الشارع المغاربي – قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬يحذّر‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬في‭ ‬الخبز‭ ‬والمحروقات ويتّهم 4 أسماء "معروفة" /بقلم: كوثر زنطور

قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬يحذّر‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬في‭ ‬الخبز‭ ‬والمحروقات ويتّهم 4 أسماء “معروفة” /بقلم: كوثر زنطور

قسم الأخبار

26 مايو، 2023

الشارع المغاربي: تضاربت‭ ‬الروايات‭ ‬الرسمية‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬أزمة‭ ‬الخبز‭  ‬بين‭ ‬رواية‭ ” ‬المؤامرة‭” ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬وقال‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬تأجيج‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لغايات‭ ‬سياسية‭  ‬بقيادة‭ “‬4‭ ‬أسماء‭ ‬معروفة‭” ‬ورواية‭ “‬اللهفة‭”  ‬الشبيهة‭ ‬بمجاعة‭ ‬وفق‭ ‬وزيرة‭ ‬التجارة‭ ‬وأخيرا‭ ‬رواية‭  ‬اضطراب‭  ‬ظرفي‭ ‬في‭ ‬التوزيع‭ ‬حسب‭ ‬مدير‭ ‬المنافسة‭ ‬فيما‭ ‬تحذّر‭ ‬تقارير‭ ‬جدية‭ ‬من‭ ‬ازدياد‭ ‬أزمة‭ ‬الخبز‭ ‬حدة‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة‭.  ‬

اتهم‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬يوم‭ ‬امس‭ ‬الاثنين‭ ‬22‭ ‬ماي‭ ‬2022‭ ‬اربعة‭ ” ‬اسماء‭” ‬أكد‭ ‬انها‭ ‬معروفة‭ ‬بالوقوف‭ ‬وراء‭ ‬ازمة‭ ‬الخبز‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ . ‬سعيّد‭ ‬لفت‭  ‬من‭ ‬مقر‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬اين‭ ‬التقى‭ ‬بالوزير‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬بالوزارة‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬الازمة‭ ‬ستشمل‭ ‬قريبا‭ ‬المحروقات‭ .‬

تصريحات‭ ‬سعيد‭ ‬تتقاطع‭ ‬مع‭ ‬تصريحاته‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬المنقضي‭ ‬خلال‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬جمعه‭ ‬بوزيرة‭ ‬التجارة‭ ‬لكنها‭ ‬تتناقض‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬مع‭ ‬المعطيات‭ ‬المُقدمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬لاسيما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬وزارتي‭ ‬التجارة‭ ‬والمالية‭ ‬حول‭ ‬أزمة‭ ‬الخبز‭ ‬التي‭ ‬اصبحت‭ ‬متواترة‭ ‬بين‭ ‬فينة‭ ‬وأخرى‭. ‬وذلك‭  ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬وتحوّلت‭ ‬الى‭ ‬مصدر‭  ‬تذمر‭ ‬واسع‭ ‬وغضب‭ ‬شعبي‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬بشكل‭ ‬ازعج‭  ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬بالنظر‭ ‬ربما‭ ‬الى‭  “‬حساسية‭ ‬الخبزة‭” ‬سياسيا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬وسجلها‭ ‬التاريخي‭ ‬كشرارة‭ “‬احتجاجات‭” ‬تبقى‭ ‬اهمها‭ ‬أحداث‭ ‬الخبز‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬الى‭ ” ‬انتفاضة‭” ‬خلال‭ ‬شتاء‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬ولم‭ ‬تنته‭ ‬الا‭ ‬بتراجع‭ ‬سريع‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬عن‭ ‬قرار‭ ‬ترفيع‭ ‬في‭ ‬سعر‭ ‬الخبزة‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الاساسية‭ ‬ضمن‭ ‬اجراءات‭ ‬لرفع‭ ‬الدعم‭. ‬

أزمة‭ ‬هيكلية‭ ‬

يمكن‭ ‬وصف‭ ‬الحوار‭ ‬الدائر‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ووزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬حول‭ ‬أزمة‭ ‬الخبز‭ ‬بالسريالي‭ ‬لمن‭ ‬تابع‭ ‬تصريحات‭ ‬وزيرة‭ ‬التجارة‭ ‬ومدير‭ ‬المنافسة‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والمهنيين‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى‭. ‬فوفق‭ ‬سعيد‭  ‬فإن‭ ‬الاشكال‭ “‬غير‭ ‬طبيعي‭”  ‬كاشفا‭ ‬عما‭ ‬اسماها‭ ‬بـ‭ “‬ترتيبات‭”  ‬لتأجيج‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬يقودها‭ ” ‬من‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬الظل‭”  ‬و‭” ‬يتحكمون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭” ‬ويضنون‭ ‬انهم‭ ‬سيفلتون‭ ‬من‭ ‬العقاب‭” ‬وانهم‭ ” ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬وفوق‭ ‬المحاسبة‭”  ‬داعيا‭ ” ‬المسؤولين‭ ‬الوطنيين‭” ‬الى‭ ” ‬التصدي‭ ‬لهم‭”  ‬مؤكدا‭ ‬ان‭ ‬الامر‭ ‬يتعلق‭ ‬بـ‭ ‬4‭ ‬اسماء‭ ‬معروفة‭.‬

‭ ‬سعيّد‭ ‬توعد‭ ‬بمحاسبة‭ ‬من‭ ” ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬العبث‭ ‬بقوت‭ ‬الشعب‭ ” ‬و‭ ‬من‭ ” ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تجويعه‭ ‬والتنكيل‭ ‬به‭ ” ‬مشدّدا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬أشبه‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ “‬مارس‭ ‬2017‭” ( ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬لاحتجاجات‭ ‬قطاعات‭ ‬واسعة‭) ‬وتوعّد‭ ‬أيضا‭ ‬الاداريين‭  ‬ممن‭ ” ‬لا‭ ‬يتحملون‭ ‬المسؤولية‭ ” ‬و‭”‬الخائفين‭” ‬الذين‭ ‬يتردّدون‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬او‭ ‬التوقيع‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬مآلات‭ ‬الاحداث‭ ‬و‭”‬غدوة‭ ‬شنوة‭ ‬باش‭ ‬يصير‭” ‬وفق‭ ‬قوله‭ ‬لافتا‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ” ‬القرارات‭ ‬تستند‭ ‬الى‭ ‬الارادة‭ ‬الشعبية‭”.  ‬فات‭ ‬سعيد‭ ‬التطرق‭ ‬الى‭ ‬الاهم‭ ‬وهو‭ ‬يطرح‭ ‬ملف‭ ‬ازمة‭ ‬الخبز‭ ‬من‭ ‬مقر‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬و‭ ‬الاهم‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬الازمة‭ ‬هو‭ ‬قطعا‭ ‬ديوان‭ ‬الحبوب‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬ابرز‭ ‬الهياكل‭ ‬التابعة‭ ‬للوزارة‭.‬

وضعية‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬العمومية‭ ‬كارثية‭  ‬بالنظر‭ ‬الى‭ ‬حجم‭ ‬ديونها‭ ‬التي‭ ‬ناهزت‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭  ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬خمسة‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ( ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬و768‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬و74‭ ‬الف‭ ‬دينار‭) ‬وفق‭ ‬التقرير‭ ‬السنوي‭ ‬للبنك‭ ‬الوطني‭ ‬الفلاحي‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬استهلاك‭ ‬كل‭ ‬موارده‭ ‬الذاتية‭. ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬تخلفت‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭  ‬صرف‭ ‬مليارين‭ ‬و385‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬و74‭ ‬الف‭ ‬دينار‭ ‬من‭ ‬ميزانية‭ ‬الدعم‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬الديوان‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬استيراد‭ ‬حاجات‭ ‬السوق‭ ‬من‭  ‬القمح‭ ‬وفق‭ ‬منظمة‭ “‬الارت‭” ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬تعليلها‭ ‬لوصفها‭ ‬تصريحات‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بأزمة‭ ‬الخبز‭ ‬بالمضللة‭.‬

‭ ‬حسب‭ ‬أرقام‭ ‬المرصد‭ ‬الوطني‭ ‬للفلاحة‭ ‬التابع‭ ‬للوزارة‭ ‬والصادرة‭  ‬منذ‭ ‬ايام‭ ‬قليلة‭ ‬،‭ ‬تراجعت‭ ‬واردات‭ ‬الحبوب‭ ‬اواخر‭ ‬شهر‭ ‬افريل‭ ‬المنقضي‭ ‬بنسبة‭ ‬13‭.‬4‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬مقارنة‭ ‬بنفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة‭ ‬وبلغت‭ ‬قيمة‭ ‬الواردات‭ ‬1417‭  ‬مليون‭ ‬دينار‭  ‬فيما‭ ‬ذكرت‭ ‬نفس‭ ‬المنظمة‭ ‬انه‭ ‬تم‭ ‬التخفيض‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬افريل‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬كمية‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬الموزعة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الديوان‭ ‬بنسبة‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬وانه‭ ‬تم‭ ‬الى‭ ‬حدود‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬ماي‭ ‬المنقضي‭ ‬توزيع‭ ‬15‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬من‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الشهري‭ ‬فيما‭ ‬ينتظر‭ ‬ان‭ ‬يتم‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭ ‬توزيع‭ ‬500‭ ‬الف‭ ‬قنطار‭ ‬فقط‭  ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المادة‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬تسجيل‭ ‬انخفاض‭ ‬بـ‭ ‬50‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭.‬

يُموّل‭ ‬واردات‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ” ‬القمح‭ ‬اللين‭ ‬الذي‭ ‬يستعمل‭ ‬لانتاج‭ ‬الفارينة‭ ” ‬البنك‭ ‬الاوروبي‭ ‬لاعادة‭ ‬الاعمار‭ ‬والتنمية‭ ‬عبر‭ ‬قرض‭ ‬بقيمة‭ ‬150‭ ‬مليون‭ ‬اورو‭ ‬و500‭ ‬الف‭ ‬ارورو‭  ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬الاستجابة‭ ‬لصمود‭ ‬الامن‭ ‬الغذائي‭ ‬بالاضافة‭ ‬الى‭ ‬قرض‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬الافريقي‭ ‬للتنمية‭ ‬بقيمة‭ ‬80‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬ضمن‭” ‬مشروع‭ ‬الدعم‭ ‬الطارئ‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬وقرض‭ ‬ثالث‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬بقيمة‭ ‬130‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭. ‬

لذلك‭ ‬ينتظر‭ ‬ان‭ ‬تتفاقم‭ ‬ازمة‭ ‬الخبز‭ ‬خلال‭ ‬الاشهر‭ ‬القادمة‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬خطوط‭ ‬التمويل‭ ‬التي‭ ‬تحصلت‭ ‬عليها‭ ‬تونس‭ ‬بدعم‭ ‬اوروبي‭-‬امريكي‭ ‬بشكل‭ ‬طارئ‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬اجراءات‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الاوكرانية‭ “. ‬ينضاف‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬النقص‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ (‬السميد‭) ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬بألا‭ ‬يتجاوز‭ ‬المحصول‭ ‬المحلي‭ ‬العُشر‭ ‬فيما‭ ‬تشير‭ ‬معطيات‭ ‬رسمية‭ ‬الى‭ ‬انه‭ ‬تمت‭ ‬تغطية‭ ‬احتياجات‭ ‬الفترة‭ ‬الفارطة‭ (‬شهرا‭ ‬مارس‭ ‬وافريل‭) ‬عبر‭ ‬استهلاك‭ ‬كامل‭ ‬المخزون‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬وصول‭ ‬شحنات‭ ‬جديدة‭ ‬تتعطل‭ ‬باستمرار‭ ‬بسبب‭ ‬اشكاليات‭ ‬في‭ ‬خلاص‭ ‬المزودين‭. ‬نقص‭ ‬كبير‭ ‬ولّد‭ ‬ضغطا‭ ‬على‭ ‬مادة‭ ‬الفارينة‭.‬

وأزمة‭ ‬الخبز‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬لأزمة‭ ‬هيكلية‭ ‬وشاملة‭  ‬لمنظومة‭ ‬وصلت‭ ‬الى‭ ‬منتهاها‭ ‬بعد‭ ‬تأخر‭ ‬الإصلاحات‭ ‬وتواصل‭ “‬سياسة‭ ‬الامتيازات‭” ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬بالكارتلات‭ ‬التي‭ ‬انتفعت‭ ‬لعقود‭. ‬وان‭ ‬تم‭ ‬مؤخرا‭ ‬اقرار‭ ‬بعض‭ ‬الاجراءات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬دعم‭ ‬الفلاح‭ ‬عبر‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬اسعار‭ ‬شراء‭ ‬القمح‭  ‬فإن‭ ‬الطريق‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬غياب‭  ‬تصور‭ ‬كامل،‭ ‬وفق‭ ‬الهياكل‭ ‬المهنية‭ ‬،‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أمن‭ ‬غذائي‭. ‬تصوّر‭ ‬ينطلق‭ ‬عبر‭ ‬الإقرار‭ ‬بالأزمة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬الإنكار‭ ‬التي‭ ‬تتخبط‭ ‬فيها‭ ‬السلطات‭ ‬القائمة‭.‬

السياسي‭ ‬والموضوعي‭ ‬

نفس‭ ‬المشهد‭ ‬يتكرر‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬جل‭ ‬أحياء‭ ‬الجمهورية‭  ‬بين‭ ‬مخابز‭ ‬أوصدت‭ ‬أبوابها‭ ‬أو‭ ‬مفتوحة‭ ‬لساعات‭ ‬قليلة‭ ‬بما‭ ‬يجعلها‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تستجيب‭ ‬لاحتياجات‭ ‬طوابير‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬يقفون‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬الظفر‭ ‬بـ‭” ‬خبزة‭” ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يخفوا‭ ‬تذمرهم‭  ‬وغضبهم‭ ‬من‭ ‬النقص‭ ‬الحاد‭  ‬ومن‭ ‬صعوبات‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭  . ‬ولقد‭ ‬عرفت‭ ‬الازمة‭ ‬ذروتها‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬خلال‭ ‬الاسبوع‭ ‬المنقضي‭ ‬وتجلّت‭ ‬في‭  ‬وصول‭ ‬سعر‭ ” ‬الخبزة‭ ” ‬الى‭ ‬دينارين‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ “‬الطابونة‭” ‬التي‭ ‬باتت‭ “‬البديل‭” ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الاحوال‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬سعرها‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬800‭ ‬مليم‭.‬

يقول‭ ‬المهنيون‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬تحسّس‭ ‬السلطات‭ ‬القائمة‭ ‬خطر‭ ‬سوء‭ ‬إدارة‭  ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬طيلة‭  ‬الثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ورفضها‭ ‬الحلول‭ ‬المقترحة‭ ‬لتفادي‭ ” ‬الأسوأ‭”  ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬وبالنسبة‭ ‬للمستهلك‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ . ‬وهذه‭ ‬الازمة‭ ‬كانت‭ ‬متوقعة‭ ‬ومنتظرة‭  ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬واقع‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭  ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ولوضعية‭ ‬ديوان‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى‭ ‬وما‭ ‬انجر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭  ‬صعوبات‭ ‬التزود‭. ‬نقص‭  ‬يُعدّ‭ ‬وفق‭ ‬عدة‭ ‬قراءات‭ ‬سياسة‭ ‬مثالية‭ ‬للرفع‭ ‬المقنّن‭ ‬للدعم‭.‬

‭ ‬حسب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬الازمة‭ ‬سوى‭ ‬مؤامرة‭ ‬تهدف‭ ‬لضرب‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬دعت‭  ‬وزيرة‭ ‬التجارة‭ ‬الى‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬اللهفة‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬إقبال‭ ‬وصفته‭ ‬بغير‭ ‬العادي‭ ‬على‭ ‬الخبز‭ ‬مؤكدة‭ ‬ان‭ ” ‬البلاد‭ ‬لا‭ ‬تعيش‭ ‬مجاعة‭”  . ‬وأبرزت‭ ‬ان‭ ‬الاضطراب‭ ‬في‭ ‬التزود‭ ‬بالقمح‭ ‬الصلب‭ ‬ولد‭ ‬ضغطا‭ ‬على‭ ‬القمح‭ ‬الليّن‭ ‬كاشفة‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬توريد‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الانتاج‭ ‬مقارنة‭ ‬بالسنة‭ ‬الفارطة‭.‬

من‭ ‬جهته‭ ‬اكد‭ ‬حسام‭ ‬الدين‭ ‬التويتي‭ ‬مدير‭ ‬المنافسة‭ ‬والابحاث‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بوزارة‭ ‬التجارة‭ ‬ان‭ ‬مرد‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬الخبز‭ ‬اضطرابات‭ ‬ظرفية‭ ‬وضغط‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الطلب‭.‬

كما‭ ‬لفت‭ ‬التويتي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬الاضطراب‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الفارينة‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬المنقضي‭ ‬حصول‭ ‬تأخير‭ ‬بـ3‭ ‬ايام‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تفريغ‭ ‬باخرة‭ ‬محمّلة‭ ‬بالقمح‭ ‬اللين‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬الأحوال‭ ‬الجوية‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬تزامن‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬العطلة‭ ‬الأسبوعية‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المخابز‭ ‬مقابل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭. ‬

غياب‭ ‬الانسجام‭ ‬وازدواجية‭ ‬الخطاب‭ ‬هما‭ ‬سمة‭ ‬تعاطي‭ ‬منظومة‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الازمات‭ ‬بين‭ ‬خطاب‭ ‬رئاسي‭ ‬يغلب‭ ‬عليه‭ ” ‬الانكار‭” ‬وغياب‭ ‬التشخيص‭ ‬الموضوعي‭ ‬وخطاب‭ ‬حكومي‭ ‬بسقف‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬التطمينات‭ ‬والوعود‭ ‬والاجراءات‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬اثر‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬ستكون‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬حقيقية‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬بدخول‭ ‬أزمة‭ ‬الخبز‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬خلال‭ ‬الاشهر‭ ‬القادمة‭ ‬اذا‭ ‬تواصل‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬توفير‭ ‬التمويلات‭ ‬الضرورية‭ ‬لتأمين‭ ‬التزوّد‭ ‬بالقمح‭ ‬اللين‭ ‬والصلب‭ ‬واذا‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬حلولا‭ ‬لاشكاليات‭ ‬المخابز‭ ‬المصنفة‭ ‬والعصرية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬التي‭ ‬ستنطلق‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬جوان‭ ‬في‭ ‬اضرابات‭ ‬وتحرّكات‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬صرف‭ ‬مستحقات‭ ‬الدعم‭ ‬منذ‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬شهرا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ورفض‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬كميات‭ ‬السميد‭ ‬والفارينة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 23 ماي 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING