الشارع المغاربي – قرار تسليم البغدادي المحمودي: المرزوقي يُواصلُ مغالطاتهِ.... !

قرار تسليم البغدادي المحمودي: المرزوقي يُواصلُ مغالطاتهِ…. !

7 يوليو، 2018

 الشارع المغاربي- وليد أحمد الفرشيشي: واصل الرئيس المؤقت السابق، محمد المنصف المرزوقي، مسلسل “مغالطاتهِ” كلّما تعلّق الأمرُ بعهدتهِ الرئاسيّة وما شهدتهُ من أحداث أهّلتها إلى أن تكونَ الأسوأ على الإطلاق في تاريخ تونس الحديث. وبعد شهاداته “الملغّمة” من منبر مؤجّرتهِ قناة الجزيرة القطريّة، والتيّ استخدم فيها ذاكرته “الانتقائيّة” مثلما أراد، عاد مرّة أخرى إلى عادتهِ المفضّلة ولكن هذه المرّة من بوّابةِ مؤسسة التميمي، في محاضرة موسومة بـ” الثورة، صراع السرديّات”، ليتعرّضَ في أحد نقاطها إلى عمليّة تسليم البغدادي المحمودي، رئيس وزراء ليبيا في عهد العقيد الراحل معمّر القذافي.

المرزوقي اختارَ أن يعرضَ “سردّيتهُ” الخاصّة بعمليّة التسليمِ، مصرًّا على أنّه تعرّض إلى مؤامرة، وأنّهُ لم يكن على علمٍ بعمليّة التسليم التي اعتبرها “ضد مصلحة تونس وسمعتها” مشددا على أن قرار “التسليم لم يكن أخلاقيا وقانونيا” وأنه “عندما علم بالأمر كتب استقالتهُ في الطائرة العسكرية التي تقلّهُ من مطار رمادة إلى مطار تونس”، مضيفًا أنه “حمد الله أنه لم يجد الصحفيين ليقرأ عليهم نصّ استقالتهِ”.

هذه السرديّة التي اختارها محمد المنصف المرزوقي لتبرير اللطخة التاريخيّة التي لحقت بسمعة تونس، تمّ اخضاعها لا فقط لذاكرة المرزوقي “الانتقائيّة”، المعجونةِ في جرن “جنون العظمة”، وإنّما أيضًا لهوسِ المرزوقي الناتئ في كتابةِ التاريخِ كما يراه وهو ما تفضحهُ أكثر من رواية مغايرة كلّها تؤكّدُ على علم “المؤقت السابق” بعملية التسليم، وإن لم يكن يعرفُ توقيتها، ناهيك عن استغلال الحدث في ما بعد لانتزاع بعض المكاسب من شركائه في الحكم وتحديدًا حركة النهضة.

لقد كان على علم… !

ولنعد بالتاريخِ إلى الوراءِ قليلاً…وتحديدًا إلى يوم 23 ماي 2012 عندما صرّح نورالدين البحيري، ويزر العدل وقتها في حكومة حمادي الجبالي، بان قرار تسليم البغدادي المحمودي وقع اتخاذهُ، ليخرج عدنان منصر، الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية، بتصريحٍ مضاد جاء فيه أن “تونس لن تسلّم المحمودي إلى السلطات الليبية إذا لم يوفّر الجانب الليبي ضمانات المحاكمة العادلة وإذا استشعرت وجود خطر على حياته”.

وهذا دليلٌ كافٍ على وجود مفاوضات بين الرئاسة ورئاسة الحكومة إضافة إلى وزارة العدل حول عمليّة التسليم وأنّ الخلاف الوحيد كان وقتها حول “الطريقة” وهو ما يفهمُ منه أنّ الخلاف كان “شكليّا” ولم يكن أبدًا حول منع قرار “التسليم” من طرف مؤسسة الرئاسة خاصة أنّ القرار لن يكونَ ساري المفعول إلاّ إذا وقّع الرئيس المؤقت عليه.

وهنا تتواترُ الشهادات سواء من محامّي البغدادي المحمودي، كالأستاذ البشير الصيد، أو من الجهات الليبية أو حتى من بعض القيادات الأمنية التونسية، حيثُ تشيرُ كلّ الشهادات إلى أن عملية التسليم كانت ضمن “صفقة” تمت بين جهات ليبية من جهة وبين رئاستي الحكومة والجمهوريّة من جهة أخرى تتحصّل بمقتضاها تونس على جملة من القروض.

حمادي الجبالي يفضحُ المرزوقي… !

وكان المرزوقي في سنة 2014 قد اتهم سابقا رئيس الحكومة الأسبق، حمادي الجبالي، بتسليم البغدادي المحمودي دون العودة إليه، وأنّه وقع استغلال وجودهِ في رمادة، وفي غياب وسيلة اتصال هاتفيّة، لتسليم رئيس الوزراء الليبي، الذي يعتبرُ “سجينا سياسيا” وفق المعايير الدوليّة.

طبعا هذا الاتهام ردّ عليه الجبالي في إبّانهِ قائلاً إنّ :” الرئيس المؤقت منصف المرزوقي كان على علم مسبق بتسليم الوزير الأول الليبي السابق البغدادي المحمودي” مشيرًا الى أنه لم يكن على علم بتوقيت تسليمه والذي تم بالتنسيق مع الجانب الليبي”.

وأعرب الجبالي عن ارتياحه لقرار التسليم الذي اعتبره استوفي كافة الجوانب القانونية والدستورية فضلا عن تأييد القضاء التونسي لقرار التسليم،نافيا وجود اي صفقة وراء تسليم البغدادي المحمودي للسلطات الليبية.

وبالمحصّلة، فإنّ الوقائعَ والشهادات المتواترة، تؤكّد عكسَ ما ذهب إليه المنصف المرزوقي، ذلك أنه حتى وإن كان معارضًا لقرار التسليم فإنّهُ كان على معرفةٍ بهِ وأنّ لا شيء يشفعُ لمن يتقلد منصب “القائد العام للقوات المسلّحة” حصول هذه الفضيحة التي قدّمت سجينًا سياسيا على طبقٍ لإسلاميي ليبيا.

المرزوقي …عقاب ديمقراطي… !

وبعيدًا عن قضيّة التسليم نفسها، فإنّ الثابت في كلّ هذا هو هذه “الذاكرة الانتقائيّة” التي يحاولُ من خلالها المرزوقي أن يقدّم نفسهُ على أنّهُ ضحيّة “نهجه الحقوقيّ”، ومن ثمّة فهو ضحيّة شركائهِ في الحكم وضحيّة المتآمرين عليه من خارج منظومة الحكم، بل وضحيّة بلدٍ لم ير فيهِ ذلك “السوبر رئيس” الذي يمارسُ الحكمَ على طريقة الأمّ تيريزا في ممارسة أعمالها الخيرّية.

هذا الهوس المرضيّ بالذات دفعت الرئيس المؤقت إلى استغلال كلّ المنابر لتشويهِ خصومهِ السياسيين وكشف الأسرار الداخليّة لبلده على منبر الجزيرة والتملّص من قراراتهِ التي اتخذها ولعب دور الضحيّة  بل واستغلال كلّ فرصة للحديث عن انجازات “وهميّة” لم تحدث سوى في خيالهِ وحده.

وإذا كان عيبُ بعض السياسيين هو استخدام هذه “الذاكرة الانتقائية” عندما يتعرّضون للوقائع التاريخية، فإنّ عيب المرزوقي هو تطويعها لضخّ الدماء في هوسهِ المرضّي بذاتهِ، وكما تمنحُ الديمقراطيّة فرصةً للبعض كي يكونوا استثناءً جميلاً في حياة الشعوب، فإنّها أيضا تعاقبُ بتصعيد أمثال المرزوقي إلى سدّة الحكم في أخطر فترة تعرفها تونس…وفي الحالة التونسية لم يكن المرزوقي سوى عقابًا ديمقراطيا وحادث سير كارثيّ على طريق الثورة.. !

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING