الشارع المغاربي – معز زيّود : أوّل ما يشدّك إنْ مررت، عشيّة اليوم الأحد 15 أفريل 2018، بالقرب من السوق المركزي وسط مدينة أريانة وتحديدا قُبالة زاوية سيدي عمّار تمامًا، “خَضّار” أو بائع خضروات نصبَ أمام دكّانه المجاور لمصاغة السوق كومةً ضخمة من “الجلبانة”، وغرز فيها علم حركة النهضة مُجاورًا لعلم تونس المفدّى.

أثارت هذه المبادرة ابتسامتي طبعًا، فحتّى “الجلبانة” أضحى لها لون حزبي مُعيّن!، كيف لا وقد جُرّتْ جرّا إلى معترك الانتخابات البلديّة بعد أن أصحبت تُحلّقُ فوقها حمامة النهضة المرفرفة بأجنحتها بفعل رياح هذا الأحد.

أكولةٌ متحرّرةٌ من الأقفاص تلك الحمامة الزرقاء، فقد رفضت أن تبقى سجينة المربّعات الحائطيّة التي خصّصتها هيئة الانتخابات المصون للقائمات الحزبية والمستقلّة المرشحّة على امتداد فترة الحملة الانتخابيّة.

بهذه الوسيلة الاستهلاكيّة ستدخل الحمامة الزرقاء إلى أذهان الكثير من التونسيين من عشّاق الجلبانة في فصل وفرتها، فقد يستقرّ عطر حمامة “الجلبّانة النهضويّة” في بطونهم قبل قلوبهم وأفئدتهم وعقولهم!.

صاحب المحلّ، الماثل في الصورة، وضع على رأسه أيضا قبّعة نهضويّة بيضاء تزدان بدورها بتلك الحمامة الزرقاء. كما ثبّت علمًا أكبرَ لحركة النهضة على واجهة محلّه في قلب سوق سيدي عمّار. ربّما ذهب به ذهنه إلى أنّ الجهة الوحيدة التي ستسمحُ له بتوسيع مساحة المنصّات الفوضويّة لخضرواته في الطريق العام هي تلك الحمامة الزرقاء، في حال عشّشت وأنزلت بيضا وافرًا غزيرًا في استحقاق يوم 6 ماي 2018.

سألتهُ مبتسمًا، حتى لا يمنعني من التصوير ونحن في سوق وفضاء عام: هل تُقدّم تخفيضا في سعر “الجلبانة النهضويّة” لأنصار النهضة، فقال: “النهضويين يهزّوا بلاش”!…