الشارع المغاربي : خصصت هيئة الحقيقة والكرامة جلسة يوم أمس لـ “منظومة الدعاية والتضليل الإعلامي” وقدمت تقارير وثائقية حول ما قالت انها مختلف المحطات التي مر بها الإعلام التونسي منذ عهد الحماية إلى تاريخ ثورة 14 جانفي 2011 وتمحور الوثائقي الاول حول فترة حكم بورقيبة وعلافة النظام بالاعلام .
وذكر التقرير أن “الإعلام كان قبل الثورة في قبضة استبدادية محكمة”،وان “ثنائية الدعاية والرقابة على المجتمع التونسي انطلقت منذ عهد الحماية وانها تواصلت في عهد الاستقلال وطورتها السلط شيئا فشيئا بين عهدي بورقيبة وبن علي”.
واكد الوثائقي الذي عرض مساء امس الجمعة خلال جلسة الاستماع العلنية لهيئة بن سدرين ونقلته وكالة تونس افريقيا للانباء ان عدد الجرائد الصادرة في تونس منذ انتصاب الحماية الفرنسية إلى تاريخ الاستقلال، بلغ 338 جريدة ناطقة بالعربية وبلغات غربية و985 جريدة ناطقة بالفرنسية.
واتى نفس المصدر على دور الصحافة التونسية في حمل لواء الوطنية وحركة مقاومة الاستعمار، مشيرا في هذا الصدد الى “ان السلطات الفرنسية عمدت إلى منع الصحف الناطقة بالعربية ما عدا جريدة واحدة تصدرها الإقامة بعد محاكمة علي باش حامبه ومجموعة حركة الشباب التونسي”.
وذكّر بـ”فرض الحماية الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية جهاز رقابة تحت إشراف عقيد فرنسي لم يكن يفهم العربية ليتم تسخير عبد المجيد بوديدح مساعدا له للقيام بالرقابة على المقالات،التي كانت السلطات الفرنسية تزعم أنها تشكل خطرا على الإقامة العامة”،مشيرا الى ان “أصحاب الصحف يواجهون تلك الرقابة بترك مساحة بيضاء مكان المقالات المحذوفة”.
وتابع التقرير :”التضييق تواصل بعد الاستقلال ولم تتح الفرصة لصحافة تعددية تستجيب لمتطلبات مرحلة بناء دولة مستقلة تكون فيها للمعارضة مساحة اعلامية تعبر فيها عن رؤاها السياسية والفكرية، وشهدت البلاد تصحرا إعلاميا حيث اكتفى خلاله الرئيس الحبيب بورقيبة بأربع صحف فقط وهي على التوالي “العمل” و “لاكسيون” الناطقتين باسم الحزب الحر الدستوري و”لابراس” الناطقة باسم الحكومة وجريدة “الصباح” المستقلة شكلا دون أن تخرج عن سياق السلطة الحاكمة” .
وابرز انه تم “توظيف الإعلام لتكريس الدعاية الرسمية للسلطة وللقائد الأوحد والحزب الواحد، وسُخرت كل إمكانيات الدولة لإقصاء أي مظهر من مظاهر التعايش بين مختلف التوجهات السياسية والفكرية”. ولفت الى انه بحلول جاء جانفي 1961″ تم إنشاء وكالة تونس إفريقيا للأنباء لتكون برقياتها هي المصدر الرسمي للأخبار”، وأن “المرفق العام اصبخ خلال تلك الفترة ممثلا في الاذاعة والتلفزة، الفضاء الذي قال انه الأول للدعاية الرسمية وبث خطابات وتوجيهات رئيس الجمهورية وأنه كان يتدخل فيها مباشرة”.
وأضاف الوثائقي “في هذا المناخ اللاديمقراطي بحثت بعض الأصوات عن بديل للتعبير تمثل اساسا في الصحف السرية والمناشير لتكون استثناء في المشهد الاعلامي زمن السبعينات واجهها النظام بالايقافات والمحاكمات غير العادلة والأحكام الفوقية بالسجن من أجل تهم ثلب رئيس الدولة وترويج أفكار زائفة” مبرزا ان “مجلة الصحافة صدرت سنة 1975 وكانت بمثابة قانون لمصادرة الكلمة الحرة وسجن المخالفين، ومثل الإيداع القانوني شكلا إضافيا لفرض الرقابة على كل ما ينشر، وان ذلك أدى إلى التحكم في الكتب والمطبوعات والاطلاع عليها قبل نشرها وإحكام الرقابة عليها”.
وشدد الوثائقي على ات “النظام اضطر أمام الهزات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد اوائل السبعينات إلى انفتاح نسبي سمي بـ”ربيع الصحافة القصير” سنتي 76 و77 لافتا الى ان السلطة سمحت بصدور عناوين مستقلة قال انها لعبت دورا هاما في احتواء الاحتقان السياسي الذي ذكر بانه كان يهدد السلم الاجتماعي.
وجاء في نفس المصدر ان “صدور صحف “الرأي ” و “الديمقراطية”و”لوفار” سنة 77 جوبه بالحجب والتعطيل المستمر من قبل وزارة الداخلية”، وان جريدة الشعب الأسبوعية التي قال انها كانت الأكثر مبيعا في ذلك الوقت صودرت وان رموزها زج بهم في السجون.
وحول فترة بن علي ، ذكر التقرير الوثائقي ان الرئيس الاسبق “جاء برؤية اخرى عمد فيها الى الاستعانة بالسلاح المالي لتدجين المشهد الإعلامي وتم حرمان صحف المعارضة من الاشهار العمومي واعتماد الرقابة عليها قبل وأثناء وبعد النشر، ووضع مقراتها والمسؤولين عنها والعاملين فيها تحت الرقابة الأمنية”.
وتابع “أصبح الاعلام يعيش في مناخ تقلص فيه هامش الحريات الصحفية وخضع فيها العاملون في القطاع لجميع أنواع الرقابة بما فيها الرقابة الذاتية، وظهرت الصحافة الصفراء جندت كلها لتمليع صورة النظام وضرب المعارضين وثلبهم والتشهير بهم”.