الشارع المغاربي – هل يُحيي الفخفاخ مشروع صندوق النقد الدولي للاستحواذ على القطاع السياحي ؟

هل يُحيي الفخفاخ مشروع صندوق النقد الدولي للاستحواذ على القطاع السياحي ؟

قسم الأخبار

28 مايو، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: عمل إلياس الفخفاخ، منذ تعيينه وزيرا للمالية في ديسمبر 2012 زمن حكم الترويكا وإلى غاية مغادرته الوزارة في 2014 على تجسيم عدة برامج لـ “الإصلاح الهيكلي” وهو المصطلح الذي يستخدم بالخصوص من قبل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في ما يهم تنفيذ مجموعة من التعهدات مقابل تمكين الحكومة من تسهيلات ائتمانية وقروض مشروطة.
وتمحورت في تلك الفترة تعهدات الياس الفخفاخ بمعية الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي حسب ما ورد في رسالة نوايا توجها بها “سرا” في أواخر مارس 2013، لرئيسة صندوق النقد الدولي وقتها “كريستين لاغارد” حول رسملة البنوك العمومية، تدعيم استقلالية البنك المركزي، الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مراجعة منظومة الدعم، التحكم في كتلة الأجور ونفقات التسيير والتصرّف العموميّة، المصادقة على مشروع مجلّة للاستثمار، إصلاح القطاع البنكي، المصادقة على مشروع للإصلاح الجبائي و إحداث شركة للتصرف في الأصول الغرض من إنشائها مصادرة المؤسسات الفندقية المدينة لدى البنوك والتي بلغت مرحلة التعثر المالي الحاد.
غير أن أصحاب المؤسسات السياحية والعديد من المتابعين للشأن الاقتصادي الوطني فوجئوا في المدة الأخيرة بعودة التركيز من دوائر قريبة من الحكومة على ضرورة إحياء مسالة تأسيس شركة للتصرف في الأصول يتمثل دورها في اقتناء الديون المتعثرة لدى القطاع البنكي وشركات استخلاص الديون يشمل نشاطها من حيث المبدأ ديون المؤسسات السياحية المشكوك في استخلاصها وهو ما يشكل تهديدا جديا لبقاء القطاع السياحي برمته.
وتجدر الإشارة إلى انه ومنذ أحداث 14 جانفي 2011 يعاني القطاع السياحي، من هزات وأزمات حادة ومتواترة أثرت على موارده وطاقته التشغيلية وجعلته يعيش وضعيات من أصعب مراحل وجوده في ظل ضغوطات مالية وتنافسية واجتماعية لم يسبق له أن شهدها زادت من تفاقمها الأزمة الصحية المترتبة عن تفشي وباء الكورونا.
وعلى الرغم من الأفكار السائدة، فانه لا يمكن اعتبار القطاع قطاعا تكميليا للنشاط الاقتصادي الوطني بل هو قطاع محوري ترتبط به عديد القطاعات الاخرى على مستوى خلق القيمة المضافة والاستثمار والتصرف في عوامل الإنتاج، إذ بينت العديد من الدراسات أن القطاع يحقق قيمة مضافة اجمالية عالية تتجاوز قيمتها سنويا  14 مليار دينار. وعلى مستوى العلاقة بفروع النشاط الاقتصادي المختلفة فقد ثبت أن السياحة تشغل نحو 850 ألف أجير و180 ألف عامل عرضي، كما تبرز المسوحات الإحصائية أن القطاع يرتبط ببعض فروع النشاط الاقتصادي على مستوى تكوين رأس المال الثابت بشكل خاص في حدود تتراوح بين 60 و 80%.
وبناء على ما سبق، فان تركيز البعض على أن مديونية القطاع السياحي التي تمثل 7% من قروض المنظومة المالية هي تهديد جدي للبنوك امر يقبل النقاش الى حد بعيد ذلك ان المسالة ترجع الى العقدين الاخيرين وتفسر بضعف المردودية بالوحدات السياحية والفندقية، من ناحية وبممارسات مؤسسات القرض المخالفة للقانون لاسيما على مستوى احتساب نسب الفوائض وطرق استخلاصها وغيرها من التجاوزات، من ناحية أخرى مما اثقل كاهل القطاع بصفة حدت من طاقته لتسديد ديونه التى دفع العديد من اصحاب المؤسسات العاملة فيه اضعافا مضاعفة من قيمتها التعاقدية اصلا وفوائضا.
ويؤكد الخبراء في جردهم لتجاوزات البنوك ومخالفتهم للقانون على عدة محاور، أهمها :
–    الارتفاع المشط لنسب الفائدة التعاقدية التي تتجاوز في بعض الحالات الحدود المسموح بها إلى حدود 15%؛
–    دفع أصحاب الوحدات السياحية أقساط الديون باعتماد حساب الفوائض المركبة؛
–     جدولة الديون بدمج الفوائض التعاقدية وفوائض التأخير في مخالفة واضحة للتشريعات الجاري بها العمل؛
–    قبض الاقساط في بداية مدة الاقراض اي قبل التمتع بالتمويل وهو ما يمنعه القانون الأساسي للمهن المصرفية بتونس؛
–     احتساب المتخلد بالذمة من اصل الدين وفوائد التأخير المتعلقة به وما يتبعها من تحملات عند قيام البنوك بعمليات دمج الديون وجدولتها.
ومن هنا فان القطاع السياحي يعيش اليوم كارثة حقيقية، إذ يتبين في عديد الحالات دفع مؤسسات فندقية أربعة اضعاف قيمة تعهداتها البنكية ولا زالت البنوك تطالبها بالمزيد وهو إجحاف يستنزف طاقة الوحدات باستمرار ويعرضها للإفلاس ان لم تتخذ السلطات المالية والنقدية قرارات حاسمة لإيقاف الآفة والممارسات الربوية بالمعنى الفني للكلمة التى لا زالت البنوك تمارسها الى اليوم على مرأى ومسمع من الجميع .
وأمام الضغوطات المتعددة، حيث انعدمت الإيرادات سيما مع تفشي وباء “كورونا”، بدأ التفكير مجددا في تفكيك القطاع واعتبار جل وحداته تقريبا والبالغ عددها 840 وحدة مصنفة قابلة للتفويت والإحالة بالنظر لحجم ديونها المتعثرة لتطفو على سطح الأحداث المأساوية مسالة إحياء إحداث شركة للتصرف في الأصول يعلم الجميع أن وراءها صناديق المضاربة وصقور النفوذ المالي في العالم التي تريد الاستحواذ على المخزون العقاري الأهم في تونس.
وعموما يبدو في ما يخص مجال تدخل شركة التصرف في الأصول أن الغرض من إحداث هذه المؤسسة هو بالأساس تغيير المشهد السياحي والفندقي بتونس بالكامل وفي مرحلة ثانية بقية القطاعات على الرغم من تأكيد الخبراء أن قيمة تعثر ديون الوحدات الفندقية التي تسببت فيها البنوك اقل في عديد الحالات من مثيلتها بالنسبة لفروع نشاطات اقتصادية أخرى. ومهما يكن من أمر يتحتم توضيح بعض النقاط في خصوص شركة التصرف في الأصول وهو ما يشكل مخالفة واضحة لقواعد المالية العمومية ويمكن اعتباره حتى على المدى البعيد مهددا للنظام الاقتصادي العام .
 
http://xn—-ymcbbbgj0d0a5c7gub9a.xn--pgbs0dh/sites/default/files/q_shrk_ltsrf_fy_lswl_d_ocx.pdf
 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING