الشارع المغاربي- لطفي النجار : لأنّه لا وجود لجريمة كاملة، فإنّ اللّص اليمني المتنكّر تحت صفة “الأستاذ الدكتور” زورا وبهتانا ترك دليل إثمه على مسرح الجرم كعادة اللّصوص بعد أن “ذبح” و“سلخ” مقالا بحرفه ولفظه ومعناه ونسبه في النهاية لنفسه… لقد ترك “الوسمة” أو “الوشمة“ R.K لكاتب فذّ وحر اسمه كمال الرياحي دون أن ينتبه إلى أنّ الحرفين اللّا تينيين هما الحرفان الأولان من إسم ولقب الأب الطبيعي والشرعي للمقال الذي سطا عليه . لقد امتدّت يد اللّصّ إلى مقال عن فنّ السرديات للروائي التونسي المتألّق كمال الرياحي صدر بموقع ضفّة ثالثة في 20 سبتمبر 2017 ليسطو عليه بكلّ صفاقة وينشره في 6 جانفي 2018 بموقع صحيفة “الرأي براس” اليمنية بعنوان “علي أحمد باكثير وفن اليوميات ( 2ـ1) ” بعد أشهر من تاريخ نشره الأول.
وقعت الواقعة، ونحن مع كاتبنا ليس من منطلق الانتماء الوطني فحسب، بل من جهة الإيمان بالحقّ وضرورة التشهير بكلّ جرم يمسّ نزاهة كلّ عمل إنساني خاصّة ونحن أمام أرذل أنواع الجرائم وأقذرها وهي السرقات الأدبية والعلمية لأنّها سطو من نمط خاصّ، فهو عنف رمزي و اغتصاب همجي للروح وللخيال وللعقل كثلاثي يمسّ بشريّة الإنسان وكينونته. لقد أجرم المدعو ” مسعود عمشوش” في حقّ كمال الرياحي أوّلا فسرق منه جهده وكدحه، وأجرم في حقّ الأدب والإبداع فأساء لسمعة كُتّاب اليمن الذين نحبّهم ونحبّ أدبهم ونحبّ بلدهم وهم براء طبعا ممّا اقترفت يداه رغم الموقف المخزي لاتحاد الكتّاب اليمنيين الذي اصطف خلف عضوه اللصّ مدافعا عن جريمة بيّنة.
السطو جليّ وواضح ولا ينتظر منّا سوى الإدانة الجماعية، والاصطفاف وراء ومع كمال الرياحي وتحويل هذا الاعتداء المنحطّ على “طفله” الحبري والروحي إلى قضيّة حقّ ومبدأ يصطف وراءها الجميع. والجميع هنا طبعا، وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب التونسيين الذي أصدر بيانا مساندا ورابطة الكتّاب الأحرار ونقابة الكتّاب وجمهور الثقافة والإبداع والفن والجامعة التونسية التي تحمل في رفوفها “بحثا أكاديميا” لهذا اللّص. لا بد أن نحوّل جريمة “مسعود عمشوش” إلى قضيّة رأي عام عربي ترفع الحجب عن الكمّ الهائل من السرقات الأدبية والأكاديمية التي تضرب مصداقية الفعل الإبداعي برمّته في دولنا العربية، وتجعل من مسألة “الملكية الفكرية” ضرورة ملحّة وجب طرحها بجدّية على طاولة النقاش. على الاتحاد أن يقتنص الفرصة ويرفع شكوى إلى اتحاد الكتّاب العرب، وعلى الوزارة والجامعة وبقيّة المؤسّسات الثقافية أن تصدر قائمة سوداء في “اللّصوص” المتنكّرين في ثياب “باحثين أكاديميّين” أو “مبدعين“، وعلى كلّ كتّاب تونس التصدّي لهذا الاعتداء على “طفل” الرياحي الروحي وإعادته إلى حضن أبيه الشرعي.
السرقات الأدبية والعلمية والاعتداءات على كتّابنا وأكاديميينا تعدّدت ولعلّ آخر“ضحاياها” الباحثة المحترمة سلوى السعداوي التي تعرّضت هي الأخرى لسطو قامت به السعودية منال العيسى التي استولت على بحثها “الرواية العربية المعاصرة بضمير المتكلّم” وتقدّمه في جامعة الملك سعود لتنال به درجة الدكتورا…
ما قام به اللّصان سواء اليمني أو السعودية دليل على حالة التردي الثقافي والعلمي الذي تعيشه مجتمعاتنا في كلّ مناحي الحياة، وبرهان على أنّ قضيّة “الملكية الفردية” أصبحت مطلبا وجب تفعيله تشريعا لحماية المبدعين والباحثين الحقيقيين، وفي ذلك حماية لما تبقى من نور يضيئه الماسكون على جمر الكتابة والإبداع والبحث في هذا الزمن الأغبر… وإلّا فإنّنا إلى الخراب المعمّم سائرون.