيل تصريح العزابي ضمنيا إلى أن تونس تعرف صعوبات كبرى لتعبئة أية موارد مالية تمكنها من التعهد بالتزاماتها بما يعنى أن البلاد بصدد “التقدّم” بثبات نحو مرحلة التعثر المالي الشديد، إن لم تكن قد بلغتها على غرار العديد من البلدان التي توصف اصطلاحا بـ “الفاشلة”.
ويؤكد هذا التقييم، إلى حد بعيد، ما صرّح به في نفس الإتجاه محمد نزار يعيش وزير المالية في خصوص تفاوض السلط التونسية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ائتماني جديد بعد قطع صرف القرض السابق ولكن الصندوق يبدي تحفظات ان لم تكن موانع باعتبار غياب جهات جدية حسب تقييم خبرائه تضمن التصرف في القرض للقيام بإصلاحات هيكلية الى جانب ابرازهم في عدة مناسبات ان نسق التقييمات المالية السيادية لتونس يشهد تراجعا حادا.
وتشكّل هذه المناورة بالتأكيد المتنفس الأخير قبل السقوط في غياهب جدولة الديون وإعادة دمجها بكل ما للأمر من كلفة دامية. كما أبرز يعيش أنه وعلى الرغم من تزايد الحاجة للتمويل الخارجي (5.4 مليار دولار لـ 2020) فإن تونس لن تخرج للتداين على السوق المالية الدولية ويرجع ذلك بطبيعة الحال ودون شك إلى تدهور تصنيفها وانعدام أي آفاق لتحسن وضعية ماليتها العمومية حسب جل تقارير وكالات الترقيم الدولية.
و يذكر أنه وفقا للتقرير الأخير الصادر عن وزارة المالية في خصوص تنفيذ ميزانية الدولة موفي أفريل الماضي فقد قفز عجز الميزانية بنسبة 88%، مقارنة مع شهر أفريل من عام 2019 ليبلغ 2.7 مليار دينار.
وسجلت إيرادات الدولة خلال شهر أفريل الماضي حسب وزارة المالية تراجعا بنسبة 10% مقارنة مع شهر أفريل من عام 2019 لتبلغ 9.5 مليار دينار. وزادت النفقات الأساسية بنسبة 20% لتبلغ 8.5 مليار دينار.
و لتأكيد هذا الوضع القاتم الذي لا يحسب له “سياسيو” الرداءة والخيبة أي حساب فان عدة جهات مالية دائنة لم تتم تعهدات كانت قد تقدمت بها لتونس، إذ تخلى عن هذه التعهدات والتي تعتبر حيوية لمجابهة عجز ميزانية البلاد  تعني -6% من الناتج مبدئيا كل بالأساس من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد (800 مليون دولار) والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية (150 مليون اورو) والبنك الإسلامي للتنمية (500 مليون دولار)
وابرزت كذلك عدة وكالات دولية للتصنيف المالي السيادي  الائتماني على غرار وكالات “موديز” و”فيتش رايتينغ” و “كابتال انتلجنس” الدولية المتخصصة في هذا المجال، في الفترة القريبة الماضية أن هناك عدة أسباب تؤثر على آفاق التصنيف الائتماني للاقتصاد الوطني والمؤسسات التمويلية التونسية في مستوى “ب ب- ” عموما مع آفاق غير مستقرة و هي ترتكز أساسا على تفاقم التداين العمومي بصفة لا تتناسب مع خلق القيمة المضافة الاقتصادية وانهيار النمو و الارتفاع الكبير لنسبة التضخم النقدي تبعا لما تشهده البلاد خصوصا من تصحر صناعي و ركود و بطالة فضلا عن شدة وطأة الاقتصاد غير المهيكل و ثقل الديون البنكية غير المستخلصة ( 12.7% ) و شح السيولة في السوق النقدية.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING