الشارع المغاربي – سعيدان: الترفيع مُجددا في نسبة الفائدة المديرية سيساهم في تعفين الازمة المالية والاقتصادية بشكل غير مسبوق في تاريخ تونس

سعيدان: الترفيع مُجددا في نسبة الفائدة المديرية سيساهم في تعفين الازمة المالية والاقتصادية بشكل غير مسبوق في تاريخ تونس

قسم الأخبار

1 يناير، 2023

الشارع المغاربي: اعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان ان قرار البنك المركزي الاخير بالترفيع مجددا في نسبة الفائدة المديرية “خطوة كبرى في الاتجاه الخاطئ” قال انها” ستساهم في تعفّن الازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ تونس”.

وأكد سعيدان ان الترفيع في نسبة الفائدة المديرية سيزيد من أرباح البنك المركزي ومن أرباح البنوك التونسية مقابل تدهور القدرة الشرائية الذي يعاني منه المواطن اصلا مبينا ان الترفيع لن يُمكّن ايضا من التحكم في ارتفاع نسب التضخم.

وكتب سعيدان في تدوينة نشرها مساء امس بصفحته على موقع “فايسبوك” أقدم البنك المركزي مرة أخرى على الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ0.75 بالمائة ليبلغ مجموع نسب الترفيع في ظرف عام +1.75 بالمائة بعد مرة اولى بـ0.75 بالمائة وثانية بـ0.25 بالمائة وثالثة بـ0.75 بالمائة”.

واضاف “قبل التعليق على قرار البنك الأخير ، دعونا نلقي نظرة على بعض ما ورد بموقع البنك المركزي لتبرير الترفيع في نسبة الفائدة المديرية :”في ما يتعلق بالأسعار عند الاستهلاك فقد واصل التضخم مساره التصاعدي ليبلغ مستوى مرتفعا قدره 9,8٪ بحساب الانزلاق السنوي في نوفمبر 2022 مقابل 6,4٪ في نوفمبر 2021. ويبعث هذا التطور الذي يعزى بشكل أساسي إلى ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الأساسية والطاقة وتداعيات الإجهاد المائي والرفع في بعض الأسعار المؤطرة مثل المحروقات، على الانشغال”.

بوابرز سعيدان ان البنك المركزي اعترف من خلال هذه الاسطر بشكل وصفه بالببيّن بأن:

1-نسبة التضخم ارتفعت من 6.4 بالمائة في نوفمبر 2021 الى 9.8 بالمائة في نوفمبر 2022. من الواضح اذن ان اجراءات الترفيع السابقة في نسبة الفائدة المديرية لم تسمح بالسيطرة على نسبة التضخم وأدت الى نتائج عكسية بتأجيجه.

2- أوضح بلاغ البنك ان تصاعد نسبة التضخم يعود اساسا الى ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الاساسية والطاقية. اذا كان الامر كذلك فإنني اطلب من البنك أن يشرح لنا كيف سيحارب ارتفاع الاسعار الدولية للمواد الاساسية والطاقية عبر الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ؟

3-يقول لنا بلاغ البنك ايضا ان تصاعد نسبة التضخم يعود اساسا الى تداعيات الاجهاد المائي والترفيع في بعض الاسعار المؤطرة. واذا كان الامر كذلك كيف سيساعد الترفيع في نسبة الفائدة المديرية تونس على مواجهة الاجهاد المائي ؟ هل يريد البنك المركزي ان يبلغنا بلغة أخرى بأن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية سيؤدي الى تهاطل الامطار وانقاذ بلادنا من الجفاف السائد حاليا ؟ هل يبرر الترفيع في بعض الاسعار المؤطرة الترفيع في نسبة الفائدة المديرية؟”.

وتابع سعيدان “لقد اعترف البنك المركزي بكل وضوح في بلاغه الاخير بأن التضخم ناتج اساسا عن تضخم مستورد يعود سببه الرئيسي لارتهان بلادنا المفرط للخارج في قطاعي الطاقة والمواد الاساسية ….ان السياسة الملائمة المطلوبة لمواجهة ارتهان مماثل هي سياسة اقتصادية (وليس نقدية) في شكل استراتيجيا امن غذائي وطاقي ومائي بعيدة كل البعد عن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي”.

وواصل “ما هي التبعات المنتظرة اثر الترفيع الاخير في نسبة الفائدة المديرية ؟ ” متابعا:

أ-أولا مزيدا من التضخم تماما مثلما كان الشأن بعد قرارات الترفيع في نسبة الفائدة المديرية التي سبقت القرار الاخير. ذلك ان كلفة الشركات ستشهد ارتفاعا نتيجة ارتفاع الكلفة المالية بما سيؤدي آليا لارتفاع أسعار البيع.

ب- ستتراجع الانتعاشة الاقتصادية الهشة التي شهدتها بعض القطاعات مثل السياحة والنسيج والملابس أكثر بل انه من من غير المستبعد ان تختفي . هذا دون ذكر الاستثمار الذي تقريبا لم يعد له وجود بتونس.

ج-ان حصول الشركات على تمويل بنكي صعب جدا حاليا بسبب ظاهرة الإخلاف الناتجة عن تمويل مفرط من طرف البنوك لسد عجز الميزانية وأزمة السيولة المترتبة عن ذلك. الآن لم يعد حصول الشركات على تمويل بنكي صعبا فحسب وانما أصبح مكلفا للغاية اضافة الى انه لم يعد بامكان الشركات تحديد توقعات معقولة.

د. سيُفاقم الترفيع الاخير في نسبة الفائدة المديرية في تدهور القدرة الشرائية الذي يعاني منه المواطن والذي تجاوز 40 بالمائة منذ عام 2011. وسيجد كل مواطن نفسه كان قد حصل على قرض امام الترفيع في مبلغ القسط الذي سيسدده نتيجة الترفيع في نسبة الفائدة المديرية . ان الاعتقاد بأن من شأن الترفيع الاخير في نسبة الفائدة المديرية كبح الاستهلاك وهم. فالاستهلاك بطبعه معطّل ومحركات النمو الاقتصادي الثلاثة (الاستثمار والتصدير والاستهلاك) مشلولة والاقتصاد التونسي يمر بمرحلة ركود كبير زادته سياسة البنك المركزي النقدية بلّة”.

وتساءل “فمن المستفيد اذن من الترفيع الاخير في نسبة الفائدة المديرية ؟ قبل ان يجيب :

+ اول المستفيدين هو البنك المركزي باعتبار ان ذلك سيمكنه من التهرب من مسؤولياته والقاء الازمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة التي تعاني منها البلاد على عاتق الحكومة. كما سيسمح الترفيع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي بتجميل تقريره السنوي وأرباحه التي هي شكل من أشكال الضريبة اذ ان مرابيح البنك المركزي تودع بالخزينة العامة.

+ثاني المستفيدين هي البنوك التونسية التي ستكسب أكثر بكثير من الودائع تحت الطلب التي لا تدفع عليها شيئا.وكمثال على ذلك: كانت الودائع تحت الطلب لدى البنوك التونسية 27 مليار دينار في جويلية 2022 حسب آخر ارقام البنك المركزي وهذه الودائع كانت تجلب للبنوك فوائد بـ7.26 بالمائة قبل الترفيع في نسبة الفائدة المديرية وذلك حتى ان كانت الودائع لا تُوظّف لتمويل قروض خاصة او للدولة . وبالترفيع في نسبة الفائدة المديرية سترتفع نسبة الفائدة الموظفة على الودائع تحت الطلب على الاقل الى 8.01 بالمائة (7.26 بالمائة +0.75 بالمائة = 8.1 بالمائة) وسيساوي فائض ربح البنوك على الأقل 27.000000000 دينار x 0.75 بالمائة = 202.500000 دينار (اي اكثر من 202 مليار من المليمات ). واترك لكم احتساب المرابيح الجبائية التي ستحققها البنوك اثر عمليات الترفيع في نسبة الفائدة المديرية الثلاث الاخيرة. هذه المرابيح تبلغ : 472.5 مليون دينار”.

وتابع سعيدان “ولابد هنا من تذكير من يعشقون المقارنات بأنه لا يمكن مقارنة سوى ما هو قابل للمقارنة .فإذا كان التضخّم حقيقة قائمة بالعديد من البلدان وجب الانتباه الى ان أغلب البلدان تشهد نموا اقتصاديا أعلى مما تحققه تونس. كما تشهد هذه البلدان نسب بطالة ضعيفة لانها نجحت في ادارة أزمة كوفيد 19 عبر حماية شركاتها ومواطن الشغل بها وهو امر لم يحدث بتونس والذي كانت السياسة النقدية للبنك المركزي احد اسبابه. ثم ان هذه البلدان اختارت ألا تعيق انتعاشتها الاقتصادية عبر المحافظة على نسب فائدة مديرية ضعيفة : 3.5 بالمائة بالنسبة للمغرب في ظل تضخم بنسبة 8.3 بالمائة و3.5 بالمائة بالنسبة للولايات المتحدة مع نسبة تضخم بـ7.1 بالمائة و2 بالمائة بأوروبا مع نسبة تضخم تناهز 9 بالمائة الخ”.

وختم تدوينته بالقول “لكل هذه الأسباب يمثل الترفيع الاخير في نسبة الفائدة المديرية من طرف البنك المركزي خطوة كبرى في الاتجاه الخاطئ ستساهم في تعفّن الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ تونس”.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING