الشارع المغاربي – خطير: بيانات المعهد الوطني للإحصاء.. أو في الافصاح عن الشيء ونقيضه !

خطير: بيانات المعهد الوطني للإحصاء.. أو في الافصاح عن الشيء ونقيضه !

قسم الأخبار

4 ديسمبر، 2019

الشارع المغاربي- منى المساكني: نشر المعهد الوطني للإحصاء بيانه الشهري اواخر شهر نوفمبر 2019 حول تطور مؤشر القطاع الصناعي لشهر سبتمبر 2019، ابرزت معطياته تراجع حجم الانتاج الصناعي خلال شهر سبتمبر من السنة الجارية بنسبة 3.8% بحساب الانزلاق السنوي (أي بين فترتين تفصل بينهما سنة).

وارجع المعهد هذا الانخفاض الى التراجع في قطاعات الطاقة والمواد الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس والجلد ومواد البناء والخزف والبلور ونجارة الخشب والطاقة وتكرير النفط بنسبة مهمة وقياسية تناهز 67%.

واوضح المعهد، في المقابل، ان ارتفاع المؤشر يقتصر على قطاعات الصناعات الفلاحية والغذائية والكيمياء والمناجم وذلك بنسب متفاوتة، ويرجع الامر حسب البيانات المفصح عنها الى تحسن انتاج الفسفاط – بعد ان كان في مستوى جد مترد في نفس الفترة من سنة 2018 – الى جانب اختتام الموسم الفلاحي سيما في ما يخص محاصيل الحبوب وزيت الزيتون والتمور. ومن هنا، فان المقارنة هي فعليا ومن الناحية الاحصائية الصرفة من قبيل مقارنة الوضع السيئ  بما هو أسوا منه، لا غير.

غير ان متابعة وضعية القطاع الصناعي تؤكد بالاعتماد على بيانات المعهد ان المنحى التنازلي لنسق نمو هذا القطاع قد بدا منذ مدة، اذ تراجع مؤشره في اواخر الثلاثي الاول من العام الحالي بنسبة 2.1 % لتتفاقم الوضعية في نهاية النصف الاول، من ذات السنة، حيث انزلق بنحو 4.3 % وانخفض على التوالي في شهري جويلية وأوت المنقضيين بـ 3 و 4.3 %.

وتؤكد، في جانب اخر، وكالة النهوض بالصناعة والتجديد في مذكرتها لشهر اكتوبر 2019 ان النوايا المصرح بها في مجال الاستثمار في القطاع الصناعي قد تقلصت، طيلة الاشهر العشر الاولى من العام الحالي، بنسبة 20.6 % وبلغت 2458.5 مليون دينار مما اثر على احداثات مواطن الشغل المرتقبة لتتقلص بنسبة 16.9% على مستوى هذا القطاع الحيوي وذلك في كافة انحاء البلاد.

ولكن المعهد الوطني للإحصاء اصدر يوم امس الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 نشرية احصائية، يمكن التأكيد على ان بياناتها مغايرة ومتضاربة، اجمالا وبشكل صارخ، مع المعطيات الاحصائية سالفة الذكر وهي التي نشرها ذات المعهد وكذلك وكالة الصناعة، اذ اوضحت هذه النشرية الصادرة عنه تحت عنوان “نتائج سبر اراء رؤساء المؤسسات الصناعية حول وضع وافاق نشاط مؤسساتهم – الثلاثية الثالثة من سنة 2019” ان الانتاج الصناعي سجل تحسنا خلال الثلاثية الثالثة من سنة 2019 مقارنة بالثلاثية الثانية من نفس السنة.

والغريب في الامر ايضا، انه تم التشديد من قبل المؤسسة الاحصائية – رغم الوضعية المزرية للصناعة في البلاد خصوصا منذ 2011 وهي التي تعكرت بشدة بعد توقيع اتفاقيات عديدة في التسعينات اثر غلق 10 الاف مؤسسة وخسارة 400 الف موقع عمل – على ان اصحاب المصانع الذي جرى اختيارهم للاستجواب، في سياق سبر اراء حسب منهجية كشفها معهد الاحصاء، يتوقعون في خصوص انتاج مؤسساتهم خلال الثلاثية الرابعة من سنة 2019 تسجيل استقرار في نسق نمو الانتاج الصناعي مقارنة بالثلاثية الثالثة من نفس السنة.

ومن ناحية اخرى، يعبر بناء على ما ورد في النشرية مؤشر رصيد الآراء المتعلق بالطلب الموجه للمواد الصناعية خلال الثلاثية الثالثة من سنة 2019 عن تحسن في الطلب الاجمالي وهو ما يتناقض مع تراجع نسبة مؤشر انتاج القطاع الصناعي بنسبة 3.8 %. كما ابرز سبر الآراء في ما يخص الانتاج للثلاثية الرابعة من سنة 2019 انه من المتوقع ان يبلغ مؤشر اراء الصناعيين خلال الثلاثية 37 %. اما التوقعات فقد بلغت 36 % خلال الثلاثية الثالثة.
وعموما، فقد اوضح سبر الآراء ان كافة المعطيات في علاقة بالطلب الخارجي والوضع العام للقطاع الصناعي هي ايجابية وذات منحى تصاعدي.

من المؤسف مرة اخرى، ان تسعى السلطات في تونس على غرار وزارة المالية التي تقدمت بمشاريع قوانين مالية وميزانيات – ان وجدت فعلا – تعج بالمناورات المحاسبية واللبس لدى كافة المتابعين للشأن الاقتصادي الوطني من نواب ومسؤولين ومختصين وهيات مالية دائنة لفسح المجال لإصدار معطيات متناقضة ومثيرة لإشكالات كبرى في علاقة بمعايير موضوعيتها ومنهجية اعداده وخصوصا مسار نزاهتها.

ولا ينبغي التفكير بأن تونس في معزل عن متابعة شركائها في ارجاء المعمورة لتطور اوضاعها اقتصاديا واجتماعيا سيما ان هذه الاطراف تتابع كل تفاصيل المعلومات الحساسة واساسا اقتصادية الطابع. وفي صورة مواصلة هذا التمشي الذي يقوم على الغموض والتناقض، فان مصداقية البلاد ومؤسساتها المحورية المهترئة ستصبح مفقودة او تكاد على اكثر من صعيد.

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING