الشارع المغاربي – قيام‭ ‬منظمة‭ ‬‮"‬بريكس‮"‬‭ ‬أمر‭ ‬محمود‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته / بقلم: جمال الدين العويديدي(مختص في الاقتصاد والتنمية)

قيام‭ ‬منظمة‭ ‬‮”‬بريكس‮”‬‭ ‬أمر‭ ‬محمود‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته / بقلم: جمال الدين العويديدي(مختص في الاقتصاد والتنمية)

قسم الأخبار

4 مايو، 2023

الشارع المغاربي: كثر‭ ‬الجدل‭ ‬مؤخرا‭ ‬حول‭ ‬طرح‭ ‬مسألة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬منظمة‭ “‬البريكس‭” ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬احتدام‭ ‬حملة‭ ‬الضغط‭ ‬الأمريكي‭-‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬التونسية‭ ‬لإرغامها‭ ‬للرضوخ‭ ‬لشروط‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬مُذلة‭ ‬ومجحفة‭ ‬وعبثية‭ ‬كما‭ ‬يتبين‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المبلغ‭ ‬الزهيد‭ ‬الذي‭ ‬يُعرض(‭ ‬1.9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭( ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬طريقة‭ ‬صرفه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬تنقسم‭ ‬على‭ ‬ثمانية‭ ‬أقساط‭ ‬سداسية‭ ‬الدفع‭. ‬فهي‭ ‬بذلك‭ ‬وبقراءة‭ ‬مُعمّقة‭ ‬تحولت‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬كسر‭ ‬عظام‭ ‬لتكون‭ ‬رادعة‭ ‬لبقية‭ ‬البلدان‭ ‬المهيمن‭ ‬عليها‭ )‬الأردن‭ ‬مصر،‭ ‬لبنان‭ ‬وغيرها‭( ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬عملية‭ ‬إنقاذ‭ ‬مالي‭ ‬للوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التونسي‭.  ‬

قبل‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬التجربة‭ ‬الرائدة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬وليبيا‭ ‬بقرار‭ ‬سيادي‭ ‬في‭ ‬التسعينات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ “‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬المغاربي‭” ‬سعيا‭ ‬لتسهيل‭ ‬وتشجيع‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬وتحفيف‭ ‬وطأة‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬والحظر‭ ‬الظالم‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭ ‬وذلك‭ ‬بالتعامل‭ ‬بالعملات‭ ‬المحلية (الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬أو‭ ‬الجزائري‭ ‬أو‭ ‬الليبي‭( ‬عبر‭ ‬المُقاصّة‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬الثلاثة،‭ ‬نلاحظ‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ “‬البريكس‭” ‬يحيلنا‭ ‬تاريخيا‭ ‬ومباشرة‭ ‬إلى‭ ‬بروز‭ “‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭” ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬18‭-‬24‭ ‬أفريل‭ ‬سنة‭ ‬1955‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬مدينة‭ ‬باندونغ‭ ‬الإندونيسية‭ ” ‬الأفرو‭-‬آسيوي‭” ‬باعتباره‭ ‬الحدث‭ ‬السابق‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭. ‬

وللتذكير‭ ‬فإنه‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬انهيار‭ ‬النظام‭ ‬الاستعماري‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وفي‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي ‭ )‬الذي‭ ‬يترأس‭ ‬حلف‭ ‬فرصوفيا)‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ) ‬التي‭ ‬تترأس‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭( ‬تركزت‭ ‬جهود‭ “‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭” ‬منذ‭ ‬قيامها‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬موقف‭ ‬حيادي‭ ‬بين‭ ‬القطبين‭ ‬المهيمنين‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬التسريع‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تصفية‭ ‬الاستعمار‭. ‬

‭ ‬غير‭ ‬انه‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬سنة‭ ‬1991‭ ‬ونهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬استفردت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بوصفها‭ ‬القطب‭ ‬الأحادي‭ ‬لفرض‭ ‬هيمنتها‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وخاصة‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سياسة‭ ‬العولمة‭ ‬وفرض‭ ‬نظام‭ ‬الرأس‭ ‬مالية‭ ‬النيوليبرالية‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬اتفاقيات‭ ‬شراكة‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬تتعهد‭ ‬بفرضها‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ “‬ببرامج‭ ‬إصلاحات‭ ‬هيكلية‭ ” ‬تنفذها‭ ‬الأذرع‭ ‬المالية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬وكذلك‭ ‬عبر‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أحدثت‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬للتجارة‭.  ‬

وفي‭ ‬غمرة‭ ‬هيمنتها‭ ‬الأحادية‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬التجأت‭ ‬الولايات‭ ‬الامريكية‭ ‬وحليفها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬الإفراط‭ ‬بطريقة‭ ‬تعسفية‭ ‬وظالمة‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والحظر‭ ‬والتسلط‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬مثل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الامن‭ ‬الدولي‭.  ‬كما‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬الاستعمال‭ ‬المفرط‭ ‬للقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬أيضا‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬وفي‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬سوريا‭ ‬وفي‭ ‬ليبيا‭ ‬بدون‭ ‬تفويض‭ ‬دولي‭. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬بلدان‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬مثل‭ ‬كوبا‭ ‬وفنزويلا‭ ‬والشيلي‭ ‬والارجنتين‭ ‬والإكوادور‭ ‬وغيرها‭.‬

‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬أمام‭ ‬أعين‭ ‬بلدان‭ ‬كبيرة‭ ‬صاعدة‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬والهند‭ ‬والبرازيل‭ ‬وإيران‭ ‬وإفريقيا‭ ‬الجنوبية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬البعض‭ ‬منها‭ ‬تتسلط‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ (‬إيران‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭) ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يتوجس‭ ‬من‭ ‬قرب‭ ‬تسلط‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬عليه‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬حاليا‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وغيرها‭. ‬لذلك‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬الحقيقية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬منظمة‭ “‬البريكس‭” ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬محمود‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬يدفع‭ ‬بقوة‭ ‬نحو‭ ‬ضرورة‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬القطب‭ ‬الأحادي‭ ‬وإقرار‭ ‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬مُتعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬للأمل‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬أكبر‭ ‬نسبة‭ ‬ممكنة‭ ‬من‭ ‬العدل‭ ‬والسلم‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

قرار‭ ‬سيادي‭ ‬مغاربي‭ ‬مكّن‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬وليبيا‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬بالعملات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬لكسر‭ ‬الحصار‭ ‬عل‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر‭ ‬في‭ ‬التسعينات‭ ‬

هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬تفاقم‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الثمانينات‭ ‬عانت‭ ‬منه‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬بداية‭ ‬بالاعتداء‭ ‬الجوي‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1986‭ ‬وفرض‭ ‬الحظر‭ ‬الشامل‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التسعينات‭ ‬شمل‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭ ‬مما‭ ‬عرض‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬كبيرة‭. ‬كما‭ ‬انطلقت‭ ‬نيران‭ ‬فتنة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬التسعينات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬انتشار‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬عطلت‭ ‬المسار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للبلاد‭. ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المأسوي‭ ‬سارع‭ ‬البلدان‭ ‬الثلاثة‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬منظمة‭ “‬الاتحاد‭ ‬المغاربي‭” ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬التعامل‭ ‬بالعملات‭ ‬المحلية‭ ‬الثلاثة‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاثة‭ ‬بتدخل‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬عملية‭ ‬مُقاصّة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭. ‬حيث‭ ‬تمكن‭ ‬البلدان‭ ‬الثلاثة‭ ‬من‭ ‬التزود‭ ‬بالبضائع‭ ‬وبالخدمات‭ )‬الصحية‭ ‬والسياحية‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجزائر‭ ‬وليبيا‭( ‬بدون‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬خاصة‭ ‬الدولار‭. ‬مما‭ ‬سهل‭ ‬عمليات‭ ‬التوريد‭ ‬والتصدير‭. ‬

هذا‭ ‬المثال‭ ‬الرائد‭ ‬استجاب‭ ‬إلى‭ ‬حاجة‭ ‬الدول‭ ‬الثلاثة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬حاليا‭ ‬بعملية‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬الدولار‭ ‬بوصفه‭ ‬عملة‭ ‬مفروضة‭ ‬بقوة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬للقطب‭ ‬الأمريكي‭-‬الغربي‭ ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1971‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬حاليا‭ ‬بعملية‭ ‬تحييد‭ ‬دور‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬(رمز‭ ‬الهيمنة‭ ‬la( dédolarisation‭ ‬ .

إعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬التعامل‭ ‬المباشر‭ ‬بالعملات‭ ‬المحلية‭ ‬التونسية‭ ‬والجزائرية‭ ‬والليبية‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬طريقة‭ ‬رائدة‭ ‬لتمكين‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬شح‭ ‬الرصيد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬للتزود‭ ‬بالمحروقات‭ ‬والطاقة‭ ‬

لقد‭ ‬طالبنا‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬المناسبات‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تجديد‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬المغاربية‭ ‬الثلاثة‭ ‬وتوسيعها‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬موريتانيا‭ ‬ومصر‭ ‬وغيرها‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬خانقة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬رصيدها‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الدولار‭ ‬الامريكي‭ ‬واليورو‭ ‬الاوروبي‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬سداد‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬الذي‭ ‬يتصاعد‭ ‬باستمرار‭ ‬والذي‭ ‬يمثل‭ ‬قرابة‭ %‬70‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬العمومي‭ ‬للبلاد‭ ‬وكذلك‭ ‬لتأمين‭ ‬التزود‭ ‬بالمحروقات‭ ‬والطاقة‭ (‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭) ‬وبالمواد‭ ‬الضرورية‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والصحية‭.  ‬

لقد‭ ‬بين‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭ ‬أن‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬للبضائع‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬بالدينار‭ ‬التونسي‭ ‬إلى‭ ‬توريد‭ ‬بقيمة‭ ‬4‭,‬9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬وتصدير‭ ‬للجزائر‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭,‬0‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬أي‭ ‬عجز‭ ‬تجاري‭ ‬لتونس‭ ‬بقيمة‭ ‬3‭,‬9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭)‬نتيجة‭ ‬توريد‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬بالأساس(‭ . ‬أما‭ ‬مع‭ ‬ليبيا‭ ‬فقد‭ ‬حققت‭ ‬المبادلات‭ ‬2‭,‬5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬تصدير‭ ‬لتونس‭ ‬و0‭,‬6‭ ‬ مليار‭ ‬دينار‭ ‬توريد‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬أي‭ ‬فائض‭ ‬تجاري‭ ‬لتونس‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭,‬9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭. ‬بمعنى‭ ‬قيمة‭ ‬إجمالية‭ ‬للمبادلات‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬تونسي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تحقيقها‭ ‬بدون‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬وهي‭ ‬قابلة‭ ‬للتعزيز‭ ‬بقوة‭ ‬إذا‭ ‬قررت‭ ‬تونس‭ ‬توريد‭ ‬كل‭ ‬حاجياتها‭ ‬من‭ ‬المحروقات‭ ‬بالتناصف‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬جودة‭ ‬إنتاج‭ ‬البلدين‭ ‬عالية‭ ‬جدا‭. ‬

لا‭ ‬شيء‭ ‬يمنع‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬التعامل‭ ‬لصالح‭ ‬البلدان‭ ‬الثلاثة‭ ‬لخفض‭ ‬وطأة‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تستصدر‭ ‬سيادتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬وتُرغم‭ ‬بلداننا‭ ‬إلى‭ ‬تنازلات‭ ‬مذلة‭. ‬ما‭ ‬يمنع‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬وبكل‭ ‬اسف‭ ‬هو‭ ‬تغلغل‭ ‬نفوذ‭ ‬القطب‭ ‬الأحادي‭ ‬الأمريكي‭-‬الأوروبي‭ ‬ووكلائه‭ ‬المحليين‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تراجع‭ ‬دور‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬تفعيل‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬المجدية؟‭        ‬

‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تجمع‭ ‬واعد‭ ‬يعتمد‭ ‬ترشيد‭ ‬التوريد‭ ‬ويخفف‭ ‬ثقل‭ ‬الضغط‭ ‬الأمريكي‭-‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطوة‭ ‬توحد‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬وتقدم‭ ‬بديلا‭ ‬تنموي‭ ‬منتج‭ ‬واعد‭ ‬لخلق‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭ ‬لموطنينا‭ ‬وخلق‭ ‬الثروة‭ ‬والتنمية‭ ‬والرفاهة‭.‬

*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 2 ماي 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING