الشارع المغاربي – لماذا‭ ‬تسارع‭ ‬دول‭ ‬العالـم‭ ‬لاسترجاع‭ ‬ذهبها‭ ‬من‭ ‬خزائن‭ ‬أمريكا‭ ‬؟

لماذا‭ ‬تسارع‭ ‬دول‭ ‬العالـم‭ ‬لاسترجاع‭ ‬ذهبها‭ ‬من‭ ‬خزائن‭ ‬أمريكا‭ ‬؟

8 مايو، 2019

 الشارع المغاربي – ترجمة الحبيب القيزاني  : خصّص‭ ‬موقع ‭ “‬سبوتنيك‭ ‬نيوز‭” ‬ باللغة الفرنسية ضمن‭ ‬ملفاته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تقريرا‭ ‬كشف‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الريبة‭ ‬والاحتياط‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬حول‭ ‬مصير‭ ‬احتياطياتها‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬المخزّن‭ ‬لدى‭ ‬أمريكا‭ ‬وأسباب‭ ‬هرولتها‭ ‬لاسترجاعه‭.‬

وكتب‭ ‬الموقع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ : “‬طيلة‭ ‬عقود‭ ‬خزّنت‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬ذهبها‭ ‬لدى‭ ‬أمريكا‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬عرف‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬تغيّرات‭ ‬مهمة‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬المنقضي‭ ‬بعدما‭ ‬أقدمت‭ ‬تركيا‭ ‬على‭ ‬استرجاع‭ ‬مدّخراتها‭ ‬الذهبية‭ ‬من‭ ‬الخزائن‭ ‬الأمريكية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتبعها‭ ‬ألمانيا‭ ‬وهولندا‭ ‬لتعلن‭ ‬ايطاليا‭ ‬أنها‭ ‬ستنسج‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬المنوال‭”.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬تساءل‭ ‬الموقع‭ : “‬هل‭ ‬يوجد حقا‭ ‬ذهب‭ ‬بالخزائن‭ ‬الأمريكية؟‭” ‬أضاف‭ : “‬ان‭ ‬سعي‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬لتكديس‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬كميات‭ ‬الذهب‭ ‬أمر‭ ‬مشروع‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الذهب‭ ‬من‭ ‬الاصول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬للمخاطر‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬العملات‭. ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬باتت‭ ‬الجغراسياسة‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬الدول‭ ‬واندلعت‭ ‬حروب‭ ‬اقتصادية‭ ‬وينتظر‭ ‬في‭ ‬ظلها‭ ‬رجال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬انهيار‭ ‬اسواق‭ ‬البورصة‭ ‬بأمريكا‭ ‬ومستقبلا‭ ‬غامضا‭ ‬للدولار‭ ‬مع‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬شامل،‭ ‬عاد‭ ‬لسبائك‭ ‬الذهب‭ ‬كل‭ ‬وهجها‭ ‬وقيمتها‭”.‬

وتابع‭ “‬سبوتنيك‭ ‬نيوز‭” : “‬منذ‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬كانت‭ ‬نحو‭ ‬60‭ ‬دولة‭ ‬تخزّن‭ ‬ذهبها‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬حماية‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬ولتنمية‭ ‬مدخراتها‭ ‬من‭ ‬السيولة‭ ‬وكانت‭ ‬بورصة‭ ‬نيويورك‭ ‬تنجز‭ ‬أكبر‭ ‬صفقات‭ ‬المعدن‭ ‬الثمين‭… ‬لذلك‭ ‬تنطوي‭ ‬هرولة‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬الى‭ ‬استرجاع‭ ‬ذهبها‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬معان‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬الشكوك‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الاخيرة‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬الامريكان‭ ‬يحتفظون‭ ‬فعلا بذهبها‭ ‬بشكل‭ ‬سليم‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬تلاعبات‭ ‬وربما‭ ‬مضاربات‭ ‬به‭ ‬تعود‭ ‬عليها‭ ‬‭ ‬بعديد‭ ‬الفوائد‭ ‬والغنائم‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬وتؤكد‭ ‬الخزينة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الامريكية‭ ‬أنها‭ ‬تحتفظ‭ ‬بملجإ‭ ‬Fort Knox‭ ‬الارضي‭ ‬المحصن (كان‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬مقرا‭ ‬لمركز‭ ‬القيادة‭ ‬النووية‭ ‬الامريكية‭( ‬وبخزائن‭ ‬أخرى‭ ‬بـ‭ ‬261‭ ‬مليون‭ ‬أوقية‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الكشف‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬سنة‭ ‬1960‭ ‬.ومنذ‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬عطّل‭ ‬الكونغرس‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬التثبت‭ ‬في‭ ‬كميات‭ ‬الذهب‭ ‬المخزنة‭ ‬بالبلاد”‭.‬

“ويرى‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬أن‭ ‬الامريكان‭ ‬يوظفون‭ ‬ذهب‭ ‬الدول‭ ‬الاخرى‭ ‬لاغراض‭ ‬تخدم‭ ‬مصالحهم‭ ‬وانهم‭ ‬يكترونه‭ ‬للبنوك‭ ‬التي‭ ‬تستغله‭ ‬بأسواق‭ ‬المال‭ ‬لمراقبة‭ ‬قيمته‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يطرح‭ ‬سؤال‭ ‬مشروع‭ ‬نفسه‭ : ‬هل‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لترجع‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬ذهبا‭ ‬ليس‭ ‬ملكها؟‭ ‬المتأكد‭ ‬أن‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تسترجع‭ ‬ذهبها‭ ‬يؤكد‭ ‬تصميمها‭ ‬على‭ ‬تفادي‭ ‬مخاطر‭ ‬أية‭ ‬مفاجآت‭ ‬غير‭ ‬سارة‭”.‬

ويضيف‭ ‬التقرير‭ : “‬بدأت‭ ‬موجة‭ ‬استرجاع‭ ‬الذهب‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬عندما‭ ‬اعلنت‭ ‬فنزويلا‭ ‬أنها‭ ‬قررت‭ ‬استرجاع‭ ‬الـ‭ ‬160‭ ‬طنا‭ ‬من‭ ‬ذهبها‭ ‬المخزن‭ ‬لدى‭ ‬أمريكا‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬نحو ‭ ‬9‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬بعدما‭ ‬قرر‭ ‬وقتها‭ ‬رئيسها‭ ‬هوغو‭ ‬شافيز‭ ‬استعادة‭ ‬ذهب‭ ‬بلاده‭ ‬لأنه‭ “‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬رهينة‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ويتحول‭ ‬الى‭ ‬وسيلة‭ ‬ضغط‭”. ‬وفعلا‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬اذ‭ ‬عمد‭ ‬بنك‭ ‬انقلترا‭ ‬بين‭ ‬شهري‭ ‬اكتوبر‭ ‬ونوفمبر‭ ‬2018‭ ‬الى‭ ‬تجميد‭ ‬اعادة‭ ‬كمية‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬فنزويلا‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭,‬2‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وكشفت‭ ‬وكالة‭ “‬بلومبورغ‭” ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬استرجع‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬لهولندا‭ ‬120‭ ‬طنا‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬أوقية‭ ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬بالخزينة‭ ‬الامريكية‭ ‬سوى ‭ %  ‬30‭‬من‭ ‬ذهب‭ ‬هولندا‭ ‬مقابل‭ % ‬50‭  ‬قبل‭ ‬ذلك‭. ‬وقد‭ ‬فسر‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الهولندي‭ ‬اقدامه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬بأنه‭ “‬بات‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬ودون‭ ‬فائدة‭ ‬مواصلة‭ ‬تخزين‭ ‬نصف‭ ‬ذهب‭ ‬البلاد‭ ‬بمكان‭ ‬واحد‭” ‬وأن‭ ‬ذلك‭ “‬كان‭ ‬في‭ ‬محله‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬وليس‭ ‬اليوم‭” ‬لكن‭ ‬المحللين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬امستردام‭ ‬ستواصل‭ ‬استرجاع‭ ‬مدخراتها ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬البلاد‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬قرارات‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬ترامب‭ ‬المفاجئة‭.

أما‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬فقد‭ ‬قرر‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬بدوره‭ ‬منذ‭ ‬2012‭ ‬استرجاع‭ ‬ذهب‭ ‬البلاد‭ ‬المخزن‭ ‬بأمريكا‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬واعادت‭ ‬برلين‭ ‬حتى‭ ‬اليوم ‭ ‬300‭ ‬طن‭. ‬وفي‭ ‬أفريل‭ ‬2018‭ ‬أتمت‭ ‬تركيا‭ ‬ترحيل‭ ‬مخزوها‭ ‬واشترت‭ ‬أنقرة‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬187‭ ‬طنا‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬لتصبح‭ ‬ثاني‭ ‬البلدان‭ ‬المشترية‭ ‬للمعدن‭ ‬الثمين‭ ‬بعد‭ ‬روسيا‭. ‬واجماليا‭ ‬تملك‭ ‬تركيا‭ ‬اليوم‭ ‬591‭ ‬طنا‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬حسب‭ ‬احصائية‭ ‬ديسمبر‭ ‬2018‭ ‬منها‭ ‬27‭,‬8‭ ‬طنا‭ ‬اعيدت‭ ‬من‭ ‬امريكا‭ ‬واودعت‭ ‬باحدى‭ ‬خزائن‭ ‬البلاد‭”.‬

وفي‭ ‬ختام‭ ‬تقريره‭ ‬قال‭ ‬الموقع‭ : “‬ان‭ ‬هروب‭ ‬كميات‭ ‬الذهب‭ ‬من‭ ‬امريكا‭ ‬متواصل‭ ‬لاسباب‭ ‬واضحة‭ ‬اهمها‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الفائدة‭ ‬بالخزينة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الامريكية‭ ‬والضغوطات‭ ‬المسلطة‭ ‬على‭ ‬الاورو‭ ‬وعملات‭ ‬اخرى‭ ‬وتزايد‭ ‬المخاطر‭ ‬الجغراسياسية‭ ‬والحروب‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬اعلنتها‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬تسعى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لخفض‭ ‬تبعيتها‭ ‬للدولار‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬يمثل‭ ‬الذهب‭ ‬وسيلة‭ ‬حماية‭ ‬مأمونة‭ ‬ضد‭ ‬الأزمات‭ ‬والاضطرابات‭ ‬في‭ ‬اسواق‭ ‬المال‭ ‬العالمية‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يضمن‭ ‬ألاّ‭ ‬تلجأ‭ ‬واشنطن‭ ‬مثلما‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مع‭ ‬عديد‭ ‬الدول‭ ‬الى‭ ‬تجميد‭ ‬ارصدة‭ ‬اية‭ ‬دولة‭ ‬تعتبرها‭ ‬مارقة‭”.‬


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING