الشارع المغاربي: دعا المكتب التنفيذي لجمعية القضاة مساء اليوم الاربعاء 23 سبتمبر 2020 المجلس الأعلى للقضاء والتفقدية العامة بوزارة العدل إلى” تجنب تبادل إلقاء المسؤوليات الواحد منهما على الآخر بخصوص وضعية الوكيل العام بنابل خالد عباس وعدم تقدم الأبحاث في شأنه بتمطيط وتمديد الإجراءات المتعلقة به وتحصينه من كل محاسبة جدية والسماح له باستمرار إضراره بالقضاء وبحسن سيره واستقلاله ونزاهته بما يعيق كل إصلاح قضائي”.
وشدّد المكتب في بيان صادر عنه نشره بصفحته على موقع “فايسبوك” رد فيه على تصريحات الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل خالد عباس على ان تعطيل مسار العدالة الانتقالية وعدم محاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اشارة لخالد عباس لا يعفي بأي حال من الأحوال المجلس الأعلى للقضاء والتفقدية العامة بوزارة العدل من تحمل مسؤوليتهما وممارسة صلاحيتهما في التصدي لتجاوزات الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل.
وأكد أن “تعطيل مسار العدالة الانتقالية وعدم محاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومنها الاعتداء على حق الاجتماع والتعبير وعلى استقلال القضاء زمن الاستبداد أدى إلى تموقع الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بنابل من جديد داخل المؤسسات القضائية وإعادة ارتكاب الانتهاكات الماسة بنزاهة القضاء واستقلاله رغم ما تم نشره في حقه من تقارير سرية لرئاسة الجمهورية زمن الدكتاتورية رفقة التقرير الشامل لهيئة الحقيقة والكرامة والتي كشفت عن حجم تورطه مع سلطة الاستبداد في ارتكاب أفظع الاعتداءات على القانون للانقلاب على الشرعية الانتخابية لجمعية القضاة وإخماد حركة النضال من أجل استقلال القضاء والإصلاح الديمقراطي خدمة لدولة الفساد والاستبداد”.
وأضاف أن “تعطيل ذلك المسار لا يعفي بأي حال من الأحوال المجلس الأعلى للقضاء والتفقدية العامة بوزارة العدل من تحمل مسؤوليتهما وممارسة صلاحيتهما في التصدي لتجاوزات الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل حاليا من خلال التعاطي الجدي مع كل الشكايات المرفوعة عليه باعتبار أهمية وخطورة موقعه في الرقابة على القضاة وسير القضاء داخل المجلس الأعلى للقضاء وعبر الخطة السامية التي يمارسها على رأس النيابة العمومية والحال أنه موضوع شكايات جدية تمس بنزاهة وحياد القضاء واستقلاله”.
وعبّر المكتب عن “شديد استغرابه من استعمال الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل مقر المجلس الأعلى للقضاء وقاعة جلسته العامة في ندوة صحفية خاصة به للرد على قضايا تلاحقه شخصيا ومآخذ تعلقت به ذاتيا والحديث بشأنها في تعد على المجلس كمؤسسة دستورية تسهر على تحقيق مصلحة عامة في حسن سير القضاء واحترام استقلاله لا يمكن توظيفها لخدمة المصالح الخاصة لأعضائه في الانتصاب العلني للدفاع عن أنفسهم وعلى ملفاتهم الخاصة”.
ونبّه إلى “خطورة هذا الاعتداء على مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية لما يمثل من انحراف خطير بها من مؤسسة عامة بوسائل العمل التي وضعت على ذمتها من مخصصات المال العام وأهمها مقرها المستقل تحقيقا لاستقلالها وخدمة لأغراض المصلحة العامة إلى مؤسسة ذات غرض خاص يستعملها الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل لخدمة مصالحه الذاتية في الرد على الشكايات التي تلاحقه والمآخذ التي تنسب إليه في أداء وظائفه القضائية مستغلا في ذلك عضويته بالمجلس”.
وجمّل المكتب بقية أعضاء المجلس “مسؤولية هذا التجاوز للوكيل العام بنابل في العبث بالمكتسبات الدستورية التي ضحت من أجلها أجيال القضاة وعموم التونسيين والتجرؤ على استعمالها لأغراضه ولحساباته الخاصة”.
وجدّد تأكيده على أنه “تعلقت بالوكيل العام بنابل شكايات هي موضوع بحث لدى التفقدية العامة بوزارة العدل” مذكرا بما أكده رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تصريح إذاعي بتاريخ 17 سبتمبر 2020 وعلى جدية تلك الشكايات التي تمس من مبدأ سيادة القانون على الكافة ومن نزاهة وحيادية ممارسة الوكيل العام وظائفه القضائية بمرجع نظر محكمة الاستئناف بنابل ومنها الشكاية المتعلقة بتصديه للتنفيذ الإداري ضد رجل الأعمال الذي تمرد على قرار الحجر الصحي العام في شهر أفريل 2020 فصار بذلك يمثل خطرا على الصحة العامة بعد أن فر من مركز الحجر الصحي بسوسة إلى نابل حيث لم ينفذ عليه قضائيا قرار الخضوع للحجر الصحي الإجباري وذلك تحت إشراف وحماية الوكيل العام المسؤول الأول عن تنفيذ القانون ومساواة الجميع أمامه بمرجع نظره”.
وسجّل المكتب التنفيذي لجمعية القضاة أن “الوكيل العام تولى في استثناء للإجراءات العادية التي تقتضي تقديم الشكايات والإعلامات حول ارتكاب الجرائم إلى وكيل الجمهورية وفي امتياز خص به رجل الأعمال تولي شخصيا قبول شكاية رجل الأعمال المذكور والإذن بفتح الأبحاث فيها (وهي شكاية في الادعاء بالاختطاف ضد وزير الداخلية حينها على خلفية تنفيذ القرار الإداري على رجل الأعمال بإخضاعه للحجر الإجباري مثل سائر التونسيين ) ” لافتا الى ان ذلك” ما أقر به الوكيل العام بكل بساطة في ندوته الصحفية في تجاهل تام للصلاحيات العادية لوكالة الجهورية وما يثير هذا الاستثناء من شبهات محاباة رجل الأعمال في تمرده على القوانين وتراتيب الحجر الصحي”.
من جهة أخرى أشار المكتب الى ” القضايا الأخرى التي أثارت الرأي العام والتي عرفت مسارات إجرائية غير عادية بمرجع نظر محكمة الاستئناف بنابل تحت إشراف الوكيل العام وبضغوطات منه وذلك بتمطيط الإجراءات فيها من خلال فتح الأبحاث التحقيقية دون اتخاذ قرارات الإيقاف الوقتية أو اتخاذ تلك القرارات بصفة متأخرة تحت ضغط الرأي العام”معتبرا أنها “قضايا تتعلق بجنح وليست قضايا جنايات يحال مرتكبوها في السير العادي للإجراءات على الدوائر الجناحية وتتخذ في شأنهم قرارات الإيقاف الوقتي كقضايا حوادث المرور القاتلة لتفادي ردود الأفعال العنيفة إثر القتل وقضايا التحرش الجنسي في محيط المؤسسات التربوية لخطورة تلك الممارسات لما تمثل من عنف ضد الفتيات التلميذات وعلى التلاميذ عموما ومنهم القصر وعلى أمن المجال التربوي وهي قضايا تعلقت كلها بأشخاص من المنتسبين إلى أحزاب السياسية أو من أعضاء السلط العامة أو من رجال المال والأعمال أي بأصحاب النفوذ” ملاحظا ان “كل هذه القضايا من خلال متابعتها تشير بقرائن موضوعية مشهودة من العموم على معاملة خاصة حظيت بها هذه الملفات مما يمس مساسا فادحا بمبدأ مساواة المتقاضين أمام القانون وأمام المحاكم”.
وأفاد بأنه” أشعر المجلس الأعلى للقضاء بتلك الشكايات التي هزت الثقة العامة في القضاء وأعلمه بشكل مباشر بما يمارس الوكيل العام من ضغوطات على بعض قضاة دائرة محكمة الاستئناف بنابل ممن اتصلوا بجمعية القضاة لإبلاغها بما يحصل من مساس بمبدأ سيادة القانون والمساواة أمامه أو للاستنجاد بها لحماية استقلالهم من تجاوزات الوكيل العام وقد كان إشعار المجلس بكل ما بلغ إلى علم الجمعية من مصادر قضائية خاصة من أجل حث المجلس على الاضطلاع بدوره في استحثاث الأبحاث لدى التفقدية وفي مراجعة المسؤوليات القضائية بناء على تقييم الأداء الذي يخضع له القضاة في نطاق الحركة القضائية”.
ولاحظ المكتب في بيانه أن “قمة ما وصل إليه الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل من الاستخفاف بالرأي العام محاولته بث المغالطات حول فترة عمل رئيس جمعية القضاة بالمحكمة الابتدائية بقفصة التي تزامنت مع محاكمات ضحايا الحوض المنجمي المنتفضين على أوضاع الحيف الاجتماعي والفساد والمحسوبية والتي كان خلالها رئيس الجمعية أنس الحمادي عضو الهيئات الحكمية التي أنصفت الضحايا بأحكام بعدم سماع الدعوى وبطلان إجراءات التتبع والتي أشادت هيئات الدفاع بندرتها في الشجاعة والاستقلالية والتطبيق السليم للقانون كل ذلك في وقائع مشهودة تكذب زيف ادعاءات الوكيل العام الذي لم يجد من طريقة للدفاع عن نفسه غير أن يلصق برئيس جمعية القضاة ما اقترفه هو من تجاوزات وخروقات جسيمة تشهد عليها الوقائع الثابتة والحجج الدامغة من خلال الوثائق الرسمية في أرشيفات رئاسة الجمهورية وتقرير هيئة الحقيقة والكرامة”.
ولفت الى ان ” تحمل جمعية القضاة التونسيين مسؤولياتها في عدم التغطية على تجاوزات الوكيل العام بعد ثبوت تعثر المعالجة المؤسسية لوضعه بالمجلس الأعلى للقضاء والتفقدية العامة بوزارة العدل وتحديد المآخذ في شخصه دون تعميم ولا لبس أو غموض لا يمس عموم القضاة بل هو من جوهر ضمانات صون الثقة العامة في القضاء بالتصدي لكل خرق أو تجاوز “.
وأكد المكتب في ختام بيانه على “مواصلة متابعته للموضوع إلى حين اتخاذ مساره الطبيعي في التحقيق مع الوكيل العام والوصول إلى نتائج تحفظ للقضاء هيبته وتصون ثقة العموم فيه” .