الشارع المغاربي- قسم الرياضة: مازال النادي الافريقي مرابطا تحت سور الفشل المحيط بكلّ القلعة الحمراء والبيضاء منذ الموسم الماضي. ورغم محاولات الانعاش التي تقوم بها الهيئة الحالية بقيادة عبد السلام اليونسي لم يقدر الفريق على التخلّص من أزماته المادية الخانقة وكذلك مشاكله الرياضية المتواصلة والتي وصلت الى حدّ تكرّر السقوط في البطولة حتى أمام فرق الصفّ الثاني ومع عودة علامات التمرّد والعصيان بين اللاعبين الذين أضربوا عن التمارين بلا حياء ولا استحياء.
مشاكل جعلت البعض يتحدّث عن ضرورة البحث عن حلول جذرية وسريعة للخروج بالنادي من أزمته الحالية. الرئيس السابق للإفريقي وأحد أهم الأسماء التي أثّثت مسيرته عبر التاريخ ونعني فريد عبّاس تحدّث لـ”الشارع المغاربي” عن أزمة الافريقي ومشاكله والحلول الكفيلة بوضع حدّ لهذا الهبوط الاضطراري.
– كيف هي الأمور في النادي الافريقي حسب وجهة نظر فريد عبّاس؟
هي ليست وجهة نظر فريد عباس بل حقيقة يعلمها القاصي والداني… الأوضاع لا تسرّ في النادي والفريق يسير في طريق مجهولة والأمور التي نراها في الفترة الأخيرة لا تبشّر بأيّ خير وأصبحنا بالفعل خائفين على مصير النادي في ظلّ هذا الغموض واللخبطة الحاصلة في الفترة الأخيرة.
– وأين أنتم كمسؤولين ورؤساء قدامي ممّا يحصل في الافريقي ؟
بالفعل نحن نتحمّل بعض المسؤولية ولكننا لا نستطيع فعل أيّ شيء في ظلّ الظروف الحالية. وما يجب التأكيد عليه هو أن الأمور لا يجب ان تستمر على هذا النحو وعلى الجميع الالتفاف حول النادي للخروج به من هذا النفق المظلم لأنّ الحلول الترقيعية والمجهودات الفردية لا يمكن أن تأتي بنتائج حقيقية وفعّالة بالتراكمات التي تواصلت لسنوات ولا يمكن إصلاحها وتجاوزها دون العودة الى الأصل والمبادئ والتاريخ الذي ورثناه وتعلمناه في النادي الافريقي لأنّ التسيير في ناد بحجم الافريقي ليس مجرّد توفير بعض المال أو مواكبة حصّة تمارين. الأمر أكبر من ذلك بكثير وللأسف الموجودون حاليا في محيط النادي لا يرتقون حقيقة الى مستوى النادي ومستوى تاريخه ونضالاته.
– وما هي الحلول الأنسب التي يراها فريد عبّاس للخروج بالنادي من أزمته الراهنة ؟
أوّلا علينا أن نبتعد عن تشخيص الأمور لأنّ الوضع الراهن ليس مرتبطا بتدخّل شخص معيّن أو بتواجده على رأس النادي… المطلوب هو اتحاد كلّ رجالات النادي والعودة الى القواعد والهياكل والانصات لشواغل النادي على أمل تجاوز هذه السنوات السوداء. والمهمّ في الفترة القادمة هو مراجعة القانون الأساسي للجمعية لحمايتها من الدخلاء لأنّ السنوات الأخيرة عملتنا أن الافريقي وجماهيره كانوا ضحية عملية تحيّل من بعض الدخلاء الذين لا ينتمون أبدا للنادي. النادي كان له في السابق مسؤولون من مستوى عال وحتى اللاعبين كذلك وهذه حقيقة على مرّ التاريخ كلما ابتعدنا عن سياسات النادي وتقاليده ونواميسه فقدنا ثوابتنا. النادي الافريقي كان مهابا وقويا بفضل رجالاته وبفضل شبانه كذلك لكن اليوم أصبح الفريق مرتعا للغرباء وللذين ليس لهم أيّة غيرة أو حب وتعلّق بالجمعية. وحتى الجمهور الذي كان نقطة القوّة أصبح اليوم نقطة ضعفه لأنه منح صوته لمن لا يستحق في في أكثر من مرّة…وقد نلتمس العذر لهؤلاء لانهم صدّقوا الوعود الكاذبة وانساقوا وراء أمنيات زائفة.
– انتم كذلك تتحملون المسؤولية لأنكم ابتعدتم عن النادي واكتفيتم بالتعليق عن بعد ورفضتم تحمل المسؤولية في وقت احتاجكم فيه النادي؟
ابتعدنا لأننا نحترم أنفسنا ونرفض “تطييح القدر”… أنا أرفض مجالسة أو التعامل مع أناس لا يحترمون بعضهم البعض ويتهجمون على الكل بتعلّة الدفاع عن مصلحة النادي. نحن حاولنا مدّ يد العون والتدخّل لوضع حدّ لهذا النزيف ونجحنا الى حدّ ما في إعادة الفريق الى السكة من خلال الوقوف وراء الهيئة التسييرية التي نجحت نسبيا في مهمتها بدليل النجاح الباهر الذي تحقّق وقد عادت اللحمة والجوّ العائلي والحميمي الى النادي واستعدنا مبادئنا وقيمنا لكن البعض لم يعجبه هذا النجاح وعدنا الى نفس الممارسات والنتيجة هي ما وصل اليه الفريق اليوم.
– لكن الهيئة التسييرية خسرت معركة الجلسة الانتخابية وتلك أحكام اللعبة ثمّ انه من حقّ الجماهير اختيار الهيئة التي تمثلها ؟
أنتم أدرى بما حصل وما يحصل وكيف تم التحايل على أصوات المنخرطين في تلك الجلسة وتعرفون جيّدا حقيقة ما حصل في الكواليس. أنا طالبت أكثر من مرّة بتنقيح القانون الأساسي للجمعية ثمّ كيف لجمعية بهذا التاريخ وهذا الحجم أن يقرّر 150 فردا مصيرها وينتخبوا رئيسها… بعض المنخرطين أو المرتزقين الذين لا نعرف عنهم شيئا ولا ندرك حتى حقيقة انتمائهم يتحكّمون في مصير جمعية ؟؟؟
– البعض يرى أن الخلاف بينك وبين حمّادي بوصبيع هو السبب الأوّل والرئيسي في ما آلت اليه الأمور الآن وكذلك السبب في خسارة الهيئة التسييرية الانتخابات؟
لا أريد تشخيص الأمور… ولكن لماذا لم نجدّد الثقة في الهيئة التسييرية التي نجحت بشهادة الجميع؟
– لأن رئيسها مروان حمودية كان قريبا من حلف فريد عبّاس وليس من حلف حمادي بوصبيع؟
الهيئة التسييرية لم تكن قريبة من شخص فريد عبّاس بل كانت قريبة من قواعد النادي الافريقي ومن مبادئ الفريق ومن سلوكه وكانت بعيدة عن الغرباء والدخلاء وكذلك بعيدة عن رجال الظلّ الذين تعوّدوا التحكم في مصير النادي من وراء الستار وهذا ليس سلوكنا. نحن أناس محترمون لنا وجه واحد وموقف واحد ولا نجيد لعبة الكواليس. وهذا أصل الخلاف ولكن ما يجمعنا هو حبّ الجمعية وليس لي معارك جانبية مع أيّ شخص.
– وماذا عن الهيئة الحالية وما حكمك عن مدى نجاحها من عدمه؟
الحكم عليها يبقى سابقا لأوانه بحكم قصر الفترة التي قضتها على رأس النادي… ولكن طريقة العمل والسلوك والمعاملات لا تبعث على الاطمئنان.
– سبق أن صرّحت في حوار لـ”الشارع المغاربي” بأن عبد السلام اليونسي غريب عن النادي ولا يمكن أن يكون رئيسا له ؟
لنعد قليلا الى الخلف… ما الذي أوصل الافريقي الى ما هو عليه الآن؟ أليس الغرباء والدخلاء؟ منصب الرئاسة في الافريقي وبقطع النظر عن الأشخاص هو منصب رمزي ومن يريد الوصول اليه يجب ان تتوفّر فيه جملة من الصفات وتكون له سمعة وتاريخ في النادي ونجاحات خارجه… رئيس سابق تلاحقه قضايا ورئيس آخر بلا تاريخ ولا نجاحات وهذه هي النتيجة… عندما استشاروني قدمت وجهة نظري لكن للأسف لم يصغ أحد لنا وسلمنا النادي للدخلاء.
– هناك حديث عن معركة سياسية تحصل داخل النادي الافريقي خاصة أن اسم فريد عبّاس متواجد دائما وبقوّة في عناوين بعض الأحزاب السياسية الفاعلة في تونس؟
لنتفّق أوّلا على أن هناك أطرافا حاولت تسييس النادي واستغلاله خدمة لأغراض سياسية وشخصية بحتة. ولكن الحديث عن توظيف الأندية الرياضية في مشروع سياسي موجود وليس صناعة تونسية بل الأمر أصبح من التقاليد المعمول بها في كلّ العالم ولكن وفق شروط أهمها عدم الخلط بين الطموحات السياسية وبين أهداف الجمعية وبالنسبة لي ليس هناك أيّ مانع من تولّي مسؤول سياسي مهمة رياضية صلب جمعية ما ولكن بعيدا عن التوظيف وعلينا الانتباه كثيرا الى هذه النقطة.
– فريد عبّاس يتبنّى الأًصوات الداعية الى عقد جلسة عامة انتخابية سابقة لأوانها؟
بالنسبة لي أنا مع الدعوة الى عقد جلسة حوار حتى يفهم الموجودون حاليا في الجمعية أنهم غير قادرين على تسيير الجمعية. النادي يحتاج حاليا الى كفاءات والى أشخاص لها من النجاحات ومن المواصفات ما يجعلها قادرة على المساعدة وتجميع الناس من حولها… أسماء مثل المرحوم لطفي الزاهي الذي قدّم الشيء الكثير للنادي الافريقي وكان من جنود الخفاء ومن بين المساهمين في تنظيم الجمعية وفي مراجعة القانون الأساسي وهو ما لم يعجب الكثيرين وقتها. اليوم بعض الذين يحتلون مواقع ريادية في النادي لم يكن بمقدورهم حتى التواجد في أصغر المسؤوليات عندما كان النادي الافريقي في أزهى فتراته. هل هذا هو النادي الافريقي الذي حلمنا به جميعا؟
– البعض مازال يتغنّى بالفترة الزاهية التي كان فيها فريد عباس رئيسا للنادي الافريقي فهل هذا ما سبّب لك بعض المشاكل مع بقيّة الرؤساء السابقين وحديث عن صراع زعامات بين الكبارات ؟
هذا موجود… البعض يحاسبك حتى على نجاحك والحقيقة النجاح لم يكن شخصيا ولا يكون أبدا لأنّ النجاح هو نتاج عمل جماعي وهيئة متكاملة. التتويجات لا تبقى حكرا على الأشخاص أو بأسمائهم ولكنها تبقى في خزائن النادي.
– نجاحك الباهر لم يشفع لك لتكون الأب الروحي للنادي والذي بات ملكية خاصة لحمادي بوصبيع؟
(ضاحكا)… هذه الكلمة تضحكني كثيرا… لا يوجد أب روحي للنادي الافريقي وإذا كان هناك شخص بالفعل يستحق هذا التوصيف فهو سي عزّوز الأصرم الذي بنى النادي الافريقي في الستينات عندما لم يكن النادي بهذا الحجم والصيت… هذا الشخص هو الذي وضع حجر الأساس الصحيح في الافريقي وهو الذي بناه وجعل له قاعدة جماهيرية وجعل له شعبية كبيرة… هذا الشخص هو الذي يستحق بالفعل أن يكون الأب الروحي للنادي ومعه وفي عهده عشنا أحلى وأزهى فتراتنا. سي عزوز رحمه الله شخصية قيادية فذّة وناجحة الى درجة أنّ الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة انزعج من نجاح وزيره الذي كان يقود الافريقي من نجاح الى آخر. هؤلاء الأشخاص هم من يستحقّون منا الاشادة والثناء… وبالنسبة للوقت الراهن أقول إنه آن الأوان لمنح المشعل لجيل جديد من الشبان يكون متقدا حيوية واندفاعا وقدرة على التسيير والبقيّة يكفيهم المساعدة بتقديم النصح والمشورة والارشاد. للأسف أكثر ما يقلقني في النادي الافريقي هو أن بعض المحسوبين على الفريق يحسدون الناس على نجاحهم فيقدحون فيهم ويذمونهم وبهذه العقلية لن ينصلح الحال.