ما يحدث في ايطاليا وحسن ادارتها الموجة الثانية جعلت مراقبين يتساءلون عن كيفية تحقيق هذا البلد الذي عاش ماساة في الموجة الاولى من تفشي الجائحة ومرفوقة بسؤال اخر لا يقل اهمية هو هل سيدوم هذا النجاح؟ .
وتجري السلطات الإيطالية تحاليل لنحو 120 ألف شخص يوميا ، 2000 منها ايجابية في اقصى الحالات ويشير الخبراء إلى ان الحجر الصحي الشامل الذي تم تطبيقه بشكل صارم مصحوبا بحدوث صدمة جماعية لدى السكان في الموجة الاولى وراء النجاح الجديد المسجل .
ويبدو أن الذكريات المروعة للتوابيت المكدسة في الوقت الذي فاضت فيه المقابر في الشمال ونفدت أسرّة العناية المركزة جعلت الإيطاليين يلتزمون بشدة بالقواعد، بل إن العديد منهم يضعون كمامات في المواقف التي لا يكون فيها ذلك إلزاميًا.
وقال البروفيسور ماسيمو أندريوني خبير الأمراض المعدية في مستشفى تور فيرغاتا في روما لوكالة فرانس براس إنّ “الوباء ضرب إيطاليا في وقت سابق … ووضعت السلطات على الفور خطة احتواء شديدة للغاية”.
وأوضح أنّ الحجر الصحي الذي تم فرضه في بداية مارس لم يتم رفعه حتى شهر ماي ، وذلك في شكل تدريجي أكثر بكثير من أي مكان آخر.
واتفق ماسيمو غالي، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى ساكو في ميلانو، مع ذلك الطرح بقوله لصحيفة كورييري ديلا سيرا يوم امس السبت إنّ “التدخل الجذري وإغلاق أطول وأكثر صرامة أنتج نوعًا من تأثير الحماية”.
واعتبرت منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع إيطاليا مثالاً، مشيدةً “بنصائحها الحكومية الواضحة، والدعم العام القوي لتقليل انتقال العدوى” وتبادل المعلومات.
ويعدّ وضع الكمامات إلزاميا في جميع الأماكن العامة المزدحمة بين الساعة 6 مساءً و6 صباحًا ،
وكان مطار فيوميتشينو الدولي في روما أول مطار في العالم يحصل على تصنيف خمس نجوم من وكالة “سكاي تراكس” لحسن إدارته لأزمة كوفيد-19.
وأشادت الوكالة المختصة بتصنيف المطارات والخطوط الجوية بالإجراءات الصحية المتبعة في المطار.كما تقوم الدولة بتشغيل رحلات “خالية من كوفيد” بين روما وميلانو لأولئك الذين ثبتت عدم إصابتهم بالفيروس.
وأكّدت شركات واصحاب محلات تجارية أنها تحاول بذل جهد إضافي لمنع العدوى في متاجرهم أو مطاعمهم.
وقالت صحيفة “سولي 24 اوري” اليومية إن العديد من المدارس أعيد فتحها في منتصف سبتمبر، ومنذ ذلك الحين سجلت 400 مدرسة إصابة واحدة على الأقل بفيروس كورونا.ويفرض على التلاميذ الذين يعانون من أية أعراض مشبوهة إجراء تحليل فيروس كورونا قبل إعادة القبول.
وقال الطبيب انطونيو مونتيغراندي المتخصص في الأمراض المعدية إنّ انخفاض معدل العدوى في إيطاليا قد يرجع جزئيا إلى أنّ “الإيطاليين يميلون للقلق بشأن صحتهم”.
وأشار إلى دور الأمهات في التأكد من التزام ابنائهم الشباب الذين لا يزالون يعيشون مع ابائهم رغم تجاوزهم الثلاثين، بوسائل الوقاية الضرورية عند الخروج من المنزل.
ولاحظت المستشفيات والمعاهد البحثية ارتفاعًا في الاكتئاب واضطرابات الصحة العقلية التي قد تلعب أيضًا دورًا في الحد من العدوى.
وقالت الطبيبة النفسانية غلوريا فولباتو، التي تعمل في بيرغامو (شمال)، المنطقة الأكثر تضررًا في إيطاليا، لوكالة “ايه جي اي” للأنباء إنها تلاحظ تزايدا على وجه الخصوص في مشاعر “الخوف من الآخر”، مع اعتبار جميع المعارف على أنهم مصدر عدوى محتملة.
والشاغل الأكبر الآن هو إعادة فتح المدارس هذا الأسبوع في خمس مناطق في جنوب البلاد كانت قد أخرت مواعيد العودة المدرسية، بالإضافة إلى حضور المشجعين لملاعب كرة القدم في جميع أنحاء إيطاليا، على الرغم من أنه سيُسمح فقط بحضور ألف مشجع في كل مباراة.
وقال الخبير ماسيمو أندريوني “سنكون قادرين على رؤية التأثير (خلال الشهر المقبل) وما إذا كانت إيطاليا ستنجح في الحفاظ على هذه المستويات المنخفضة أم أنها ستنضم إلى مستويات فرنسا وإسبانيا”.