الشارع المغاربي – قصة البغدادي ..من لاعب كرة قدم الى زعيم أكثر التنظيمات دموية

قصة البغدادي ..من لاعب كرة قدم الى زعيم أكثر التنظيمات دموية

قسم الأخبار

27 أكتوبر، 2019

الشارع المغاربي-وكالات : بعد سنوات من التخفي ، أعلن اليوم رسميا عن زعيم تنظيم “داعش” الارهابي أبو بكر البغدادي، وجاء الاعلان على لسان الرئيس الامريكي دونالد ترامب اليوم الاحد 27 أكتوبر 2019  في كلمة قال فيها إن قوات أمريكية خاصة بسوريا نجحت خلال عملية عسكرية في شمالي البلاد وشاركت فيها 8 مروحيات أمريكية في قتل البغدادي وعدد من قيادات التنظيم الارهابي.

فمن هو أبو بكر البغدادي زعيم أكثر التنظيمات الارهابية دموية والمجرم رفم واحد في العالم الذي بقي لوقت طويل في قائمة أغلى المطلوبين للولايات المتحدة الأمريكية التي خصصت مبلغ 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليه ؟.

لاعب كرة قدم

ولد البغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، في مدينة سامراء شمالي بغداد عام 1971. وينحدر من عائلة سنية متدينة متوسطة الحال تنتمي إلى عشيرة البدري، وتقول إنها تنحدر من نسل النبي محمد. عاش البغدادي طفولته وصباه في مدينة سامراء قبل أن ينتقل إلى العاصمة العراقية بغداد في سن 18 عاما.

وحصل على شهادة البكالوريا في الدراسات الإسلامية من جامعة بغداد عام 1996، ثم الماجستير والدكتورا في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية بين 1999 – 2007. وقضى البغدادي سنوات دراساته العليا في حي الطوبجي في بغداد حتى عام 2004 مع زوجتين وستة من الأبناء.

وعرف عنه في هذه الفترة بأنه كان يعلم الأطفال القرآن في مسجد محلي، كما كان لاعبا في فريق كرة القدم الذي يمثل الحي، ولم يعرف عنه في تلك المرحلة ممارسة نشاط سياسي بارز ضمن جماعات الإسلام السياسي. ويشير بعض المصادر إلى أنه خلال فترة دراساته العليا، أقنعه عمه بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين. وبدأ البغدادي يقترب من الجماعات السلفية المتشددة التي تميل إلى استخدام العنف، متبنيا نهج السلفية الجهادية في عام 2000.

تأسيس” داعش” 

بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ساهم البغدادي في تأسيس جماعة “جيش أهل السنة والجماعة” المسلحة. واعتقلته القوات الأمريكية في فيفري  2004، في مدينة الفلوجة، وبقي في معسكر الاعتقال في سجن “بوكا” نحو عشرة أشهر. استثمر البغدادي فترة السجن لممارسة الوعظ الديني بين أوساط المعتقلين، إذ كان يؤمهم في الصلاة ويلقي خطبة الجمعة، وينظم دروسا دينية لهم.

ويصفه أحد المعتقلين معه بأنه كان متحفظا وقليل الكلام، لكنه كان يمتلك موهبة التنقل بين الجماعات المتنافسة داخل المعتقل، حيث يختلط المعتقلون الموالون لنظام صدام مع السلفيين الجهاديين. وبنى البغدادي علاقات وثيقة مع العديد من المعتقلين معه في بوكا، وظل على تواصل معهم بعد إطلاق سراحه في ديسمبر 2004. وبعد إطلاق سراحه، اتصل البغدادي بالمتحدث باسم تنظيم القاعدة في العراق، وهو التنظيم المحلي التابع للقاعدة في العراق الذي كان يديره الأردني أبو مصعب الزرقاوي.

وقد اقنع المتحدث باسم القاعدة البغدادي بالسفر إلى العاصمة السورية، دمشق، للعمل في الجهاز الدعائي للتنظيم والمساهمة في الإشراف على أن تكون المواد الدعائية التي تبثها الجماعة متطابقة مع المبادئ “السلفية الجهادية”. وقد بنى البغدادي علاقات وثيقة مع زعيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي الذي قُتل في جوان  2006، في غارة جوية أمريكية، وخلفه أبو أيوب المصري.وفي أكتوبر من ذلك العام، قرر أبو أيوب المصري حل تنظيم القاعدة في العراق، وتأسيس تنظيم “الدولة الإسلامية”، واستمرت هذه الجماعة الجديدة في الولاء لتنظيم القاعدة الأم.

“امير” التنظيم 

تسلق البغدادي بسرعة المنصاب صلب ” تنظيم داعش”  بعد أن لمع نجمه سريعاً بفضل قدرته على تقليص الهوة بين الارهابيين الأجانب الذين أسسوا التنظيم والارهابيين العراقيين الذين انضموا للتنظيم لاحقا.  وعين رئيس هيئة الشريعة في التنظيم، واختير عضوا في مجلس شوراه . وضم المجلس 11 عضوا لتقديم المشورة لزعيم التنظيم وقتذاك أبو عمر البغدادي. ثم اختير عضوا في لجنة التنسيق في تنظيم القاعدة بالعراق، والتي كانت تشرف على الاتصال بقادة التنظيم في العراق.

وفي عام 2010، اختار مجلس الشورى أبو بكر البغدادي أميراً جديداً للتنظيم بعد مقتل أبو عمر البغدادي مؤسس التنظيم وأميره.

وتمكن البغدادي من إعادة بناء تنظيم لقي هزائم نتيجة ضربات قوات العمليات الخاصة الأمريكية.

الصراع السوري

بعد أن انتقلت شرارة انتفاضات ما عرف بالربيع العربي من تونس ومصر إلى سوريا في عام 2011، استغل البغدادي تلك الاضطرابات الداخلية وأرسل أحد مساعديه السوريين ويدعى أبو محمد الجولاني لتأسيس فرع للتنظيم في سوريا، عُرف لاحقاً باسم “جبهة النصرة”.

وسرعان ما ظهرت خلافات بين البغدادي وزعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، الذي رغب في التعاون مع الجماعات السنية السورية المعارضة لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي عام 2013، أعلن البغدادي أن جبهة النصرة هي جزء من التنظيم في العراق، وعدّل اسم التنظيم ليصبح “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”.

ورفض البغدادي طلب أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الأم، منح جبهة النصرة استقلالها. لذلك أعلن الظواهري في فيفري 2014، عن قطع علاقات القاعدة بتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” الذي أصبح في ما بعد يعرف باسم “داعش”.

ورد البغدادي وتنظيمه باعلان الحرب على جبهة النصرة، وعزز من قبضته على العديد من المناطق الواقعة في شرقي سوريا، وفرض تطبيقا صارما لقواعد الشريعة الإسلامية. وبعد أن تمكن من الحصول على معقل آمن لتنظيمه، أمر أتباعه بالزحف على المناطق الغربية في العراق.

“خليفة المسلمين”

في 29 جوان 2014، أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)  في تسجيل صوتي تغيير اسم التنظيم ليصبح “تنظيم الدولة الإسلامية” فقط، وحُذفت كلمتي الشام والعراق، بهدف إزالة الحدود داخل الدولة المزعومة ووقتها،كان التنظيم  قد سيطر على محافظة الرقة في سوريا ومناطق عديدة في محافظة دير الزور القريبة من الحدود العراقية ومناطق شاسعة من محافظة حلب.

ومع توسع رقعة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم، أعلن البغدادي مدينة الرقة عاصمة للخلافة ودعا المسلمين إلى الهجرة إليها ومبايعته.

عانى السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش الارهابي من العقوبات القاسية والإعدامات في الساحات العامة وفرض قوانين صارمة على جميع السكان بغض النظر عن دياناتهم وانتماءاتهم المذهبية.

وكان أكبر انتصار للتنظيم تمكنه من السيطرة على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى وعلى مناطق واسعة في شمال العراق، بعد انسحاب القوات العراقية منها، وسيطرته على كميات كبيرة من أسلحة هذه القوات الثقيلة.

وتمكن تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية عام 2014 من بسط نفوذه على ما يقارب من 8 ملايين شخص في منطقة تبلغ مساحتها 88 ألف كيلومتر مربع، واستطاع أن يجني مليارات الدولارات من عائدات النفط والسرقة والخطف.

وقد أدى تقدم التنظيم في أراضي تسيطر عليها الأقلية الكردية في شمال العراق، وقتل واستعباد الآلاف من الطائفة الايزيدية لدفع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لشن غارات جوية على مواقع التنظيم في العراق في اوت عام 2014.

وكانت المعركة لطرد التنظيم  الارهابي من سوريا والعراق دموية فقد فيها الآلاف أرواحهم والملايين بيوتهم التي أجبروا على الفرار منها.

وبدأ التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ويضم قوات من أستراليا والبحرين وفرنسا والأردن وهولندا والسعودية وتركيا والإمارات العربية وبريطانيا، في شن غارات جوية في العراق في اوت 2014 كما بدأ الحملة الجوية في سوريا بعد ذلك بشهر. ونفذ التحالف اكثر من 33 ألف غارة جوية.

وبدأت روسيا، وهي ليست جزءا من التحالف الدولي، غارات على الإرهابيين في سوريا في سبتمبر عام 2015 لدعم الحكومة السورية.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنه تم تنفيذ 39 ألف غارة في سوريا منذ عام 2015 دمرت 121 ألف “هدف إرهابي” وقتلت 5200 عضوا في التنظيم.

وفي سوريا خاضت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد المعركة مع داعش بدعم جوي من روسيا ودعم من ميليشيا مدعومة من إيران.

وفي نفس الوقت دعم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية.

وفي العراق كانت قوات الأمن التي خاضت معارك ضد التنظيم مدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وقوات الحشد الشعبي وهي قوات شبه عسكرية يهيمن عليها مقاتلون مدعومون من إيران.

وكانت الباغوز آخر بلدة خسرها التنظيم في مارس 2019، واستسلم العديد من عناصر داعش الارهابي وعائلاتهم لقوات سوريا الديمقراطية في سوريا.

الاختفاء 

كان أول ظهور للبغدادي في أعقاب سيطرة داعش على مدينة الموصل في شمال العراق عام 2014 للإعلان عن إقامة دولة الخلافة وتنصيب نفسه “خليفة المسلمين” عندما ألقى خطبة الجمعة في مسجد النوري في الموصل. وفي الذكرى الثالثة لأول ظهور علني للبغدادي، لم يعد داعش يسيطر على معظم الأراضي التي كانت بحوزته من قبل، والتزم زعيم التنظيم الصمت بشكل واضح منذ مخاطبة أتباعه في رسالة صوتية مسجلة في نوفمبر عام 2016، بعد بداية معركة طرد داعش من الموصل.

 ووسط هذا الصمت، ظهرت تقارير غير مؤكدة عن مقتله . وقال نائب وزير الخارجية الروسي حينئذ إنه “من المرجح للغاية” أن البغدادي قد قُتل في غارة جوية روسية على الرقة في 28 ماي عام 2017. كما أكد مسؤول إيراني في ذلك الوقت أنه “مات بكل تأكيد”. غير أن مسؤولين أمريكيين شككوا في كلا الروايتين .وفي مقطع فيديو نُشر من الرقة بعد أسبوع من ظهور التقرير الروسي، استخدم أعضاء بتنظيم الدولة كلمة “شيخنا”، دون ذكر البغدادي بالاسم، ما أثار علامات استفهام بشأن مصيره. بذريقة اعادت لى الاذخان كيف اخفت حركة طالبان وتنظيم القاعدة وفاة زعيمها الملا عمر طيلة عامين.

وتباينت الإجابة حينئذ حول مكان اختفاء البغدادي فهناك من رجح اختفاءه في ما يمكن وصفه بأنه “العاصمة الثالثة” لداعش، أي المناطق التي يسيطر عليها على جانبي الحدود السورية والعراقية. وأطلق عليها اسم “ولاية الفرات”، التي تتكون أساسا من مدينة القائم العراقية وبلدة البوكمال السورية. وكانت هذه المنطقة هي الوحيدة المتبقية التي يمكن أن يزعم داعش أنها “أرض التمكين”.

كما رجح البعض الآخر أنه مختبئ في المنطقة الصحراوية شرقي سوريا على الحدود العراقية، التي تعد منطقة آمنة ومألوفة نسبيا للبغدادي واين يمكنه الاختباء والهروب من أية محاولات للقبض عليه أو قتله.

وخلال معركة الموصل عام 2017 وجه البغدادي نداء بالراديو لمقاتليه بالصمود، كانت مدة النداء 45 ثانية لكنها كانت كافية لالتقاط الإشارة، وكاد هذا الخطأ ان يكلفه حياته لولا انتقاله السريع من الموقع الذي أصدر منه النداء.

في 29 من افريل  الماضي وبعد خمس سنوات من ظهوره الأول ظهر زعيم تنظيم “الدولة الاسلامية” أبو بكر البغدادي للمرة الثانية، ليؤكد استمرار التنظيم في “الجهاد” متوعداً بشن حرب استنزاف على أعدائه. وأكد في إطلالته الأخيرة إن الهجمات التي تعرضت لها كنائس في سريلانكا أثناء احتفالات عيد الفصح في افريل 2019، جاءت انتقاماً لخسارة التنظيم بلدة الباغوز شرقي سوريا، في مارس 2019، والتي كانت آخر معاقل التنظيم.

ودعا في الشريط المصور الذي نشره داعش، أنصاره حول العالم إلى “الجهاد” وشن حرب “استنزاف على الأعداء”.

وبمقتل البغدادي خسر التنظيم الأراضي التي كان يسيطر عليها وتكون الخلافة التي تأسست عام 2014 قد انتهت على أرض الواقع، لكن التنظيم أبعد ما يكون عن النهاية. وفي هذا الإطار، قال مسؤولون عسكريون بوزارة الدفاع الأمريكية إنه إذا لم يتواصل الضغط على الجماعة فإن التنظيم سيبعث مجددا في سوريا خلال فترة تتراوح بين 6 و12 شهرا ويستعيد منطقة محدودة في وسط وادي شرق الفرات. يبدو أن هذه التحذيرات أقنعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم سحب كل القوات الأمريكية من سوريا والتي لم يتجاوز عددها ألفي عنصر في ديسمبر 2018.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING