الشارع المغاربي : في خضم الجدل حول ملف القطاع العام وتحذيرات الاتحاد العام التونسي للشغل من مساعي الحكومة للتفويت في عدد من المؤسسات العمومية ، أجمع مشاركون في ندوة عقدت اليوم الخميس 3 ماي 2018 من تنظيم “كونكت” وباشراف من رئاسة الحكومة على ضعف مردودية المؤسسات العمومية وتسببها في تكبيد الدولة خسائر بآلاف المليارات.
وتمت الاستعانة بالمدير السابق المكلف بالمؤسسات العمومية والخوصصة بوزارة المالية بالمغرب عبد العزيز الطالبي للتسويق لنجاح تجربة المملكة في مجال الخوصصة ، مقدما الانعكاسات الايجابية لهذا التوجه على اقتصاد المغرب.اذ اشار المسؤول وهو أيضا خبير محاسب إلى ارتكاز الإقتصاد المغربي على الخوصصة ومبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص قصد تعزيز التنافسية ودفع مستوى الخدمات في مختلف القطاعات، قائلا “تبقى الممتلكات للدولة ويتكفل الخواص بالتدبير وبذلك تجني كل الأطراف أرباحا.
وأكد الطالبي أن الخوصصة لا تعني بيع المؤسسات العمومية فقط بل تهدف كذلك إلى عقلنة وتهيئة هذه المؤسسات للعمل ضمن مناخ تنافسي ملائم لدفع كل الأنشطة الإقتصادية المنتجة وخاصة إزالة الإحتكار وإرساء تكامل وتبادل بين القطاعين. وبيّن إمكانية خوصصة المؤسسات على مراحل مذكرا ببيع 35 % من رأس مال شركة الإتصالات المغربية لمستثمرين أجانب ، والتي قال انها تحتل المرتبة الثانية من حيث حجم الإستثمار وذلك في مرحلة أولى قبل ان يتم ادراجها في البورصة في مرحلة ثانية.
وأضاف “تساهم الدولة حاليا بنسبة 30 % لا غير في رأس مال شركة الإتصالات بعد إدراجها في البورصة وفسح المجال أمام كل المستثمرين”، مؤكدا أن نحو 98 % من الموظفين يمتلكون أسهما في هذه الشركة التي قال انها تسجل تطورا ملحوظا في الأرباح.
ولفت إلى أن الدولة المغربية تستأثر ببعض المؤسسات على غرار السكك الحديدية والطيران الجوي وإنتاج المياه وان المؤسسات الخاصة تعتني بعدة مجالات على غرار توزيع الماء والتطهير وإنتاج 70 % من الكهرباء وتوزيعه.
أما المدير العام المكلف بمتابعة انتاجية المؤسسات العمومية برئاسة الحكومة، شكري حسين، فقد لفت الى تأزم وضعية المؤسسات العمومية التي قال ان مرابيحها تدهورت لتمر من 1176 مليون دينار في 2010 إلى 1116 مليون دينار سلبي سنة 2016 مؤكدا إرتفاع كتلة أجور المؤسسات المذكورة من 2580 مليون دينار في 2010 إلى 4000 مليون دينار سنة 2016، واشار في سياق متصل الى تسجيل زيادة في هذه الكتلة بـ 80 بالمائة في نفس الفترة ببعض المؤسسات على غرار المجمع الكيميائي وشركة فسفاط قفصة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للحيطة على المرض.
وواصل “زاد كذلك عدد الموظفين في المؤسسات العمومية ليصل الى 190 ألف شخص سنة 2016 مقارنة بنحو 94 ألف موظف في 2010”.
من جانبه أكد رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة (كونكت) طارق الشريف، أن المؤسسات العمومية كبدت الدولة خسارة تناهز 7000 مليون دينار من سنة 2014 إلى 2016 وانها لم تساهم سوى بنسبة 9.5 % في الناتج الداخلي الخام (2016).
وأشار الشريف، في ندوة اليوم حول “المؤسسات العمومية: الواقع والتحديات والآفاق” في العاصمة، الى أن المجموعة الوطنية ساهمت، خلال نفس الفترة، بحوالي 609 11 ملايين دينار لدعم الإستغلال والإستثمار في المؤسسات العمومية وان كتلة الأجور في هذه المؤسسات بلغت 240 11 مليون دينار، حسب ما نقلت عنه وكالة تونس افريقيا للأنباء.
وعرض الشريف ما قال انه حلول لتخطي هذا “الواقع” من ذلك إعادة هيكلة المؤسسات العمومية، أو خوصصتها أو تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص معتبرا أن الوضع الحالي لا يسمح للدولة بتحمل الخسائر المادية السنوية والمتكررة لهذه المؤسسات.
ولفت الى ضرورة انسحاب هذه المؤسسات أو تقليص مساهماتها في بعض القطاعات على غرار دعم المواد الغذائية والحدّ من مساهماتها في شركة الخطوط التونسية والبنوك العمومية الثلاثة (بنك الاسكان والبنك الفلاحي والشركة التونسية للبنوك)، لتحسينها وإعادة دفعها من قبل الخواص.
من جهته قال مدير عام كتب التدقيق “أرنست أند يونغ ” نور الدين الحاجي، في تقديمه لدراسة حول أداء المؤسسات العمومية تم إعدادها سنة 2016، “إن 5 مؤسسات تسببت في 89 % من نسبة تراجع مداخيل المؤسسات العمومية وهي المجمع الكيميائي وشركة الاتصالات التونسية وشركة الفولاذ وشركة فسفاط قفصة والشركة التونسية للأنشطة البترولية”.
وأبرز، في نفس الدراسة التي شملت 92 مؤسسة عمومية من جملة 212 مؤسسة، تقلص دعم الدولة لهذه المؤسسات ليمر من 732 2 مليون دينار سنة 2010 إلى 207 2 مليون دينار في 2016.
وتابع “أظهرت هذه الدراسة أن الخروج من هذه الإشكالية وإستعادة المستوى المعقول لنشاط المؤسسات العمومية يستدعيان ضخ الدولة ما يقارب 6.5 مليارات دينار”.
وكان الطبوبي قد كشف في احتفالية العيد العالمي للشغل ان الحكومة تسعى للتفويت في بنك الاسكان والوكالة الوطنية للتبغ والوقيد وشركة عجيل والشركة التونسية للملاحة.