الشارع المغاربي – قيس سعيد: الاستشارة أول حلقة في الحوار الوطني

قيس سعيد: الاستشارة أول حلقة في الحوار الوطني

قسم الأخبار

21 مارس، 2022

الشارع المغاربي: اكد رئيس الجمهورية قيس سعيد ان الاستشارة الوطنية هي اول حلقة في الحوار الوطني مشددا على انه بعد “الحوار مع الشعب والتعبير عن ارادته سيتواصل العمل لتنظيم الاستفتاء يوم 25 جويلية القادم بعد ان يتم تشريك الجميع في ابداء ارائهم ومواقفهم واقتراحاتهم بالنسبة للنظام السياسي الجديد”.

وقال سعيد في فيديو بمناسبة عيد الاستقلال نشرته صفحة رئاسة الجمهورية بموقع فايسبوك فجر اليوم الاثنين 21 مارس 2022 ” كان يفترض ان اتحدث اليكم هذا الصباح ولكن كان هناك مجلس الوزارء الذي انعقد صباح اليوم ( امس) للتداول في عدد من مشاريع المراسيم وخاصة الصلح الجزائي والشركات الاهلية ومقاومة المضاربة هذا الارهاب من نوع خاص حتى يتم وضع حد للشبكات التي تحاول ان تجوع الشعب التونسي….تمر 66 سنة على توقيع بروتوكول 20 مارس 1956 الذي وضع حدا للاستعمار …هذا الاستعمار الذي اطلقت عليه تسمية الحماية في معاهدة المرسى بعد معاهدة باردو سيئتي الذكر ..واستمر الاستعمار جاثما على بلادنا لاكثر من سبعة عقود ونقترب اليوم من العقد السابع بعد الاستقلال ومن المفيد في هذه المناسبة الوطنية الهامة في هذا العيد الوطني التذكير بان مقاومة الاحتلال انطلقت حتى قبل توقيع المعاهدتين المذكورتين واستمرت حتى يوم الاعلان عن الاستقلال التام .لقد سقط شهداء ابرار من اجل الحرية والانعتاق … في المدن وفي الارياف وفي كل مكان وجاب عديد الزعماء التونسيين العالم بحثا عن دعم حق الشعب التونسي في السيادة الكاملة وفي الاستقلال التام ولم تكن المفاوضات حول الاستقلال التام بالامر الهين او اليسير. وكانت اهم ورقة في يد الوفد التونسي المفاوض في باريس انذاك هي الاعلان من جانب واحد عن استقلال تونس ولم يكن من قبيل الصدفة اطلاقا ان يسبق التوقيع على بروتوكول 20 مارس ب5 ايام فقط يوم انتخابات اعضاء المجلس القومي التاسيسي يوم 25 من شهر مارس من السنة ذاتها ..ومرت الايام وتتالت العقود وانطلقت ما كان يسمى في تلك الاعوام عملية البناء والتشييد بل ان هذه العملية انطلقت حتى قبل اعلان الجمهورية وقبل وضع الدستور وقد تم اصدار مجلة الاحوال الشخصية ثم انطلق السياسييون التونسييون في تلك الفترة في اصلاح التعليم وتولت الدولة كل المرافق العمومية من صحة وتعليم وضمان اجتماعي الى غير ذلك من المرافق العمومية الاخرى ولا احد يشك في اثر ذلك البالغ على المجتمع .اذ بدات تظهر ملامح المجتمع التونسي الجديد منذ اواخر السنوات الستين وبداية السنوات السبعين من القرن الماضي ..وظهرت هذه الملامح حتى في مستوى الطعام واللباس ..ولكن هذه النجاح الذي حققته الدولة الوطنية اثر الاستقلال في الجانب الاجتماعي وفي الجانب الاقتصادي لم يكن مرفوقا بنفس درجة التطور في المجال السياسي ..فمنذ اتفاقيات الاستقلال الداخلي عرفت تونس للاسف اقتتالا داخليا سقط فيه الكثير من التونسيين.. ثم جاءت اثر ذلك المحاولة الانقلابية لسنة 1962 وظهرت محاكم استثنائية كالمحاكم الشعبية وكالمحكمة العليا وكمحكمة امن الدولة سنة 1968 وتم حظر الحزب الشيوعي التونسي الى غاية سنة 1981. وتحولت الدولة التونسية الى دولة الحزب الواحد لا في الواقع بل بنصوص القوانين من ذلك على سبيل المثال القانون المتعلق بمجلس الجمهورية الذي كان يتركب من اعضاء الحكومة واعضاء الديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري وقضى العديدون سنوات طويلة في غياهب السجون او في المنافي خوفا من الاعتقال او التعذيب بل خوفا من الاعدام ..”

واضاف “كلما بدأت المشروعية تتناقص وتتاكل كلما كانت المطالب تتعدد بادخال اصلاحات جوهرية على النظام السياسي التونسي. ولعله من المفارقات ان بوادر التعددية بدات تظهر داخل الحزب الواحد المتفرد بالسلطة ومؤتمر المنستير 1 كما يسمى كان خير دليل على هذا التآكل من الداخل فضلا عن نضالات الكثيرين وفضلا عن المطالب الشعبية من خارج دوائر السلطة لتطوير النظام السياسي… ومن النوادر المعبرة عن هذا الوضع الحوار الذي دار بين الرئيس الحبيب بورقيبة واحد القادة الافارقة سنة 1984… ففي هذا اللقاء بقصر قرطاج توجه الرئيس بورقيبة لضيفه قائلا: هل تعرف مقامة “لا فونتان” “الغراب والثعلب” وكان الى جانبه الوزير الاول انذاك فأجابه الضيف الافريقي نعم يا سيدي الرئيس فرد عليه الرئيس بورقيبة متظاهرا بالتساؤل من منا نحن الثلاث هو الغراب فرد عليه ضيفه معتقدا انه هو المقصود وان الرئيس التونسي لم يكن في كامل مداركه العقلية قائلا: بكل تاكيد انا هو الغراب يا سيادة الرئيس انا هو الغراب فرد عليه الرئيس بورقيبة انت لم تفهم شيئا لان الغراب هو انا واما الثعلب فهو الذي يقف معنا موجها نظره الى الوزير الاول وقال له ولكن قطعة الجبن لن يظفر بها ابدا.. ولكن قطعة الجبن سقطت بعد ان تعفنت وازاد تعفنها كلما مرت السنوات وحتى المحاولات اليائسة لاضفاء مشروعية صورية بتخصيص عدد من المقاعد لما كان يسمى باحزاب المعارضة في المجلس النيابي لم تنطل على احد . الـ19 مقعدا المخصصة للمعارضة كانت كالمقاعد المخصصة للضيوف في المسارح او في دور السينما ولم يكن يخفى على احد حتى على الاطفال استشراء الفساد في كل مكان والسطو على مقدرات الشعب التونسي وعلى ثرواته وهذا موثق لا في تقارير داخلية بل في تقارير عدد من المنظمات والمؤسسات المالية الدولية في ذلك الوقت… لم تصنف تونس كما صنفتها وكما احتكرت التصنيفات مثلما تريد بناء على المقاييس التي تختارها “

وتابع “وجاء السابع عشر من شهر ديسمبر من سنة 2010 وحصل الانفجار الثوري انطلاقا من سيدي بوزيد قبل ان يتصاعد بكامل انحاء الجمهورية وسقط مئات الشهداء واصيب مئات الجرحى ولكن التونسيين والتونسيات كسروا كل حواجز الخوف والتردد ..بدا هذا الانفجار فخافت المنظومة بعد ان سقط النظام.. اخافها فاحتوته واحتوت المد الثوري الذي كان يقوم على شعار الشعب يريد شغل حرية كرامة وطنية وهو شعار يختزل في ما يختزل فكرة السيادة وفكرة الاستقلال ويختزل معاني سيادة الدولة في الخارج وسيادة الشعب في الداخل ..وتتالت المناورات وقيل للشعب التونسي وللمعتصمين خاصة في القصبة 2 عودوا الى بيوتكم وسنتولى امركم وهكذا تم التخلص شيئا فشيئا من قوى الشعب الثائر كما يتخلص المكوك الفضائي من المحرك تلو المحرك لتبقى قمرة صغيرة تولت باسم الشعب قيادة ما يسمى بالانتقال الديمقراطي ..كان السطو على الاموال والمقدرات فاضيف الى هذا الصنف من السطو سطو جديد هو السطو على الثروة ..ولا يعني الاستقلال للكثيرين اي شيء بل هناك من يتباهى بصورة التقطها مع اجنبي ..بصورة يقف معه اجنبي يلوذ به .. وبالتاكيد ان هذا الاجنبي وهؤلاء الذين يلوذون بهم لا يلتفتون اليهم ولا يقفون امام عدسات التصوير الا بعد ان يفرغوا من اللهو مع قططهم وكلابهم ..فهل يؤمن هؤلاء بالاستقلال وبالسيادة الوطنية ؟والجواب هو ان الامر لا يحتاج لا الى اثبات او دليل ..هل يستقيم في الحياة شيء اذا احتاجت الشمس الى دليل ..”

واكد سعيد انه حين تولى المسؤولية تحمل الامانة مخلصا صادقا مع ربه ومع الشعب مضيفا “..وحاولت بكل جهد ان اقرّب بين وجهات النظر وان تغلب المصلحة الوطنية وان يتم تغليب سيادة الدولة وتغليب حرية الشعب على اي اعتبار اخر ولكن للاسف لم اجد سوى المناورات والمراوغات والاكاذيب …فبعد ان كان الذي يوصف بالمتحيل واللص وهو مطلوب للعدالة صار حليفا وتحول الى صديق حميم ..وبعد ان تحول البرلمان الى ساحة للسباب والشتام سالت فيها الدماء وقد جاء الى هنا عدد غير قليل من النواب يطالبون بحل البرلمان هذا فضلا عن ان المطالب بحله كانت ترتفع في كل مكان افلا يتذكرون ؟ “

وتابع قائلا “وجاء يوم 25 من جويلية المنقضي بعد ان كنت قد زرت مستشفى الرديف في اليوم السابق حيث لا ماء ولا كهرباء ولا اوكسيجين ونشرات الاخبار كانت حينها تتوالى حاملة انباء عن تفاقم الاوضاع وارتفاع عدد المصابين وعدد الاموات بل صار الكوفيد اداة للدعاية السياسية وصارت تونس الكبيرة العظيمة اول دولة في افريقيا وفي الوطن العربي في عدد الوفيات وعدد الاصابات.. اتخذت مساء يوم عيد الجمهورية القرار باللجوء الى الفصل 80 من الدستور ووفق الاجراء الذي ينص عليه الفصل المذكور ….كنت جالسا كئيبا وتساءلت بيني وبين نفسي قبل ان اعلن عن هذه التدابير باي وجه ساقابل ربي ؟ وباي وجه ساقابل الشعب وخرج التونسييون والتونسيات في تلك الليلة المشهودة مرحبين بهذا الاجراء الذي ازاح عنهم الياس والقنوط والحرمان وكان البعض يتصور يومئذ ان الوقت قد حان لتوزيع المناصب من جديد ولما يئس صار يتحدث عن الانقلاب …”

وخاطب سعيد الشعب قائلا: “يا شعبنا العظيم في كل مكان ان الاستقلال الحقيقي ليس فقط معاهدة تبرم او بروتوكولا يوقع او راية ترفع او نشيدا رسميا يعزف او ذكرى يحتفى بها عام اثر عام …الاستقلال هو ان تكون سيدا في وطنك مالكا لارادتك حرا في اختيارك اخذا بزمام امرك ومصيرك والمحافظة على الاستقلال ليست اقل شأنا من الحصول عليه… ومن مظاهر التعبير عن هذه الارادة الحرة المستقلة هذه الطريق التي بدانا نشقها معا في اطار احترام الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور فضلا عن الصكوك الدولية كلها التي صادقت ووافقت عليها تونس … بدأنا هذه الطريق بهذه الاستشارة الوطنية وهي اول حلقة في الحوار الوطني وهي ناجحة بالرغم من كل محاولات الاحباط… مازالت ساعة او ساعتان وبلغ العدد اكثر من نصف مليون فيلنظروا لعدد الاصوات التي تحصلوا عليها وكان الشباب في كل مكان في المحطات المخصصة للنقل في الارياف ومازالوا الى حد الان يقومون بهذا الوجب الوطني… يقومون بما تقتضي المسؤولية التي يشعرون بها شعورا حقيقيا غير مزيف…. البعض تم اعتقاله والبعض الاخر تمت محاولة طعنه بالاضافة الى حملات الازدراء والمغالطة والتشويه.. وفضلا عن العقبات التي وضعوها حتى هذا المساء حتى لا يعبر الشعب عن ارادته فالمعرّف للهاتف لتونس بالخارج 216 تحول الى 212 ومنذ قليل تم قطع المشاركة في هذه العملية الفريدة من نوعها بقطع الموقع من قبل هؤلاء الذين يتبجحون بان الشعب لم يعبر عن ارادته ولكن الشباب تحداهم بالامكانات المتوفرة لديه حتى وان كانت قليلة..

واضاف” ان الوجب يقتضي توجيه اسمى ايات الشكر والتقدير لكل من سعى الى انجاح هذه الاستشارة في تونس وفي خارج تونس وكانت العملية كلها مجانية …كان البعض من الشباب يحول رصيده الى هاتف اخر حتى يتمكن مواطن اخر من التعبير عن ارادته ..لم يجدوا حجة ولم يجدوا اي برهان فكيف يزدرون ..وكيف يحقرون هذا الجهد التاريخي غير المسبوق ..هناك مظاهرات وبعض المظاهرات اليوم ممن كانوا يودون في الواقع تنصيبهم بعد 25 جويلية في عدد من الوزارات وكما قال الشاعر المتنبي “واذا ما خلى الجبان بارض طلب الطعن وحده والنزال …”

وطمأن سعيد التونسيين بالقول “وفي هذه الاثناء وفي هذه الايام التاريخية التي تعيشها تونس تقتضي المسؤولية ان اطمئن كل التونسيين والتونسيات …سنعمل على حمايتهم وعلى تامين حياتهم اليومية في كافة المجالات وسنعمل على تطبيق القانون على كل من يحاول المساس بالمرافق العمومية للدولة او التلاعب بقوت المواطنين.. ولا يسع اي مواطن حر وصادق الا ان يقف اجلالا واكبارا لقواتنا المسلحة والامنية لتامين السلم الاجتماعية ولمد يد المساعدة لكل المواطنين.. ولا يسع اي شخص حر في العالم الا ان يحيي الشعب التونسي على هذه الارادة وعلى هذه العزيمة الصلبة التي سيصنع بها التاريخ ..لقد مررنا بساعات عصيبة ولكننا تجاوزناها معا كان الظلام في بعض الاحيان حالكا وكان الليل طويلا ولكن بدات تلوح في الافق انوار ستشع عليكم وعلى ابنائنا وعلى احفادنا بعد ان نكون قد عبّدنا امامهم الطريق ولن ننسى ونحن نتطلع الى تونس جديدة تاريخنا الحافل بالامجاد.. لن ننسى شهداء الحركة التحريرية ومن قادوها ولن ننسى شهداء الانفجار الثوري الذي انطلق يوم 17 ديسمبر فزلزل العالم وشغل الناس بل وغيّر مسار التاريخ .. لن ننسى انين الجرحى وما يكابدون من الام وعذاب ..”

واضاف” سيتواصل بعد هذا الحوار مع الشعب والتعبير عن ارادته العمل لتنظيم الاستفتاء يوم 25 جويلية القادم بعد ان يتم تشريك الجميع في ابداء ارائهم ومواقفهم واقتراحاتهم بالنسبة للنظام السياسي الجديد لتتولى لجنة التاليف بين الاختيارات وتجسيدها في نص قانوني يقطع مع الماضي ويحفظ الدولة ويحفظ الحقوق والحريات والشعب هو الحكم قبل تنظيم الانتخابات يوم 17 ديسمبر القادم ..”

وختم سعيد كلمته بالقول “ان وطننا مليء بالخيرات طافح بالثروات وقد آن الاوان لان تتحرر لان الاستقلال هو الحرية وهو العدالة وهو الكرامة الوطنية …اننا نسعى من اجل تونس جديدة ومن اجل جمهورية جديدة ولا شك ان الشعب التونسي بدا يشق طريقه بكل ثبات نحوها فالى العمل يا ابناء شعبنا العظيم بعد ان فُتحت ابوابه بهذه النصوص التي سيتم ختمها اليوم (امس ) المتعلقة بالصلح الجزائي والمتعلقة بالشركات الاهلية وبمقاومة المضاربة غير المشروعة ..الى العمل والى الامام ولا مجال للعودة الى الماضي.. ماضي هذا وذاك .


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING