الشارع المغاربي : نشر موقع شبكة الإعلام الأمريكية « usnews » تقريرا صادرا عن “معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة” بجامعة براون جاء فيه ان القوّات الأمريكية تنشط في 40 بالمائة من دول العالم موثّقا انتشارها بخارطة مفصّلة بينت وجود قاعدة عسكرية او “زنبق” ومركز للتدريب على مكافحة الارهاب بالجنوب التونسي.
ووفق الخارطة تظهر تونس باللون الرمادي الذي يشير الى وجود نشاط عسكري امريكي على الاراضي التونسية، وان حددت الخارطة المرافقة للتقرير الصادر يوم 12 جانفي الجاري بشكل عام طبيعة التواجد العسكري الامريكي في تونس فانها لم تقدم اية تفاصيل تذكر عن المناطق والولايات التونسية بالجنوب المنتصبة فيها القاعدة ومركز التدريب الامريكي.
كما لم يكشف التقرير والخارطة المصاحبة له عن تاريخ انطلاق التواجد الامريكي في تونس، ولا عن عدد العسكريين والخبراء والمستشارين والمدربين الامريكيين الناشطين بمركز التدريب او “منصبة الزنبق” او القاعدة العسكرية التي كشفت الخريطة وجودها بتونس.
وان كانت كل المصطلحات معلومة لدى كل المتابعين للشأن العسكري فإن مصطلح “منصبة الزنبق” الموجودة بتونس (طبقا للخارطة طبعا) غير متداول، فيما يُعرّفه الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الامريكية سابقا بـ“قواعد عسكرية تقام قرب الخطوط الأمامية، بما يمكن المُدرّبين من العمل مع القوات الأمنية” والمعنى بـ“الخطوط الأمامية” بالنسبة لتونس هو ليبيا.
اذ تشير نفس الخارطة الى تواجد قوات امريكية مقاتلة بالساحة الليبية التي تظهر في نفس الخارطة باللون الاسود، والتي تنتصب على اراضيها قاعدة عسكرية أمريكية ومركز للتدريب على مواجهة الارهاب، تماما كتونس لكن باختلاف جوهري يتمثل في عدم وجود مقاتلين امريكيين على الاراضي التونسية.
أمّا عن كيفية اعداد الخارطة حول الانتشار العسكري الامريكي في القارة السمراء، فقد أوضح خبير الأمن القومي الامريكي شون ماكفيت الذي يصفه التقرير بأحد الاصوات المؤثرة في البنتاغون انه تم تجميع البيانات المضمنة بالخريطة من“مشروع تكاليف الحرب” ومن مصادر إخبارية مرموقة، ومواقع حكومية، ومداخلات من الخبراء ومن “تقارير عن الارهاب بكل دولة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية“.
وبالعودة الى التقرير، يتبين أن أمريكا تشنّ الحرب على الارهاب في أكثر من 76 دولة منذ أن اطلقها جورج بوش الابن في أكتوبر 2001 واكد نفس التقرير أن “مخالب التوسّع العسكري الأمريكي امتدّت إلى افريقيا أكثر من أيّة منطقة أخرى“.
وبيّن ان تدخّلات الجيش الأمريكي توفّر في كافّة أنحاء افريقيا كميات هائلة من التكنولوجيا والمعدّات العسكرية والتدريب بالاضافة إلى تقديم الخبرات لجيوش البلدان الافريقية وقوّات الشرطة بها لدعمها على مواجهة الارهاب.
وأرجع التقرير تطوّر الانتشار العسكري في القارّة الافريقية إلى انشاء “أفريكوم” سنة 2007 وعبّر عن شكوك تكشف مخاوف متزايدة من تصرّف عن جهل أدى إلى ارتكاب عديد الجرائم في حق المدنيين بالقارة بدلا من إرساء استراتيجية عسكرية فعالة لمكافحة الإرهاب.
وأبرز التقرير أن الجيش الأمريكي يدرّب قوات الأمن في جميع أنحاء العالم أو يساعد في عمليات الحرب على الإرهاب مبرزا ان كل دول العالم هي إما مواطن للقواعد العسكرية الامريكية أو “منصّات زنبق” تُستخدم في عمليات مكافحة الارهاب أو الاثنين معا وانها تستضيف قوات قتالية امريكية متخصصة في مكافحة الارهاب وتستهدف بضربات جوية عبر طائرات بلا طيار المجموعات الارهابية.
نفي رسمي
تنفي تونس بشكل قطعي وجود قاعدة عسكرية أمريكية على اراضيها، نفى يُضطّر الرسميون لاصداره لإخماد جدل يحتد في كل مرة تُنشر فيها تقارير تؤكد أنّ هناك تواجدا عسكريا أمريكيا بتونس، وبلغ ذروته عقب توقيع الاتفاقية الشهيرة بين تونس وامريكا بالبيت الابيض، ليس بسبب تجاوز الاعراف الديبلوماسية بتولي محسن مرزوق المستشار السياسي آنذاك لقائد السبسي الاتفاقية مع وزير الخارجية جون كيري، بل بسبب تسريبات تقول إنّ الاتفاقية تضمّنت اتّفاقا رسميا على انشاء قاعدة عكسرية امريكية للتنصّت بتونس.
ونشرت وزارة الخارجية نص الاتفاقية بعد طلب رسمي تقدم به حزب التيار الديمقراطي لرئاسة الجمهورية للكشف عن تفاصيلها، واثر تعدّد الروايات حول ازمة ديبلوماسية حادة بين تونس والجزائر بسبب مزاعم انشاء قاعدة عسكرية على الاراضي التونسية.
ويوم 26 اكتوبر 2016 كشفت وكالة رويتر نقلا عن مصادر حكومية امريكية ان الولايات المتحدة الامريكية تستخدم قاعدة جوية في تونس للقيام بعمليات ضد تنظيم داعش بليبيا بواسطة طائرات بلا طيار، وخلال نفس الفترة ذكرت صحيفة “وشنطن بوست“، انه تم رصد طائرات أمريكية بلا طيار وعسكريين أمريكان في قاعدة جوية بتونس خلال شهر جوان 2016.
وأكدت الصحيفة ان ذلك يأتي كجزء من الاستراتيجية الأمريكية لنشر طائرات بلا طيار وطواقم صغيرة في منشآت عسكرية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالقرب من المناطق الخطيرة، للقيام بعمليات ضد من يشكل خطرا على الولايات المتحدة وحلفائها.
وفي 2 سبتمر 2017 بيّن حكم صادر عن محكمة عسكرية أمريكية ضد ضابط في القوات الجوية وجودا عسكريا أمريكيا بتونس، في قضية تعود اطوارها الى فترة عمله بتونس في مهمة تتمثل في قيادة قاعدة جوية للطائرات الذاتية ببلادنا.
وكشف تقرير نشره موقع امريكي مختص في المسائل العسكرية والامنية، ان القاعدة العسكرية تقع ضمن قاعدة “سيدي احمد “الجوية قرب بنزرت وأنّه يعمل في هذه القاعدة التي تصفها المصادر العسكرية الأمريكية بأنها سرية وصغيرة، 70 من الطيارين و20 متعاقدا يدعمون نشاط الموقع الذي يغطي شمال إفريقيا.
من جهتها نشرت صحيفة “الشروق” الجزائرية القريبة من النظام في عددها الصادر يوم 29 ديسمبر 2013، صورا قالت انها مسربة من قاعدة عسكرية تونسية امريكية مشتركة، واكدت تواجد جنود امريكان من المارينز و“أفريكوم” بمدنين وجبال الشعانبي وطبرقة يعملون لأشهر جنبا الى جنب مع ضباط ساميين من الجيش الوطني التونسي.
وأشارت الصحيفة الى أنّ التونسيين والأمريكيين ينشطون في ما يشبه القاعدة العسكرية المشتركة لرصد ومتابعة حركة الاشخاص والسيارات وان بهذه القاعدة اجهزة متطورة تتمثل أساسا في طائرات بلا طيّار.