الشارع المغاربي – حركة النهضة: هل بدأ العدّ التنازلي لملف الجهاز السري؟ بقلم د. المنصف السليطي

حركة النهضة: هل بدأ العدّ التنازلي لملف الجهاز السري؟ بقلم د. المنصف السليطي

16 مارس، 2019

الشارع المغاربي : كثافة الأحداث المتلاحقة على الصّعيد الوطني بمختلف مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية لم تمنع هيئة الدفاع عن شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي المكلفة سياسيا من قبل حزبي الوطد الموحد وحركة التيار الشعبي بفرض العديد من الملفات في الساحة السياسية ومن أبرزها «وجود جهاز سري لحركة النهضة ضالع في اغتيال الشهيدين» والزخم الإعلامي والسياسي والقانوني الذي رافق تحركات الهيئة أدى في النهاية الى طرح الملف من جديد على القضاء بل ووصل إلى أيدي مجلس الأمن القومي. وإن أصبح مطلب معرفة الحقيقة والإطلاع على مجريات الأمور والتفاصيل الدقيقة والكشف عن الجناة ومن يقف وراءهم مطلبا وطنيا وحتى دوليا وإن كانت رغبة كبيرة وجامحة لحل عقده وألغازه فإن كثرة التوظيف السياسي للملف لخدمة أغراض حزبية وحتى انتخابية وتحديد الفاعل مسبقا حتى قبل ان تكون هناك ادلة ثابتة وقرائن وأحكام نهائية بدأت تعطي مفعولا عكسيا وتضر بقضية الشهيدين في حد ذاتها.
وبعد صمت طويل فسره البعض على أنه تورط حقيقي للنهضة وبالتالي ليس لها ما ترد به وحدده آخرون بأنه بطلب من الحكومة لاحتواء الملف وشرحه محامي مصطفي خذر بشر الشابي في إطلالته الإعلامية الأخيرة بأنه من باب التأني للإطلاع على كامل الملف الذي ظل شهرين وهو ينتظر الحصول عليه بينما كان في حوزة هيئة الدفاع عن شكري بلعيد منذ مدة-مع انه ملف سري تابع للقضية – وتحصلت عليه بطرقها الخاصة جدا وبعد صمت طويل وفي أول خروج علني لمحامي مصطفى خذر وفي غفلة من الزمن ومن القناة التي لم تكن تنتظر هذه الحقائق المربكة في الملف، استطاع بتدخله أن يلفت الانتباه إلى ثغرات منطقية وقانونية في التعامل مع الملف ويدخل شكوك كبرى في مصداقية الهيئة وحرصها على التوظيف السياسي للملف واستند على وثيقة حقيقية موجودة في ملف مصطفى خذر وقدمتها الهيئة بشكل انتقائي وأوضح مثلا بأنها اعتمدت المغالطة بوقوفها عند “ويل للمصلّين” وذلك عندما أظهرت للعموم مبلغ 300 مليون كقسط أوّل حصل عليه قاتل شكري بلعيد وغفلت عن ذكر اسمين على صلة بالمبلغ هما حمّة الهمّامي وكمال لطيّف….. في حين أنّه لا ذكر في الوثيقة لعلاقة حركة النهضة من قريب ولا من بعيد بالمبلغ الماليّ المذكور ولكن المهم وبغض النظر عن محتوى الوثيقة وما جاء فيها من تفاصيل خاصة وأن عنونها “من الخيال” وأخذت معطياتها من عند عراف كما يقدمها صاحبها وهي أقرب إلى التخمينات إلا أن المنهجية التي تعاملت بها الهيئة مع هذه الوثيقة هي محل إشكال وجدال وإذا ثبت تلاعب هيئة الدفاع عن الشهيدين بوثيقة واحدة في قضية مصطفى خذر وما سمي بالجهاز السري إلى هذا الحد.. انهارت مصداقية التمشي بأكمله.. فهذا يمثل مدخلا لا يستهان به في الطعن في موضوعية وحياد ما يقدم من معلومات ومعطيات تنقلها للرأي العام بمفردها وبدون فرز ولا تمحيص إلا المناشدين للمزيد من هذا النوع من البضاعة.

وتونس تحتاج اليوم إلى معرفة الحقيقة كاملة بدون زيادة ولا نقصان وإذا كانت حركة النهضة فليكن ذلك وتتحمل الأطراف الضالعة في الأمر مسؤوليتها وإذا لم تكن الحقيقة كذلك وبعد البت في هذا الأمر من القضاء او لجنة تحقيق أوهيئة دستورية فيجب الكف عن هذا العبث وهذه المغالطات وفي كل الحالات الأمر يصبح موضع انحياز وشك عندما يأتي من لجان حزبية تنصب نفسها مصدرا للحقيقة بينما هي ضالعة في خدمة الأجندات السياسية لأحزاب منافسة لحركة النهضة ورافعتها هو المشغل الانتخابي وهذا التمشي المغالط للرأي العام والمساهم في تزييف الوعي والتلبيس على الناس يزيد من حالة الاحتقان والاستثمار في الحقد والكراهية ويثقل كاهل البلاد التي ترزح أصلا تحت مشهد سياسي يعيشُ حالة من التردي والفوضى وحالة من الاستقطابات الإقصائيّة، البعض منها بلغ درجة الدعوة إلى الاستئصال المدمّر لكلّ القيم والمبادئ.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING