الشارع المغاربي – ملف‭ ‬‭"‬مملكة‭ ‬أطلنتس‭"‬خطير، فيه استباحة للسيادة الوطنية /بقلم:صالح مصباح

ملف‭ ‬‭”‬مملكة‭ ‬أطلنتس‭”‬خطير، فيه استباحة للسيادة الوطنية /بقلم:صالح مصباح

قسم الأخبار

12 مايو، 2023

الشارع المغاربي:

1/‭‬عشرية‭ ‬الإختراق

طيلة‭ ‬عشرية‭ ‬الحكم‭ ‬الإخواني‭ ‬وتُبّعهم،‭ ‬انفَسَح‭ ‬مجالُ‭ ‬البلاد‭ ‬للتدخلات‭ ‬الرسمية‭ ‬المعلنة‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭ ‬الخفية‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬التدخلات‭ ‬الرسمية‭ ‬خطرة‭ ‬فإن‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬أخطر‭. ‬فهي‭  ‬تتدثّر‭ ‬بالعمل‭ ‬المدني‭ ‬والمرافقة‭ ‬والتكوين‭ ‬والتدريب‭ ‬ونشر‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وسفارات‭ ‬السلام‭ ‬والعمل‭ ‬الخيري‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والثقافة‭ ‬والتأطير‭ ‬الإعلامي‭ ‬والبرلماني‭ ‬والتراث‭ ‬والفولكلور‭ ‬والبيئة‭ ‬وتحفيظ‭ ‬القرآن‭ ‬والعلوم‭ ‬الشرعية‭ ‬والتعليم‭ ‬الخ‭….‬

وقد‭ ‬تأكد‭ ‬أن‭ ‬أهداف‭ ‬هذا‭ ‬الإختراق‭ ‬المتواصل‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬توجيه‭ ‬الوعي‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬وجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬وتمويل‭ ‬الأحزاب‭ ‬الطيعة‭ ‬وتمويل‭ ‬الإرهاب‭ ‬وزرعه‭ ‬وتبييض‭ ‬الأموال‭. ‬لقد‭ ‬صار‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬معلوما‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬الإختراق‭ ‬ويُجدّد‭ ‬ألوانه‭ ‬عند‭ ‬الإقتضاء‭.‬

2/‬استمرار‭ ‬الإختراق

على‭ ‬قدر‭ ‬استمرار‭ ‬تلك‭ ‬الكيانات‭ ‬ظهرت‭ ‬لها‭ ‬أشباه‭ ‬تحمل‭ ‬الألوان‭ ‬السابقة‭ ‬طورا‭ ‬وألوانا‭ ‬شبيهة‭ ‬طورا‭ ‬آخر،‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬الألوان‭ ‬الأصول‭ ‬نفسها‭. ‬مِن‭ ‬ذلك،‭ ‬مِن‭ ‬اتحاد‭ ‬القرضاوي‭ ‬و‭”‬مرحمة‭” ‬و‭”‬الثقافة‭ ‬والتعدد‭” ‬وقطر‭ ‬الخيرية‭ ‬و‭”‬تونس‭ ‬الإفتصادية‭” ‬إلى‭”‬القدس‭ ‬للشؤون‭ ‬العامة‭” ‬الإسرائيلية‭ ‬المخصة،‭ ‬إعلانا،‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬على‭  ‬مقاومة‭ ‬التصحر،‭ ‬ومشروع‭ “‬بريما‭” ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬الإتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والذي‭ ‬فحواه‭ ‬شراكة‭ ‬بين‭ ‬أسرائيل‭ ‬وتسع‭ ‬عشرة‭ ‬دولة‭ ‬ضمنها‭ ‬تونس،‭ ‬ومجال‭ ‬عمله‭ ‬البيئة‭ ‬والمياه،‭ ‬وشركة‭ “‬تونور‭” ‬المُبهمة‭ ‬التي‭ ‬يرُوج‭ ‬أنها‭ ‬تنوي‭ ‬كراء‭ ‬خمسة‭ ‬وأربعين‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلاحية‭ ‬التونسية‭ ‬الخ‭….‬

ومثلما‭ ‬يتواصل‭ ‬الصمت‭ ‬الرسمي‭ ‬عن‭ ‬تبيان‭ ‬الخيط‭ ‬الأبيض‭ ‬من‭ ‬الأسود‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬الأمثلة‭ ‬ونحوها،‭ ‬يستمر‭ ‬الإختراق‭ ‬ويتوسع‭ ‬بالإمتداد‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأصل‭  ‬درع‭ ‬صدٍّ‭ ‬لهذه‭ ‬الإختراقات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬غاب‭ ‬الصدُّ‭ ‬الرسمي‭.‬

‭ 3/‬شبكة‭ ‬محرري‭”‬الشرق‭ ‬الأوسط وشمال‭ ‬إفريقيا‭”‬

مجالها‭ ‬هو‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭. ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬أن‭ ‬التسمية‭ ‬بمحمولها‭ ‬الحغرافي‭ ‬السياسي؛‭” ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭” ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬التقسيم‭ ‬الأمريكي‭ ‬المعتمد‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬الهياكل‭ ‬الرسمية‭. ‬فتسمية‭ ‬الشبكة‭ ‬دالة‭ ‬على‭”‬جنسيتها‭”. ‬وقد‭ ‬تأكد‭ ‬أن‭ ‬رئيسها‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬أوغلو‭ ‬المصري‭ ‬الفار‭ ‬المُتَأترك‭. ‬وهو‭ ‬إخواني‭ ‬الهوية‭ ‬والمعدن‭ ‬والأصل‭ ‬والفصل‭. ‬وبثالوث‭ “‬الجنسية‭” ‬الأمريكية‭ ‬وهوية‭ ‬رئيسها‭ ‬الإخوانية‭ ‬ومقرها‭ ‬التركي‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الشبكة‭ ‬قد‭ ‬أفصحت‭ ‬عن‭ ‬نهجها‭. ‬ويتأكد‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬بأقوال‭ ‬رئيسها‭ ‬نفسه،‭ ‬وهو‭ ‬يرد‭ ‬على‭ ‬الأستاذة‭ ‬عبير‭ ‬موسي،‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭ ‬أنه‭ ‬يرى‭ ‬الإخوان‭ ‬جماعة،‭” ‬ذات‭ ‬طموح‭” ‬ويرى‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬الإخوانية‭ ‬معلما‭ ‬يشرف‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬فيه،‭ ‬وبِكَون‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬الشبكة‭ ‬هو‭ ‬الإن‭ ‬وزير‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الدبيبة‭ ‬الليبية‭ ‬التركية‭ ‬الإخوانية‭. ‬وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬تكتمل‭ ‬دائرة‭ ‬الريبة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشبكة‭.‬

وإن‭ ‬المشكل‭ ‬يكمن‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الشبكة‭ ‬قد‭ ‬استدرجت‭ ‬إليها‭ ‬إعلاميين‭ ‬تونسيين،‭ ‬بشهادة‭ ‬رئيسها‭  ‬في‭ ‬رده‭ ‬ذاك‭. ‬وهو‭ ‬رد‭ ‬ساذج‭ ‬أبله‭ ‬متناقض،‭ ‬فيه‭ ‬خلط‭ ‬بين‭ ‬الإيديولوحيا‭ ‬الإخوانية‭ ‬والإيمان‭ ‬الديني،‭ ‬وفيه‭ ‬تناقض‭ ‬مضحك‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬التمويل‭ ‬الذي‭ ‬تتلقاه‭ ‬شبكته،‭ ‬فضلا‭ ‬على‭ ‬تطبيعه‭ ‬مع‭ ” ‬التطبيع‭”‬‭ ‬الذي‭ ‬يقشعر‭ ‬له‭ ‬خطاب‭ ‬سعيد‭ ‬ولا‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا‭. ‬لا‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬تجاه‭ ‬شبكة‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وتدرب‭ ‬الإعلاميين،‭ ‬لا‭ ‬المصورين‭ ‬منهم،‭ ‬على‭”‬مهارة‭ ‬الدرون‭”‬،‭ ‬مثلما‭ ‬لا‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬تجاه‭ ‬مملكة‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬التي‭ ‬يرأس‭.‬

4/ ‬مملكة‭ ‬أطلنتس‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬تونس

يستحضر‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬تركيا‭ ‬أو‭ ‬اللعنة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تختفي‭. ‬فملك‭ ‬مملكة‭ ‬أطلنتس‭ ‬الجديدة‭ ‬تركي‭. ‬ورئيس‭ ‬حكومتها‭ ‬تركي‭. ‬وها‭ ‬هنا‭ ‬مكمن‭ ‬الريبة‭ ‬الأول‭.‬

ثم‭ ‬إن‭ ‬التسمية‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬أسطورة،‭ ‬وها‭ ‬هنا‭ ‬مكمن‭ ‬الخطر‭ ‬الثاني‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الأساطير‭ ‬إنما‭ ‬تجيب‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬البدايات‭ ‬بتمثل‭ ‬ثقافي‭ ” ‬طفولي‭” ‬وعميق‭ ‬لا‭ ‬صلة‭ ‬غاليا‭ ‬بالتاريخ‭.. ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المملكة‭ ‬ليست‭ ‬شأنا‭ ‬إفتراضيا‭ ‬عارضا‭. ‬إنها‭ “‬مملكة‭ ‬شركة‭”‬و‭ “‬شركة‭ ‬مملكة‭”. ‬فهي‭ ‬قوة‭ ‬المال‭ ‬الراهن‭ ‬وقوة‭ ‬الحكم‭ ‬القادم‭. ‬وتنوي‭ ‬هي‭ ‬بدورها‭ ‬إنجاز‭ ‬استثمارات‭ ‬سخية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬والمطارات‭ ‬والطاقة‭ ‬البديلة‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭ ‬الثقيلة‭ ‬كالجسور‭. ‬ولهذه‭ ‬المملكة‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬ووثيقة‭ ‬جنسية‭ ‬يحملها‭ ‬تونسيون‭ ‬كثر،‭ ‬وتنوي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ترابها‭ ‬السيادي‭ ‬هو‭ ‬أرض‭ ‬استثماراتها‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬المفلسة‭ ‬مقصدا‭ ‬لها‭ ‬محتملا‭. ‬ولهذه‭ ‬المملكة‭ ‬حكومة‭ ‬ذات‭ ‬رئيس‭ ‬ووزراء‭ ‬إدارة‭ ‬محلية،‭ ‬وتربية،‭ ‬وعمل‭ ‬وشؤون‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وإعلام،‭ ‬وبيئة،‭ ‬وبحث‭ ‬علمي،‭ ‬وسياحة،‭ ‬وفلاحة‭ ‬وري،‭ ‬وإسكان‭ ‬وبناء،‭ ‬وحقوق‭ ‬إنسان‭ ‬الخ‭….‬

وقد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لتونس‭ ‬شأن‭ ‬بهذا‭ ‬الكيان‭ ‬المريب‭. ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬التعامل‭ ‬الوطني‭ ‬الجدي‭ ‬معه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬وزيرة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المملكة‭ ‬هي‭ ‬نائبة‭ ‬رئيس‭ ‬برلمان‭ ‬تونس‭ (‬اضاقة‭ ‬اسمها‭) ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬سعيد‭ ‬ومن‭ ‬خدم‭ ‬حملته‭ ‬الإنتخابية‭ ‬أو‭ “‬التفسيرية‭” ‬بعبارته‭. ‬وهذه‭ ‬المملكة‭ ‬التي‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإفتراضي‭ ‬والفضاء‭ ‬الفعلي‭ ‬قد‭ ‬جلبت‭ ‬إلى‭ ‬جنسيتها‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬مواطنين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬رجال‭ ‬تعليم‭ ‬مؤمّنين‭ ‬على‭ ‬الناشئة‭ ‬وعلى‭ ‬زرق‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭ ‬فيها‭. ‬

الذي‭ ‬نعلمه‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬ليس‭ ‬عارضا‭ ‬أو‭ ‬هامشيا‭. ‬إنه‭ ‬أحد‭ ‬مظاهر‭ ‬الإختراق‭ ‬الأخطر‭. ‬وإن‭ ‬السلطة‭ ‬الرسمية‭ ‬مطالبة‭ ‬بفك‭ ‬هذه‭ ‬الألغاز،‭ ‬مثلما‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬غفوتها‭ ‬وأن‭ ‬تضغط‭ ‬بالأسئلة‭ ‬الوجيهة‭ ‬والوسائل‭ ‬القانونية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تتطهر‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الخلايا‭ ‬الخبيثة‭. ‬ولا‭ ‬موجب‭ ‬لقياس‭ ‬الصواب‭ ‬بالجهة‭ ‬التي‭ ‬تثيره‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬المخالفة‭ ‬السياسية‭. ‬فهي‭ ‬جهة‭ ‬تملك‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الأنصار‭ ‬الذين‭ ‬يسأل‭ ‬بعضهم‭: ‬أَلَم‭ ‬يتعلم‭ ‬ساسةّ‭ ‬تونس‭ ‬الدرسَ‭ ‬حين‭ ‬حكّموا‭ ‬ذاك‭ ‬المقياس‭ ‬الحقودَ‭ ‬فأصابهم‭ ‬ما‭ ‬أصاب‭ ‬سنمّار؟‭!.‬

*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 9 ماي 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING