الشارع المغاربي : نشرت منظمة “أنا يقظ” ملخصا للتقرير الرقابي عن تصرف وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة في رخصة امتياز استغلال حقل ”حلق المنزل” التي تسببت في إعفاء وزير الطاقة السابق خالد قدور رفقة أربعة مسؤولين سامين مع حذف وزارة الطاقة وإلحاق مصالحها بوزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وذكرت المنظمة أنّه تمّ إعداد التقرير من قبل هيئتي الرقابة العامة للمصالح العمومية وهيئة الرقابة العامة للمالية اثر اعلان رئاسة الحكومة عن قرارات الاعفاء، لافتة إلى أنه يأتي في 17 صفحة قالت إنه تم توجيهها الى مجلس نواب الشعب بتاريخ 19 أكتوبر المنقضي إثر طلب من لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة.
وأشارت “أنا يقظ” إلى أنّ التقرير تطرّق الى الوضعية التاريخية والقانونية لامتياز استغلال ”حلق المنزل”، بالاضافة الى مختلف الاخلالات التي شابت تعاطي وزارة الطاقة مع هذه الرخصة.
ولاحظت أنّ التقرير تضمّن إشارة إلى “كم هائل من الإخلالات تعلّقت خاصة بأداء الإدارة العامة للطاقة على مدى 10 سنوات تقريبا خلال تعاقب العديد من الوزارء والمسؤولين السامين دون أن يتم حل هذا المشكل الذي استنزف المالية العمومية عشرات ملايين الدينارات”.
وأضافت أن التقرير خلُص إلى ان “اتخاذ القرارات داخل الإدارة إتّسم بغياب الشفافية والاذعان للامر الواقع والتهاون والتردّد والارتجال وحتى التقصير” وأنّ ذلك تسبّب في خسائر مالية للدولة التونسية.
وذكّرت المنظمة بأنّ أعضاء لجنتي الصناعة والطاقة والإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة عبروا في اجتماع لهم أول أمس الأربعاء عن استيائهم من اكتفاء رئاسة الحكومة بتمكينهم من ملخص مقتضب لهذا التقرير الرقابي.
اما بالنسبة للاقتراحات التي تضمنها التقرير فقد ذكرت المنظمة أنها “اتجهت نحو إحالة الملف الى القطب القضائي الاقتصادي والمالي مع التنصيص على مشاركة المؤسسة التونسية للانشطة البترولية ETAP في الرخصة، فضلا عن التفاوض مع شركة ”توبيك” صاحبة امتياز الاستغلال” مشيرة إلى أن الاتفاقيّة المبرمة بين الدولة التونسية والشركة الحاصلة على الرخصة خصّت التحكيم الدولي بالحسم في أي نزاع بين الطرفين. ولفتت إلى أن ذلك يعني “إمكانية ان تجد الدولة نفسها مرة أخرى امام التحكيم الدولي جراء خطأ إداري اخر من موظف أو موظفين عموميين على غرار قضية البنك الفرنسي التونسي BFT التي قد تكلّف الخزينة العامة أموالا طائلة أخرى”.
واعتبرت “أنا يقظ” أنه “خلافا لما ذهب اليه التقرير من حصر مختلف الاخلالات في وزارة الطاقة، فإنّ عدة هياكل عمومية تتحمّل مسؤولية التقصير في التعاطي مع الملف المذكور أو غيره من الملفات المتعلقة بالتصرف في مجال المحروقات بدءا بوزارة الطاقة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية مرورا بوزارة المالية وبدائرة المحاسبات والهيئات الرقابية وخاصة السلطة القضائية وصولا الى رئاسة الحكومة” مرجّحة أن تكون هذه الأخيرة قد “ارتكبت أخطاء دستورية بهرولتها نحو اعفاء الوزير والحاق الملف الطاقي بوزارة الصناعة دون عقد مجلس وزاري فضلا عن تضحيتها ببعض المسؤولين بدل التصدي الجدّي للفساد المستشري في المجال الطاقي”.
يشار إلى أنّ وزير الطاقة المُقال خالد بن قدور كان قد أكّد أن وضعية حقل النفط “حلق المنزل” بالمنستير قانونية وأنه يحقّ له مواصلة نشاطه إلى غاية سنة 2029، معرجا على أن المشروع عُرض في ندوة الاستثمار تونس 2020.
وأوضح بن قدور في حديث لأسبوعية “الشارع المغاربي” بعددها الصادر يوم الثلاثاء 4 سبتمبر 2018، أن أحد مستشاري رئيس الحكومة يوسف الشاهد في اشارة الى لطفي ساسي طلب تغيير 4 كراسات شروط وأن اللجنة المكلفة بذلك في الوزارة رفضت ذلك، مُشددا على أن ملف اقالته لا يتعلق بخلافات بينه وبين رئيس الحكومة موضحا بالقول “الاختلافات موجودة في العمل سواء مع المديرين أو مع الرؤساء وهي مسألة عادية”.
واعتبر الوزير المُقال أن ما قاله الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني دليل على أن لا معلومات له عن الملف وأنه ليس ملمّا به، قائلا “الدهماني قال إنه ليس لرئاسة الحكومة علم وفي هذا الإطار هناك مكتوب وُجّه من رئاسة الحكومة إلى مستشارها القانوني يوم 14 جويلية 2011 لإبداء رأيه في حقول من هذا النوع”.
وتابع “الشيء الثاني وهو مهم جدا أن هذا المشروع عُرض خلال مؤتمر الاستثمار وموجود في الوثيقة الرسمية للندوة وعلى ما أعتقد فإن رئاسة الحكومة مشاركة في الندوة، ويمكن الاطلاع على ذلك وبلغت قيمة استثماره 320 مليون دينار… وقد أدرج للبحث عن استثمارات… وقد دخل البنك الدولي للاستثمار فيه الى جانب بنوك عمومية تونسية في 2017 وهنا يطرح السؤال: هل يقبل البنك الدولي أو البنوك التونسية تمويل مشروع غير قانوني؟.. هذا السؤال يطرح نفسه؟ هل يجهل البنك الدولي الوثائق القانونية… أعتقد ان الدهماني ليس له علم ولكن أعتقد أن مصالح رئاسة الحكومة على علم”.
وأوضح بن قدور أنه كان للمستثمر التونسي حسب القوانين 50 سنة وأنه عندما جاءت مجلة المحروقات سنة 1999 قرر التمشي وفقها، لافتا إلى أنّ المجلة تنصّ على 30 سنة، مضيفا “لكن هناك فصول تفسر جيدا المراحل الانتقالية وقد تمّت استشارة المستشار القانوني للحكومة وادارة الشؤون القانونية بالوزارة وانتظمت عدة اجتماعات بين المختصين في المجال وتم اختيار تأويل تقديم 50 سنة وهذه هي الاشكالية”.
وأكد وجود وثيقة قدّمها مدير في عهد وزير بحكومة المهدي جمعة سنة 2015 تشير إلى أن للمستثمر قانونية استغلاله حتى سنة 2029، مفسّرا بالقول “هناك تأويلات والإدارة حسب المستشار القانوني للحكومة والحكومة اتبعت التمشي بأن هذا الحقل قانوني وهذا كان في 2015… صيغة الحقل قانونية ورئاسة الحكومة أجابت على ذلك منذ 2011 ولها ممثل يحضر في المجلس وإذا كانت لا تعلم فكيف تدرجه في ندوة الاستثمار ؟”.
يذكر أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد كان قد قرّر يوم الجمعة 30 أوت الماضي إقالة كلّ من وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة خالد قدور وكاتب الدولة للمناجم هاشم حميدي إضافة إلى اعفاء المديرين العامين للمحروقات والشؤون القانونية بالوزارة والمدير العام للشركة التونسية للأنشطة البترولية.
كما قرر إلحاق وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة بوزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة.