الشارع المغاربي – دراسة - حجمه يفوق مئات المليارات سنويا: القوانين التونسية تشرّع للفساد في قطاع الصحة !

دراسة – حجمه يفوق مئات المليارات سنويا: القوانين التونسية تشرّع للفساد في قطاع الصحة !

قسم الأخبار

1 يوليو، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعدواي: ابرزت دراسة حديثة أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالتعاون مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بعنوان “الحق في الصحة زمن جائحة كوفيد-19” أن الفساد في القطاع الصحي يحتل دائما المراتب الثلاثة الأولى ضمن أكثر القطاعات فسادا.

ففي تقرير صادر سنة 2019 عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد احتل القطاع الصحي المرتبة الثالثة ضمن القطاعات الأكثر عرضة للفساد وذلك حسب 41.9 بالمائة من المستجوبين. أما تقرير مدركات الفساد في تونس الصادر في 2018 ضمن استطلاع لـ “افروباروميتر” فقد قدّر أن 11 بالمائة من التونسيين مستعدون لدفع رشاوى للحصول على خدمات صحية.

وقد اكدت العديد من الدراسات واستطلاعات الرأي الأخرى في سنوات سابقة هذه النتائج، وفقا للدراسة، وهو ما يثبت الصورة السلبية للقطاع الصحي في ذهن التونسي التي لا تقتصر على مجرد انطباع عام اذ اكدت مختلف التقارير الرسمية التي تتابع ملفات الفساد أهمية حجمه بما فيها تلك الصادرة عن محكمة المحاسبات أو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وغيرها من هياكل الرقابة الرسمية بالإضافة إلى تقارير الصحافة الاستقصائية التي فضحت الفساد في قطاع الصحة. ورغم عدم توفر أرقام من المحاكم حول عدد قضايا الفساد في هذا الميدان فإنها عديدة وشغل أغلبها الرأي العام على غرار قضية وفاة الرضع في مستشفى الرابطة أو اللوالب القلبية الفاسدة وقضايا سرقات الأدوية.

وتم التأكيد على ان حجم الرشاوى الصغيرة في القطاع أي تلك التي يدفعها المرضى او ذويهم لأعوان الصحة يناهز 450 مليون دينار سنويا دون اعتبار أموال أخرى طائلة تتعلق بالفساد في الصفقات العمومية وفي صناعة الادوية وسرقتها وتهريبها وكذلك على مستوى تطويع القطاع الصحي الخاص للمنظومة العمومية لخدمته والانتدابات المشبوهة والمحسوبية وغيرها من الظواهر التي تنخر كافة اركان القطاع.

وخصصت الدراسة قسما مهما بعنوان “كيف تشرع القوانين للفساد ؟” أوضح انه “يتم تأطير نشاط القطاع الصحي بمجموعة من القوانين المهمة التي جاءت أساسا لتنظيم الخدمات الصحية، لكن سرعان ما تحوّلت هذه التشريعات إلى مدخل للفساد والتجاوزات بسبب عدم تطبيقها”. ويمكن في هذا المجال تقديم مثال النشاط الخاص التكميلي الذي أصبح أحد أهم مجالات الفساد في القطاع العام. فهذا النشاط الذي تم إقراره منذ سنة 1995 لتشجيع أطباء القطاع العام على مواصلة النشاط في المستشفيات العمومية مقابل القيام بنشاط خاص بمقابل، تحوّل سريعا إلى إجراء يطغى عليه الفساد مثلما يؤكد ذلك ارتفاع عدد المخالفات المسجلة وتحول نشاط العديد من الأطباء في المستشفى العمومي إلى نشاط ثانوي في غياب احترام إجراءات وشروط ممارسة هذا النشاط التكميلي الخاص.

وقد رصدت محكمة المحاسبات، وفقا للمنتدى، عديد التجاوزات في هذا المجال، كحصول رئيس قسم على مبلغ 132 ألف دينار مقابل قيامه بـ 381 تدخلا طبيا بإحدى المصحات الخاصة بين 2018 و2020 دون ترخيص لممارسة نشاط خاص تكميلي، وانتفاع 66 طبيبا بمبلغ قدره 1،5 مليون دينار دون وجه قانوني بعنوان أعمال طبية تم إنجازها في مصحات خاصة بناء على تراخيص منتهية الصلوحية. والملاحظ بشأن هذه التجاوزات أن الإدارة لم تعد قادرة على التحكم في هذا النشاط الذي أصبح تقريبا خارج السيطرة. كما انه ورغم إثارة كل التقارير الرقابية التي تعرضت للتجاوزات في المستشفيات فان الإدارة عاجزة عن ردع هذه المخالفات التي تعد استغلالا للوظيفة للحصول على منفعة شخصية.

يذكر ان القطاع الصحي العمومي يعاني، بشكل حاد، نتيجة الفساد وسياسات التقشف المتواصلة من تدهور كبير لبنيته التحتية وهو ما يستمر مع الحكومة الحالية سيما انها خفضت ميزانية وزارة الصحة للعام الحالي بـ16 بالمائة مقارنة بسنة 2021، مكتفية بتخصيص نفقات تقدر بـ3.2 مليارات دينار، مقابل 3.8 مليارات دينار، السنة السابقة، في ظرف لا يزال الوباء يطرح تحديات كبيرة على القطاع الذي اوشك على الانهيار في السنة المنقضية بسبب تفشي الفيروس، مما تسبّب في وفاة أكثر من 25600 تونسي.

ولم يتم رصد أي مخصّصات مالية لإنشاء مشاريع صحية كبرى بما في ذلك مشروع المدينة الصحية بولاية القيروان الذي يتبناه الرئيس قيس سعيد وتحدث عنه في أكثر من مناسبة.كذلك لا تكشف الميزانية عن أية اعتمادات خاصة لمكافحة كورونا، رغم تحذيرات الاطارات الطبية من إمكانية تصاعد العدوى مجدداً وتسجيل موجة وباء جديدة ناتجة عن تفشي متحوّرات مستجدة.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING