الشارع المغاربي – في مخاطر الإفراط في التوريد الدستوري/ بقلم أحمد صواب

في مخاطر الإفراط في التوريد الدستوري/ بقلم أحمد صواب

قسم الأخبار

12 فبراير، 2021

الشارع المغاربي:

أولا: المخاطر الدستورية في التوريد غير الموائم

  • إسقاط المثال الفرنسي:

لا تجوز المقارنة بينه و بين تونس إلا في نقاط فرعية (micro)، و ليس في مسائل كلية (macro) بالنظر للإختلاف في التراكمات (الزمان والكم و الكيف…) و للإختلاف بين النظامين السياسيين (رئاسوي في فرنسا الى درجة أنه نعت خاصة في فترة ديغول بالجمهورية الملكية، و برلماني معدل في تونس قريب من النظام البرتغالي).

وإن حصلت المقارنة بالكلية، أضحى الشبه في منتهاه و بالضرورة قائما بين فرنسوا ميتران وقيس سعيد، وبين جاك شيراك وهشام المشيشي.

  • مساو التكثيف النظري و منها نظرية الشارح الأصيل:

إن قاعدة “إذا فات الشيء حده، إنقلب الى ضدّه” تنطبق على هذا التكثيف، خاصة في ما يتعلق بالشارح الأصيل (l’interprète authentique)، بدليل أن مؤدى هذا هو خرق مبدأ الفصل بين السلط والتوازن بينها (توطئة الدستور) ضرورة أن علاقة رئاسة الجمهورية بالقضاء وبالحكومة وبالبرلمان لن تعد أفقية، بل أمست عمودية، فهو القاضي الدستوري والقاضي الجزائي ومالكا لحق النقض تجاه رئاسة الحكومة في إختصاصها في تعيين أعضائها وحتي مستشاريها، وتجاه البرلمان في منح الثقة للوزراء الجدد.

ثانيا: المخاطر السياسية في التوريد غير الملائم

  • الإيماء ومن نتائجه رفض الزرع (rejet de la greffe):

يشكل دستور 1959 خير دليل على هذا (كل الحريات مكفولة، وكذلك الفصل بين السلط، الى جانب إستقلال القضاء و إقرار نظرية دولة القانون…) في واقع إستبدادي كثيف وتصاعدي.

  • الإفتاء إراديا أو عن حسن نية لمصلحة الأقوى:

بما يجعل الفقيه مشرّعا لصاحب السلطة (légitimiste)، ووصولا متسامحا    ولو بالصمت مع خروقات الأقوى للدستور (علوية النص الديني على النص الدستوري، وفي الميراث مثال – مبدأ الحياد التام في الجيش والأمن وأمامهما – الأقدر لتكوين الحكومة والمشاورات في الغرض التي تلخصت في رسالة واحدة من كل كتلة)…

  • التأويل الفاضح للواضح:

من ذلك أن العبارات المطلقة أصبحت تحتمل الإستثناء (الفصل4 من قانون المحكمة الإدارية)[1]، صار الواجب الدستوري والسلطة المقيدة (الفصل89 من الدستور في فقرتيه 5 و 6) يخضعان للسلطة التقديرية، وأمسى مضمون إختصاص واضح لمؤسسة واحدة ومداه (مسألة تأويل لا غير) يشكل تنازعا للإختصاصات بين مؤسستين (الفصل 101 من الدستور) وهذا التنازع لم يتمسك به أحد.

ختاما، من المعقول أن يعطي السياسي الأفضلية للسياسة على حساب القانون، لكن من واجب القانوني (le juriste) أن يعطي الأسبقية للقانون بما يعني من دولة القانون على حساب السياسة، وإلا أضحى هذا الأخير…

وبناء على هذا، لم يبق لرئيس الحكومة الا الإستقالة، حفاظا على الإنتقال الديمقراطي، وتجنبا للإنقلاب على الدستور من داخله، إما إراديا أو بقرار من حركة النهضة.


[1]  رأي المحكمة الإدارية بتاريخ 11 فيفري 2021 والذي إنتهى الى إقرار عدم الإختصاص في الإستشارة المقدمة من قبل الحكومة في إطار الفصل 4 من قانون المحكمة الإدارية و الفصلين 89 و 101 من الدستور، يشكل تراجعا عن فقه قضاء المحكمة الإدارية (قضائيا و إستشاريا) الذي درج منذ عقود على الجرأة و تدرج في التوسع في الإختصاص، ترسيخا لروحه في حماية الحقوق و الحريات و إرساء دولة القانون، ومن تجلياته القرارات التاريخية للجلسة العامة القضائية بجلسة 7 نوفمبر 2013، و تواصل هذا التمشي بعد الدستور خاصة على أساس غياب المحكمة الدستورية.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING