الشارع المغاربي – رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات: سعيّد نكث وعوده ولا يُعقل أن يحدّد شخص واحد مصير بلد بأكمله

رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات: سعيّد نكث وعوده ولا يُعقل أن يحدّد شخص واحد مصير بلد بأكمله

قسم الأخبار

21 يونيو، 2022

الشارع المغاربي-حاورها : محمد الجلالي: اكدت نايلة الزغلامي رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ان رئيس الجمهورية قيس سعيد نكث وعوده بعد ان وعد بالمحافظة على الدستور مع اجراء تنقيح طفيف واعتماد مقاربة تشاركية مشددة على ان الرئيس اصبح في تناقض تام مع ما اعلن عنه في السابق.

الزغلامي اشارت في حوار أسبوعية “الشارع المغاربي” معها الى ان مشاكل تونس لا تتلخص في دستور وانما في برنامج اجتماعي واقتصادي يخرجها من ازمتها الخانقة مبرزة ان التحالف المدني الذي يتكون من جمعية النساء الديمقراطيات والاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة الصحفيين ومنتدى تونس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سيعلن في قادم الأيام عن برنامج متكامل لتصورات المنظمات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والحقوق والحريات وحرية الصحافة.

الى ماذا خلصت مشاورات جمعية النساء الديمقراطيات مع اتحاد الشغل ونقابة الصحفيين ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟

لقاؤنا كتحالف مدني كان من أجل تنسيق المواقف والتحرك المشترك دفاعا عن مبادئ الدولة الوطنية المدنية والديمقراطية. وسيكون لنا اجتماع خلال هذا الأسبوع سيخصص للخبراء للنظر في البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لاتحاد الشغل مع إمكانية ادخال إضافات تتعلق ببعض المكاسب النسوية كالمساواة في الميراث والتناصف في التعيينات وفي الانتخابات فضلا عن حرية الصحافة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية. وينتظر ان يتم في قادم الأيام عقد ندوة صحفية للإعلان عن البرنامج قبل طباعته في كتيبات وتوزيعه بصفة واسعة.

ما الغاية من هذا البرنامج في ظل انتهاء اللجنة الاستشارية من كتابة مشروع دستور تسلمه أمس الاثنين رئيس الجمهورية قيس سعيد؟

جمعية النساء الديمقراطيات مازالت متمسكة بدستور 2014 خاصة في بابيه الأول والثاني المتعلقين بالمبادئ العامة وبالحقوق والحريات بل ان رئيس الجمهورية قيس سعيد أصبح في تناقض تام مع ما سبق ان أعلن عنه. ألم يؤكد في الامر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية على تواصل العمل بتوطئة الدستور وببابيه الأول والثاني وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع أحكام هذا الأمر؟ نحن كنا ومازلنا مع تنقيح دستور 2014 مع عدم المس بما تم الالتزام به خاصة في ما يتعلق بمدنية الدولة وبحرية الضمير والمساواة التامة والفعلية واعتماد التناصف في الهيئات الانتخابية ولا نرى اية ضرورة لكتابة دستور جديد. ثم ان مشاكل تونس لا تتلخص في دستور بل في برنامج اجتماعي واقتصادي. وفي هذا السياق يأتي انخراطنا في التحالف المدني الذي يضم أيضا اتحاد الشغل ونقابة الصحفيين والمنتدى الاقتصادي والاجتماعي. مع العلم ان برنامجنا الذي سيقدم رؤية مشتركة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها سيكون موجها للحكومة.

كنتم من الأطراف التي رحبت بإجراءات 25 جويلية… 2021 ما الذي تغير حتى تختاروا معارضة مسار رئيس الجمهورية؟

يوم 26 جويلية 2021 وبعد يوم واحد من اتخاذ الإجراءات الاستثنائية كنت من بين الشخصيات التي التقاها الرئيس. حينها أكدنا له اننا متخوفون على الحريات وعلى الدولة المدنية والمسار الديمقراطي فطمأننا بانه سيعتمد مقاربة تشاركية لكننا فوجئنا بانه اختار تمشيا مخالف تماما. بل حتى الاستشارة الوطنية التي اجراها منيت بفشل ذريع والأخطر من ذلك انه تم اعداد نتائجها مسبقا. ثم أسس على هذه النتائج مسارا كاملا وأصدر أوامر رئاسية ومراسيم وكوّن لجانا ونظم حوارا استشاريا. لقد طالبنا بحوار تقريري وتشاركي وسعينا لتقديم حلول انطلاقا من مقاربتنا النسوية الحداثية او اعتمادا على خارطة الطريق التي انجزها اتحاد الشغل او الورقة الاقتصادية التي أعدها المنتدى او مقاربة نقابة الصحافيين لحرية الصحافة والتعبير حتى تخرج البلاد من أزمتها الخانقة لكن المسار كان انفراديا.

عمليا كيف سيتعاطى التحالف المدني مع المستجدات السياسية المتسارعة بانطلاق العد التنازلي للاستفتاء على دستور جديد؟

سيكون لجمعية النساء الديمقراطيات تحرك مرتقب لحشد أكبر عدد ممكن من منظمات المجتمع المدني التي تقاسمنا الرؤية الكونية لحقوق الانسان وتؤمن بالمساواة والعدالة الاجتماعية وتتشبث بشعار: “لا تراجع… لا استفتاء على الحريات وحقوق النساء”. وسنعمل على توجيه رسالة مفتوحة الى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والى الرأي العام الوطني والدولي للاحتجاج على التركيبة الذكورية للهيئة ولسرد الاخلالات القانونية التي تشوب عملها. اما بالنسبة للتحالف المدني فلن يستبق الاحداث بل سيتعاطى مع تطور الأوضاع في حينها ولكن تبقى المقاطعة هي الخيار بما اننا لا نعتبر هذا المسار تشاركيا او ديمقراطيا على ان تكون مقاطعة نشيطة لكامل المسار لأنه شهد اخلالات قانونية بالجملة. نحن من البداية ضد طريقة تنصيب هيئة الانتخابات وضد طريقة عملها وخاصة ضد مسألة التسجيل الالي الذي يعتبر كارثيا بأتم معنى الكلمة لأنه سيفسح المجال للبعض للتصويت أكثر من مرة وسيعتمد على قاعدة بيانات غير محيّنة للمسجلين بمن فيهم الموتى وغير المعنيين بالانتخابات لأسباب قانونية بحتة. كيف لنا ان نشارك في استفتاء بني على سيناريو واحد ونتيجة واحدة هي التصويت بنعم؟ هل تطرقت المراسيم الرئاسية لفرضية التصويت بلا؟ هل وضعت تصورا قانونيا وسياسيا لمرحلة ما بعد الاستفتاء في صورة التصويت برفض الدستور؟ ورغم موقفنا الرافض للمسار ستسعى جمعيتنا لمراقبة عمليات الاقتراع على هذا الدستور الذي لا نعلم عنه شيئا الى حد الآن.

كيف تقبلتم كجمعية تطرق رئيس الجمهورية للحياة الشخصية لإحدى القاضيات عند إعلانه عن عزل 57 قاضيا؟

للأسف لمسنا تعديا صارخا من رئيس الجمهورية على الحقوق والحريات. فحين يعتمد خطابا قائما على التقسيم بين النساء وحين يؤكد يوم 13 اوت أي يوم عيد المرأة التونسية انه ضد المساواة في الإرث وحين يرفض اعترافه بالمثليين نتأكد ان الدستور الجديد لن يتضمن حماية لهذه الحقوق والحريات وانه سيلغي حرية الضمير وانه لن تكون هناك مساواة في المواطنة ما دام لا يعترف بالمساواة في الإرث وانه سيضرب كل الحريات الفردية. بل حتى اذا نص مشروع الدستور الجديد على كل هذه الحقوق والحريات قد نجد انفسنا امام نسخة معدّلة وفق قناعات الرئيس لا وفق ما تمت صياغته من قبل اللجنة الاستشارية. هل يعقل ان يحدّد شخص واحد مصير بلد بأكمله ؟ هل يعقل ان يكون شخص واحد هو “الفاتق الناطق” والحاكم بأمره في رسم مستقبل بلد؟ لا يمكن تجميع كافة السلط بيد شخص واحد يكون هو الحاكم بأمره ويصبح هو الخصم والحكم في نفس الوقت.

كنتِ مؤخرا من بين مؤسسي اللجنة المدنية للدفاع عن استقلال القضاء… هل لك ان تحددي دور هذه اللجنة في ظل الازمة العاصفة بين رئاسة الجمهورية والقضاة؟

يأتي تأسيس هذه اللجنة في ظل تعسّف واضح من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية كانت نتيجته عزل 57 قاضيا دون تمكينهم من حقهم في الطعن بما يهدّد استقلال القضاء ويضرب مبدأ الفصل بين السلط. ثم ان سيرورة الاحداث التي انطلقت بقرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء المنتخب واستبداله بمجلس مؤقت معيّن في فيفري 2022 أصبحت تمس من ضمانات استقلالية القضاء وتهدد المسار المهني للقضاة دون أيّ احترام لحقوقهم الدستورية الدنيا وخاصة حق التقاضي وحق الدفاع وقرينة البراءة وحماية الحياة الخاصة للأفراد. كانت لنا خلال الأسبوع المنقضي زيارة للقضاة المضربين في انتظار تحركات أخرى بعد التنسيق مع كل الأطراف المنضوية تحت هذه اللجنة. مع العلم اننا لا ندافع عن الفاسدين او الإرهابيين او الضالعين في تسفير الشباب الى سوريا او المتلاعبين بالقضايا او الحاصلين على منافع ومصالح خارج الأطر القانونية بل مع محاسبتهم بعيدا عن أي تشف او انتقام او وصم اجتماعي أو اخلاقي. هل يعقل ان يتهم رئيس الجمهورية بعض القاضيات بالزنا؟ كيف يسمح لنفسه بالتعدي على الحريات الفردية للأشخاص ما دامت بعيدة عن الفضاء العام؟ هذا الخطاب يرسي محاكم تفتيش على أجساد النساء والكرامة والشرف ليسا بين افخاذ النساء بل في لقمة عيش كريمة وفي اجر عادل وفي عدالة اجتماعية واقتصادية وفي تفادي الوصم الاجتماعي والأخلاقي. لماذا تتواصل الوصاية على أجساد النساء ويستمر الاستنجاد بالايحاءات الجنسية للنيل من شرف المرأة؟ نحن مع محاسبة من يتجاوز القانون ومن يقترف أي تجاوز يتحمل مسؤوليته امام محاكمة عادلة يكون له فيها الحق في الدفاع عن نفسه.

من مفارقات اللحظة السياسية ان جمعية النساء الديمقراطيات باتت في نفس التوجه مع حركة النهضة بخصوص معارضة مسار سعيد؟

صحيح ان كلانا يعارض مسار الرئيس لكن ذلك لا يعني البتة ان نتقاطع في كل الرؤى والمواقف ولا يعني اننا تحالفنا ضده. نقاط التقاطع التي تجمعنا هي ان المسار برمته محفوف بعديد الاخلالات وأننا في حالة استثناء وأننا نبحث عن مقاربة تشاركية ولكن هذا لا يعني تحالفنا مع النهضة “لأنو بيناتنا دم” ولا نتقاسم معها نفس الرؤية المجتمعية. ثم ان اتهامنا بالاصطفاف الى جانب حركة النهضة هو حق اريد به باطل. نحن كجمعية اتخذنا خطا ثالثا يرفض تزكية مشروع الرئيس بحلاله وحرامه ويأبى التحالف مع حركة النهضة او حتى الاصطفاف مع مشروع عبير موسي.ولو اختار الرئيس مسارا تشاركيا لا يلغي الاجسام الوسيطة ويصغي للنخب ولو سعى لعدالة اجتماعية حقيقية ولو دفع نحو إرساء برنامج اجتماعي واقتصادي للوصول بالبلاد الى بر الأمان ولو لم يحتكر كل السلطات لما اتجهنا رفقة اتحاد الشغل ونقابة الصحفيين والمنتدى الاقتصادي والاجتماعي نحو خط ثالث. والخطير ان الرئيس لا يملك تصورا لمشروع مجتمعي حديث ومستنير لبناء دولة تحترم الحقوق والحريات العامة والفردية وتضمن العدالة والمساواة بل استغل ظرفا استثنائيا لتأسيس جمهورية جديدة. هو نكث وعوده بعد ان تعهد بان يحافظ على دستور 2014 الذي كتب بدماء الشهداء فنسفه ليصوغ مشروعا جديدا لا يرتقي لمرتبة دستور. لكل هذا لا يمكن لنا مناصرة قيس سعيد او الدفاع عن مشروعه او القبول بما اتخذ من إجراءات.

ما حقيقة محاولة ضرب وحدة جمعية النساء الديمقراطيات باستدعاء اربع من اعضائها لاجتماعات الجنة الاستشارية؟

لقد تمت دعوة أربع مناضلات من الجمعية بصفاتهن الشخصية ودون ذكر الجمعية مما دفعنا إلى رفض المشاركة في الحوار واعتبار هذه الدعوة مناورة لضرب وحدة الجمعية. فهل يعقل الاعتراف بنا دون الاعتراف بالجمعية التي نمثلها؟

هل كنتن ستشاركن لو وجهت لكنّ الدعوة باسم الجمعية؟

في هذه الحالة كنا سنناقش الامر صلب مؤسساتنا ثم نتخذ قرارنا. الغريب ان رئاسة الجمهورية لم تكلّف نفسها عناء توجيه دعوات لبعض الشخصيات الوطنية واكتفت بنشر اسمائهم في مرسوم رئاسي.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 21 جوان 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING