الشارع المغاربي – لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬النهضة‭ ‬أبدا‭ ‬للحكم‭ /!‬أنس‭ ‬الشابي

لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬النهضة‭ ‬أبدا‭ ‬للحكم‭ /!‬أنس‭ ‬الشابي

قسم الأخبار

25 مارس، 2022

الشارع المغاربي: منذ 25 جويلية الفارط لم تتوقّف حركة النهضة وتوابعها عن المطالبة بالعودة إلى الحكم تحت ستار مقاومة “الانقلاب” والعودة إلى “الشرعيّة” وغيره من ساقط القول وهي بذلك تكشف عن جهل عميق بالحكم وأسباب انتقاله من يد إلى أخرى. ففي حالتنا التونسية أكاد أجزم بأن عودة النهضة وتُبَّعها إلى الحكم مرّة أخرى هو من باب المستحيلات والممتنعات عقلا وواقعا لأسباب ألخّصها في ما يلي:

1) يوم 25 جويلية الفارط خرج التونسيون إلى الشارع واستهدفوا محلات الفرع المحلي للتنظيم الدولي للخوانجية بالتحطيم دون أن يكون هناك من حرّضهم على ذلك أو دعاهم بل كان الخروج والاستهداف عفويين يترجمان تقييم التونسي لعشرية من حكم الفرع وأدت إلى ما نحن فيه وتحميله الفرع مسؤولية ذلك.

2) تهاون رئيس الجمهورية وتلكؤه في الوصول بقرارات 25 جويلية إلى نهاياتها سيضعف حتما من الحزام المساند له ويقلّص من دعم مسانديه ولكن هؤلاء لن يتحوّلوا إلى المطالبة بعودة الخوانجية وأذيالهم بأي حال من الأحوال.

3) أنصار الفرع المحلي للخوانجية شتات لا يجمع بينهم سوى السعي لاسترجاع ما ضاع من منافع وفوائد فقط وليس لهم أية رؤية سياسية يمكن أن تمثل أرضية جامعة لتحركاتهم. فمنهم من يطمع في أن يصوّت له منظوري الفرع في الانتخابات الرئاسية القادمة ومنهم من انتقل بين الأحزاب اللامبدئية جميعها كالنداء والدستوري الحرّ والوحدة الشعبيّة والمقرونة وغيرها ومنهم من كان مخبرا لدى الأمن وفق ما ذكرت سهام بن سدرين في تقريرها ومنهم من يقدم نفسه في ثوب المختص في القانون الدستوري وهو لم يتجاوز عتبة التلمذة لأقطاب هذا الفن بجانب عدد من الأشخاص ممّن أصيبوا بحول في النظر وعمًى في البصيرة إذ يروّجون أن المسألة قانونية تتعلق بالفصول القانونية أو بحقوق الإنسان والحال أن القضية برمّتها قضية سياسية ملخصها فشل الذين حكموا البلاد طوال عشرية كاملة ووجوب محاسبتهم.

4) غياب أية شخصية ذات وزن تمتلك تأثيرا في الساحة الثقافية أو الفنية أو العلمية، وهو أمر لم أستغربه لأن الفرع المحلي لم يقدم لنا بعد نصف قرن كامل من الحضور في الشارع التونسي مثقفا واحدا أو فنانا أو ممثلا أو شاعرا بل انحصر  كل إنتاجه في أساليب الرش بماء الفرق والركض في الشوارع وإحراق محلات الشرطة، وبطبيعة الحال سيكون الذين سيلتفون حوله لمناصرته على شاكلته لذا لم نشاهد في تجمّعهم الأخير أي واحد ممّن اصطلح على تسميتهم بصنّاع البهجة والأفكار.

5) اختيار الفرع اليوم الذي يحتفل فيه التونسيون بعيد الاستقلال مقصود لتلويث الأجواء وإفساد الاحتفالات التي لم تحدث لأن السلطة القائمة الرسمية لا تشعر بأن من واجبها إذكاء الروح الوطنية عن طريق إحياء ما يجمع التونسيين ببعضهم البعض كالاحتفال بالأعياد الوطنية أو الإشادة بالرموز التي ضحّت من أجل الحرية والسيادة الوطنية. فاليوم الذي يجب أن يظهر فيه توحّد التونسيين حول الوطن يختاره الفرع المحلي لبثّ الفرقة والشقاق وهو دأبه منذ أن وُجِد تارة بالتكفير وأخرى بالتخوين وثالثة بتجاوز القانون وغير ذلك والحال أنه لا يؤمن بالاستقلال أصلا لذا يتحاشى الغنوشي ذكره ليقول “دولة ما بعد الاستعمار”(1)إنه يؤمن بدولة الخلافة رغم إعلانه غير ذلك.

6) بروز قوة سياسية جديدة هي الحزب الدستوري الحرّ الذي استطاع منذ دخوله البرلمان أن يحقّق مكاسب كثيرة رغم الحصار والعداء الذي ووجه به  ممّا مكّنه من التوسّع والتمدّد داخل البلاد حيث انفرد من بين الأحزاب جميعها بأنه الوحيد القادر على حشد الجماهير وهو ما ظهر جليّا في التجمّعين الأخيرين في تونس وفي صفاقس. والذي يجب أن نضعه في الاعتبار أن هذه القوّة تقودها عبير موسي التي أكدت المرّة تلو الأخرى ثباتها على موقفها الرافض للخلط بين الدين والسياسة والمدافع عن مدنيّة الدولة منذ سنة 2011 وهو ما أكسبها ثقة قسم كبير من خيرة المثقفين وصناع الرأي والأمثلة على ذلك كثيرة تندّ عن الحصر.

ولأن الذين جاؤوا بعد 2011 يفتقرون إلى المعرفة بالحكم وأساليبه يعتقدون اليوم أنه بإحداث الهرج في الشوارع يمكن أن يعودوا إلى الحكم وهو أمر ممتنع امتناعا مطلقا. قال عبد الله ابن المقفع في واحدة من إشراقاته: ” الملك سريع الانتقال من أيدي الملوك وليس بعائد إلى من انتقل عنه لأن من عجز عن حفظه وهو في يده فهو في إعادته أعجز”.

—————

الهوامش 1) “تجربة نضال” راشد الغنوشي، مركز الناقد الثقافي، دمشق 2011 ص44

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 22 مارس 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING