الشارع المغاربي – في ظل إخفاء حقيقة دعم المحروقات: هل تتحمّل تونس صدمة أسعار الطاقة ؟

في ظل إخفاء حقيقة دعم المحروقات: هل تتحمّل تونس صدمة أسعار الطاقة ؟

قسم الأخبار

18 فبراير، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أبرز صندوق النقد الدولي في مذكرة تحليلية له ان مزيجا من العوامل بصدد التجمع بشكل غير مسبوق بما يعكر الأجواء في أسواق الطاقة العالمية معيدا إلى الأذهان ذكريات أزمة الطاقة خلال سبعينات القرن الماضي وهو ما يفاقم من تعقيد آفاق التضخم والاقتصاد العالمي التي يغلب عليها عدم اليقين بالفعل.

فقد تضاعفت أسعار الغاز الطبيعي بأكثر من أربعة مرات مسجِّلة مستويات قياسية في أوروبا وآسيا، وهي ارتفاعات حادة غير مسبوقة من حيث استمراريتها وبعدها العالمي. ومن المتوقع أن ترتد هذه الأسعار إلى مستويات أقرب إلى الطبيعية حين ينحسر الطلب على الطاقة لأغراض التدفئة وتتعدل على أساسه الإمدادات. غير أن الامر قد يتحول إذا ظلت الأسعار على ارتفاعها الى عبء يعيق النمو العالمي.

وفي الوقت نفسه بدأ الشعور بالآثار المترتبة عن ارتفاع الأسعار حسب الصندوق، في أسواق الفحم والنفط. اذ بلغت أسعار النفط الخام “برنت”، الذي يمثل المعيار العالمي مؤخرا إلى مستوى لم تشهده منذ سنوات، مع بدء أعداد متزايدة من المشترين في البحث عن بدائل لتوليد طاقة التدفئة والكهرباء في ظل نقص فعلي في الإمدادات.

وبالنظر إلى هذه الخلفية من المفيد العودة بالذاكرة إلى بداية الجائحة حين عطلت قيود الحجر الصحي كثيرا من الأنشطة في مختلف قطاعات الاقتصاد. وأفضى ذلك إلى انهيار استهلاك الطاقة، مما أدى بشركات الطاقة إلى إجراء تخفيضات كبيرة في استثماراتها.

غير أن استهلاك الغاز الطبيعي انتعش بسرعة – مدفوعا بالإنتاج الصناعي، الذي يستهلك حوالي 20 بالمائة من الغاز الطبيعي – مما عزز الطلب في وقت كانت الإمدادات منخفضة نسبيا.

وإذا ظلت أسعار الطاقة على مستوياتها الحالية فسوف ترتفع نسبة إنتاج الوقود الأحفوري العالمي من إجمالي الناتج المحلي هذا العام من 4,1 بالمائة (حسب التقديرات التي تضمنتها توقعات الصندوق الصادرة في جويلية الماضي) إلى 4,7 بالمائة.

ويعني هذا أنه على البنوك المركزية أن تنظر بعناية في ضغوط الأسعار الناشئة عن صدمات إمداد الطاقة العابرة، مع التأهب في الوقت ذاته للتحرك بسرعة أكبر – وخاصة في حالة البنوك المركزية ذات الأطر النقدية الأضعف – إذا تحققت مخاطر انفلات التوقعات التضخمية عن ركيزتها.

غير انه ورغم دقة وضع الطاقة بتونس اعدت الحكومة تقديراتها الطاقية لسنة 2022 بخصوص قيمة سعر برميل النفط على أساس خاطئ (76 دولارا) في حين انه يتجه الى 100 دولار منذ مدة. كما ان السلط لا تفصح عن الأرقام الحقيقية للدعم وتغض الطرف عن الاستهلاك الحقيقي للطاقة من طرف مصالح الدولة علاوة على اخفائها المتواصل أسباب التعثر المالي لمؤسسات الطاقة الكبرى في البلاد وهي شركة الكهرباء والغاز وستير والشركة التونسية للأنشطة البترولية.

وتتظافر هذه العوامل لتجعل من تونس بلدا غير قادر على تحمل صدمة في أسعار المحروقات نظرا لهشاشة اقتصادها من ناحية وتكتم الحكومة على حقيقة الوضع الطاقي من ناحية أخرى.

في جانب اخر، تشير اخر البيانات الرسمية الى ارتفاع عجز الميزان التجاري الطاقي الى 5055 مليون دينار، مع موفى نوفمبر 2021، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020 حيث بلغ 4266 مليون دينار، أي بارتفاع بنسبة 18 بالمائة، فيما بلغت نسبة تغطية الواردات للصادرات 37 بالمائة مقابل 24 بالمائة خلال نفس الفترة من سنة 2020 .

وأظهرت النشرية الشهرية لوزارة الصناعة حول الوضع الطاقي لشهر نوفمبر 2021 ان الصادرات سجلت ارتفاعا في القيمة بنسبة 122 بالمائة وان الواردات سجلت زيادة بنسبة 43 بالمائة وخاصة على مستوى واردات النفط الخام التي ارتفعت الى موفى شهر نوفمبر 2021 بنسبة 65 بالمائة من حيث الكمية وبنسبة 162 بالمائة من حيث القيمة.

وفي المقابل شهدت واردات الغاز الطبيعي انخفاضا بنسبة 20 بالمائة من حيث الكمية وبنسبة 16 بالمائة من حيث القيمة. وسجل عجز ميزان الطاقة الاولية تقلصا بنسبة 13 بالمائة اذ بلغ 1ر4 ملايين طن مكافئ نفط مع موفى نوفمبر 2021 مقابل 8ر4 ملايين طن مكافئ نفط في سنة 2020، حسب نفس البيانات. وبخصوص نسبة الاستقلالية الطاقية فقد سجلت هي الاخرى تحسنا لتبلغ 53 بالمائة موفى نوفمبر 2021 مقابل 42 بالمائة خلال نفس الفترة من سنة 2020.

وقالت نائلة نويرة وزيرة الصناعة والطاقة التونسية اليوم الجمعة 18 فيفري 2022 إن تونس سترفّع في أسعار الكهرباء والمحروقات لخفض عجز الطاقة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وهي خطوة من بين حزمة إصلاحات اقتصادية يطالب به المقرضون الدوليون مقابل برنامج إنقاذ مالي علما ان السلط رفعت في أسعار الوقود أربع مرات خلال الثلاثة عشر شهرا الماضية.

وأضافت الوزيرة أن تونس ستمنح تراخيص لمشاريع طاقة متجددة لإنتاج 2520 ميغاوات بين 2022 و2025 مع خطط لإنتاج 30 بالمئة من الكهرباء عبر الطاقات المتجددة في 2030


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING