الشارع المغاربي – تقرير: العالم الخفي لـ "مسؤولي" البنوك التونسية.. أحمد رجيبة نموذجا

تقرير: العالم الخفي لـ “مسؤولي” البنوك التونسية.. أحمد رجيبة نموذجا

قسم الأخبار

25 يناير، 2021

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي:عرفت البنوك التونسية تغيرات كبرى على مستوى تسييرها وذلك بالأساس في السنوات الفارطة مما مكّن مديريها العامين من صلاحيات كبرى رغم ما يروج في خصوص تبني القطاع اصلاحات تتعلق بالحوكمة ودعم عمل مجالس الادارة ولجانها. وبرزت، في هذا الإطار، العديد من المشاكل تهم بشكل عام التعامل مع الحرفاء وتوظيف شروط تعريفية مجحفة عليهم برزت بوضوح زمن تفشي جائحة كورونا الى جانب خلق موانع للنفاذ للتمويلات وتضخيم المديرين العامين رواتبهم وامتيازاتهم اذ تصل رواتب البعض منهم على غرار أحمد رجيبة مدير عام البنك العربي لتونس وهو بنك صغير الى مليارين سنويا اي ما يعادل ثلاث اضعاف رواتب اعضاء الحكومة برمتهم. 

ومن سخرية القدر ان يعمد الجميع اليوم عكس ما يقولون ومنهم العديد من “مسؤولي” البنوك الى تكريس كل جهودهم لكسر عظام المؤسسات الصغرى والمتوسطة وحرفائها من صنف الحرفيين والافراد في ابسط العمليات على غرار تلك المتعلقة بالتصرف في الشيكات والتصدير وغيرها غير مبالين بان ذلك سيعود بالوبال على الجميع عند تكدس اقساط الديون المتعثرة بما يمكن ان يحرمهم من بذخ عيشهم الملكي هم وحاشياتهم.

من هو احمد رجيبة المدير العام الحالي لبنك تونس العربي ؟

احمد رجيبة هو مجاز من كلية العلوم الاقتصادية في صفاقس انطلق في نشاطه المهني كموظف بسيط بالبنك الفرنسي التونسي (في خطة محرر) سنة 1987 في ظرف اتسم عمل هذا البنك ببداية المشاكل بين الدولة التونسية واحد مؤسسيه وانتقل بعد ذلك رجيبة سنة 1989 ليشغل وظائف متعددة بالبنك العربي لتونس في مجال نشاط الاستغلال والفروع الى غاية شهر ماي 2010 حيث انتدب في بنك الزيتونة لصاحبه صخر الماطري وتم تكليفه بمهام جعلته يبرز تدريجيا في الصورة سيما في قطاع “العلاقات مع الحرفاء” الذين انتدب جلهم او بالأحرى جرى الاستحواذ عليهم من البنوك التونسية بحكم سطوة الماطري وعائلتي بن علي والطرابلسي.

وانتهى الامر  بـ “ديقاج” لأحمد رجيبة في ماي 2011 ليرسكل مرة اخرى في البنك العربي لتونس الى غاية شهر اكتوبر 2013 قبل تنصيبه من قبل اطراف نافذة في بنك الاسكان الى غاية ماي 2019 مدعوما بقوة من الترويكا وعدة حكومات أهمها حكومة الشاهد وخبيرها المالي لطفي بن ساسي ومن حافظ قائد السبسي وعدد من رجال الاعمال رغم التأكيد بان خبرته الطويلة و”حنكته” مكناتاه من تجديد ثقة مجلس ادارة بنك الاسكان فيه سنة 2015 بعد ان اشترط صندوق النقد الدولي ان يتم تكليف المديرين العامين للبنوك العمومية سيما المرسملة منها كبنك الاسكان عن طريق التناظر علما ان الدولة التونسية كانت قد ضخت في خزينة البنك خلال اوت من تلك السنة 110 ملايين دينار لإنقاذه من الافلاس رغم تسييره من قبل احد “خبرات” القطاع وهو احمد رجيبة.

حصيلة كارثية

تمّ في 30 ماي 2019، تعيين أحمد رجيبة المدير العام لبنك الإسكان آنذاك على رأس البنك العربي لتونس خلفا لفريد بن تنفوس الذي قدّم استقالته من منصبه، بعد 6 سنوات في إدارة البنك. ورجيبة الذي ترك بنك الاسكان في وضعية كارثية من حيث المؤشرات والترتيب في القطاع تربع على عرش المصرفيين الأعلى أجرا في تونس باعتبار تقاضيه وفقًا لتقارير مدققي البنك، مليون و680 ألف دينار في شكل أجور بالإضافة الى 31 ألف دينار في شكل تذاكر مطاعم وهدايا مع وجود العديد من الفوائد العينية تقدر قيمتها بزهاء 388 ألف دينار.

وقبل الخوض في تفاصيل مؤشرات البنك العربي لتونس وتأثير ادارة أحمد رجيبة في ذلك، يتطلب العديد من المعطيات الخاصة ببنك الاسكان بعد مغادرة هذا الاخير له التحليل والتمحيص.

بلغت قيمة أصول بنك الإسكان سنة 2018، وفقا لمعطيات هيئة السوق المالية ما قدره 11912 مليون دينار في حين ناهزت نتيجته الصافية وقيمة أمواله الذاتية على التوالي 136 و876 مليون دينار بما يعنى أن مردود أصول البنك هو في حدود 1.1% في حين لا تتجاوز نسبة العائد على أمواله الذاتية 7.2 % وهي نسب جد هزيلة ومتدنية تجعل من هذه المؤسسة العمومية التي أدارها أحمد رجيبة لمدة ست سنوات في أسفل الترتيب في القطاع على مستوى المردودية والصلابة المالية رغم دعم الدولة لها على حساب دافعي الضريبة بعشرات الملايين من الدنانير.

وفي ذات السياق، ختم رجيبة مسيرته الحافلة بالدعاية والتلميع وماكياج الاشهار في بنك الاسكان بتسجيل انخرام تام على مستوى الملائمة بين الموارد والاستعمالات اذ وصلت قيمة ديون الحرفاء نهاية ديسمبر 2018 الى 9119 مليون دينار في حين لم تتعد قيمة الودائع 6551 مليون دينار وهو ما تسبب في انخرام تام لسيولة البنك التي وصل حاصلها السلبي الى 642 مليون دينار بما يعادل ثلاث مرات قيمة راس المال.

كما تبرز القائمات المالية لسنة 2018 لبنك الإسكان أن قيمة الديون المتعثرة والمشكوك في خلاصها تتجاوز 1340 مليون دينار وهو ما يفوق قيمة الحسابات الخاصة للادخار برمتها والتي لا تتجاوز 1099 مليون دينار.

وتميزت فترة وجود رجيبة عموما بمحاولاته المتواصلة اغراق السوق من خلال الترفيع في الفوائد على التوظيفات المالية للزيادة اصطناعيا في قيمة موارد البنك والتغطية على خسائره والارتفاع القياسي لديونه المتعثرة وهي الأعلى في القطاع البنكي التونسي بشقيه العمومي والخاص والتي من المؤكد ان يحيل تفاقمها سيما مع تداعيات الازمة الصحية بنك الإسكان الى التعثر والإفلاس المحقق بعد تجاوز قائم مخاطر الإقراض والسيولة مستوى الأموال الذاتية مرتين ونصف.

ونبه مدققو الحسابات في تقاريرهم المالية العديد من المرات الى ارتفاع مخاطر الإقراض وضعف المدخرات المرصودة على هذا الصعيد إضافة الى وجود عدة نقاط ضعف في ما يتعلق بمنظومة الرقابة الداخلية سيما أن البنك عرف عدة عمليات في علاقة بتبييض الأموال وتمويل شبكات إجرامية سيما على مستوى فرعه بجهة تطاوين وعدة مصالح مركزية.

تواصل فصول المسرحية في البنك العربي لتونس

يحتل البنك العربي بتونس حسب آخر تقارير النشاط المحينة للبنوك، المرتبة الثامنة على مستوى قائم الايداعات بعيدا عن بنك تونس العربي الدولي والبنك التجاري وبنك الأمان.

كما يرتب البنك في المرتبة قبل الأخيرة على مستوى المؤشر العام للتحويل وذلك باعتبار ضعف سيولته وموقعه المتأخر (المرتبة التاسعة) في ما يتعلق بقائم القروض مما يجعل منه احد أضعف البنوك على مستوى قيمة هامش الفوائض والناتج البنكي الصافي (278 مليون دينار لا غير نهاية 2021) الأمر الذي ينعكس على مردوديته ونسبة ديونه المتعثرة (11.9%) والعائد على أمواله الذاتية (1.6%) ووجوده في أسفل الترتيب البنكي على مستوى مؤشر النتيجة الصافية التي لم تتجاوز 6.6 ملايين دينار إضافة الى وجوده في المرتبة قبل الأخيرة في ما يتعلق بمؤشر الملاءمة المالية 10.2%.

هكذا وبكل بساطة يوجد اليوم في تونس بنك هو البنك العربي لتونس يملكه أحد أكبر المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط يعادل الراتب السنوي لأحد موظفيه وهو أحمد رجيبة ثلث “أرباحه” والتي لا تتجاوز قيمتها مليونين ونصف دولار بما لا يمكن من شراء شقة محترمة في أحد العواصم العربية.

ورغم كل ذلك تصرف مبالغ طائلة لتلميع أمجاد هذا الموظف البسيط ذو التكوين المحدود في مجال المحاسبة بواقع بضع سنوات بعد الباكالوريا لتحرص وسائل “اعلام” من كل حدب وصوب على تكريس مسخرة مالية وايهام المستثمرين بقيمتها.

وللإشارة فان سعر سهم البنك العربي بتونس والذي هو في تراجع مستمر لم يتجاوز يوم الجمعة 22 جانفي الحالي 2.9 دينار وهو سعر لا يمكن من الحصول على سندويتش ويعنى أنه لا وجود فعلي لهذا البنك في الساحة المصرفية التونسية.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING