الشارع المغاربي: اعتبرت جمعية القضاة التونسيين اليوم الخميس 20 اوت 2020 أن “جملة من الاخلالات شابت التوجهات العامة للحركة القضائية 2020 – 2021 الخاصة بالقضاة العدليين من حيث إجراءات إقرارها ومضامينها” مؤكدة ان الحركة “لا تستجيب لمتطلبات الإصلاح القضائي ومختلف الاستحقاقات الوطنية” وانها “تمثل تراجعا عن مكتسبات استقلال القضاء والقضاة وتملصا من الصلاحيات والاستحقاقات الجوهرية لمجلس القضاء العدلي” مطالبة اياه بـنشر جداول أقدمية القضاة وتنقيطهم وبعقد ندوة صحفية لشرح وتفسير رؤيته للحركة والمعايير المعتمدة فيها.
واكدت الجمعية في بيان صادر عنها اليوم نشرته على صفحتها بموقع فايسبوك ان الاخلالات تمثلت من حيث الاجراءات خاصة في “تعمد تسريب مداولات وقرارات مجلس القضاء العدلي وتفاصيل جلساته التي يقتضي القانون أن تكون سرية، بهدف حمايتها من جميع الضغوطات الخارجية ” معتبرة ان ذلك يمثل “سابقة خطيرة من خلال توجيهها للإعلام وفي عملية استباق وفرض للأمر الواقع لتوجهات شق من المجلس على توجهات الشق الآخر” مؤكدة ان ذلك “فتح الباب أمام تأويلات كثيرة حول توظيفات سياسية داخله وأمام التساؤل عن مدى استقلال قراراته عند البت في المسارات المهنية للقضاة خاصة في ما يتعلق بإسناد المسؤوليات القضائية الهامة في إدارة العدالة أو التجريد منها” معتبرة ان ذلك “شكل ضربة كبرى للثقة العامة في القضاء ولثقة القضاة أنفسهم في مؤسسة المجلس ومدى ضمانه الفعلي لاستقلالهم واستقلال القضاء والنأي به عن التجاذبات السياسية والضغوطات الخارجية إلتزاما بدوره الدستوري”.
واشارت الجمعية الى ان التسريبات “تعلقت خاصة بمراجعة خطة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس كإحدى أهم المسؤوليات القضائية في التنظيم القضائي ليلة الإعلان عن الحركة” واصفة ذلك بـ”عملية ارتجال غير مسبوقة” مذكرة بانه تم تداول أخبار حول إسنادها أولا لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالكاف بدلا عن وكيل الجمهورية الحالي وبأن الخطة آلت في الاخير إلى عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس.
ولفتت الى “وجود أنباء مؤكدة حول استبعاد المجلس كل المعايير التي وضعها لمراجعة المسؤوليات من اعتماد تقارير لجان التقييم وتقارير رؤساء القضاة المعنيين وخاصة تقارير التفقدية حول المسلك المهني للقاضي وحول مدى خلوه من الإخلالات المتعلقة بالنزاهة والحياد وانعدام الكفاءة المهنية” متهمة المجلس ب”مواصلة العمل على الحركات القضائية دون وضع مدونة السلوك القضائي بعد أربع سنوات من تركيزه في تجاوز لكل الآجال المعقولة في حين أن المدونة هي من أهم واجباته وصلاحياته القانونية”.
وعابت الجمعية على المجلس عدم اصداره لحد هذا التاريخ تقرير شرح أعماله من خلال الحركة والتدليل على مطابقتها واحترامها للمعايير وأعمال لجان التقييم المقررة سابقا معتبرة ان ذلك “يؤكد عجزه عن إثبات التزامه بالأهداف التي وضعت للحركة وفشله في التدليل على امتلاكه خطة ورؤية للاضطلاع بصلاحياته المتعلقة بضمان حسن سير القضاء من خلال إقرار التسميات والمسؤوليات والنقل والترقيات والتأديب”.
وانتقدت “رفض مجلس القضاء العدلي وازدراءه واجب الشفافية والمساءلة ومواصلة عمله خارج سياق التحولات الديمقراطية التي فرضت على كل السلط والمؤسسات التي تشرف على المرافق العامة أو على جزء منها واجب الإعلام والشرح والتفسير وتقديم الحلول والأجوبة عن شواغل المجتمع والرأي العام حول ما حقق من أهداف الإصلاح أو حول معيقات ذلك بقدر ما منح من صلاحيات واستقلالية” مشيرة بالخصوص الى عدم عقد المجلس أية نقطة اعلامية أو ندوة صحفية إثر إعلانه عن الحركات القضائية التي تمس مباشرة سير العمل ببـ 28 محكمة ابتدائية و87 محكمة ناحية و16 محكمة استئناف وبمحكمة التعقيب وبالمحكمة العقارية وفروعها وبالإدارة المركزية بوزارة العدل وبالمسؤوليات الهامة بها كإدارة الشؤون الجزائية وإدارة الشؤون المدنية والتفقدية العامة فضلا عن المسؤوليات بكل من المعهد الأعلى للقضاء ومركز الدراسات القانونية والقضائية.
واعتبرت ان المجلس “تراجع عن المكسب الذي قالت انه تحقق مع الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بإرساء قاعدة الشفافية عبر عقد ندوة صحفية سنوية حول الحركة” مذكرة ب”مواصلة اعلان المجلس الأعلى للقضاء عن الحركة القضائية خارج الموعد المحدد لها قانونا بموجب أحكام الفصل 47 من قانونه الأساسي رغم تعدد توصيات جمعية القضاة بتلافي هذا الإخلال والتقيد بالقانون”مشيرة ايضا الى “عدم نشر جداول الأقدمية في القضاء وجداول دقيقة بخصوص مطالب إسناد الخطط مع بيان كيفية اعتمادها في تسديد الشغورات المحدثة خلال انجاز الحركة والآليات المعتمدة لتمكين القضاة من التناظر بشأنها على قدم المساواة وجداول النقل لمصلحة العمل”.
واشارت الجمعية الى” مواصلة عدم تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية طعنا في الحركات القضائية السابقة وفي القرارات التأديبية وعدم إنصاف القضاة المشمولين” مؤكدة ان ذلك “لا يتماشى مع مؤسسة ضامنة لحسن سير القضاء واحترام أحكامه وقراراته” وانه “آل إلى مواصلة إحساس القضاة المعنيين بها بالظلم والحيف رغم استصدارهم أحكام قضائية تنصفهم”.
ومن حيث مضامين قرارات الحركة القضائية اعتبرت الجمعية ان الحركة “تضمنت العديد من الخروقات الجوهرية على عدة مستويات” مشيرة بالخصوص الى “عدم الإعلان عن شغورات أصلية في عديد الخطط القضائية التي وقع سدها في الحركة رغم أهميتها من حيث العدد والقيمة في سلم الوظائف القضائية” قالت ان من أبرزها “إسناد 18 خطة قاضي تحقيق أول بعشر محاكم ابتدائية و11 وكيل رئيس أول بتسع محاكم ابتدائية و8 مساعدين أول لوكلاء الجمهورية بسبع محاكم ابتدائية في غياب أي تناظر حولها أو معايير للمفاضلة الموضوعية بين القضاة” وايضا “عدم الإعلان عن الشغورات المستحدثة أثناء إعداد الحركة القضائية في إبانها لتمكين القضاة من الاطلاع عليها والتناظر حولها طبق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بما جعل تلك الخطط خاصة في مستوى الرتبة الثالثة حكرا على قضاة معينين على حساب بقية قضاة تلك الرتبة بما آل إلى قفز عدد من القضاة في سلم الخطط القضائية على زملائهم ممن يتجاوزونهم بسنين في الأقدمية”.
ولاحظت الجمعية “بروز محاباة أعضاء مجلس القضاء العدلي بعضهم لبعض بخصوص التقييم وإسناد المسؤوليات أو مراجعتها والبت في النقل كمحاباة أزواج بعض الأعضاء من القضاة في حلّ تام من واجب تجنب تضارب المصالح وتسجيل حالات نقل قضاة بمسؤولياتهم إلى محاكم بعيدة دون طلب منهم رغم قضاء القضاة المعنيين بها أغلب مساراتهم المهنية في العمل خارج مقرات سكناهم الأصلية” ذاكرة بالخصوص رئيس المحكمة الابتدائية بالكاف ورئيس المحكمة الابتدائية بالقصرين محمد الخليفي مذكرة بأن هذا الاخير طالته النقل التعسفية زمن الاستبداد لدفاعه على استقلال القضاء.
وسجلت الجمعية “تجريد عدد من القضاة بالمحاكم الابتدائية بتونس ومدنين وسوسة وبمحكمة الاستئناف بتونس وغيرها من الخطط القضائية في شكل عقوبات مقنعة خارج إطار المساءلة التأديبية وفي غياب تام للوضوح في تطبيق المعايير المعلن عنها ودون تقييم للأداء طبق مبدأ المواجهة والإنصات وحق الدفاع”.
واعتبرت ان الحركة “انطوت على تفكيك للدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية للمرة الرابعة دون تحسّب للنتائج الخطيرة لذلك بإفراغها من أعضائها الذين تلقوا تكوينا في الغرض سواء بصفة كلية أو جزئية”
ولفتت الى” تواصل خروج القطب الاقتصادي والمالي وقطب مكافحة الإرهاب على أعمال الحركة السنوية العلنية” والى “إبقائهما حكرا على بعض القضاة بعد حركة التعيينات الأخيرة التي تمت لأعضائهما في مفتتح هذه السنة” والى” عدم دعم القطبين في نطاق الحركة القضائية الحالية بالإطار القضائي الضروري والحال أن دعم الأقضية المتخصصة هو من أهم الاستحقاقات الوطنية”.
كما عابت الجمعية على المجلس “عدم الالتزام بسدّ الشغورات المعلنة في الرتب الثلاث عبر المحاكم خاصة بالمحاكم الداخلية والمحكمة العقارية والتمادي في عدم سد الشغورات المتأكدة بعديد الدوائر الجنائية رغم تعهده بذلك ضمن المذكرة التي صاغها تحت عنوان أهداف الحركة القضائية 2020-2021 بتاريخ 2 جوان 2020 وترقية عديد قضاة الرتبتين الثانية والثالثة ممن يشغلون خطة مستشار دائرة جنائية دون تعويضهم” مبرزة ان ذلك “فاقم الفراغ الذي تعاني منه الدوائر الجنائية أصلا بموجب الحركات القضائية السابقة وتمكين بعض المحاكم من فائض في القضاة مقارنة بالشغورات المنصوص عليها صلبها”،
واعتبرت ان المجلس “تمادى في إقرار عديد النقل خارج مقتضيات مصلحة العمل ومخالفة مبدأ عدم نقلة القاضي دون رضاه بتوسيع نطاق تطبيق مقتضيات نقلة القضاة لمصلحة العمل ليشمل 48 قاضيا رغم صبغتها الاستثنائية دون إصدار أي قرار معلل في ذلك ودون نشر أي جداول في الغرض لمراقبة مدى شفافية تلك العملية ومدى تطبيقها في كنف مبدأ المساواة التامة بين القضاة”.
واكدت “ثبوت حالات نقلة لمصلحة العمل لمن كان مشمولا بها في السنوات القليلة الماضية دون أي تبرير أو تعليل مقنع وعدم الاستجابة لمطالب النقل المبررة والمدعمة لعديد القضاة ممن سبقت نقلتهم دون طلب خارج مراكز عملهم السابقة وبعيدا عن مقرات سكناهم لمصلحة العمل رغم قضائهم مدة ثلاث سنوات المنصوص عليها قانونا وأكثر” الى جانب “انعدام الشفافية في مراعاة الحالات الإنسانية والاستجابة لبعض الحالات الخاصة لقضاة دون الآخرين خارج إطار المساواة بينهم وباعتماد المحسوبية مما أدى إلى بروز وضعيات من الحيف والميز في تطبيق ذلك المبدأ”.