الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: بيّن يوم امس الجمعة 5 جوان 2020 رئيس الحكومة الياس الفخفاخ أن البلاد قد تخطت محنة كورونا بعد السيطرة عليها، ولكنه أبرز أن الاقتصاد والمالية يعانيان من مصاعب بالإضافة إلى تفاقم الفقر المدقع مشيرا، في هذا الإطار، إلى انه مركز على هذه الوضعيات. في المقابل، يتضح من خلال المعطيات المحينة والصادرة بموقع البنك المركزي التونسي أن جل المؤشرات النقدية والمالية للبلاد تشهد تطورا وتحسنا ملحوظين وذلك في سياق معاكس تماما لما يؤكد رئيس الحكومة.
وفي هذا الصدد، تواصل حسب البنك المركزي الموجودات الصافية من العملة الأجنبية تطورها لتناهز 22205.2 مليون دينار أي ما يعادل 141 يوم توريد مقابل 72 يوم توريد في نفس الفترة من العام السابق، كما يتضح من خلال أرقام مؤسسة الإصدار تراجع خدمة الدين الخارجي في أواخر شهر ماي الفارط إلى 2976.1 مليون دينار في حين أنها بلغت في نفس التاريخ من سنة 2019 ما قدره 3780.8 مليون دينار.
من جهة أخرى، استقرت التحويلات المالية للمقيمين في الخارج نهاية الشهر الفارط في حدود 1636.2 مليون دينار وتحسّن مستوى السيولة النقدية إذ تراجع، في هذا المستوى، الحجم الإجمالي لإعادة التمويل من 16275.3 إلى 10309.1 مليون دينار.
وعلى الرغم من تقلّب كافة عملات العالم سيما في الفترة الأخيرة، فانه الدينار ظلّ “صامدا” إذ بلغت قيمة الدولار الأمريكي 2.86 دينار وقدّرت قيمة العملة الأوروبية الموحدة بنحو 3.2 دينار.
في جانب آخر، أكّدت نشريّة أصدرها امس الجمعة المعهد الوطني للإحصاء حول تطور مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي أن نسبة التضخم عند الاستهلاك (بمعنى ارتفاع الأسعار) قد سجّلت استقرارا في حدود 6.3% بعد سلسلة من الارتفاعات خلال الأشهر الفارطة، حسب تقديره.
ويعود هذا الاستقرار، وفقا للنشريّة الرسمية بالأساس إلى تراجع نسق أسعار المواد الغذائية علما أن المستهلكين والعديد من الجمعيات المهتمة بالشأن الاقتصادي والمنظمات المهنية تشدّد على أن البلاد تشهد موجة غير مسبوقة من ارتفاع تكاليف الغذاء وكلفة المعيشة.
وكان “الشارع المغاربي” من أول المواقع التي فنّدت منهجيّة حساب مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي والتي تعود إلى أربعة عقود خلت وذلك استنادا إلى عدم أخذها مؤشر الاستقطاب الجهوي والفئوي بعين الاعتبار فضلا عن كونها تشكو من عديد الهنات المنهجية خاصة في محاور تحديد عينات الاسر ونقاط البيع وتوزيع المنتجات والخدمات التي تشكّل “سلّة المستهلك”.
وفي جميع الحالات، فإن هذه المعطيات المتضاربة وغير المستقيمة تخفي حقيقة مفزعة يحاول المسؤولون التكتم عليها وهي الصادرة عن جهتين يوثق فيهما الأولى، تونسية والثانية، دولية.
فبالرجوع إلي دراسة أنجزها في ماي الفارط المعهد التونسي للمقدرة التنافسية والاقتصاد الكمي بالتعاون مع المعهد الدولي للدراسات حول السياسات الغذائية تحت عنوان “تأثير كوفيد-19 على الاقتصاد التونسي والقطاع الفلاحي والغذائي والأسر”، من المنتظر أن تصل خسارة مواطن الشغل خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020 (من أفريل إلى جوان) إلى 430 ألف موطن شغل منها 255.3 ألف وظيفة بقطاع الخدمات و145.4 موطن عمل في الميدان الصناعي و19.5 ألف موقع شغل في المجال الفلاحي مما يعنى ببساطة حرمان نحو 1.5 مليون تونسي من أي معاش إذا اعتبرنا أن كل عامل في كفالته أربعة أشخاص وهو معدل عدد الأفراد بالأسرة التونسية الواحدة.
كما أنه من المرتقب حسب الدراسة والتي تضمنت العديد من التفاصيل والجزئيات أن يفقد الفقراء 32% من مداخيلهم وأن يصل نقص مداخيل العائلات التونسية على المستوى الوطني شهريا إلى 360 دينارا تبعا لتداعيات الجائحة التي “سيطرت”عليها الحكومة بنجاح وفق تأكيد رئيسها إلياس الفخفاخ، وتبعا لهذا النقص في المداخيل وفقدان أبواب الرزق فإن النمو سيتأثر إلى أبعد حد إذ أنه من المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي (بمعنى القيمة المضافة للاقتصاد) خلال الربع الثاني من هذا العام بنحو 46.4%. ويشمل الأمر الصناعة بتراجع نسبته 52.7 % والخدمات (- 49.0%) والفلاحة (- 16.2%).
يذكر أن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي قد أصدر بيانا عقب انعقاده يوم 27 ماي الماضي تطرّق في إطاره إلى مستجدات الوضع الاقتصادي الوطني بتحليل تطورات المؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية، إلا أنه التزم الصمت في خصوص أبرز هذه المؤشرات وهي الناتج المحلي الإجمالي، في سابقة من نوعها.
روابط :
https://www.bct.gov.tn/bct/siteprod/arabe/indicateurs.jsp?la=AR
http://www.ins.tn/sites/default/files/publication/pdf/Communiqu%C3%A9%20de%20presse_IPC_base_2015_mai%202020.pdf
http://www.itceq.tn/wp-content/uploads/files/notes2020/COVID19-Tunis.pdf
https://www.bct.gov.tn/bct/siteprod/arabe/actualites_ar.jsp?id=719&la=AR