الشارع المغاربي – المخاطر الخفية للميثاق العالمي للهجرة: تقنين الهجرة الانتقائية لفائدة الدول الغربية المُهيمنة/ بقلم أحمد بن مصطفى

المخاطر الخفية للميثاق العالمي للهجرة: تقنين الهجرة الانتقائية لفائدة الدول الغربية المُهيمنة/ بقلم أحمد بن مصطفى

22 يونيو، 2019

الشارع المغاربي : في خضم الجدل والحساسيات والمواقف المتضاربة التي يثيرها ملف الهجرة بصفة عامة وتحديدا قضية الهجرة السرية المتدفقة على أوروبا والبلدان الغربية من افريقيا ومن مناطق الجوار وما يتصل بها من مآسي واوجاع وكوارث، جاء اعتماد الميثاق العالمي للهجرة ” الآمنة والمنظمة والمنتظمة”، الذي اقر مبدئيا بمدينة مراكش ثم وقع اعتماده بالتسويط في إطار الأمم المتحدة بنيويورك بتاريخ 19 ديسمبر 2018 من قبل اغلبية البلدان الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة.

والملاحظ ان هذا الميثاق اقر من تونس وجل البلدان العربية باستثناء الجزائر وليبيا دون اثارة ردود فعل داخلية تذكر في حين انه اثار ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية والسياسية الغربية حيث قوبل بتحفظات عديدة من قبل الأحزاب الموصوفة بالشعوبية، المحسوبة على اليمين المحافظ وبعض التيارات اليسارية التي تشترك في معارضتها للهجرة الوافدة من افريقيا والضفة الجنوبية للمتوسط فضلا عن نزعتها الاستقلالية وحتى الانفصالية إزاء الكيان الأوروبي.
ويعتبر هذا الميثاق اول إطار دولي شامل لقضايا الهجرة يقع ا قراره في إطار الأمم المتحدة علما ان الأوساط المنتقدة له تخشى من ان يكون قد تم توظيف الدور الاممي من قبل الدول المهيمنة لوضع هذه الآلية التي تبدو في ظاهريا سخية وضامنة لحقوق وكرامة المهاجرين والحال انها تهدف في حقيقة الامر لعولمة أسواق الشغل والأنشطة الاقتصادية لفائدة منظومة العوامة الاقتصادية على حساب سيادة الدول وحقها في حماية أسواقها ومواطنيها واقتصاداتها من المنافسة والهجرة غير النظامية.

الملاحظ ان الانتخابات التشريعية الأوروبية الأخيرة عززت النفوذ والتموضع السياسي للأحزاب ذات التوجه اليميني العنصري التي سبق وان وصلت الى السلطة في بعض الدول التي سوطت ضد هذا الميثاق ومنها ثلاثة بلدن أوروبية شرقية وهي المجر وبولندا والتشيك الى جانب الولايات المتحدة. ومن البلدان المتحفظة عن الميثاق بالامتناع عن التسويط تجدر الإشارة الى ليبيا والجزائر فضلا عن استراليا النمسا وإيطاليا ورومانيا وبلغاريا وسويسرا وسنغافورا والشيلي.

اما اغلبية البلدان العربية والأوروبية، ومن بينها فرنسا والمانيا المتبنيان لأدوار قيادية صلب الاتحاد الأوروبي، فقد صوتتا لصالح الميثاق العالمي للهجرة الذي، وان كان لا يكتسي من الناحية القانونية صبغة الزامية على الصعيد الدولي، فانه ينطوي على أهمية بالغة من حيث المضامين الواردة فيه وخلفيات الأطراف والمنظمات الداعمة له فضلا عما يحمله من التزامات مادية وأدبية على البلدان إزاء المهاجرين سواء كانوا شرعيين او غير نظاميين مما سيحوله فعليا الى أداة للضغط والابتزاز على الدول الضعيفة والتابعة.

ورغم ما يثيره الميثاق من مخاوف ورفض في عديد البلدان الأوروبية، فانه حظي بتزكية هياكل الاتحاد الأوروبي المعروف بازدواجية المعايير التي يعتمدها في هذا الملف بتبنيه لسياسة صارمة في تعاطيه مع الهجرة غير النظامية بالتوازي مع تشجيعه للهجرة الانتقائية لكفاءات بلدان الجنوب باتجاه أوروبا بما يخدم مصالحه الحصرية دون غيرها. وقد سبق لنا التطرق لهذا الموضوع في مقال صادر بالشارع المغاربي حول مخاطر السيطرة الأوروبية الغربية على الثروة البشرية التونسية من خلال الاتفاقيات المبرمة في الغرض.

وجدير بالذكر ان الاتحاد الأوروبي ما انفك يضغط على تونس لتنفيذ ما اخذته على عاتقها من التزامات في إطار “الشراكة من اجل الحركية” الموقعة سنة 2014 بحماية أوروبا من الهجرة السرية وإقامة مراكز لإيواء المطرودين غير النظاميين من أوروبا.

وبالتالي لا يمكن فصل ميثاق الهجرة عن هذه الاجندات الأوروبية الخفية خاصة وانه ينص حرفيا في الدباجة التي تحدد التوجهات الاستراتيجية للاتفاقيات الدولية ان «الهجرة القارة والمنظمة تشكل في عصر العولمة عنصر من عناصر النهضة والابداع والتنمية المستدامة”.

صدر باسبوعية”الشارع المغاربي” في عددها الصادر يوم 18 جوان 2019.

 

 

 

 

 

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING