الشارع المغاربي : دافعت رئاسة الحكومة اليوم الخميس 17 جانفي 2019، عن اعتمادها التسخير في الاضراب العام اليوم والذي رد عليه امين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي في كلمة ألقاها من مقر المنظمة بتصعيد قائلا “بلوه واشربو ماه” معلنا اعتزام المنظمة مقاضاة رئاسة الحكومة لدى منظمة العمل الدولية.
وفي دفاعها عن قرار التسخير أكدت رئاسة الحكومة أنها “ارتأت اللجوء إلى آلية التسخير على خلفية الإضراب العام في قطاعي الوظيفة العمومية والقطاع العام طبقا للتراتيب الجاري بها العمل وللفصل 389 من مجلة الشغل “مشيرة إلى ان” هذا الفصل لم يحدد أجلا لإصدار أمر التسخير الذي نصت عليه مجلة الشغل” ، مضيفة أن “الفصل 389 نص على إمكانية تسخير مؤسسة أيا كانت أو عملتها بمقتضى أمر إذا تقرر إضراب أو صد أو شرع فيه وكان من شأنه أن يخلّ بالسير العادي للمؤسسة”.
وأوضحت رئاسة الحكومة في بيان نشرته وكالة تونس افريقيا للانباء أن “الفصل 107 من المجلة الجنائية نصّ على أن أمر التسخير يصدر قبل يوم أو يومين من موعد الإضراب المعلن عنه وتقع الدعوة للعمل به في حال صدوره”.
ولفتت إلى انها “لم تصدر أمر التسخير قبل أسبوع لسعيها للتوصل إلى حل قبل انتهاء المفاوضات بينها وبين الاتحاد العام التونسي للشغل وانها احترمت الآجال القانونية لإصدرا هذا الأمر قبل يوم من موعد الإضراب”.
وبخصوص القطاعات الحيوية التي شملها أمر التسخير ذكرت رئاسة الحكومة انها “مرجع نظر للسلطة التقديرية للحكومة وذلك وفق الفصل 5 من الأمر 50 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ والصادر في 26 جانفي 1978”.
وعن طرق التبليغ بإجراءات التسخير ذكرت رئاسة الحكومة ان “المشرع أرجع للسلطة التقديرية لأعضاء الحكومة طريقة التبليغ “مضيفة ان “الحكومة ارتأت طريقة الاعلام الجماعية امام تشبثها من جهة بمواصلة المفاوضات الى حدود 24 ساعة قبل تاريخ الاضراب وحرصها على التوصل لاتفاق مع الطرف النقابي من جهة اخرى”
وقد صدر أمس الأربعاء بالرائد الرسمية للجمهورية، أمر حكومي عدد 38 لسنة 2019، يتعلق بتسخير بعض الأعوان التابعين لبعض الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية، تزامنا مع تنفيذ الإضراب العام يوم غد الخميس 17 جانفي 2019.
من جانبه وصف المحامي والقاضي الاداري السابق احمد صواب في قراءة قانونية اللامر الصادر يوم امس الاربعاء عن رئاسة الحكومة والذي يهم قرار التسخير بالمخالف بداهة للدستور وللقانون بصفة قال إنها فجة وفاحشة لافتا الى انه تم الاستناد لاصداره الى فصول منها ما صدر خلال الفترة الاستعمارية واخرى خلال فترة حكم بورقيبة .
واوضح صواب في تصريح لـ”الشارع المغاربي” اليوم الخميس 17 جانفي 2019 انه بصفة مبدئية يعتبر قرار التسخير افراغا لحق الاضراب كاشفا ان “الاستناد الى فصول من مجلة الشغل لاقراره لا يستقيم باعتبار ان المجلة لا تنطبق الا على الموظفين بالمنشآت العمومية وبالقطاع الخاص ولا تنطبق على أعوان الوظيفة العمومية”.
وتابع ” رئاسة الحكومة استندت أيضا عند اصدار القرار الى الفصلين 107 و136 من المجلة الجزائية وهي الأقدم وصدرت سنة 1913 ولم يتم تنقيحهما منذ صدورهما خلال الفترة الاستعمارية والغاية من ذلك وقتها التحوط من كل عمل نقابي في اطار التحرر الوطني اي انه كانت هناك نية استعماريه ” وذكر صواب بان الفصلين صدرا قبل دستور 1959 الذي نص على الحق النقابي وعلى حق الاضراب.
ولاحظ انه في تفعيل الفصلين 107 و136 خرقا لدستور 1959 وخاصة لدستور 2014.
واضاف” استندت رئاسة الحكومة في أمر التسخير الى مجلة الشغل وتحديدا الى الفصلين 389 و390 والمجلة بفصليها صدرت خلال فترة حكم بورقيبة ويمكن القول انهما وان كان فيهما احترام لروح دستور 1959 فانهما يخالفان بداهة دستور 2014 الذي اقر مسألتين هامتين الاولى في الفصل 36 منه والمتعلقة باقرار حق الاضراب والثانية في الفصل 49 الذي نص على ان الحق مضمون لكنه ليس مطلقا وقدم اسباب الانقاص من الحقوق لكن دون المساس بجوهرها” .
وقال في نفس السياق ” هناك مراعاة عند الحد من الحقوق لمقتضيات الامن العام والدفاع العام والصحة العامة او الآداب العامة وفي قرار التسخير هناك 3 وزارات ومؤسسات عمومية معنية منها وزارتي التجهيز والفلاحة ولا نرى أن في الاضراب بالوزارتين المذكورتين مسا من الامن او الدفاع العام ” مشيرا الى وجود مصالح يمكن فيها اصدار تسخير على غرار مستشفيات او مصالح رقابة اقتصادية.
واعتبر ان أمر التسخير خالف شروط الحد من الحق والتناسب بين التحديدات وأسبابها أي بين أمر التسخير وأسباب اقراره خالصا الى ان في الامر الحكومي خرقا للسدتور الى ان الهيئات القضائية والدستورية وتحديدا المحكمة الدستورية تتكفل بمقتضى الفصل 49 بحماية الحقوق من اي انتهاك بما في ذلك حق الاضراب .وذكر في سياق متصل ان المحكمة الادارية اقرت الاضراب في الوظيفة العمومية عندما كان غير مصرحا بقانون.
واكد ان “القرارات الادارية كالقانون يجب ان تراعي ضوابط الفصل 49 من الدستور مقدما كمثال على ذلك الحكم الصادر عن المحكمة الادارية بقابس والذي ألزم الوالي بحق مخرج في تصوير فيلم بعد ان منعه من ذلك “.
وقال صواب ان في الامر الحكومي انحراف بالسلطة والاجراءات وان ذلك تم من خلال “تسخير مصالح الدولة من قبل رئاسة الحكومة بتحويلها المطبعة الرسمية الى آلية تهديد تستعملها لخدمة مصالحها فقط” مبينا ان ا”لانحراف الثاني يتعلق بالسرعة الكبيرة في اصدار الامر الحكومي في نفس اليوم الذي تم اقراره ” .
وشدد صواب على ان الفصول التي استندت اليها رئاسة الحكومة في اصدار الامر تتضمن مجتمعة السجن لمدة سبع سنوات مفسرا ذلك بالقول” الفصل 390 من مجلة الشغل ينص على السجن بين شهر وسنة لمخالفي امر التسخير والفصل 107 من المجلة الجزائية ينص على عقوبة تصل الى سنتين والفصل 136 من نفس المجلة ينص على 3 سنوات سجنا يعني ان رئاسة الحكومة تتصرف بطريقة مرتعشة بالتهديد وفي ذلك ترهيب بـ3 عقوبات سجنية في 3 فصول وهذا يعني أيضا ان النية موش صافية ..وعمليا يستحيل تطبيق هذه العقوبات “.
وتابع ” هناك خرق كبير للدستور والقانون وانحراف بالسلطة والاجراءات بتحويل التسخير الى اجراء عام وهذا يعكس ارتباكا كبيرا .. ويعكس ايضا قرينة واقعية تؤكد ان من وراء هذا الامر ومن نصح رئيس الحكومة لا يعرف لا القانون ولا تاريخ البلاد والاتحاد وهو بمثابة الانتحار القانوني والسياسي”.
وحول اعلان اتحاد الشغل مقاضاة الحكومة بسبب أمر التسخير ومآلات ذلك ، أكد صواب انه ينتظر ان “توجه منظمة العمل الدولية توبيخا شديد اللهجة للحكومة شبيها بذلك الذي صدر من مجلس حقوق الانسان بجنيف بخصوص الموقوف صابر العجيلي” مشددا على ان ذلك يمس من مصداقية تونس وعلى انه سيزيد من التوجس الذي قال انه يسود المجتمع المدني والمنظمات من تقليص الحريات.