الشارع المغاربي – مُساعدات العيد...الفضيحة !

مُساعدات العيد…الفضيحة !

قسم الأخبار

13 مايو، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي:  منذ بداية ازمة “كورونا” وامام فداحة ما حل بأكثر من 2.4 مليون تونسي من فقر واحتياج تبعا لفقدانهم موارد كسبهم  وتحصيل قوتهم اليومي وغير المنتظم في اغلب الحالات، دون أي سند، سعت الحكومة الى البحث عن “الحل” الاقل كلفة لماليتها العمومية رغم انها غصت بالقروض والمنح الخارجية فلم تجد افضل من التوجه نحو ابواب الاحسان و الصدقات مع ما في ذلك من نكران لحقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية سيما من الفئات الهشة والمعوزة والتي لا توجد أي تقديرات جدية لعددهم وتوزعهم جغرافيا و قطاعيا.

وكانت هذه الاعمال الخيرية من قبيل العود على بدء لمسلسل اهانة المحتاجين وهو ما يستهوي الكثيرين ممن يشتغلون على المآسي لمآرب خسيسة من هواة السياسة و غيرهم من ذوي الطموحات المشبوهة في سياق المسكنة والنفاق، في ابهى تجلياتهما.
وفي ذات السياق، تفيد الارقام الرسمية وبشكل مفزع انه لا وجود بالمرة لأي اهتمام بالمحور الاجتماعي منذ سنوات وهو ما يبرز بشكل فج في قانون المالية للعام الحالي اذ تم اقرار 1634.2 مليون دينار لميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية بما يعادل نحو 3.4 % لا غير من الميزانية الاجمالية للدولة. وتضم هذه الميزانية 207.3 مليون دينار اجور وتتوزع على اربعة محاور هي الشغل والعلاقات المهنية (24.8 مليون دينار) والضمان الاجتماعي (611.4 مليون دينار)  والنهوض الاجتماعي (907.4 مليون دينار) والهجرة والتونسيين المقيمين في الخارج (27.5 مليون دينار).
وتبرز عدة دراسات انجزتها بالأساس عدة هياكل حكومية على غرار المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية ان السياسات الاجتماعية في البلاد تتسم بالتعثر وياقصاء شرائح واسعة من التونسيين من أية منظومة مهيكلة معياريا تحفظ حقوقهم في هذا المجال خصوصا في اطار الشغل والسكن اللائق ..
و مما زاد الطين بلة، زف رئيس ديوان وزير الشؤون الاجتماعية فتحي بن عامر، يوم امس الثلاثاء 12 ماي 2020، بشرى تحصيص الوزارة مساعدات اجتماعية لفائدة العائلات المعوزة بمناسبة عيد الفطر بمبلغ قدره 60 دينارا لكل عائلة سيتم صرفها بداية من يوم 17 ماي عن طريق حوّالات بريدية…
وأفاد بن عامر  ضمنيا بأنّ الوزارة بصدد النظر في قائمة العمال المفصولين عن العمل بسبب الأزمة التي فرضها وباء “كورونا”، ليتم تقديم إعانات لفائدتهم بمبلغ قدره 70 دينارا بمناسبة عيد الفطر، وذلك إلى جانب المساعدات العينية (علب كرتونية، داب على توزيعها فاعلو الخير وهي تتكون اساسا من المعجنات و السكر و الزيت…)  حيث ستتكفل اللجان الجهوية للتضامن الاجتماعي بتوزيعها لفائدة العائلات المعوزة قبل العيد. كما عبر ايضا عن “النجاح” خلال الفترة السابقة  في إسناد دفعة أولى مقدرة بـ 470 ألف من المساعدات الاجتماعية، وتوقع أن يتراوح مجموع الدفعة الثانية التي يتواصل إسنادها، بين 250 ألف و 300 ألف مساعدة اجتماعية، إلى جانب 32 ألف مساعدة أخرى تم تقديمها لأصحاب المهن الصغرى الحرة وأصحاب البطاقات المهنية عبر منصة “باتيندة”.
واكد أن وزارة الشؤون الاجتماعية أسندت الدفعة الأولى وأنها تواصل إسناد الدفعات الثانية والثالثة من المساعدات الاجتماعية لمستحقيها، وذلك بعد التثبت من الشروط الواجب توفرها في الأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية والفئات الهشة مضيفا أنه سيتم توفير 9 آلاف مساعدة اجتماعية إضافية في الأيام القريبة القادمة لفائدة المسجلين بمنصة “باتيندة” وهو رقم يثير الضحك نظرا الى ان مئات الالاف من اصحاب “الباتيندة” محلاتهم مغلقة منذ ما يقارب الشهرين.
وأشار إلى أن الوزارة بصدد دراسة الملفات الواردة من المؤسسات الاقتصادية المتوقفة عن النشاط بسبب تفشي وباء “كورونا”، وذلك قبل صرف مساعدات اجتماعية من قبل الإدارة العامة للضمان الاجتماعي لفائدة العمال، عن طريق تحويلات بريدية وبنكية عبر منصّة “مساعدة المؤسسات”.
ويلقى بشكل دوري مثل هذا الافصاح الرسمي عن الاغاثات الخيرية الظرفية والتي لن تتجاوز كلفتها هذا العام بمناسبة عيد الفطر 50 مليون دينار الذي سيحرم المحتاجون من احيائه، بتخصيص مبالغ جد زهيدة لفائدة العائلات المعوزة موجة من القرف والازدراء لدى التونسيين مقابل تأكيد السلط باستمرار ان العائلات المسجلة في السجلات الوطنية للعائلات المعوزة “تتمتع” بـ 180 دينارا شهريا، إضافة إلى الإعانات الظرفية في عيد الفطر وعيد الأضحى وفي العودة المدرسية مما يعمق مسألة ان كان المسؤولون في البلاد مقيمين فيها فعليا وهل انهم يقتنون حاجاتهم بالأسعار المعتمدة في بداية غابر الازمان ؟.
وتشير عموما ذات السلط الى انها واعية بان مبلغ الاعانة قليل لكنها تتذرع باستمرار بان امكانات الدولة لا تسمح بأكثر من ذلك مع ابرازها أن ما تم رصده للعائلات ضعيف ولا يكفي ولكن لو تم النظر في حجم ما يتم رصده للمساعدات القارة والمساعدات الظرفية في الأعياد فان المبالغ تصل الى المليارات (48 مليار فحسب لـ 900 الف عائلة محدودة الدخل ومعوزة) ، وفق تقييمها !
يذكر ان العديد من المتخصصين يبرزون ان  قسما هاما من اغلب العائلات المعوزة والتي يصعب تقدير عددها بالتحديد ،هو خارج برامج الاعانة والاغاثات الظرفية.
كما ان هذه الفئة، تخضع في مجال رصد وتوزيع الاعانات الى تراتيب تعود الى اكثر من عشرين عاما يضبطها المنشور المشترك لوزير الدّولة المكلّف بالدّاخليّة ووزير الشؤون الاجتماعيّة عدد 21 المؤرّخ في 20 أوت 1987 المتعلّق بالبرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة، إضافة إلى منشور وزير الشؤون الاجتماعية عدد 5 المؤرخ في 15 ماي 1988 والمتعلق بالتصرف في البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة وهي تراتيب تقضي بتخصيص “اغاثة” شهريّة لفائدة هذه الأسر، تمّ زيادتها تباعا لتبلغ حسب قانون الماليّة لسنة 2019 لتصل الى نحو 180 دينارا لكلّ عائلة.
وازاء الاطار المليء بالوعود الغريبة وغير الواقعية او القابلة للتحقيق بالرجوع لميزانيات الوزارات، فان وزير التجهيز لم يجد حرجا من ان يعلن انه يباشر تفعيل ” الاستراتيجية الوطنية للسكن” عملا حسب اقواله على إيجاد آليات لمساعدة مختلف الفئات الاجتماعية وبالخصوص الفئات الضعيفة ومتوسطة الدخل على توفير مساكن لائقة ومقاسم بأسعار مدروسة، من جهة وبتوفير وسائل النهوض بالسكن وبتهيئة الأحياء السكنية وإدماجها في حدود الإمكانات المتاحة، من جهة أخرى.
وتقوم “الاستراتيجية” بالأساس على توفير السكن الاجتماعي والميسر الموجه للفئات ضعيفة ومتوسطة الدخل، واتاحة المقاسم الاجتماعية المعدة لبناء مساكن اجتماعية، وتحسين ظروف العيش داخل الأحياء السكنية والحد من انتشار البناء الفوضوي، اضافة الى تأهيل المراكز العمرانية القديمة علما ان هذه الاستراتيجية لم تر النور منذ ايام الترويكا مع ما رافق الامر من وضعيات غاية في الغرابة واللبس وذلك خصوصا في برامج توريد مساكن جاهزة من الخشب من تركيا واعداد قائمات”مغلوطة” لمستحقي السكن الاجتماعي وغياب التمويلات وما الى ذلك من اوضاع اطاحت بمشروع السكن الاجتماعي نهائيا منذ 2012.
وبين الوزير ان الاستعدادات على قدم وساق لإسناد مساكن ومقاسم جاهزة مقدرة بـ 2000 مسكن قال انها ستكون من نصيب مستحقيها مع امكانية ارتفاع العدد الى الاف مؤلفة في المستقبل.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING