الشارع المغاربي – غلّف قراره بنصوص قانونية: وزير الرياضة يُهدي ابنه جامعة "الكترونية"

غلّف قراره بنصوص قانونية: وزير الرياضة يُهدي ابنه جامعة “الكترونية”

قسم الرياضة

22 أبريل، 2020

الشارع المغاربي- العربي الوسلاتي: مازال قرار حلّ الجامعة التونسية للرياضات الالكترونية من طرف وزير شؤون الشباب والرياضة أحمد قعلول يُثير الكثير من الجدل ومن ردود الفعل خاصة أنّ الدواعي التي تقف وراء هذا القرار تحمل في طياتها الكثير من التأويلات ومن القراءات المثيرة للريبة حتى وإن جانب بعضها الصواب.

وبالعودة الى أصل الموضوع فقد قرّر وزير الرياضة الجديد أحمد قعلول حلّ الجامعة التونسية للرياضات الإلكترونية وتعيين مكتب مؤقّت مع الدعوة إلى عقد جلسة عامة انتخابية في أجل أقصاه 3 أشهر. وكانت الوزارة قد أفادت في بلاغ نشرته للعموم الى أنه تمّ حلّ الجامعة المذكورة لعدة اعتبارات منها عدم عقد جلسة انتخابية أو الشروع في الإجراءات الخاصة بالدعوة لها بعد حوالي سنة ونصف من تأسيسها. مضيفة الى انه بالرجوع إلى قائمة الأندية المنخرطة صلب الجامعة المعنية تبيّن أن عددها يبلغ 12 من بينها 7 أندية تنشط ضمن الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم بما يفيد أن جامعة الرياضات الالكترونية لم تتمكن من تحقيق الأهداف التي حدّدتها ضمن الملف الخاص بطلب التأسيس.

القرار يبدو في ظاهره موضوعيا ومفهوما خاصة من الناحية القانونية استنادا الى وجاهة النصّ القانوني الذي احتكم اليه الجماعة هذا إذا سلّمنا بطبيعة الحال بخلوّه من أيّة مؤامرات أو ملابسات أو ربّما دوافع شخصية… لكن اللافت في الأمر هو أنّ السيّد الوزير اختار تمرير هذا القرار المفاجئ في وقت ينشغل فيه العالم بأسره بمحاربة فيروس كورونا الذي حكم على كلّ الأنشطة الرياضية في العالم بالموت السريري حتى اشعار لاحق… وكانت لغة العقل تفترض أن يُرجئ الوزير قراره الى وقت لاحق يكون فيه الظرف سانحا للخوض في عديد التفاصيل القانونية المتعلّقة بالمكتب الجامعي المنحلّ وبمدى سلامة وشرعية انتصابه حتى يكون الجزاء من صنف العمل ويكون الحساب على قدر العتاب لأنّه لا مصلحة ولا فائدة ترجى حاليا من حلّ أيّة جامعة رياضية مهما كان اختصاصها كما أنه لا توجد ضرورة قصوى تجعل “سيد أحمد” يقطع غفوته لتمرير “فرمان” عاجل كان أولى تخصيصه للاعتناء ببعض الأنشطة والأندية الرياضية التي يتهددها شبح الافلاس والاندثار إلاّ إذا كانت هناك بطبيعة الحال قوّة قاهرة حرّكت سواكن الوزير ودفعته لوضع ملفّ جامعة رياضية فتيّة حديثة العهد على طاولة أولوياته المليئة بالملفات القديمة والمتراكمة والتي كانت تنتظر قبل غيرها لفتة عابرة من الوزير ومن حاشيته الموسّعة.

من وجهة نظر كثيرين يبدو الأمر مثيرا فعلا للريبة ولكثير من نقاط الاستفهام ليس لعراقة الجامعة التي تمّ إقرار حلّها وليس أيضا لأنّنا نرفض اللعب على حبال الفصول القانونية في دولة من المفروض أنها تحترم القانون وتحتكم لنصوصه الشرعية ولكن السبب في ذلك يعود إلى التوقيت وخاصة لموقف الوزير نفسه الذي يبدو أنه ولاعتبارات شخصية قفز بنفسه فوق بقعة من الرمال المتحرّكة قد تسحبه الى باطنها بعد ثبات سنوات… السيّد الوزير لم يفعّل قرار حلّ الجامعة الذي كان يطبخ على نار هادئة منذ فترة ليس لكلّ تلك الاعتبارات الواهية التي أتى عليها بلاغ الوزارة ولكن لأنّ ابنه الموقّر رفض أن يكون منظويا تحت راية الجامعة المذكورة. وابن الوزير لمن لا يعرف هو لاعب الكتروني محترف وهو من بين الأوائل الذين امتهنوا هذا الاختصاص واحترفوه وهذا الأمر هو الذي جعل أحمد قعلول يفكّر في وقت سابق في بعث الجامعة المذكورة عندما كان رئيسا لجامعة التايكواندو لكنّه لم ينجح في تحقيق هدفه لرفض الوزارة الأمر في ذلك الوقت. ويبدو أنّ عدم اعتراف ابن الوزير بالجامعة الحالية أو بتركيبتها الاسمية ورفضه اللعب تحت شعارها مع دعوته الى الانخراط في البطولة التي ستنظمها الجامعة التونسية لكرة القدم من خلال فيديو نشره على صفحته الرسمية بموقع فايسبوك كلها عوامل جعلت الأب الوزير يستجيب لمطالب ابنه ولرغباته ويُزيح من طريقه الجامعة بكاملها حتى يخلو له الجوّ ويمارس طقوسه الرياضية حيث شاء…

وما زاد في تعزيز هذه الفرضية هو أنّ الجامعة التونسية لكرة القدم كانت قد أعلنت بدورها وفي وقت سابق عن تنظيم بطولة الكترونية في خطوة تبدو سابقة غريبة عن تقاليد الجامعة التي بحثت على ما يبدو عن ملء فراغاتها باختصاصات جديدة لا علاقة لها بها أو على الأقلّ ليست من مشمولاتها. وبما أن وديع جريء صديق مقرّب من أحمد قعلول حتى قبل وصوله الوزارة فقد جاء الاتفاق على مقاس الثلاثة… الأب الوزير والابن الصغير والجريء الذي لا يبدو في الحقيقة مذنبا في كلّ ما حصل لأنّ التعهّد بتنظيم بطولة الكترونية ليس جريمة رياضية إلاّ إذا تناولنا المسألة من جوانبها الأخلاقية.

كان سقف التوقّعات عاليا جدّا بوصول أحمد قعلول الى مبنى وزارة شؤون الشباب والرياضة خاصة أنه ابن الوزارة وعرف جيّدا منذ الثورة مكاتبها وأروقتها ودفاترها الحارقة وكانت العائلة الرياضية بمختلف مكوناتها تمنّي النفس بفتح صفحة جديدة خالية من التجاوزات والخلافات والمؤامرات… وكان البعض ينتظر بأن يكون اهتمام الوزير أعمق وأشمل بملفات أهمّ وأكبر من ملفّ جامعة لا ثقل لها ولا إشعاع سوى في ذهن “قعلول الابن” على غرار تحضيرات رياضيينا الأولمبيين وكذلك مصير بعض الجامعات والأندية التي تتنفّس تحت حافة الغرق بحكم الضائقة المالية التي تمّر بها ولكن وللأسف وخلافا لما ذهبت اليه كل التخمينات تفيد أولى المؤشّرات والانطباعات التي تركها “سيد أحمد” بأنّ الوزير لا يلقي بالا للنواميس والأعراف وبأنه غرار بعض الوزراء في الحكومة الحالية يُقدّم مصالحه الشخصية وحساباته العائلية على حساب المصلحة الوطنية التي تقتضي لزاما الفصل بين سور الدار وبين حرم الوزارة.

قد تكون عاطفة الأبوّة طغت على تفكير السيّد الوزير وجعلته ينتصر لابنه وينساق لرغباته ولنزواته بإهدائه جامعة الكترونية بطمّ طميمها متخفّيا في ذلك ببعض الفصول القانونية ولكن الثابت والأكيد هو أنّ وزير شؤون الشباب والرياضة ورّط نفسه وفتح باب التأويلات على مصراعيه بعد أن فشل في أوّل ملفّ يعترضه لأن رائحة الفساد المنبعثة منه أقوى من النصّ القانوني الذي بحث عنه ليرتكز عليه في قراره المثير للجدل خاصة بعد تعيين مستشار الغنّوشي على رأس المكتب المؤقّت…


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING