الشارع المغاربي-حمزة الحسناوي : شهدت الليرة التركية اليوم الجمعة 10 أوت 2018، إنزلاقا غير مسبوق أمام الدولار، في ظل الأزمة المتواصلة في العلاقات التركية الامريكية وارتفاع نسبة التضخم في البلاد.
وفي المقابل ارتفعت قيمة الدولار أمام الليرة بنسبة 13.5% اليوم الجمعة ليبلغ سعره 6.35 ليرات، في استمرار لأسوأ موجة تراجع للعملة التركية منذ الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008.
انهيار الليرة التركية يثير تساؤلات حول إمكانية تأثير ذلك على المبادلات التجارية بين تونس وتركيا واحتمالات تسجيل تحسّن في العجز المسجّل بالميزان التجاري التونسي في المعاملات الاقتصادية والتجارية مع تركيا.
في هذا السياق أكّد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان لـ”الشارع المغاربي” اليوم الجمعة أنّه قد يكون لانهيار الليرة التركية انعكاس إيجابي على الميزان التجاري التركي موضحا انّ تراجع سعر البضائع التركية بسبب انهيار قيمة العملة سيشجّع على مزيد توريد هذه البضائع من طرف بقية الدول وأن الاقبال عليها سيرتفع مقابل ارتفاع أسعار البضائع لافتا الى أن تركيا ستلجأ إلى تخفيض وارداتها حماية لاقتصادها.
وقال سعيدان إنّ هذا الانعكاس الإيجابي لا ينفي التأثيرات السلبية لتراجع قيمة الليرة على الاقتصاد التركي والتي من أهمّها التضخّم المالي.
وأشار إلى أنّ الميزان التجاري التونسي مختلّ بطبعه مع تركيا وأنه ربّما يتفاقم الآن بسبب تدنّي أسعار المنتوجات التركية في الأسواق العالمية بما في ذلك تونس.
وأضاف أنّه يمكن تحصين الإقتصاد التونسي وتجنب مزيد الاختلال في الميزان التجاري عبر إعادة النّظر في تركيبة الواردات التونسية والسيطرة على التوريد من كلّ البلدان ليس فقط من تركيا والتخلّي عن توريد السلع غير الضرورية والمواد غير الاساسية مثل السيارات الفارهة وبعض الأنواع من الغلال والفواكه الجافّة التي يضرّ توريدها بمنتوجات محليّة ويخدم مصلحة لوبيات معيّنة، إلى جانب تطوير الصادرات.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنّ قيمة عجز الميزان التجاري التونسي تجاوزت 10 مليارات دينار خلال النصف الأوّل من سنة 2018، أي بزيادة قدرها 15% قياسا بقيمة العجز المسجّل في سنة 2017.
يشار الى ان المعهد الوطني للإحصاء كان قد كشف في نشرية صادرة بتاريخ 9 جويلية 2018. عن تفاقم العجز التجاري لتونس خلال السداسية الأولى من 2018 إلى 8164.9 مليون دينار مقابل 8,1903 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2017 وأرجع المعهد وضعية الميزان التجاري إلى العجز المسجل مع بعض البلدان على غرار الصين الشعبية (2569.8 مليون دينار) وإيطاليا (1329.2مليون دينار) وتركيا (1031.0 مليون دينار) وروسيا (621.6مليون دينار) والجزائر (1,608 مليون دينار) .
يذكر أنّ الفصل 36 من قانون المالية والمتعلق بإخضاع بعض المواد الاستھلاكیة المستوردة من تركیا إلى اداءات ديوانیة في حدود 90 بالمائة من المعالیم المطبقة وفق النظام العام اثار جدلا كبيرا داخل مجلس نواب الشّعب وتمت المصادقة عليه بعد انسحاب نواب جركة النهضة من الجسلة العامة.
ويشار إلى أن ھذا الفصل ينص على اتخاذ إجراءات تعريفیة استثنائیة على قائمة المنتوجات الموردة ذات المنشأ التركي، ويھدف إلى التحكم في عجز المیزان التجاري وضمان توازن المبادلات التجارية بین تونس وتركیا، وتطبق ھذه المعالیم الديوانیة الموظفة استثنائیا على المنتجات ذات المنشأ التركي لمدة
سنتین ابتداء من غرة جانفي 2018 على أن يتم تفكیكھا تدريجیا بعد انقضاء السنتین على امتداد ثلاث سنوات.
ويأتي ھذا الإجراء تطبیقا للفصل 17 من اتفاق الشراكة المبرم بین تونس وتركیا، الذي ينص على أنه يمكن لتونس اتخاذ إجراءات استثنائیة لفترة محدودة في شكل معالیم ديوانیة على ألا تتجاوز المنتوجات المعنیة نسبة 20 بالمائة من إجمالي الواردات من تركیا.
وخلال السنوات الاخيرة ، شكلت المعاملات مع تركيا أحد اهم الملفات التي حظيت بنقاش واسع ، على ضوء انتشار واسع للسلع التركية بما جعل مراقبون يحذرون من غزو تجاري تركي .