الشارع المغاربي – كيف كان يعيش الزعيم في آخر حياته؟

كيف كان يعيش الزعيم في آخر حياته؟

قسم الأخبار

1 يناير، 2021

الشارع المغاربي: الأنباء عن حياة الزعيم بورقّيبة خلال عزلته القسريّة بالمنستير كانت شحيحة بسبب التعتيم الإعلامي المفروض عليه ولم تكن تصل للتّونسيين إلّا تلك الصور المصاحبة للزيارات التي كان يقوم بها إليه من حين لآخر زين العابدين بن علي الرئيس السابق…

وفي هذه البطاقة سنسلّط الضوء على السير اليومي لحياة بورقْيبة في آخر مراحل حياته من خلال مذكرات الوالي محمّد الحبيب براهم الذي أشرف لمدّة على مراقبة الزعيم وخدمته…

في كتابه «بورقْيبة خارج زمن الحكم» الصادر عن دار «برق للنشر والتوزيع» يقول الوالي السابق: «المصافحة الأولى كان الزعيم جالسا في قاعة الاستقبال الصغيرة الملحقة بغرفة نومه، داخل الإقامة الموضوعة على ذمته بمدينة المنستير، وحوله ابنه الحبيب وبعض أفراد عائلته وعدد من القائمين بشؤون خدمته. تقدمت نحوه ينتابني شعور مزدوج بالهيبة والانتباه، وسارعت بكل تلقائية إلى تقبيله في احترام وإكبار قائلا: إنني والي المنستير الجديد بداية من أواسط سبتمبر 1996، ومؤكدا عميق الاعتزاز بأن تكون صدارة مهمتي الوفاء لنضاله التاريخي والقيام بمتطلبات راحته. ولاحت على محياه بوادر الرضى والقبول لما كنت أقول بكامل الهدوء. ودعاني للجلوس بجواره. وبدأت الرحلة مع الزعيم الحبيب بورقيبة لسنوات أربع، خارج الزمن، فلا هي حياة رسمية بحتة ولا هي عادية محضة، ولا هو حاضر فقط يعيشه أو هو ماض فحسب يتحدث عنه، بل هي كل ذلك في الآن نفسه، وبتداخل عجيب غريب ذي نكهة خاصة تتجلى من خلال نمط حياته وطابع شخصيته والتلون الثري في حالاته النفسية وصيغة التفاعل مع ما يعيش من زيارات واتصالات وأطوار وأحاديث… كان دوما خلالها في قلب اللحظة وخارج مفهوم الزمن، وكان فيها الحاضر الغائب، والماضي العائد، والمخزون الثري الدائم… كان بورقْيبة يقيم بدار الوالي في مدينة المنستير، وهي الإقامة الرسمية المخصصة لوالي المنطقة وكانت موضوعة على ذمة الزعيم منذ إزاحته عن الحكم إلى رحيله عن الدنيا. وتتمثل هذه الإقامة في فيلا فسيحة تقع في مدخل مدينة المنستير، تحتضن المسكن حديقة عامرة بأشجار الزيتون ونباتات وغراسات متنوعة أخرى. ويتميز الموقع بالهدوء والهواء النقي، مع إمكانية التفسح النسبي الخفيف في المماشي الفرعية الداخلية. وتحيط بالإقامة حراسة دائمة ليلا نهارا، تقف في أكثر من مدخل وبوابة صغيرة ملتصقة بالسور الخارجي المحيط بكامل البناية وحديقتها. وتؤدي عائلة الزعيم زياراتها إليه خلال الأعياد والمناسبات، وكان للحبيب الابن موعدان أسبوعيا قررهما بنفسه ويرافقه فيهما كل مرة بعض أفراد عائلته كزوجته أو أبنائه وهم أحفاد المجاهد الأكبر أو أصهارهم وعدد محدود ومعلوم من الأقارب المباشرين. كانوا يجالسونه ويتحدثون إليه ويحيطونه بمشاعرهم، وكان غالبا ما يصغي وينظر ونادرا ما يجيب أو يفيض بالحديث. كانوا يلتفون حوله فيتبادلون الذكريات ويشاهدون معه البرامج التلفزية ويحضرون له بعض الجرائد الإضافية زيادة على ما يتوفر لديه يوميا مما يقع إمداده به عادة. وهي في مجملها جرائد تونسية وفرنسية يلقي عليها غالبا نظرة عابرة، ويطالع أحيانا أجزاء من افتتاحياتها ثم يتصفحها ويكتفي بذلك. وكانت هناك زيارات أخرى تتم بطلب من أصحابها ويتم الاذن من رئاسة الجمهورية في شأنها، فيتحدد الموعد ويصدر الأمر للجانب الأمني المكلف بحراسة الإقامة، وأكون بجواره خلالها للتقدير والرعاية. ومن بين الوجوه النضالية التي شملتها هذه المواعيد الدورية المنتظمة السادة محمد الصياح والهادي المبروك وأحمد قلالة والدكتور احمد الشاذلي. وكان الزعيم يرتاح اليهم ويقبلون عليه بحنين كبير. وكانت حياة الزعيم طيلة هذه السنوات وإلى تاريخ وفاته تسير وفق نسق يعتمد على عاداته ومزاجه».

نُشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 29 ديسمبر 2020


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING