الشارع المغاربي – حول الإطاحة بتاجر آثار مزيّف : حين يتعمّد المصدر الأمني مغالطة الرأي العام!!

حول الإطاحة بتاجر آثار مزيّف : حين يتعمّد المصدر الأمني مغالطة الرأي العام!!

قسم الأخبار

20 يناير، 2018

 

الشارع المغاربي – قسم المتابعات والتحاليل الإخبارية : تناقلت العديد من المواقع الإلكترونية، عشيّة اليوم السبت 20 جانفي 2018، تصريحًا لمصدر أمني بولاية بنزرت بشأن تمكّن فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالجهة من الإطاحة بتاجر آثار متحيّل بمنطقة أوتيك وحجز مجموعة من التماثيل المزيّفة لديه. وهو خبر يُثير الاستغراب والدهشة بالنظر إلى ما يتضمّنه من تلاعب بالرأي العام من جهة ومن خطابٍ متستّر على بعض الجناة من جهة أخرى.

وقد أوضح المصدر الأمني، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنّ مصالح الفرقة الأمنية المذكورة تلقت شكاية من أحد المواطنين حول تعرّضه للتحيّل من قبل الشخص المعني، فتجنّدت للإطاحة به ثم ألقت القبض عليه أمس بمنزله بأحد مناطق معتمدية “أوتيك” بعد تحصّنه بالفرار في مناسبتين، مُبيّنا أنّ الموقوف اعترف بقيامه بالتحيّل على المواطن صاحب الشكاية وغيره من المواطنين من خلال التفويت لهم في تماثيل نحاسية على أنّها أثريّة. وهنا تحديدا يكمن بيت القصيد حول التلاعب المقصود.

فقد نسج “المصدر الأمني لوكالة الأنباء الرسمية” سيناريو كامل لِيُقنع الرأي العام بفداحة جرم أحد المواطنين ثبت بيعه تماثيل نحاسية مزيّفة وليست تماثيل ذات قيمة أثرية وتاريخية. أمّا من أراد اقتناء قطع أثريّة حقيقية فهو حرّ طليق، رغم أنّه قدّم دليلا رسميًا على أنه اقتنى تماثيل كان يعتقد أنّها أثرية فعلا وذلك من خلال الشكوى التي تقدّم بها إلى الحرس الوطني.

وبصرف النظر عن كون المتّهم في هذه القضية هو “محلّ تفتيش لفائدة الجهات الأمنية والسجنية” ومن الواجب أن ينال جزاء أفعاله، فإنّ ترويج تماثيل لا قيمة أثريّة وتاريخيّة لها يُفترض ألاّ يكون أمرًا ممنوعًا، لاسيما أنّ مختلف أسواق الصناعات التقليدية في تونس تغصّ بمثل تلك التماثيل، بل وتُباع للسيّاح وللتونسيين في أحيان كثيرة على أنّها قطع أثرية حقيقيّة.

ومع أنّ الجانب الأمني من شأنه تبرير ذلك بأنّ الإشكال في هذه القضية يكمن في ممارسة فعل “التحيّل” الذي يمنعه القانون طبعا، فإنّه كان عليه والحال تلك الإعلان أيضا عن إيقاف صاحب الشكوى أو على الأقلّ التحقيق معه، باعتباره قد كشف ارتكابه لجرم اقتناء تماثيل أثرية حقيقية انكشف في ما بعد أنّها مزيّفة. وهو ما يعني أنّه أبدى استعداده العملي للاتجار في آثار البلاد، ولا شيء يؤكّد كذلك عدم إقدامه على مثل هذه الممارسة غير القانونية وملاحقة تجار الآثار في مناسبات سابقة.

وفي المحصّلة، فإنّ الخطاب الأمني يُفترض أن يكون قائما على الوضوح وتحديد المسؤوليات لا الاعتماد على المواربة والتلاعب. وهذا طبعا لا يُخفي بأيّ حال من الأحوال الإنجازات التي حقّقتها وتحقّقها الوحدات الأمنية المختلفة في اقتفاء أثر مجرمي الاتجار بالآثار وبتاريخ تونس العريق، وآخرها الإطاحة بشبكة إجرامية بولاية صفاقس كان بحوزتها عدد كبير من القطع الأثرية الثمينة تعود إلى العصر الروماني.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING