الشارع المغاربي : حثّ المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، الحكومة التونسية على “مواصلة الالتزام بمسار العدالة الانتقالية واتخاذ كافّة الخطوات اللازمة لضمان حقّ الضحايا في معرفة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار وفقا للقواعد والمعايير الدولية”.
ورحّب المسؤول الأممي في بيان أصدره مكتبه أمس الأربعاء 30 ماي 2018 بافتتاح أوّل جلسة في تونس للنظر في قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة بين جويلية 1955 وديسمبر 2013.
وهنّأ الحكومة والشّعب بـ”إصرارهم على تحقيق العدالة مقابل تعثّر عديد الدول الأخرى لا سيما شمال إفريقيا والشرق الأوسط”، مضيفا “إنّها فعلا لحظة تاريخية تبدأ من خلالها تونس مرحلة جديدة في مكافحة الإفلات من العقاب”.
يذكر أن الدوائر المُختصّة تنظر في الملفات المحالة إليها من قبل هيئة الحقيقة والكرامة والمتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية والاختفاء القسري والقتل والتعذيب والعنف الجنسي وانتهاكات أخرى جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها الأنظمة السابقة طيلة حوالي 60 سنة. ووفقا لقانون العدالة الانتقالية، تطبّق هذه الدوائر القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وسجّلت هيئة الحقيقة والكرامة منذ إحداثها في 2014، حوالي 65 ألف مطلب تم تقديمها من قبل الضحايا، ربعهم من النساء. وقامت الهيئة بإجراء 49 ألف جلسة استماع فردية و14 جلسة استماع علنية، واعتمدت استراتيجية للملاحقة القضائية تمكنها من تحديد أنماط الإنتهاكات وسلاسل الأوامر التي تسمح بحدوث انتهاكات جسيمة وممنهجة، وفق ما جاء في البيان.
وكان مجلس نواب الشعب قد صوّت في مارس 2018 على عدم التمديد للهيئة لمدة عام “ممّا أثار اعتراضات شديدة واحتجاجات من جانب عديد السياسيين والأكاديميين والمحامين وعامة الشعب”، حسب بيان المفوض السامي للأمم المتحدة المكلف بملف حقوق الإنسان والذي جاء فيه أيضا أن الضحايا وأسرهم تواصلوا في أعقاب ذلك، مع مكتب المفوضية في تونس “وأبدوا إحباطهم وقلقهم العميق بشأن ما قد يحدث للشكاوى التي قدموها وما قد يحدث للمسار برمّته،” حسب زيد رعد الحسين الذي قال إنه يشاطرهم هذه المخاوف.
وفي إشارة إلى توصّل هيئة الحقيقة والكرامة والحكومة التونسية إلى “اتفاق يمكّن الهيئة من إكمال مهمتها، بما في ذلك إحالة ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمتبقية إلى الدوائر الجنائية المختصّة”، أعرب المفوّض السامي عن أمله الشديد في أن “يتيح ذلك لمسار العدالة متابعة سيره بسلاسة صوب تحقيق أهدافه”.
كما أشاد بمسار العدالة الانتقالية في تونس والذي اعتبر أنّه “يُعد مثالا إيجابيا للغاية ونموذجا يحتذى به بالنسبة إلى بقية دول العالم، بصفة عامة، وشمال إفريقيا والشرق الأوسط بصفة خاصة”.