الشارع المغاربي –السيدة سالمية : لم يكن الثناء على الامن التونسي الذي ورد في بيان وزارة الخارجية الاماراتية الصادر بمناسبة اعلانها رفع قرار منع التونسيات من دخول اراضيها اعتباطيا او مجاملة مررتها الوزارة المذكورة في اطار الخطوات الديبلوماسية لاحتواء الازمات اذ ان معطيات تحصل عليها “الشارع المغاربي” تؤكد انه كان للأمن التونسي دورا رئيسيا في تعديل الاوتار بين الامارات وتونس.
فقد اعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الاماراتية تعليق قرار منع سفر التونسيات من وإلى الامارات معلّلة هذا التراجع بـ”حصولها على معلومات أمنية من الجانب التونسي “دون ان تقدم اية تفاصيل اخرى مكتفية بالاشارة الى “عودة الإجراءات المتّبعة لما كانت عليه من قبل الظرف الطارئ ”.
و تضمّن بيان مقتضب صادر عن الوزارة يوم 4 جانفي 2018 “تثمين دولة الامارات المعلومات التي افاد بها الجانب التونسي وحرصه على تبديد كل دواعي القلق التي كانت لدى الناقلات الوطنية لدولة الامارات” مضيفا ان هذه المعلومات تكفل اعلى درجات الامن والسلامة للرحلات الجوية وركابها”.
ومنذ اصدار بيان التراجع عن القرار الشهير ، لم يكشف الجانب التونسي معطيات عن كيفية عودة الامور الى نصابها، واكتفى باعلان وزارة النقل عن استئناف الخطوط الاماراتية رحلاتها الجوية من والى تونس في وقت كان الكثيرون ينتظرون توضيحات حول سر إصدار القرار الإماراتي وسر التراجع عنه.
الدور الأمني
اكدت مصادر موثوق بها لـ“الشارع المغاربي” ان كمال القيزاني المدير العام للمصالح المختصة تحول الى دولة الامارات العربية المتحدة مصحوبا بعدد من كوادر الوزارة. واشارت نفس المصادر الى ان المدير العام قدم خلال اجتماعات بكبار المسؤولين الاماراتيين تقاريرا استخباراتية اثبتت “جدية الوزارة في التعامل مع كل التهديدات الارهابية” وحسن “تنسيقها مع اكثر من دولة وجهة “حول ملف العائدين من بؤر التوتر.
مدير عام المصالح المختصة تمكن من اقناع “الاماراتيين” بـ” قوة الحجة“، وفق نفس المصادر، التي شددت على ان الوفد الامني التونسي لم يترك للجانب الاماراتي ما يجعله يتمسك بقرار منع التونسيات الذي اثار جدلا واسعا، لتنتصر جاهزية الامن التونسي واستيعابه المخاطر الارهابية على الدواعي السياسية التي استبطنتها الازمة التونسية الاماراتية.
ويعكس ايفاد مسؤولين امنيين تونسيين للإمارات حرصا تونسيا على احتواء الازمة ،وعلى التعامل بجدية مع الرواية الاماراتية التي تؤكد ان “معلومات استخباراتية تفيد بإمكانية تنفيذ تونسية او حاملة جواز سفر تونسي عملية ارهابية” وراء قرار المنع في وقت يعلم فيه الجميع تقريبا ان الرواية بعيدة عن الواقع وان الاسباب الحقيقية سياسية بامتياز ولا علاقة لها البتة بالتهديدات الارهابية.
غير بعيد عن هذا الملف، من الممكن القول ان نجاح مدير عام المصالح المختصة في مهمته ” الامنية الاستخباراتية الديبلوماسية” في الامارات ستعزز من فرص بقائه في منصبه وتحول دون تغييره ، تغيير يتمسك باقراره مدير عام الامن الوطني توفيق الدبابي ويتداول ان مرشحه للمنصب هو احد قدماء الداخلية الاطار رشيد بن عبيد .
ويتداول ايضا ان حالة شلل اصابت الوزارة وعطلت اصدار عدد من التعيينات المركزية والجهوية بسبب اختلافات تشق صفوف القيادة العليا، بين مدير عام يتمسك بحقه في العمل مع فريق “يختاره” وبين الوزير لطفي ابراهيم الباحث عن المحافظة على التوازنات ، وبين اطارات محسوبة على النداء واخرى مدعومة من رئيس الحكومة يوسف الشاهد .
فتور
ورغم انهاء الازمة التونسية الاماراتية في جانبها الاداري بالغاء قرار المنع، فان الفتور بين الدولتين لا يزال قائما بل ويؤكده بيان وزارة الخارجية الاماراتية الذي تضمن عبارات تعكس تعاليا اماراتيا اتضح في تجنب الوزارة الحديث عن العلاقات التونسية الاماراتية باي شكل من الاشكال.
انتهت اجراءات المنع اذن وهو الأمر المهم بالنسبة لطيف واسع من التونسيين ، لكن الاعتذار الذي طالبت به تونس لم يقدّم ولن يقدّم لاسباب لا يعرفها الا الحاكمين بأمرهم خصوصا في نداء تونس.