الشارع المغاربي – تونس: من هجرة الأفراد الى هجرة الأُسر

تونس: من هجرة الأفراد الى هجرة الأُسر

قسم الأخبار

26 يناير، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: نشر اليوم الأربعاء 26 جانفي 2022 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة تحت عنوان “جائحة كوفيد 19 وتطور نوايا الهجر ة لدى الأسر التونسية: دراسة ميدانية بسبع ولايات” وذلك في إطار تحليل آثار الجائحة واستشراف نتائجها في علاقة بالتحول الاجتماعي بشكل عام وبما قد تفرز على الأمدين المتوسط والبعيد من تحولات على مستوى الظواهر والممارسات الاجتماعية الفردية والجماعية.

وانطلقت الدراسة من جملة من الاستفهامات النظرية والميدانية تركزت أساسا على كيفية تفاعل الأسر مع الجائحة من حيث أشكال التأقلم واستراتيجيات المقاومة والصمود ومدى تأثير الجائحة على الأفراد داخل الأسرة وخارجها وخاصة على مستوى الرضا العام وتحليل مستويات تطوّر نوايا الهجرة في ظل الجائحة وقراءة تغيّر المشاريع الهجرية ومساهمة الأسر فيها وامكانيات تحقيقها مستقبلا.

وبالنظر الى الإمكانات المتاحة تم التأكيد على اعتماد البحث على عيّنة من 1400 أسرة وذلك من خلال بناء 7 مناطق اسقاط متقاربة من حيث الحجم (81207 أسرة بمعدّل 11600 أسرة لكل منطقة) وموزعة على مختلف الأقاليم التونسية ليتم في مرحلة ثانية اختيار عدد من المستجوبين بنفس تمثيلية مناطقهم في العينة الاجمالية وموزعين بدورهم حسب الجنس والعمر ووسط الاقامة (حضري – غير حضري) بنفس خصائص مناطقهم الأصلية في المستويات الثالثة حسب آخر تعداد عام للسكان والسكنى 2014.

وابرزت الدراسة ان 30 بالمائة من الاسر المعنية بالبحث تعيش أساسا من خلال تعاطيها بشكل يومي أو بصفة عرضية أنشطة اقتصادية موازية وان مداخيلها تأثرت وانعدمت أحيانا خاصة أثناء فترات الحجر الصحي الشامل أو الجزئي. اما بالنسبة للأسر التي تحقق مداخيل قارة ضعيفة ودون الأجر الأدنى الصناعي المضمون والتي تناهز نسبتها 15 بالمائة من العينة وتتراوح مداخيلها بين 400 و800 دينار فقد أظهرت انها مرت في سياق الجائحة بصعوبات مالية كبيرة يعود بعضها الى ارتفاع أسعار أغلب السلع وزيادة نسق استهلاك العديد من المواد الصحية بشكل خاص سواء لمجابهة الوباء أو للتوقي منه.

هذه الصعوبات وغيرها لا تبدو ذات تأثير على الأسر الأكثر حظا التي لا تمثل في كل الحالات أكثر من 25 بالمائة من مجموع الأسر المعنية بالدراسة.

ويتضح من خلال المعطيات الميدانية أن الهجرة أصبحت هاجسا أساسيا بالنسبة لفئات اجتماعية عديدة وأن نوايا الهجرة بلغت أعلى مستوياتها حيث عبّر 25.3 بالمائة من المستجوبين عن تفكيرهم الدائم في الهجرة في حين لا يزال 14.5 بالمائة محل ترّدد بين أن يهاجروا أو أن يبقوا في البلاد. وبالعودة الى أسباب ارتفاع مؤشر الرغبة في الهجرة يتضح أن بعضها هيكلي مرتبط بفشل المنوال التنموي المنتهج بالبلاد منذ الاستقلال وبنمط توزيع للثروة يقوم على الحيف والتمييز بين الفئات والجهات والأجيال، وبعضها الاخر مرتبط بسياق الجائحة الذي زاده التوتر السياسي وشبح الإفلاس الاقتصادي وارتباك أداء مؤسسات الدولة تأزما.

ومن الواضح على هذا الاساس وفق ما ورد في الدراسة ان مختلف العوامل السابقة ساهمت في خلق مناخ من اليأس وانعدام الثقة في المستقبل ودفعت بالعديد من التونسيين الى التفكير في الهجرة. بل يبدو ان الرحيل صار يغري الجميع نساء ورجالا على حدّ السواء. وتفوق نسبة الذكور ممن يفكرون باستمرار في الهجرة المعدّل الملاحظ على مستوى الجنسين وهي لا تقل في كل الحالات عن 31 بالمائة. أما بالنسبة للإناث فإنها تقارب 21 بالمائة.

وبالنسبة للعمر يبدو ان التفكير في الهجرة لا يقتصر على فئة عمرية دون أخرى لأنه يمثل اتجاها عاما يشترك فيه عدد كبير من التونسيين بغض النظر عن أعمارهم. أما ما يجب الانتباه اليه بشكل خاص فيتعلق بفئة الشباب اذ تبلغ نسبة من يفكرون منهم في الهجرة بشكل دائم حوالي47 بالمائة وذلك اساسا بالنسبة للفئة العمرية 18 – 29 سنة و35 بالمائة بالنسبة للفئة العمرية 30-39 سنة. وهو ما يعني أن الرغبة في الهجرة قد تحوّلت من اتجاه فردي قد ينتج عن مشاكل ظرفية أو حالة يأس عرضيّة الى ما يشبه القرار الجماعي التي يتم اتخاذه بطريقة غير مباشرة عن طريق مجموعة من الفاعلين لا يتفقون بالضرورة حول أسباب الأزمة، ولكنهم يتفقون تماما حول غياب الحلول.

وقد يبدو ارتفاع مؤشر الرغبة في الهجرة بذلك مرتبطا بأسباب هيكلية عميقة ولكن من شأن مقارنة المؤشرات المتحصل عليها في الدراسة بأخرى سابقة أن يؤكد أن الجائحة ساهمت بدورها في هذا الارتفاع حيث جرى التشديد على انه يكفي الإشارة في هذا الصدد الى أن نسبة الشباب من البالغين من العمر 18- 34 سنة ممن يفكرون باستمرار في الهجرة قبل أقل من سنتين وفق ما توصلت اليها دراسة منظمة “انترناشيونال ألرت” لم تكن تتجاوز 35 بالمائة وأن نسبة من لا يفكرون في الهجرة سنة 2016 وفق دراسة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا تتجاوز 31 بالمائة.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING