الشارع المغاربي-السيدة سالمية أدلت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بدلوها في ما بات يُعرف بقضية الامنيين المشتبه في تعذيبهم “الموقوف” عامر البلعزي والتي عرفت تطورات حولتها الى قضية وطنية وضعت النقابات الأمنية في شبهات التمرد وعسكرة محكمة بن عروس.
وكشفت الهيئة في بيان صادر عنها بوم أمس الثلاثاء 28 فيفري 2018 ان عضوا منها التقى” الموقوف ” الذي قالت النقابات الامنية انه متورط قي قضايا ارهابية منها اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي ، فيما قدمته الهيئة كـ “متضرر ” و”مواطن مشتبه به في قضية حق عام” مشيرة الى انها تلقت اشعارا بتاريخ 23 فيفري 2018 عن شبهة تعذيب بمقرات فرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف.
ونقلت الهيئة عن “الموقوف” تأكيده اثر جلسة جمعته منفردا بعضو الهيئة السيدة مبارك، تعرضه للتعذيب من قبل أعوان الشرطة العدلية بمنطقة حمام الانف ونشرت الهيئة صورا للموقوف تُوثق ما رصدت من آثار للتعذيب.
وتضمن بيان الهيئة تفاصيل معاينة آثار التعذيب ذاكرة ان الموقوف يحمل “ضمادات على مستوى اليدين تُغطي الكفين والكوعين وآثار بقايا دم متجمّد على مستوى الرأس والأذن اليسرى وزرقة على مستوى الوجه خاصة على الخد والعين اليسرى وآثار دم واضحة على ملابسه من الأمام والخلف وعلى مستوى الكمّين وآثار دم واضحة على جواربه وعلى مستوى القدم من الجهة الأمامية وآثار دم واضحة على حذائه الرياضي وأقفال سرواله مفتوحة ما عدا القفل الفوقي”.
وبالعودة الى شهادة “الموقوف” التي قدمها شفاهيا لعضو الهئية، فقد أكد فيها انه تعرض لإعتداء بالعنف الشديد وبانه اُجبر على نزع ثيابه الفوقية في مرحلة اولى وانه وجد نفسه عاريا تماما في مرحلة ثانية بعد استفاقته اثر فقدانه الوعي بسبب الضرب واللكم .
وتضمنت الشهادة تأكيدا على ان اعوان فرقة حمام الانف ألبسوه عجلة مطاطية ووضعوه تحت المطر ورشوا عليه الغاز وهددوه بنشر مقطع فيديو له وهو في تلك الحالة.
وبالنظر الى بشاعة وهول ما جاء في شهادة الموقوف ننشرها كاملة تماما كما جاءت في بيان الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب :
” بتاريخ يوم الخميس 22 فيفري 2018 حوالي السّاعة العاشرة ليلا حضرت إلى منزلي حوالي تسع سيارات أمنية مختلفة النوع والحجم بها الكثير من الأعوان واقتحموا منزلي وأخذوني بالقوة منه إلى مقر الشرطة العدلية بمنطقة حمام الأنف. وبوصولنا هناك أدخلوني إلى مكتب رئيس فرقة الشرطة العدلية الذي طلب مني: “باش تحكي برجلة أو بأساليب أخرى؟” فأجبته: “نحكي برجلة اسألني وآنا نجاوبك”.
– رئيس الفرقة: قلّي، أعطيني الكرهبة CLIO ويني؟
– المتضرّر: والله لا نعرف حتى موضوع على هذه الكرهبة وأوّل مرّة نسمع عليها من لسانك.
– رئيس الفرقة: انت موش راجل … (وقذفه بكلام بذيء استحى من ذكره لي)
ثم طلب مني نزع ثيابي فرفضت واستجديته عدم فعل ذلك، إلا أنه سرعان ما التف حولي أربعة أعوان وانهالوا عليّ ضربا بقبضة اليد (بونية) وكانت يداي مكبلتين بالأغلال إلى الأمام ونزعوا جميع ثيابي الفوقية (مريول خلعة ومريول وبلوزون)،
ثم طلب مني رئيس الفرقة نزع سروالي فرفضت كذلك وبكيت له مستجديا عدم فعل ذلك إلا أنهم واصلوا ضربهم لي بكل ما أوتوا من قوة حتى دفعوني نحو الشباك وكنت أحاول إخفاء وجهي بيديّ المكبلتين، وإذا بإحدى اللّكمات القوية تدفعني نحو البلور فتهشم ورأيت إصبع يدي اليسرى (البنصر) يتدلّى من كفّي والدم يندفع منه ومن يديّ فصحت من هول ما رأيت حتى أغمي عليّ وفقدت وعيي، لكنهم واصلوا ضربي وركلي بالأرجل (كما يقول) ثم سكبوا الماء على جسمي وأنفي وفمي حتى “شرقت”، وعندما استفقت من الغيبوبة وجدت نفسي عاريا تماما من كل ثيابي وسروالي وتباني ملقيين أمامي،
ولم يكتفوا بذلك رغم الحالة التي كنت عليها فأخذوني إلى السقيفة ووضعوني تحت المطر وألبسوني عجلة مطاطية ورشوا عليّ الغاز وواصلوا سكب الماء عليّ،
هذا وقد تولى رئيس الفرقة تسجيلي بفيديو بواسطة هاتفه الجوّال وهدّدني بأنه سينشر ذلك التسجيل على صفحات الفيسبوك ثم أعلمني أنه لن يفعل وسيحتفظ به لديه على قرص ليزري، وبقيت على تلك الحالة حتى الساعة الثانية صباحا، حينها أخذوني إلى مستشفى الحروق ببن عروس حيث تلقيت العلاج اللازم، وبعد ذلك تم نقلي إلى مركز الإيقاف ببوشوشة حوالي الساعة الثالثة والنصف صباحا ومن هناك أحضروني اليوم لسماعي من قبل النيابة العمومية.”
رفض اللقاء
كشفت الهيئة الوطنية للوقابة من التعذيب في بيانها انها تلقّت اشعارا يُفيد بـ “تعرّض مواطن محتفظ به لشبهة اعتداء بالعنف المادّي والمعنوي على معنى الفصل 101 مكرّر من المجلة الجزائية، من قبل بعض الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين بفرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف، ممّا سبّب له أضرارا بدنية على مستوى اليد، بالإضافة إلى تعريته بالكامل داخل مقرات الأمن. وهو في تلك الساعة في حالة تقديم للنيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ببن عروس.”
وتابعت في نفس البيان ” قرّرت الهيئة إيفاد العضو سيدة مبارك إلى المحكمة الابتدائية ببن عروس بغرض التثبت من صحّة الإشعار والمعلومات الواردة به والقيام بأعمال التقصّي الاستعجالية للحالة الفردية إن وجدت بما في ذلك لقاء المتضرّر المحتمل وسماعه ومعاينة حالته وتوثيق الأضرار بالصورة والصّوت” .
وأكدت الهيئة ان رئيس مركز الشركة بالمحكمة أعلم موفدها ان تعليمات شفاهية بلغته من النيابة العمومية تقضي بعدم امكانية لقاء “المتضرر” لافتة الى ان ممثلها رفض مغادرة المحكمة دون لقاء “المتضرر” وانه اعتبر المنع غير قانوني.
واوضحت انها تمكنت من اللقاء بعد اجتماع ممثل الهيئة بمساعد وكيل الجمهورية الذي “اعطى تعليماته بمقابلة المحتفظ به وسماعه ومعاينة آثار العنف عليه وإجراء ما يلزم في إطار اختصاص الهيئة في مقر المحكمة “.
في سياق متصل افادت الهيئة ان النيابة العمومية: “أذنت بفتح بحث تحقيقي في الغرض إثر شكاية تقدّم بها المتضرّر عن طريق محاميه” وان محامي المتضرّر كشف لها أن النيابة العمومية قرّرت “تحويل ملف المعني بخصوص جريمة الحق العام التي وقع إيقافه من أجلها من فرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف إلى فرقة الشرطة العدلية بالقرجاني”.
واكدت انها قررت “تكليف لجنة التقصّي بمتابعة الملف واستكمال كل أعمال التقصّي بشأنه ورفع نتيجة أعمالها إلى مجلس الهيئة حال الانتهاء منها وإحالتها حسب الحالة إلى السّلط الإدارية أو القضائية المختصّة”و “استعمال الصّلاحيات التي نصّ عليها الفصل 16 من القانون عدد 43 لسنة 2013 والمتمثلة في: “يمكن لرئيس الهيئة بناء على مداولة للمجلس أن يطلب من السلط المختصّة اتخاذ الإجراءات التحفظيّة المناسبة عند حدوث خرق خطير للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل في مجال حقوق الإنسان.”
وختمت بيانها بالتأكيد على انها قررت نشر ملخص لتقرير زيارة التقصّي المنجزة بعد حذف كل ما من شأنه أن يُشكل خطرا على الشاكي أو يساهم في تعكير وضعه.