الشارع المغاربي – قسم الاخبار : أكد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان اليوم الاربعاء 22 ماي 2019، في تعليقه على مصادقة لجنة المالية على طلب الترخيص للدولة التونسية بالخروج للسوق المالية العالمية قصد تعبئة قــرض رقاعــي بمبـلــغ أقصــاه 800 مليون دولار أمريكي لتمويل ميزانية سنة 2019 على ان الخروج لا مفر منه رغم انه محفوف بالمخاطر .
وأوضح سعيدان قائلا ” عندما نعود لقانون المالية لسنة 2019 نجد أنه يتضمن رقمين مهمين جدا الرقم الأول هو خدمة الدين العمومي الذي يقدر بـ 9.3 مليارات دينار والرقم الثاني تعبئة قروض خارجية بقيمة 10.2 مليارات دينار والمعلوم ان البرلمان صادق على ذلك ومجموع القروض الخارجية المقدرة بـ2 ،10 مليارات دينار كما أشرت الى ذلك تتوزع تقريبا الى 2 مليار دينار من السوق الداخلية فيما ستتم تعبئة البقية من السوق الخارجية أي بالعملة الأجنبية وبالتالي مجلس نواب الشعب كان قد وافق على هذه الميزانية ووافق على خروج تونس إلى السوق المالية العالمية… ولكن الدستور يفرض على الحكومة المرور مع كل عملية خروج الى السوق عبر لجنة المالية واعلامها وأخذ موافقتها والمفروض أن تكون الموافقة شبه آلية لانه لا يمكن للمجلس أن يوافق وفي نفس الوقت يرفض “.
واضاف سعيدان في تصريح لـ”الشارع المغاربي ” اليوم ” رفض لجنة المالية منذ اسبوعين المصادقة على طلب الترخيص للخروج للسوق المالية العالمية غريب باعتبار انه تمت المصادقة على هذا الاقتراض بالمصادقة على ميزانية الدولة وقد يكون لرفض المصادقة سببان الاول هو وجود تخوف فعلي من مستوى الدين الخارجي لتونس الذي وصل في نهاية 2018 إلى 101 مليار دينار اي غير بعيد من 100 % من الناتج الداخلي الاجمالي ويعتبر مستوى مشط وربما قدرة تونس على مواصلة تسديد الدين الأجنبي بصفة طبيعية أصبحت محل تساؤل وهناك خوف من المسؤولية من طرف مجلس نواب الشعب رغم أنه من المفروض ألا يرفض لأنه وافق على الميزانية”.
أما السبب الثاني فقد قال المتحدث انه تقني وانه يتمثل في غياب نواب الأحزاب الداعمة للحكومة في جلسة لجنة المالية المخصصة للتصويت على طلب الترخيص مبرزا أن ذلك أسقط الطلب مستدركا ” لكن عند حضور ممثلي الأحزاب الداعمة للحكومة تمت الموافقة على الطلب “.
وحول الصعوبات التي قد تواجه الحكومة في الخروج للسوق المالية قال سعيدان” لا ننسى أن كل المؤشرات دون استثناء تدهورت بشكل سريع خاصة في الثلاث السنوات الأخيرة وخاصة منذ اخر خروج لتونس للسوق المالية وتحديد منذ نوفمبر 2018 اذ انه منذ ذلك التاريخ حتى الآن زادت المؤشرات تدهورا عبر تراجع تصنيف تونس الإئتماني إذ خفضت” فيتش ريتنق” مؤخرا في التصنيف الإئتماني لتونس من مستقر إلى سلبي، علاوة على وضع الميزان التجاري الذي تعمق عجزه بـ25 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة وارتفاع مستوى الدين العمومي وارتفاع مستوى الدين الخارجي وتراجع مستوى مخزون الدولة من العملة الاجنبية الذي لا يتجاوز 74 يوم تغطية بالرغم من كل القروض التي تمت تعبئتها اضافة إلى ذلك موقف صندوق النقد الدولي ولايمكن أن نقول ان العلاقة بينه وبين تونس طبيعية أو جيدة والدليل على ذلك عدم صرف القسط السادس المستحق في موعده المحدد لديسمبر 2018 .”
وذكر سعيدان بان تأخر صرف القسط حتى الان تم رغم تحول بعثة من الصندوق للقيام بمراحعة امتدت من 27 مارس إلى 9 أفريل وبتحول 4 وزراء تونسيين إلى واشنطن بعد ذلك لمحاولة اقناع صندوق النقد الدولي بصرف هذا القسط مشيرا الى ان اجتماع الهيئة التنفيذية لصندوق النقد الدولي في شهر جوان سيصدر القرار النهائي بصرف القسط من عدمه”.
وتابع الخبير ” عندما تكون العلاقة مع صندوق النقد الدولي بهذا الشكل فذلك يمثل عائقا بالنسبة لاي خروج على الساحة المالية الدولية ..و ما حصل في نوفمبر 2018 دليل على أن في الخروج للسوق المالية الدولية مجازفة كبرى لأن هناك خطرين الأول هو امكانية عدم الحصول على كامل المبلغ المطلوب والمقدر بـ800 مليون دولار والاكتفاء بجزء منه مثلما حصل في نوفمبر الماضي وقتها تم الخروج لتعبئة مليار دولار ولم يتم الحصول الا على نصف المبلغ ” واضاف ” أما الخطر الثاني هو الكلفة وهذا أيضا يذكرنا بما حصل في اخر خروج للسوق المالية اذ كان الهامش الذي اقترضت به تونس مرتفعا جدا وهو 6.75 في الفائدة.
واشار إلى أن هذا الخروج لا مفر منه رغم المخاطر التي تحف به باعتبار أن تونس استوفت حقها في الاقتراض من صندوق النقد الدولي ملاحظا انه بعد ان اقترضت من البنوك التونسية لم يبق لها الا المجازفة رغم المخاطر .