الشارع المغاربي – ووقع ما كان يجب أن يقع.../ بقلم: جمال الدين العويديدي

ووقع ما كان يجب أن يقع…/ بقلم: جمال الدين العويديدي

قسم الأخبار

31 يوليو، 2021

الشارع المغاربي: ما أقدم عليه الرئيس قيس سعيد يوم الإثنين 25 جويلية الذي صادف الذكرى الخامسة والستين لعيد الجمهورية المجيد عبر اتخاذه إجراءات طال انتظارها أمام تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي وصل إلى حد الإفلاس حيث انهارت المؤسسات العمومية الواحدة تلوى الأخرى مكبلة بالديون الخارجية بالعملات الأجنبية تعمدا وتدهور المؤسسات الصغرى والمتوسطة مكبلة بديون بنوك وطنية بنسبة فائدة مفرطة تتقاسمها بينها وبين البنك المركزي وتدهور الوضع الصحي الذي حصد آلاف أرواح التونسيين باطلا وبهتانا نتيجة تهاون الحكومة والأحزاب الحاضنة لها حيث أصبحت الحكومة رهينة لبعض الأحزاب التي خيرت مصالحها الشخصية وتركت الشعب ضحية لفتك الوباء اللعين دون شفقة ولا رحمة كان بلا منازع حدثا مهما من الواجب اتخاذه بالتحليل المُعمّق بكل جدية وبكل مسؤولية.

ذلك أن ما أقدم عليه حزب حركة النهضة منذ أن مكنته الثورة التونسية من الالتفاف على السلطة بطريقة مدروسة كانت ضربا من ضروب الإتقان السياسي ابتداء بتغيير الدستور ليكون على المقاس ويكرس النظام البرلماني الذي يميز الحزب الأول في البلاد دون منازع علاوة على العمل على تقسيم الدوائر الانتخابية وعدد أعضائها والسيطرة على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. هذا العمل أشاد بحكمة حبكه عديد المراقبين السياسيين الأجانب نذكر من بينهم “آلان غيشار” الذي تابع بكل دقة تحركات حزب حركة النهضة في جميع حملاتها الانتخابية وخاصة منها التأسيسية التي لعبت فيها الدور الأكبر.

ثم بعد تعثرها الجزئي في الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014 سارع الحزب بوساطات عديدة بتقارب الشيخين الذي أفضى إلى الانقلاب على الباجي قائد السبسي دون أي اعتبار للمعايير الأخلاقية وانحيازها ليوسف الشاهد الذي أصبح لعبة بيد حزب حركة النهضة حيث قامت بتمرير كل القوانين الجائرة في حق الشعب التونسي وفي حق الاقتصاد الوطني خاصة منها قانون البنك المركزي وقوانين الاستثمار المتداولة التي فتحت الباب عل مصراعيه لنهب ما تبقى من ثروات البلاد.

لقد استشعر الحزب بنشوة الغرور في السيطرة على المشهد السياسي وصدّق أنه لا يمكن أن يصمد أمامه أي طرف رغم فشله الذريع في تحقيق حتى الفتات للشعب التونسي الذي أنهك جوعا وفقرا وبطالة وتهميش وهو يماطل وتعيد نفس الاسطوانات الفارغة والتافهة. من قبيل تصريح رئيس الحزب في انتخابات 2019 “ترشحت وهدفي الأول قفة المواطن التي يجب أن تكون مملوءة بكل ما لذ وطاب من الخيرات للمواطن”. لقد ساهم في حصاد عشرات الألاف من الأرواح البريئة ولا يبالي. استهتار واستخفاف بحقوق الشعب لا مثيل له.

مصيبة هذا الحزب الرهيب أنه لا يقبل النقد لا من قريب ولا من بعيد ولم يراجع أي شيء من خططته ولا يملك أي خطة تنموية للبلاد ولم يقم بنقده الذاتي. همه الوحيد المناورة للالتفاف على السلطة وهو يخير أن لا يشارك في السلطة ليكون فاعلا بدون أن يسقط في الالتباس. إنها سياسة الهروب إلى الأمام.

بقي اليوم تحديد مصير تحرك رئيس الجمهوري الذي قد يكون لعبت فيه القوى الأجنبية والإقليمية أدوارا محددة لا شك في ذلك ولكن هل ستكون له ركائز وطنية ثابتة تبنى على أساس تشريعات جريئة وسريعة لسحب قانون البنك المركزي الظالم ومراجعة الاتفاقيات غير المتكافئة ووضع حد للتدخل الأجنبي ووضع حد للعجز التجاري الذي جر الدينار إلى الحضيض وكبل الدولة بالديون. في غياب هذه المضامين المصيرية في الأسبوع القادم نعتقد أنه لا يمكن أن يتحقق نفعا للشعب التونسي حقيقة.

إيقاف الفاسدين ومحاسبتهم من جميع الفئات يبقى مطلبا شعبيا لابد من المطالبة بتفعيله وبسرعة ولا يجب أن يكون شعارا أجوفا. ليعلم الجميع أنه ما كل مرة تسلم الجرة. والعاقل من يتعظ.

نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” بتاريخ الثلاثاء 27 جويلية 2021


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING