الشارع المغاربي – جبهة‭ ‬لخلاص‭ ‬البلاد‭ ‬بمن‭ ‬أفسدوها‭...‬

جبهة‭ ‬لخلاص‭ ‬البلاد‭ ‬بمن‭ ‬أفسدوها‭…‬

قسم الأخبار

11 يونيو، 2022

الشارع المغاربي-أنس الشابي:بعد مرور عشرة أشهر على قرارات 25 جويلية التي أدّت إلى تجميد ثمّ حلّ برلمان سنة 2019 قامت مجموعة من الأفراد والأحزاب بتكوين ما سمّوه “جبهة الخلاص الوطني” بهدف العودة إلى الوضع الذي كانت عليه البلاد إلى حدود يوم 24 جويلية 2021. ويتكوّن هذا التجمع من الأحزاب التالية حسب ما ورد ذلك في بيانه التأسيسي وهي حزب حركة النهضة وحزب أمل وحزب حراك تونس الإرادة وائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس وحراك مواطنون ضدّ الانقلاب/ المبادرة الديمقراطية واللقاء الوطني للإنقاذ وتوانسة من أجل الديمقراطية واللقاء من أجل تونس واللقاء الشبابي من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتنسيقيّة نواب المجلس. واللافت للانتباه أن هذه الكثرة لا تعني تعدّدا في الرؤى أو السياسات أو التحاليل فجميعهم نسخ مطابقة للأصل النهضوي. قال شاعر الحمراء محمّد بن إبراهيم المراكشي:

وكلما أبصَرت عينَاك ذَا لقَبٍ***إلاَّ ومعنَاه إن فكَّرتَ في لَقبِه

المكوّن الأساسي لهذا التجمع الذي سُمّي غلطا بالجبهة هو حركة النهضة أكبر متضرّر سياسيّا من قرارات 25 جويلية حيث أُقصي رئيسها عن التصرّف والتحرك من خلال ترؤّسه البرلمان ومُنعت مؤقتا الحركة من التأثير في القرارات السياسيّة الآنيّة،  وهو ما أفسد خططها ووضعها في حرج مع التنظيم الدولي للاخوان ومع مُشغّليها كتركيا وقطر لأنها لم تعد قادرة على التصرّف بإطلاق مثلما كانت تصنع سابقا،  فسعت إلى تكوين جبهة للإيهام بأنها ما زالت قادرة على الفعل والمقاومة. ولكن هل تصحّ تسمية الأطراف المشاركة في هذا التجمع جبهة؟ وأي نوع هي من الجبهات هل هي تكتيكية أو استراتيجية أو على شاكلة الانتقال الديمقراطي؟ وهل أن شروط قيامها متوفّرة؟ وفي أي اتجاه هي تسير إن قُدِّر لها أن توجد؟ وهل يمكنها أن تصمد في ظرف اقتصادي وسياسي متقلّب؟.

أسئلة تبحث عن إجابة نتلمّسها من خلال العودة إلى مكوّناتها التي تنقسم إلى:

 1) القسم الأكبر الذي يمثل حزاما لحركة النهضة نجد فيه أغلب قادتها ومن بينهم الذين أعلنوا استقالتهم وحتى الاستعداد لتكوين أحزاب جديدة. هؤلاء جميعهم مبثوثون في مواقع مختلفة بعضهم عُرف بأنه العصا الغليظة للفرع المحلي للتنظيم الدولي للإخوان لا يتورّع عن إتيان كلّ الأفعال التي يجرّمها القانون إن كُلّف بذلك ولعلّ أبرز مثال ما يسمّى ائتلاف الكرامة الذي نزل بالممارسة البرلمانيّة والخطاب السياسي إلى القاع من مختلف النواحي جهالة ووضاعة ممّا أجمعت الأمّة على وصفه بما ذكر. وبجانب من ذكر نجد حزب حراك تونس الإرادة الذي كان يسمّى حزب المؤتمر ويترأسه محمد المنصف المرزوقي وهو حزب ذكرت نزيهة رجيبة في حصّة تلفزية أن حركة النهضة أثثته ببعض منظوريها لمساعدته على التأسيس وذكرت من بينهم القياديين فيه إلى الآن عماد الدايمي وسليم بن حميدان(1) الذين وصفتهما بأنهما إسلاميّان مكلّفان بمهمة لديهم. بجانب هؤلاء نجد ما سُمّي اللقاء من أجل تونس الذي يحتلّ فيه صلاح الدين الجورشي موقع المفكّر وهو كذلك المكلّف من قبل الجبهة بالتفكير لها وعقد الندوات والورشات ورئاسة خبرائها وكذلك اللقاء الشبابي من أجل الديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة الذي يشارك فيه من موقع القيادة أمان الله ابن المرحوم سحنون الجوهري الذي ترأّس أوّل جلسة لمجلس شورى النهضة سنة 2012 بعد عودة الغنوشي من أنقلترا،  ثم توانسة من أجل الديمقراطيّة التي يؤثّثها قادة الفرع المحلي للتنظيم الدولي للإخوان في تونس ممن أشاعوا قبل مدّة أنهم استقالوا وأبدوا اعتراضاتهم على قيادة الغنوشي الكارثية على تنظيمهم كعبد اللطيف المكي وسمير ديلو بجانب تشكيل مواطنون ضد الانقلاب الذي يسير على نفس خطى من سبقه. وفي المحصلة نجد أن نصف الأحزاب الموجودة في الجبهة هم من القيادات والمنتسبين لحركة النهضة المعلنين ومن مروّجي استقالاتهم منها.

2) قسم تعود أصوله إلى حزب النداء الذي تأسّس على قاعدة مقاومة الإخوان ولكنه غدر بناخبيه وتحالف معهم. والغريب أن القصد من تأسيس  الشقوق التي تكوّنت في ما بعد معالجة الجريمة التي ارتكبها الباجي بتوافقه مع الخصوم التاريخيّين للدولة الوطنيّة بل بقصد الإمعان في خدمة الإخوان من ذلك حزب أمل الذي أسّسته وترأسته مديرة ديوان الباجي واللقاء الوطني للإنقاذ الذي يضمّ بعض المنتسبين لما يسمّى المشروع كالناصفي وبن أحمد وغيرهما. وبجانب هؤلاء نجد حزب قلب تونس الحامل بوفاء منقطع النظير رسالة الباجي في خيانة ناخبيه.

3) قسم شتات تعود أصول بعضه إلى حزب الرياحي كالفتيتي والشواشي عميدة السياحة الحزبية وبعضهم الآخر وصفته سهام بن سدرين في تقريرها بأنه مخبر مأجور كُلّف بتدمير حزب نجيب الشابي ببث الشقاق داخله وهو المدعو الحبيب بوعجيلة وجوهر بن مبارك منتحل صفة أستاذ قانون دستوري منذ 10 سنوات وهو ليس كذلك وفق ما صرّح به أستاذ القانون الدستوري الصغير الزكراوي في برنامج تلفزي(2).

وفي المحصلة نجد أن حركة النهضة هي المتحكّم وقطب الرحى في هذا التجمّع وتأكّدوا أنه لو صدر عن رئيس الجمهورية مجرّد تلميح خفيف ومبطن مؤدّاه مصالحة الغنوشي وإعادته إلى الساحة السياسيّة ولو من خرم إبرة لاندثرت هذه الجبهة ولذهبت إلى غير رجعة.

أما إذا عدنا إلى مضمون ما تدعو إليه الجبهة وما توحي به تسميتها فإننا سنجد العجب العجاب إذ جاء في المعاجم أن الخَلاص والخِلاص هو ما انتفى عنه الغشّ من الذهب أو الفضّة أو الزبد. وجاء في لسان العرب “ما أخلصته النار من الذهب والفضّة وغيره” وهو ما يعني أن هذه الجبهة تعتبر أن قرارات 25 جويلية غبش وفساد وخداع ستقوم بإزالته حتى يعود الذهب والفضة إلى لمعانهما السابق. وتقصد أيام كان الغنوشي رئيسا للبرلمان وأيام كانت حركته تصول وتجول وتقبض التعويضات وتُعيّن المنتسبين اليها ومجرمي ماء الفرق في المناصب العليا للدولة. لذا نعتبر أن وصف هذه المجموعة نفسها بالخلاص من باب التحيّل على المواطنين ومغالطتهم بالسطو على المعاني الكبرى التي ضحّى من أجلها شعبنا بالغالي والنفيس. فالمعركة من أجل الاستقلال وحدها يصحّ وصفها بالخلاص الوطني لأنها حرّرت الوطن وخلّصته من الاستعمار وأذنابه حتى يسترجع أبناؤه سيادته وقراره. وما يقوم به شعبنا ونخبه الخيّرة اليوم من مقاومة أخونة الدولة والمجتمع وإنهاء حكم الإخوان هو في تقديرنا المعركة الفعليّة للاستقلال الثاني التي ستخلصنا من حكم الخونة والدواعش. أمّا النفخ في قِربة جمهورية جديدة مخرومة واستفتاؤها الوهمي فانحراف عن معركة دقّ الأعناق التي يتعرّض لها شعبنا منذ سنة 2011.

———————–

الهوامش

1) https://www.facebook.com/anas.chebbi.9/posts/3058067524249213

2) https://www.facebook.com/anas.chebbi.9/posts/4461827997206485


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING