الشارع المغاربي – تُقدر بـ700 طن يوميا: الفضلات زمن "كورونا"...ماذا أعدت بلدية تونس لمٌواجهة خطرها ؟

تُقدر بـ700 طن يوميا: الفضلات زمن “كورونا”…ماذا أعدت بلدية تونس لمٌواجهة خطرها ؟

قسم الأخبار

11 مارس، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي:  يرفع اعوان النظافة في بلدية تونس والذين يقدر عددهم بأكثر من اربعة الاف عامل، يوميا، حوالي 700 طن من الفضلات المنزلية. ومن المعلوم ان عملية الرفع تتم دون فرز مسبق للفضلات الملقاة بما يجعل منها مسألة في غاية الخطورة سيما في الظرف الراهن المتسم بتفشي فيروس “كورونا” اذ ان الفضلات المذكورة تتكون حتما من محلفات اشخاص قد يكونون حاملين للفيروس خصوصا في منطقة مهمة كمدينة تونس التي تضم زهاء 10% من سكان البلاد.

وعلى الرغم من اهمية التعاطي بجدية مع خطر النفايات والنظافة وحفظ الصحة في مدينة تونس سواء تعلق الامر بالمواطنين او بأعوان البلدية، فان بلدية تونس اكتفت يوم امس بإصدار بلاغ دعت فيه في إطار التوقي من فيروس كورونا المستجد، إلى ضرورة اتخاذ كل الاحتياطات الصحية اللازمة للأفراد و في المؤسسات العمومية والخاصة.

كما دعت بالأساس المقاهي والمطاعم ومختلف المحلات المفتوحة للعموم لاستعمال الأكواب ذات الاستعمال وتوفير المواد المطهرة من صابون وجافال وهو امر مفروغ منه بمقتضى القانون والتراتيب البلدية. ولم تتطرق مصالح البلدية باي حال من الاحوال الى تقديم التعليمات اللازمة في خصوص التصرف في الفضلات على غرار الالزام بعدم تكديسها وفرزها بالخصوص حماية للأعوان والذين يعاني جلهم من الامراض المزمنة والمتأتية من التعامل مع الفضلات في ظل تدني اجورهم رغم خطورة عملهم وصعوبته.

غير ان ما تردّت إليه الاوضاع في بلدية تونس خاصة في المجال البيئي المدة الاخيرة وهي اقدم بلدية في البلاد أسستها نخبة المصلحين التونسيين منذ 163 عاما وترأسها ذات يوم الجنرال حسين أحد أهم رجال الدولة في تاريخ تونس الحديث هي في الواقع غيض من فيض تؤكده مؤشرات كمية ونوعية عديدة على فشل التصرف في الشأن البلدي في تونس منذ سنوات وتفاقم بصعود المجلس البلدي الحالي رغم استبشار البعض بانتهاء التسيير المؤقت للشأن البلدي بفضل الانتخابات البلدية التي طال انتظارها غير أنّ الخيبة كانت في الموعد.

وتتجلى نقائص عمل السلطة المحلية البلدية خاصة بمدينة تونس والتي احتدت خصوصا منذ الانتخابات البلدية الأخيرة حسب عدد من المتابعين، في غياب التنسيق بين مختلف الدوائر البلدية وغياب رؤى للتصرّف العمراني في المجال الحضري فضلا عن غياب مخططات التهيئة والمسائل التي لها علاقة بالبيئة والمحافظة على الموارد والإدماج الاجتماعي لسكان الأحياء الفقيرة وهذا ما أسهم في ظهور مشاكل مختلفة تعاني منها جلّ مناطق بلدية تونس ولا تخدم نموها كمجال حضري وفق منظومة متناسقة و ذلك حسب معطيات دراسة مهمة للباحث الأكاديمي الدكتور فوزي زراعي نشرها في المجلة التونسية للجغرافيا حول التقسيم البلدي ورهانات التّصرف العمراني بتونس الكبرى .

ويبلغ عدد سكان بلدية تونس وفق آخر تعداد للسكان والسكنى لعام 2014 نحو 983.861 ساكن موزعين على 15 دائرة بلدية ويصل عدد السكان في الكيلومتر المربع نحو 2767 ساكنا. وقد خصصت بلدية تونس للعمل البلدي وتقديم الخدمات للسكان وفق معطيات ميزانيتها المفصح عنها من قبل وزارة المالية بعنوان سنة 2020 نحو 36.2 مليون دينار كاستثمارات مباشرة تشمل معدات النظافة والطرقات والانارة العمومية والمناطق الخضراء (966 هكتار) والمنتزهات أو بالأحرى ما تبقى منها والتصرف في الفضاءات العامة والمعارض والمقابر ومراقبة مصبات النفايات والتي أصبح جلها غير مراقب، تضاف إليها مصائب مصب برج شاكير الذي يقبل نفايات 37 دائرة بلدية بالعاصمة والذي أصبح يهدد بالتلوث النهائي للمائدة المائية في غضون السنوات القادمة ما لم يتم تدارك الأمر.

كما تتعلق الاستثمارات بالتصرف في المآوي البلدية وهي شبه منعدمة في ظل تعطل طلبات عروض ستة مآوي ذات طوابق أعلن عنها في 2016 ويكتنف توقفها الكثير من الغموض إضافة إلى الأسواق البلدية والتي جلها عشوائي وادارة الشؤون الادارية من حالة مدنية وغيرها.

في المقابل ورغم أهمية المداخيل الجبائية الاعتيادية (97.4 مليون دينار) ومداخيل الملك البلدي والمداخيل المالية الأخرى غير الاعتيادية (35.5 مليون دينار)، بما يتجاوز الاستثمارات المباشرة بحوالي ثلاث مرات ونصف المرّة فان مستوى خدمات بلدية تونس العاصمة متدن للغاية ولا يتماشى مع حجم المداخيل ويتجلى ذلك في تردي الحالة البيئية والعمرانية إلى أبعد الحدود وتفاقم انهيارها المتواصل في ظل اهمال بلدية تونس التام لهذه الأوضاع.

وبلغ حسب وزارة الشؤون المحلية والبيئة حجم النفايات والفضلات المنزلية في بلدية تونس 3 ملايين و250 ألف متر مكعب، مقابل 5 ملايين متر مكعب على مستوى كامل الجمهورية أي ان بلدية تونس لوحدها تضم 65% من فضلات البلاد برمتها فضلا عن أنه لا يوجد شبر من تونس يخلو من نقطة بيئية سوداء.

أما عن حالة الطرقات ويصل طولها اجمالا الى عشرات الكيلومترات فتبين وزارة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية انه وبشكل عام فان 45% من الطرقات حالتها غير مرضية ولا تستجيب للمواصفات المعمول بها عدا اكتظاظها وتحوّل الكثير منها إلى مواقف سيارات عشوائية يسيطر عليها “حراس” غير قانونيين يضربون مكوسهم على أصحاب السيارات.

ومن المؤسف اليوم ان تسعى بلدية تونس الى الالقاء بفشلها رغم ان لها موارد كافية فضلا عن المدخرات غير المستهلكة (49.9 مليون دينار) والاقتراضات (3.9 مليون دينار) ومنح التجهيز (8.3 مليون دينار) والهبات المتنوّعة على عمالها وخاصة عمال النظافة الذين لا تتجاوز رواتبهم 750 دينارا شهريا للعامل الواحد دون أية تغطية أو وقاية صحية علما أن جلهم من إجمالي عددهم البالغ 4200 يعانون من الأمراض المهنية إذ أن 20% فقد حاسة الشم والبقية مصابون بأمراض جلدية واخرى مرتبطة بالحساسية عدا تعرضهم لأخطار العدوى باعتبار ظروف عملهم القاسية وانعدام ملابس الشغل منذ عامين وغياب الادواش وبيوت الراحة في مواقع عملهم.

كما انه من دواعي الاستغراب أن يقوم البعض بلوم عمال النظافة عند المطالبة بحقوقهم المهنية المشروعة وهم الذين لازال عدد كبير منهم يجرون عربات يدوية “برويطة” لنقل القمامة من أنهج العاصمة بعد أن كانوا يستعملون عربات خفيفة من صنف Triporteurs للقيام بنفس العمل وفي نفس الأنهج مما جعلهم في وضعية مهنية تقرب إلى القرون الوسطى تخل بأبسط مقوّمات الكرامة والصحة.

http://www.iblatunis.org.tn/pmb/opac_css/index.php?lvl=author_see&id=19825

http://www.commune-tunis.gov.tn/publish/images/municipalite/budget/budg2020.pdf


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING