الشارع المغاربي – وزيرة‭ ‬العدل‭ ‬ليلى‭ ‬جفال‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تجميد

وزيرة‭ ‬العدل‭ ‬ليلى‭ ‬جفال‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تجميد

قسم الأخبار

10 أغسطس، 2022

الشارع المغاربي-كوثر زنطور:شهران تقريبا مرّا دون ان يستقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد وزيرة العدل ليلى جفال المغضوب عليها بسبب سوء ادارة ملف “التطهير في القضاء”  الذي انطلق وتوقف سريعا بفشل ذريع عنوانه قائمة القضاة المعزولين.

6 جوان  2022 هو تاريخ اخر لقاء جمع رئيس الجمهورية بوزيرة العدل ليلى جفال. ورغم  محاولات التكتم فان اصداء توتر العلاقات اصبح متداولا بقوة في الكواليس السياسية والقضائية التي تتحدث ايضا عن ” تقارير تلقاها الرئيس” حول جملة من الملفات ابرزها ” قائمة  عزل 57  قاضيا” التي وان صدرت بقرار رئاسي وقّعه قيس سعيد فان مسؤولية اعدادها حُملت للوزيرة جفال.

غضب

لم تصدر رئاسة الجمهورية ، على غير العادة ، عفوا خاصا عن المساجين بمناسبة عيد الاضحى (9 جويلية 2022)  بما حرم العديدين من هذا الاجراء الاستثنائي. السبب قد يكون مزاج الرئيس الغاضب على الوزيرة ليلى جفال المُغيبة عن القصر الرئاسي منذ فترة لم تنهها موجبات ” الوظيفة” مثلما يصنفها “الدستور الجديد” . سقط العفو اذن على الاغلب حتى لا تكون الوزيرة حاضرة (بمعية اعضاء لجنة العفو) ويجبر الرئيس بالتالي على استقبالها.

هذا يؤكد تسريبات تُتناقل منذ مدة حول “قطيعة” بين الرئيس ووزيرته استعدادا لتحميلها وحدها وزر “قائمة العزل” وابعادها من ثمة في اول تحوير وزاري. مرد وضعية جفال التي باتت ” مجمدة” وابعدت عن دوائر القرار هو انهيار الثقة بينها وبين الرئيس منذ تلقيه تقرير من المجلس الاعلى المؤقت للقضاء حول ” قرارات الاعفاء” وصفته مصادر مطلعة بـ” الجدي والنزيه” .

تقرير اضعف موقع الوزيرة المتهمة بالتسرع وبـ” تصفية حسابات شخصية” مع عدد من زملائها  القضاة وبـ” مغالطة الرئيس” .  ويبدو ان التقرير انصف ” 42 قاضيا” من جملة 57 شملتهم قرارات الاعفاء.  بالاضافة الى تقرير المجلس الاعلى المؤقت للقضاء يبدو ان تقرير لجنة احدثت على مستوى وزارة الدفاع وكلفت بالنظر في “جملة من الملفات ” انتهى” بكشف عدة مغالطات وسوء تقدير” حول قضايا اثيرت مؤخرا وتسبب بعضها في المس من مصداقية رئاسة الجمهورية .

بعيدا عن التقريرين غير المعلنين، فإن تأخر صدور احكام المحكمة الادارية حول مطالب وقف التنفيذ المقدم من قبل 54 قاضيا وطلب وزارة العدل  من رئيس المحكمة التمديد في آجال البت، زادا من الضغط المسلط على الوزيرة جفال بعد تأكيد محاميي القضاة أن ” لا مؤيدات في الملفات” وان الوزارة عجزت عن الدفاع عن قرارات العزل .

 اكثر من ذلك، تُتهم الوزيرة بمحاولة الضغط للحيولة دون اصدار احكام لفائدة القضاة  المعزولين مما تسبب في حالة احتقان داخل المحكمة تبدو مفهومة امام ما تعيش على وقعه خلال عهدة رئيسها الاول عبد السلام مهدي قريصعة من مهادنة  غير مسبوقة للسلطة لا تليق بمحكمة عرفت تاريخيا بجرأة احكامها  .

للتذكير كان  كمال بن مسعود رئيس هيئة الدفاع عن القضاة المعزولين قد اكد في تصريح بتاريخ 22 جويلية صدور تعليمات للمحكمة الادارية تقضي برفض تسلم الطعون المتعلقة بإيقاف  تنفيذ قرارات  الاعفاء مبرزا ان الهيئة لجأت الى ايداع العرائض بواسطة البريد مضمون الوصول مع الاعلام بالبلوغ مشيرا الى ان ذلك يمثل طريقة قانونية.

بن مسعود ذكّر بأن الرئيس الأول للمحكمة الإدارية مطالب بتطبيق  القانون الذي يقول “إذا لم تتولَّ الجهة المدعى عليها الإدلاء بجوابها وبالمؤيدات المطلوبة منها، تعتبر ادعاءات المدعي صحيحة وتُعتمد”،  مشددا في تعليقه على انقضاء اجال البت في مطلب وقف التنفيذ على أن أجل الشهر الذي يمنحه القانون كحدّ أقصى للرئيس الأول للمحكمة ” ملزم وليس استنهاضيا” كاشفا ان  وزارة العدل قدمت وقائق تتعلق ببعض الملفات عندما طلب منها  الرئيس الأول  للمحكمة مده بها .

من جهته شكك عضو اللجنة الاستاذ احمد صواب في خفايا التأخير وفي الحياد السياسي للرئيس الاول للمحكمة الادارية متهما اياه بالتنكر لفقه القضاء الاداري  مبرزا انه لا عذر للتأخير الحاصل في البت في الطعون المقدمة من قبل القضاة لايقاف التنفيذ الذي ذكر بأنه يتزامن مع عطلة قضائية يكون فيها الرئيس الاول متفرغا مذكرا بسرعة اصدار احكام ايقاف التنفيذ في قضايا في مصلحة السلطة على غرار ايقاف تنفيذ قرار المجلس الاعلى للقضاء بانهاء الحاق القضاة الذين يتقلدون مناصب في السلطة التنفيذية والذي قال  انه صدر في غضون يومين بعد ايداع المطالب.

الى ذلك، عاد صواب في تصريح لـ”الشارع المغاربي” الى قرار وزيرة العدل بصرف منحة القضاء المعزولين (مرتبات 6 اشهر) معتبرا انه بهدف لاستحثاث رئيس المحكمة على رفض الطعون  داعيا رئيس الجمهورية الى فتح “ملفات وزيرة العدل”  كاشفا في هذا الصدد أن” معطيات بلغته ممن اسماهم بالثقاة تشير الى ان شبهات فساد تحول حول الوزيرة  والى انها قد تكون اثقل من الملفات التي كانت وراء عزل 57 قاضيا مشددا على ان للوزيرة علاقة بملفات فساد كانت وراء عزل زوجها وهو قاض ايضا.

صواب اكد في  سياق متصل ان قرارات العزل معدومة وان القضاء الاداري  اصدر قرارات ايقاف تنفيذ عزل صدرت عام 1985 في حق  قضاة شبان دخلوا في اضراب  جوع وانه اوقف أيضا تنفيذ قرارات صادرة عن زين العابدين في بن علي بعزل القاضي كمال قرداح والقاضي مختار اليحياوي مذكرا كذلك بان المحكمة الادارية اوقفت تنفيذ كل قرارات العزل الصادرة عن نور الدين البحيري عندما كان وزيرا للعدل.

تجميد

عرفت  ليلى جفال المناصب الوزارية لاول مرة في حكومة هشام المشيشي كوزيرة لاملاك الدولة بفضل صداقة  تجمعها بزوجة رئيس الجمهورية مكنتها من موقع في التركيبة الحكومية ومن مكانة خاصة في القصر الرئاسي  جعلتها ” من زواره الدائمين” متجاوزة رئيس الحكومة.  ” حظوة” عكست اصطفاف الوزيرة  وكانت وراء اقالتها وكل  الوزراء المحسوبين على قيس سعيد. خلال تلك الفترة كانت جفال تلقب من قبل الحزام السياسي للمشيشي بـ “أخطر وزراء الرئيس” الذي كان يتهمها بـ ” مغالطة الرئيس ” وبـ “الايقاع بينه وبين سعيد  طمعا في خلافته”. وخارج القصبة اتهمها العضو السابق بالمجلس الاعلى للقضاء خالد عباس ، وهو من ضمن القضاة الذين تم عزلهم بالتدخل المباشر في قضية منشورة .

عادت جفال في حكومة نجلاء بودن كوزيرة للعدل وتصدرت  المشهد هي ووزير الداخلية توفيق شرف الدين بعد ان تم تكليفهما  بقيادة عملية ” التطهير”  . وبات لا يكاد يمر اسبوع دون ان يستقبل سعد الوزيرين سويا ويوجه لهما تعليمات بـ” فتح الملفات للانطلاق في المحاسبة”. فشل التنسيق بين الوزيرين وتوترت العلاقات بينهما بعد احالة القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري على الاقامة الاجبارية وحُملت جفال مسؤولية الفشل وطرح  منذ ذلك التاريخ طلب تغييرها .

واصلت جفال مهامها على رأس الوزارة رغم الانتقادات  وطُلب منها الاشراف  على ”  تجميع الملفات حول القضاة الفاسدين”. تم اعداد  القائمة واحيلت مرفوقة بمؤيدات كانت بمثابة “تقارير امنية” . فعّل سعيد القائمة وصدرت في الرائد الرسمي دون تثبت من دقة المعطيات الواردة حول القضاة المعزولين ودون توسيع الاستشارة متجاوزا المجلس الاعلى المؤقت للقضاء الذي تحفظ وتجاوزه بتعديل الامر المنظم لارسائه.

تحول قرار” العزل” الى ورطة حقيقية لرئيس الجمهورية وضعته في مرمى “التوبيخ من الخارج” و”الغضب ” والاستنكار الواسع  في الداخل. وزاد  خروج  عدد هام من المعنيين بقرارات العزل للدفاع عن انفسهم من التشكيك في خفايا هذا الاجراء  الذي بينت التطورات ان لا علاقة له باصلاح مرفق القضاء وانه لا يعدو ، حسب الهياكل النقابية القضائية ، ان يكون سوى محاولة لتركيع القضاة  عبر  تصفية حسابات شخصية ومعاقبة قضاة رفضوا  تطبيق تعليمات انضافت اليها شهادات  تتعلق بالوزيرة في شخصها ” كقاضية ثم كوزيرة لاملاك الدولة واخيرا كوزيرة للعدل كانت جلها ” غير ايجابية” .

لا يمكن تحميل جفال لوحدها مسؤولية قائمة وقعها رئيس الجمهورية وخصص لها خطابا كاملا لـ”تبريرها” ولتقديمها كخطوة هامة لتحرير القضاء ومحاسبة الفاسدين. كما لا تستقيم معاقبة الوزيرة بابعادها وتجميدها دون انصاف من تعرضوا لمظلمة ماديا ومعنويا بالعزل والوصم بل الامعان في الخطأ عبر الضغط على المحكمة الادارية حتى لا تصدر احكاما بايقاف التنفيذ المرفوعة من قبل القضاة المعزولين .

دخلت جفال مرحلة التجميد بعد التبجيل وهو امر بات معهودا من قيس سعيد الذي يبحث في كل مرة عن شماعة يعلق عليها فشله وأخطائه. قد تلتحق جفال بقائمة ” المطرودين”  ممن  عُينوا  استنادا الى الولاء التام لشخص  وليس للجدارة والكفاءة وانتهوا بالطرد والابعاد ولم يتعظ غيرهم من المسؤولين رغم تجارب سابقيهم المريرة تماما مثلما لم يتعظ الرئيس ممعنا في نفس النهج الفاشل والمدمر للدولة.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 9 اوت 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING