الشارع المغاربي – في الدعم الغربي ليوسف الشاهد ولبقائه /بقلم: أحمد بن مصطفى

في الدعم الغربي ليوسف الشاهد ولبقائه /بقلم: أحمد بن مصطفى

8 يونيو، 2018

الشارع المغاربي: التوقف المفاجئ للمسار الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى إقالة حكومة الشاهد أثار العديد من الاستفهامات حول خفاياه و خلفياته غير المعلنة.  وقد عزا أغلب الملاحظين هذا الأمر إلى التحول الحاصل في موقف حركة النهضة التي قد تكون اختارت استمرارية «الاستقرار الحكومي» الضامن لحضورها النوعي القوي صلب التشكيلة الحالية على احتمالية التحوير الشامل أو الجزئي المحفوف بمخاطر إمكانية فقدانها بعض المواقع الوزارية الهامة في ظرفية يسعى فيها الجميع إلى التموقع في المشهد السياسي استعدادا للمواعيد الانتخابية الرئيسية القادمة.

غير أن العديد من المؤشرات تؤكد أن التأثيرات الخارجية لم تكن غائبة عن التطورات التي أدت إلى الإبقاء على يوسف الشاهد على رأس الحكومة مقابل التزامه بتسريع  «الإصلاحات» المتفق عليها مع مجموعة السبع وعلى رأسها  المفاوضات حول اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي التي تعثرت نسبيا لما تواجهه من معارضة داخلية وبسبب عدم الاستقرار الحكومي

حقيقة الأمر أنّ الجانب الأوروبي الغربي منزعج من تحول هذه الملفات الحساسة إلى قضية رأي عامو الحال انه تم التخطيط في قمة دوفيل  غداة الثورة لتمريرها بصمت من قبل مجموعة السبع كإطار جديد للشراكة شمال جنوب يؤسس لتوسيع التبادل الحر إلى كافة القطاعات الاقتصادية باعتباره السبيل الأمثل لضمان استمرارية السياسات التي تخدم ديمومة مصالح الكتلة الغربية الاقتصادية والأمنية ونفوذها في المنطقة.

ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2019، في ظل تنامي الأزمة الحكومية ووصولها إلى شبه طريق مسدود، ارتأت مجموعة السبع أن تراهن على مساعدة يوسف الشاهد على الاستمرار في الحكم مقابل اعتماده خارطة طريق 20182020 تتضمن التسريع بإنهاء المفاوضات حول «آليكا» و اتفاقية الهجرة السرية «في أفضل الآجال» مع إدراج الملفين ضمن «الأولويات الإستراتيجية».

هذا ما ورد حرفيا في البيان الختامي لمجلس الشراكة التونسي الأوروبي المنعقد  بتاريخ 15 ماي في أعقاب لقاء رئيس الحكومة  بسفراء مجموعة السبع  وحصوله على دعمها العلني ثم انتقاله إلى بروكسال حيث قدمت خارطة الطريق لكبار  المسؤولين في  الاتحاد الأوروبي مشفوعة بالتزامات  مفادها أن «آليكا» ستوقع قبل موفى 2019.

وفي هذا الإطار انعقدت الجولة الثانية للمفاوضات حول «آليكا» بتونس بتاريخ 28 ماي المنقضي  تنفيذا لهذه الصفقة التي يدرك رئيس الحكومة  حجم المعارضة التي تلقاها بتونس ولكنه يبدو انه فضل المجازفة بتمريرها قبل الانتخابات مجاراة للجانب الأوروبي الحريص على تجنب إحالة  هذه القضايا  الخلافية إلى النقاش العام  أثناء الحملة الانتخابية المقبلة.

والغريب في الأمر أن الخصوم السياسيين الأكثر شراسة في انتقاد يوسف الشاهد صلب الفريق الحكومي لا يخالفونه الرأي في ما يتعلق بمستقبل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لأن جوهر المعركة بالنسبة إليهم يظل الصراع المتواصل على احتكار السلطة و الاستفراد بها حاضرا ومستقبلا.

وهكذا يبقى المشهد السياسي التونسي مرشحا لمزيد من الاحتقان وعدم الاستقرار خاصة إذا تأكد أن رئيس الحكومة اختار أن يربط مصيره ومستقبله السياسي بالدعم الأوروبي الغربي المشروط بفرض «اصلاحات» يعلم علم اليقين أنها ستؤدي إلى رفع منسوب التوتر إلى درجات قصوى وربما إلى المواجهة المكشوفة مع اتحاد الشغل وبقية القوى المعارضة لسياسة التفريط في مكاسب تونس والخضوع للاملاءات الخارجية على حساب المصلحة العليا للبلاد.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING