الشارع المغاربي-منى المساكني: على عكس ما تروج باستمرار حكومة يوسف الشاهد بخصوص نجاحها على مستوى انتعاش القطاعات وتطوير مؤشرات المالية العمومية وانقاذ البلاد من التردي في العجز المالي وتهاوي المؤشرات الاقتصادية، ابرزت معطيات وثيقة رسمية اعدتها الوزارات المعنية بالشأن الاقتصادي وحصل عليها “الشارع المغاربي” ان السياسات المالية وخطة تمويل الاقتصاد الوطني سيما لسنة 2019 اتصفت بطابع يعكس التباينات المسجلة على صعيد تطور الوضع الاقتصادي الكلي في علاقة بضعف نسق النمو وعدم تطور الاستثمار والتصدير، وفق النسق المرغوب.
كما ورد في الوثيقة التي تحمل عنوان “الميزان الاقتصادي لسنة 2020” وانجزت في اكتوبر 2019 من قبل وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ، ان المؤشرات تفيد بتواصل ضغوطات التمويل بسبب تراجع الادخار وشح السيولة لدى الجهاز المالي، من جهة واستمرار الضغوطات المرتبطة بعجز ميزانية الدولة والمديونية والعجز الجاري لميزان المدفوعات ومستوى التضخم، من جهة أخرى. وسيتم العمل بذلك خلال السنة القادمة في إطار المخطط الاستراتيجي الثلاثي للفترة 2019-2021 على تطوير اليات السياسة النقدية وادواتها التحليلية والاتصالية قصد مزيد التحكم في التضخم والمساهمة الفعالة في تحقيق التوازنات الجملية والمالية.
وينتظر في هذا الشأن مزيد تطوير آليات ادارة السياسة النقدية لإضفاء نجاعة أكثر على المعاملات بين البنوك في السوق النقدية والتوجه نحو تركيز مقومات البعد المستقبلي والاستشرافي بترسيخ التوقعات وتعزيز فعالية الأدوات المتاحة في احتواء الآثار التضخمية مما يعني ان التوجه متأكد على صعيد التأثير مجددا على نسبة الفائدة البنكية بالترفيع فيها (7.85% حاليا دون اعتبار هوامش البنوك التي تصل الى 6%) وذلك بالتوازي مع عدم التدخل في تعديل الاسعار ومنظومات الاستهلاك وهو ما سيكون له انعكاس كارثي على المقدرة الشرائية والاستثمار والتشغيل ويعني الزيادة في أسعار المواد الاساسية والادوبة.
ومن دون شك، فإن اقرار مثل هذا المخطط الموصوف بانه استراتيجي – بمعنى انه لا يمكن تغييره او التراجع عنه – لا يعدو ان يكون سوى مناورة خطيرة للغالية لـ “تلغيم” الميدان الاقتصادي والاجتماعي في جانب اخر، جرى التوضيح – حرفيا – بانه سيتم طيلة فترة المخطط الثلاثي تدعيم عمليات الخوصصة الجزئية أو الكلية لعدد من المؤسسات الكبرى العاملة في عدة قطاعات حيوية وهي بالتأكيد تلك الناشطة في الطاقة والبنوك العمومية والنقل والصحة، اذ لم تبق الا هذه المجالات التي لم تخوصص مؤسساتها رغم انها مؤسسات منهارة بالكامل حيث تقدر خسائرها بنحو 6800 مليون دينار وسيكون التفويت فيها بالبيع مجرد عملية محاسبية للتفريط فيها بابخس الاثمان لا غير على غرار مؤسسات سابقة وذلك عموما لفائدة قناصي الفرص من المضاربين والسماسرة.
وبينت الوثيقة ان الخوصصة تتضمن التفويت في مساهمات الدولة ببعض الشركات العمومية، والشركات المصادرة، دون ذكرهما، مما يدل على ان السلطات المالية تعيش اقصى درجات “الشفافية” و”الوضوح” ويهدف ذلك حسب ما تضمن المخطط الى تحسين مؤشرات البورصة والارتقاء بالرسملة السوقية إلى 50% من الناتج الاجمالي.
وفي ذات السياق، ينتظر تكثيف نشاط السوق البديلة بتخفيف شروط وتكاليف الادراج ومواصلة تجربة “Investia PME” التي انطلقت في موفى سنة 2018 لتمتد خلال السنوات الثلاث القادمة مما يعني فتح البورصة التونسية لصغار المستثمرين، وهو ما يغذي مخاطر البحث عن الارباح السريعة ويفاقم من امكانيات انهيار المنظومة البديلة في البورصة باعتبار الهشاشة المالية والبشرية لعدد كبير من المؤسسات المتوسطة والصغرى في تونس والتي لا تتجاوز فترة وجودها 7 سنوات، في اقصى الحالات، وفق دراسات وتقارير وكالة النهوض بالصناعة و التجديد.