الشارع المغاربي – حول‭ ‬تصريح‭ ‬سفير‭ ‬فرنسا‭ ‬بتونس‭ :‬ارتباك‭...‬أم‭ ‬ابتزاز؟ / بقلم جمال الدين العويديدي-مختص في الاقتصاد والتنمية

حول‭ ‬تصريح‭ ‬سفير‭ ‬فرنسا‭ ‬بتونس‭ :‬ارتباك‭…‬أم‭ ‬ابتزاز؟ / بقلم جمال الدين العويديدي-مختص في الاقتصاد والتنمية

قسم الأخبار

29 مارس، 2023

الشارع المغاربي: تتالت‭ ‬مؤخرا‭ ‬تصريحات‭ ‬مفزعة‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬عدة‭ ‬جهات‭ ‬غربية‭ ‬أمريكية‭-‬أوروبية‭ ‬بصفة‭ ‬مُكثفة‭ ‬وبنفس‭ ‬المصطلحات‭ ‬التي‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬احتمال‭ ‬انهيار‭ ‬‮”‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‮”‬‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يشترط‭ ‬صدور‭ ‬ما‭ ‬سُمّي‭ ‬‮”‬قانون‭ ‬الحوكمة‮”‬‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬العمومية‭ ‬التونسية‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الأجور‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭ ‬ورفع‭ ‬الدعم‮»‬‭. ‬

وهي‭ ‬مطالب‭ ‬ترافقها‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬مطالب‭ ‬أخرى‭ ‬اقترحها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬التبادل‭ ‬الحر‭ ‬الشامل‭ ‬والمعمق‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تضغط‭ ‬هذه‭ ‬الأطراف‭ ‬الغربية‭ ‬لتحقيقها‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬تاريخ‭ ‬حصول‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬تفويض‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬الترويكا‭ ‬للتدخل‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التونسي‭ ‬بعد‭ ‬التدخل‭ ‬الأول‭ ‬سنة‭ ‬1964‭ ‬والتدخل‭ ‬الثاني‭ ‬سنة‭ ‬1986‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬‮”‬برنامج‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الهيكلية”‮.

ما‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭ ‬أن‭ ‬صيحات‭ ‬الفزع‭ ‬كانت‭ ‬تترافق‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬نوايا‭ ‬الاستعداد‭ ‬‮”لتغطية‭ ‬حاجيات‭ ‬تونس‭ ‬الإضافية‭ ‬من‭ ‬التمويلات‮”‬‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬امتثلت‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬لشروط‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬المذكورة‭ ‬سابقا‭ ‬بتكرار‭ ‬وبدون‭ ‬ملل‮ ‬‭ ‬مستعملة‭ ‬سياسة‭ ‬‮”‬العصا‭ ‬والجزرة‮”‬‭ ‬بطريقة‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬خدش‭ ‬لكرامة‭ ‬وسيادة‭ ‬تونس‭ ‬وشعبها‭. ‬

صيحات‭ ‬الفزع‭ ‬هذه‭ ‬دشنها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬ثم‭ ‬تلاها‭ ‬تدخل‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيطالية‭ ‬جورجيا‭ ‬ميلوني‭ ‬التي‭ ‬أوفدت‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬بلادها‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬تصريحاتها‭. ‬واختُتمت‭ ‬مُؤخرا‭ ‬بتدخلات‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬التي‭ ‬سوق‭ ‬لها‭ ‬بسرعة‭ ‬السفير‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬عبر‭ ‬تصريحه‭ ‬الأخير‭ ‬لوكالة‭ ‬تونس‭ ‬إفريقيا‭ ‬للأنباء،‭ ‬كانت‭ ‬جميعها‭ ‬تترافق‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬نوايا‭ ‬الاستعداد‭ ‬‮”‬لتغطية‭ ‬حاجيات‭ ‬تونس‭ ‬الإضافية‭ ‬من‭ ‬التمويلات‮”‬‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬امتثلت‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬لشروط‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬المذكورة‭ ‬سابقا‭ ‬بتكرار‮»‬‭ ‬مستعملة‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬العصا‭ ‬والجزرة‮»‬‭. ‬

رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيطالية‭ ‬التجأت‭ ‬إلى‭ ‬فزاعة‭ ‬تفاقم‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انهيار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬ووعدت‭ ‬بتقديم‭ ‬وديعة‭ ‬لدى‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لتسهيل‭ ‬عملية‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬تونس‭. ‬طبعا‭ ‬مع‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬شروط‭ ‬التعاقد‭ ‬مع‭ ‬المؤسسة‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭. ‬كما‭ ‬عرض‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيطالي‭ ‬تقديم‭ ‬مبلغ‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬بعنوان‭ ‬تسهيلات‭ ‬مالية‭ ‬لخزينة‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭. ‬

كما‭ ‬سارع‭ ‬السفير‭ ‬الفرنسي‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬بلاده‭ ‬‮”‬مُستعدّة‭ ‬لتغطية‭ ‬حاجيات‭ ‬تونس‭ ‬الإضافية‭ ‬من‭ ‬التمويلات‭ ‬بعنوان‭ ‬سنتي‭  ‬2023‭ ‬و2024‭ ‬ وأن‭ ‬تمويلات‭ ‬بقيمة‭ ‬250‭ ‬مليون‭ ‬أورو‭ ‬متوفرة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬صرفها‭ ‬لتغطية‭ ‬الفجوة‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬البلاد‭.  ‬

كما‭ ‬أعلن‭ ‬‮”‬عن‭ ‬استعداد‭ ‬بلاده‭ ‬أيضا،‭ ‬لتحفيز‭ ‬المُموّلين‭ ‬الدوليين‭ ‬بهدف‭ ‬دعم‭ ‬تونس‭ ‬ومساعدتها‭ ‬على‭ ‬سداد‭ ‬حاجياتها‭ ‬من‭ ‬التمويلات‭ ‬الإضافية‮ ‬‭.” ‬يعني‭ ‬حقيقة‭ ‬تصريحات‭ ‬لا‭ ‬تُصدق‭ ‬لأنها‭ ‬توحي‭ ‬وكأن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المُموّلة‭ ‬لديها‭ ‬قابلية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الضغوط‭ ‬الأوروبية؟‭ ‬

وقد‭ ‬أكد‭ ‬أيضا‭ ‬بطريقة‭ ‬تبعث‭ ‬للاستغراب،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأطراف‭ ‬الأوروبية‭ -‬الامريكية‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬‮”الوضعية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وميزانية‭ ‬تونس‭ ‬مُعرّضة‭ ‬إلى‭ ‬تعقيدات‭ ‬جمة‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭. ‬وكأن‭ ‬الموضوع‭ ‬غير‭ ‬معلوم‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات؟‭        ‬

كما‭ ‬أضاف‭ ‬السفير‭ ‬الفرنسي‭ ‬كلاما‭ ‬خطيرا‭ ‬مصرحا‭ ‬‮”‬نحن‭ ‬مُقتنعون‭ ‬بعدم‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ ‬بديلة‭ ‬لذلك”‮ ‬‭. ‬وهو‭ ‬تصريح‭ ‬يحيلنا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬سابقا‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتخطيط‭ ‬التونسي‭ ‬بأنه‭ ‬‮”‬لا‭ ‬يملك‭ ‬بديل‭ ‬على‭ ‬تدخل‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬لدولي‭ ‬في‭ ‬تونس‮”.‬‭ ‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭: ‬هل‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬‮”‬المنهار‮” ‬‭ ‬للاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معلوما‭ ‬لده‭ ‬الجهات‭ ‬المتكشفة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شاردة‭ ‬وواردة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬وليس‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬والحال‭ ‬ان‭ ‬أدواتها‭ ‬الفعالة‭ ‬والمتداخلة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مفاصل‭ ‬المؤسسات‭ ‬والإدارات‭ ‬الوطنية‭ ‬مثل‭ )‬جي‭ ‬زاد‭-‬GIZ‭  ‬الألمانية)‭ ‬‮”‬والوكالة‭ ‬الفرنسية‭ ‬للتنمية‮ ‬‭ ‬‮”‬وتوأمة‭ ‬المركزي‭ ‬الفرنسي‭  ‬والبنك‭ ‬المركزي‭ ‬الإيطالي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬مع‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تواجد‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬والبنك‭ ‬الدولي‭ ‬اللصيق‭ ‬تعتبر‭ ‬غير‭ ‬مطلعة‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي؟‭  ‬

وأخيرا‭ ‬تصريح‭ ‬السفير‭ ‬الفرنسي‭ ‬كشف‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬الطرف‭ ‬الأوروبي‭ ‬معني‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬بمآل‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬الوطنية‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الانتظار‭ ‬بشغف‭ ‬صدور‭ ‬الامر‭ ‬الرئاسي‭ ‬المتعلق‭ ‬بقانون‭ ‬حوكمة‭ (‬بمعنى‭ ‬قانون‭ ‬تسهيل‭ ‬التفويت‭ ‬والخصخصة‭) ‬لهذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬برئاسة‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬صادق‭ ‬عليه‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوقيع‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‮»‬‭. ‬

بالطبع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬بينة‭ ‬وعلى‭ ‬علم‭ ‬بانهيار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬باستدراج‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الهاوية‭ ‬عبر‭ ‬اتفاق‭ ‬شراكة‭ ‬غير‭ ‬متكافئ‭ ‬وعبر‭ ‬الضغط‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬لعدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بحق‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬قوانين‭ ‬الحماية‭ ‬التي‭ ‬تكفلها‭ ‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬للتجارة‭ ‬والقانون‭ ‬الأساسي‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬وكذلك‭ ‬الفصل‭ ‬35‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬الشراكة‭ ‬الموقع‭ ‬سنة‭ ‬1995‭ ‬.

ارتباك‭ ‬الطرف‭ ‬الأمريكي‭-‬الاوروبي‭ ‬نتيجة‭ ‬التغيرات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بنهاية‭ ‬هيمنة‭ ‬القطب‭ ‬الأحادي

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والسعودية‭ ‬في‭ ‬بيكين‭ ‬برعاية‭ ‬الصين‭ ‬مثل‭ ‬حدثا‭ ‬عالميا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬نحو‭ ‬تكريس‭ ‬وضح‭ ‬حد‭ ‬للهيمنة‭ ‬الأحادية‭ ‬التي‭ ‬استفردت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬أدخل‭ ‬ارتباكا‭ ‬كبيرا‭ ‬داخل‭ ‬المحور‭ ‬الامريكي‭-‬الأوروبي‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬يسارع‭ ‬في‭ ‬لملمة‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستقطبه‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬تبدو‭ ‬تونس‭ ‬البلد‭ ‬الرخو‭ ‬بحكم‭ ‬انهياره‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وبحكم‭ ‬تواجد‭ ‬أرضية‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وإعلامية‭ ‬سانحة‭ ‬للضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬توفره‭ ‬من‭ ‬امتيازات‭ ‬متعددة‭ ‬استراتيجيا‭ ‬وعمليا‭. ‬خاصة‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بصفة‭ ‬تونس‭ ‬شريك‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬توقيعه‭ ‬بقرار‭ ‬أحادي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭. ‬وهو‭ ‬اتفاق‭ ‬احادي‭ ‬الطرف‭ ‬يمنح‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬كل‭ ‬التسهيلات‭ ‬للتدخل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬تطويق‭ ‬الجزائر‭ ‬بعد‭ ‬التطبيع‭ ‬الذي‭ ‬وقعه‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬يعلن‭ ‬ان‭ ‬تونس‭ ‬تتعرض‭ ‬إلى‭ ‬مؤامرة‭ ‬وانه‭ ‬مستعد‭ ‬للوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭.  ‬

وهو‭ ‬بالمناسبة‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬إليه‭ ‬الحلف‭ ‬الأمريكي‭-‬الأوروبي‭ ‬لدفع‭ ‬تونس‭ ‬نحو‭ ‬التطبيع‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬باتت‭ ‬تتراجع‭ ‬فيه‭ ‬حالات‭ ‬التطبيع‭ ‬التي‭ ‬بان‭ ‬فشلها‭ ‬بعد‭ ‬الاتفاق‭ ‬السعودي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تقارب‭ ‬حثيث‭ ‬مع‭ ‬الجمهورية‭ ‬السورية‭.        ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬ما‭ ‬أعلن‭ ‬عليه‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬إعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وسوريا‭ ‬اعتبره‭ ‬الطرف‭ ‬الأمريكي‭-‬الأوروبي‭ ‬خطوة‭ ‬نجو‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬المحور‭ ‬الجديد‭. ‬خاصة‭ ‬اثر‭ ‬تصريح‭ ‬السفير‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬ترفض‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬التونسية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬الارتباك‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬بتنسيق‭ ‬تصريحات‭ ‬تهديد‭ ‬بانهيار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬

هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يتبلور‭ ‬يتطلب‭ ‬خطوات‭ ‬جريئة‭ ‬تتعلق‭ ‬بضرورة‭ ‬المطالبة‭ ‬بفتح‭ ‬ملف‭ ‬تداعيات‭ ‬اتفاق‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬كثرت‭ ‬فيه‭ ‬الوعود‭ ‬ولم‭ ‬تصل‭ ‬على‭ ‬التنفيذ‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬وهو‭ ‬يعتبر‭ ‬عنصر‭ ‬ضغط‭ ‬مهم‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهيمنة‭ ‬الطرف‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬الوطنية‭. ‬كذلك‭ ‬موضوع‭ ‬المطالبة‭ ‬بإلغاء‭ ‬قنون‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الصادر‭ ‬سنة‭ ‬2016‭ ‬والمطالبة‭ ‬بتسعير‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬المنوال‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬المغرب‭ ‬عبر‭ ‬تسعير‭ ‬الدرهم‭ ‬بطريقة‭ ‬ملتصقة‭ ‬لليورو‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬انهيار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬المغربي‭ ‬جراء‭ ‬انهيار‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬مثلما‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬تونس‭ ‬اثر‭ ‬انهيار‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭.‬

*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 28 مارس 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING